الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخائفون من الشفافية.. يجب إسقاط الدكتاتوريات والأوهام البالية!!

محمد محمد جبلي

2011 / 6 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تتواصل المسيرات الاحتجاجية ويسفر عنها مسيرات جنائزية, وهنا يصبح الموت طريقا مشروعا نحو تغيير النظام, ويبقى التساؤل: ما هي شرعية نظام يسحق شعبه السلمي بالقتل؟ هكذا كتب الكاتب السوري ناصر حسين في موضوع له بعنوان (نص ولوحات) على حد تعبيره: (قنابل مسيلة للدموع وصف رومانسي على حد تعليق أحد أصدقائه موضحا في هذا الصدد استغراب القذافي من خلع زين العابدين بن علي أن يقتل بوعزيزي نفسه من أجل تغيير رئيس, لكن كيف يمكن قتل آلاف البشر من أجل بقاء الرئيس؟ لماذا كل هذا القتل؟ وما معنى أن يبقى صالح رئيسا على مقبرة؟ لكن مسألة التغيير اليوم أكثر من أي وقت مضى أصبحت ضرورة حتمية لاسيما والفكرة الثورية في الأدبيات التاريخية تعتبر صراعا مريرا بين أتباع الماضي وأنصار المستقبل وجراء هذا الصراع لعبت الساحة الافتراضية على شبكة الانترنت من خلال مواقع الشبكات الاجتماعية طرحت كل الأسئلة والنقاشات المستمرة دون خوف أو تحفظ حول هيمنة الأنظمة ومسألة التغيير والمستقبل لتفكيك الأوهام البالية لأتباع الماضي والعالقة بذهنيتهم وحتى القوى المعارضة للنظام وجسدت ساحة التغيير الافتراضية على شبكة الانترنت معادلا مكافئا وموضوعيا لها على ساحة الواقع تماما تنطلق من خلالها المسيرات المؤكدة على إسقاط النظام لتفكيك الأوهام البالية المضللة على أذهان القوى المعارضة لفكرة الثورة من أتباع الماضي والتي مازالت مغرقة في تابوهات الماضي وتعيش مرحلة الخوف وتتهم الثوار الشباب بالأجهزة الأمنية جراء القمع والعنف والمطاردة التي طرأت على هذه القوى الحزبية المعارضة, باختصار شديد هكذا تتجسد ثورات المكان والزمان على الانترنت والواقع لإسقاط الدكتاتوريات وكل الأوهام البالية, من الواضح جدا ان تركيبة النظام والهيمنة في اليمن تبدو معقدة جدا وتختلف عن تركيبة النظام في تونس ومصر حيث أن السلطة السياسية في اليمن قائمة على التحالف الديني العسكري القبلي, أي بمعنى أدق سلطة فوق الدولة تمارس من خلالها المناطقية الجهوية حيث تهيمن هذه السلطة على الحياة وتقمع حرية التعبير عبر أجهزتها القمعية الأمنية ولا تسمح لأي خطاب يساري أو ليبرالي بالظهور سوى الخطاب الديني وتمارس الحرب البطيئة لإقصاء الكفاءات والأدمغة وتسيطر على الجيش والأجهزة الأمنية ومفاصل الدولة مرتبطة بدكتاتوريات هذه التحالفات التي تمثل سلطة فوق الدولة والقانون تحكم هيمنتها على السلطة والثروة عن طريق التضليل الديني والسياسي من خلال متاهات اللعبة السياسية. لكن ثمة تساؤل بالغ الأهمية يطرح نفسه اليوم وبقوة ويبدو في طبيعة الأمر صيغة جوهرية لإخضاع الواقع السياسي والاجتماعي في اليمن لممارسة النقدية والنقاش المستفيض الهادف والموضوعي بخصوص تركيبة النظام في اليمن الذي يمارس الاستغلال والمناطقية الجهوية والتهميش والإقصاء تحت ستار متاهات اللعبة السياسية الحزبية كون الديمقراطية مجرد مشهد هزلي من (اللعبة) في أحداث مسرحية غريبة الأطوار, لكن ثمة تساؤلات بالغة الأهمية تبدو في حقيقة الأمر جوهرية, مفادها: لماذا يتجسد الخطاب الديني وحيدا؟ في ساحة التغيير بصنعاء لماذا تسييس أخلاق الاختلاط؟ ولماذا يخاف أحزاب المعارضة (المشترك) واللجنة التنظيمية من النقد والشفافية وعلى وجه الخصوص في ساحة التغيير بصنعاء؟ وإذا كان نظام صالح لن يسمح لأي خطاب غير الخطاب الديني بالظهور وكذلك تسطيح الوعي الجماهيري المتمثل في ثقافة القطيع الصحافة الصفراء والحزبية التي يزج فيها بأتباعه لتغطية مساحة صفحاتها بالوعي القطيعي المسطح والتضليلي ولن يسمح بأي خطاب صحفي آخر بتفكيك التضليل وإخضاع هيمنة النظام للنقد والنقاش والممارسة النقدية كما حدث مؤخرا جراء احتجاز صحيفة (التجمع) والاعتداء على موزع الصحيفة وإذا كانت المعارضة واللجنة التنظيمية لا تسمح بالنقد والشفافية وإذا كان النظام يسمح بالخطاب الديني فقط ويسعى الى تكريسه عبر قنوات التلفزة ويعمل على إحداث فجوة بين الرجل والمرأة لإعطاء انطباع عن المجتمع اليمني المغلق وإحداث تفجيرات القاعدة والإرهاب وتسييس الانقسام الديني الطائفي, فإنه من الضروري ان ما يحدث في ساحة التغيير بصنعاء يجعلنا نتساءل: هل من الممكن أن متاهات اللعبة السياسية التي يلعبها