الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


* هل جاء (الحلم المزدوج) ليكون للحقيقة لسان ؟

دينا سليم حنحن

2004 / 11 / 5
الادب والفن


* روائية وقاصة فلسطينية.

لم يخطر ببالي أن تكون هواجسي يوما محط اعجاب المظلومين والمسلوبين، لم اعتقد أن الكلمة الصريحة سيكون لها الصدى والذكرى، وكم سعدت بهذا القلم الذي خط الحقيقة على الورق دموعا، وزاد من كبرياء المظلومين والآمنين المعتدى عليهم، الفقراء ومسلوبي الرايات.
أكلّم الانسانية وأكلم جميع من يهمه الأمر وأدرك مدى جرأتي بصدور مؤلفي ولا أخشى أي شيء لأني ولدت حرة ومارست حريتي في بلاد بعيدة عن الحدث الذي اعتصر قلوبنا منذ ولادة أول الطغاة وبقاء آخرهم.
نعم الكون مليء بالفساد وأمتلأ حروبا مزيفة ولن يمتثل أي منا الا لملكوت السموات واحكامها.
لا اعتبر نفسي متمردة أو مصلحة اجتماعية بل هو الاحساس بالآخرين ومبالاتي التي تسوقني الى نهر من البكاء، أبكي مع الباكين وأقلق مع الجياع وأهيم بالصابرين ولا أكترث لكلمة أخطها يمكنها احياء الميتين، وأعلم أن لكلمة الحق ذكرى.
اول ما استهليت به في روايتي اهداء أعتبره الكثيرون مميزا:
"الى من تنافسوا على عرش الغربة ،وتاهوا في سراديب العدم وهم أحياء، الى صارم في كل زمان ومكان، آمل أن يتحول الحلم الهارب الى حقيقة." وهناك بقية...
اعتقد ان الأهداء يضع الخطب نصب عيون القراء، فرواية (الحلم المزدوج) تخاطب المنفيين والمساجين ومنتظري الهلاك أو الخلاص على السواء.
تدور الأحداث حول الأجواء التي سادت العراق ابان حكم صدام حسين، ولا أعتقد من أنني في ذلك لم أقصد سواهُ، فالعكس هو الصحيح مخاطبتي كانت لجميع الحكام آثروا الحكم بأسلوب الطاغية وأعتمدوا على القسوة من أجل الحفاظ على مصالحهم السياسية وعلى كرسي العرش بامتهان طرق فاسدة وغير عادلة.
اختار (صارم ) وهو بطل الرواية حرفة تغضب المارد:
" صور التمرد تملأ وتسبي لبه، القدر أقوى من كل شىء،حتى من سوط المارد الطاغي، الأمس أصبح في عداد الميتين، اليوم يهتف للغد، للمستقبل المجهول، حرفته لا يلزمها الا ريشة فنان، يصنع من الكلمة حقيقة ومن العبث أملاً ومن الفوضى هدفا، ينظم بحورها ببسالة، يهندم سطورها باقتدار ويختمها بمسرة وأحزان".
لوحق كما الكثيرين فأضطر الهرب من بلاده ، فتأخذ الرواية أجواء اللجوء والنفي، الوحدة والخوف، العزلة واليأس، الانتظار والترقب:
" بقي في منفاه حائرا تائها، الليل يزداد حلكة وبردا، أمضى حياته يترقب وينتظر، يلوّح للمارة وما من أحد يلوّح له، أصبح رجل التلويحات، رجل المحطات. تغادره



جميع القطارات وهو قابع في مكانه يترقب الوحدة..."