النظام تتمثل في الأجهزة الحزبية لحزب المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح وأحزاب يمينية أخرى تتمثل في اللقاء المشترك ويكون في ضوء هذه اللعبة الحزبية تأطير جماعاتها وحكوماتها الغامضة المعتمدة على الخطاب التوافقي في ظاهر الأمر بينما في حقيقة الأمر تدور مجريات متاهات هذه اللعبة السياسية الانتخابية الحزبية على تسييس الانقسامات وتفجيرات القاعدة للتحايل على الديمقراطية وتعزيز الخوف والتحكم بالخوف والتضليل الديني والسياسي والتخويف الأمني بينما تدور خفايا النظام الذي يمثل سلطة فوق الدولة على الاستغلال الاقتصادي من هيمنة الاقتصاد الريعي المتمثل في شركات الهاتف النقال والمضاربات العقارية ونهب الأراضي وكذلك النفط وتضخيم القطاع المالي ولم تنهض اليمن اقتصاديا جراء سيطرة أقرباء نظام صالح وشركائه في الحكم وزبانيته على مفاصل الاقتصاد ونشأت جراء تلك الممارسات الخاطئة سلطة فوق الدولة ربما حالفها الحظ في البقاء عقب حرب صيف 94 في اللعب على متاهات اللعبة السياسية لحزب المؤتمر الحاكم في الظاهر وحزب الإصلاح شريك الحكم في الخفاء والمعارض في الظاهر, هذه اللعبة عملت على تجسيد قضية المناطقية السياسية لاستغلال السلطة والثروة وتهميش وإقصاء العديد من المناطق اليمنية. من هذا المنطلق عمل هذا النظام الرجعي المستبد والراديكالي الديني الغامض كل ما في وسعه من أجل أن تكون اليمن دولة فاشلة عاجزة عن أداء وظيفتها الأمنية وعديمة المؤسسات ومن أبرز مؤشراتها السياسية فقدان شرعية الدولة, إجرام الدولة وفساد النخبة الحاكمة وغياب الشفافية والمحاسبة السياسية وضعف الثقة في المؤسسات وغياب القانون وانتهاكات حقوق الإنسان والحكم العسكري وقوانين الطوارئ وظهور دولة داخل دولة وظهور نخبة عسكرية مهيمنة أو قوة أمنية توازي قوة الدولة وتنامي الانشقاقات بين النخب الحاكمة ومؤسسات الدولة واستخدامها التطهير الاثني كما حدث ذلك في حرب صعدة وانعكس على ذلك تدخل دول أخرى, وبما أن الدولة الفاشلة تشهد انشقاق النخب الحاكمة ومؤسسات الدولة من أجل الحصول على المساعدات الخارجية ولبلورة تضليل سياسي ديني يكشف ان الله عندما يريد التغيير يتحقق والتغيير بيد الله والله القادر على أن يبعث الشخص المنقذ الذي يتحقق التغيير على يده وهنا يتم إخضاع التغيير للقدرية الإلهية لتجسيد انقلاب عسكري لاسيما والجيش والأجهزة الأمنية والاقتصاد مرتبط بأشخاص النظام القائم على التحالفات الدينية العسكرية القبلية التي تعد أساس تركيبة النظام منذ سبعينيات القرن المنصرم والى يومنا. هذا وإذ نرى اليوم في ساحة التغيير بصنعاء نظاما موازيا لنظام صالح يمارس ممارساته الدينية الرجعية العسكرية المتمثلة في الخوف من الشفافية وانتهاكات حقوق الإنسان وتسييس الأخلاق كما في تنفيذ كلام صالح المتمثل في منع مظاهر الاختلاط الشبابي النسوي والتخويف من المسيرات وقمع حرية التعبير وعدم السماح بظهور خطاب ليبرالي أو مستقل أو تقدمي ينافس الخطاب الديني الراديكالي الذي يلغي جوهر التفكير الإنساني (الشعب يريد إسقاط النظام) وتأسيسا على ما سبق يمكن التساؤل: هل من الممكن ان حزب الإصلاح كحزب ديني يمثل شخصية نافذة والأحزاب المتحالفة في إطار اللقاء المشترك ما هي إلا مجرد أحزاب كومبارس لحزب سلطوي في الخفاء ديني قبلي يتمتع بالأجهزة الأمنية والعسكرية وتمثل نظاما موازيا للنظام للتحايل على ثورة الشباب الشعبية كون تنامي الانشقاقات بين النخب الحاكمة ومؤسسات الدولة وانضمامها الى ثورة شعب يعطي مبررا للتدخل لتسوية الخلاف بأنه صراع بين السلطة والمعارضة, هناك يحاول نظام صالح تبرير محاولة قمعه للمسيرات عبر دساتير مفروغة منها ويخترقها هو ويحاول من خلال ذلك استدراج الثورة الشعبية الى مربع اللعبة الانتخابية حتى لا يحاكم لكن حتمية التغيير لن تتحقق بدون إسقاط النظام, هذه الدكتاتوريات وأوهامها البالية وليس تغيير أشخاص, وتبقى الحرية هي الطريق الوحيد نحو الخلاص والكرامة الإنسانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء ومصابون بقصف إسرائيلي استهدف مباني في مخيم جباليا ومدي


.. أبرز ما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية في الساعات الأخيرة




.. لا معابر تعمل لتربط غزة مع الحياة.. ومأزق الجوع يحاصر السكان


.. فرق الإنقاذ تبحث عن المنكوبين جرّاء الفيضانات في البرازيل




.. جامعة برشلونة تقطع علاقتها مع المؤسسات الإسرائيلية