صنع له خليلة، حبيبة يفضي اليها بكل ذكرياتهِ ومآسيه وآلامه، كانت الدواء الشافي لجميع جروحه، فما مرّ عليه لا ينتسى ولا يغتفر، اقتيد الى حرب خاسرة ثماني سنوات، ضد ايران وضد الكرد وضد الانسانية والبشرية. وكان كما الآخرين
ضحية، جندي لا يؤمن بالحرب ولا بالقتل ولا مبدأ القتال كان من مذاهبه:
"ينتشل الأنفاس فيضعها تحت رقم ما، داخل دفتر مبلل بالدماء، اسماء الضحايا أصبحت متشابهة تدون هي أيضا بجانب الأرقام، احصاء بشري لكائنات أصبحت في عداد الأموات، ما اسهل الموت في ذلك المكان، جحيم داخل كون يبتعد من الانسانية، عظام تحولت الى أكوام تأخذ عظمة الرجال، توسلات عاشقي الأرض ورافضي النزوح عنها، أمواج بشرية تصعق لحظات تمتد على بساط من التراب، خطوات التقدم نحو الهاوية فتختفي دون دماء، لا رجاء من البحث".

هواجس الرعب تبقى معه وقطار الشهداء ،الضحايا، يبقى يئن في أعماقه وصوت المدافع يصم أذنيه، واسم الطاغية يشعره بكره الحياة وحبه للمات:
" تعقبه الحارس حتى الخيمة، وسط الصحراء، تجمد مكانه عندما رأهُ يعبيء
الأوراق دموعا، يغذيالتنهدات رثاء، ينظم القصائد ويبيعها لروحه الجوعى للأمان.."
تطول المعاناة، التيه، الخوف، الجوع، الموت في الحياة :
" نام الاثنان في حضن الجبل ايام متتالية ، تحت البرد القارس، فقدا أمل النجاة، تاها، لم يعودا قادرين على تعقب الصباحات والمساءات، الأيام والشهور...تسع سنوات مضت."
ويبقى في أرض الرحى والطاغية يستمر مستبدا والضحايا تلف البسيطة ولا احد سواه يمكنه ايقاف السبيل الى هلاك المئات (اي الطاغية) لكن كرسي العرش أفضل من كل نفس بشرية :
" ضجيج القنابل يؤرق احلامه، يقفز من مكانه، تحيطه الوجوه الباردة، ترمقه العيون الجوفاء، كم من العيون الجاحظة أغلقت بأنامله، كأنه أختير ليكون غالق عيون الموتى، وحيدا وسط الجثث الغاضبة، تنتهره صارخة: لماذا لا تأخرت، زاول عملك..."
وفي صفحة 60 :
" لم تعد الأصوات تتسرب من الثنايا، تعلق الصرخات، يغلق منفذ الاستنشاق فتبدأ رحلة مغايرة عن جميع الرحلات، رحلة احساس العدم في الحياة، هواجس الخطر


تغرقه..."
تكلمت في (الحلم المزدوج) عن المعارك التي دارت ضد الأكراد وضد ايران، وعن معاناة شعوب حرمت حتى من حقها في الحياة، أنبذ الحروب وأكره الدماء وأمقت الظلم والاستبداد، وأخشى تكرار الأماكن والأزمنة وانتشار ذات الحال في أمكنة كثيرة في العالم، لا يهم فيها العرق أو الجنس أو الدين، فنحن جميعنا بشر يحق لنا الحياة بسعادة على أرض خلقت من أجلنا ولنا.
بالرغم من أن الرواية يغمرها الأحساس العاطفي والوله، فانها أخذت الصبغة الساسية دون أن أدري، القلم هو الذي كتب والعقل هو الذي تكلم والقلب هو الذي عانى اما بالحزن او بالفرح. وأعجب من نفسي كثيرا لمَ كتبت لأن السياسة بالنسبة لي آفة كبيرة أمقتها وأتجنبها وأعاهد نفسي دائما على عدم ممارستها.

دينا سليم – كاتبة رواية (الحلم المزدوج)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم ولاد رزق 3 يحقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية


.. مصدر مطلع لإكسترا نيوز: محمد جبران وزيرا للعمل وأحمد هنو وزي




.. حمزة نمرة: أعشق الموسيقى الأمازيغية ومتشوق للمشاركة بمهرجان


.. بعد حفل راغب علامة، الرئيس التونسي ينتقد مستوى المهرجانات ال




.. الفنانة ميريام فارس تدخل عالم اللعبة الالكترونية الاشهر PUBG