الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في هجوم 11 سبتمبر

احمد مصارع

2004 / 11 / 6
العولمة وتطورات العالم المعاصر


وكالات الأنباء, القنوات الفضائية من شتى أصقاع المعمورة, بثت الصور حية عن هجوم وقع على أهداف حيوية في الولايات المتحدة الأمريكية, وهو أمر يحدث للمرة الأولى في التاريخ المعاصر, وهو عمل عدواني جريء على دولة عظمى.
الدولة الخارقة للعادة تعودت وعلى مدى قرون أن لا تهاجم من خارج قارتها, وهي دولة تعتقد بكبرياء بأن لها أفضال كبيرة على العالم بأسره, واعتقادها صحيح جدا, إن كان الأمر يتعلق بالنصف الأول من القرن الماضي, والأهم من ذلك
أن الأذى لم يصبها أثناء الحرب الباردة, بل كانت سيدة المواقف الدولية, بل كريمة العطاء تعطي للعالم بأسره وبأكثر مما تستفيد, وأقصد هنا إنفاقها الكبير على المؤسسة الأممية الممثلة بالأمم المتحدة بكل هيئاتها الدولية العاملة في جميع أنحاء العالم, وأمريكا المحاطة بهالة كبيرة, وقوتها تتعاظم بشكل ضخم, وفجأة تتلقى هذا الهجوم ؟!
الهجوم على القوة الأمريكية العظمى خارج أراضيها لم يكن في الماضي يجعلها تتجرد من روحها الرياضية العالية جدا
وكأن الإدارة الأمريكية آنذاك كانت تعتبر رد الفعل عليها, ومن القوى المعادية لها, ضرب من ضروب التضحية في سبيل العالم الحر والديمقراطية الموعودة.
11 سبتمبر, لا, لقد وقع الهجوم هذه المرة على عرين الأسد, والأسد ملك الغابة أم لا ؟!
هذا ممكن في لندن وممكن في باريس وفي موسكو وبرلين ولكنه لا يمكن أبدا في العاصمة الأمريكية, لقد كان يمكن لمثل هذا الهجوم أن يقع عليها في أية لحظة زمنية, بل وفي ظل كل الحكومات السابقة, فالهجوم في عهد بوش الابن مجرد توافق لإمكانيات الهجوم, لأن الرئيس كارتر كان قد هيأ له, والرئيس ريغان مهد له, والرئيس كارتر أكثر من دعا إليه ببلاهة تامة, وبينما صرامة الرئيس بوش الأب أمعنت في التحدي, وجاءت الضربة متزامنة مع عهد بوش الابن كما لو كانت تحصيل حاصل, فلماذا حمل بوش الابن نفسه كل تبعات الحكومات ألسابقه ؟
وخرج عن العادة الأمريكية في جر الحلفاء والهيئات الأممية للسير في ركابها وراح يمزج الحق بالباطل ويموه الحقائق حاملا مسؤوليات غيره من الرؤساء السابقين, إن هذا ما كان له أن يحدث لولا عقدة نقص فيه, أو قصور عن فهم مجريات الأحداث الدولية, إن من اكتوى العالم بنيرانه القوية, مطلوب منه إن يتحمل نيران غيره, وعلى تواضعها, ومع كل شآبيب الرحمة التي تمطرها الأعين الباكية على الضحايا البريئة دون ذنب ارتكبته.
إنه من غير الطبيعي, أن لا يتوقع المهاجم عن حق أو باطل على بلاد الآخرين أن يبقى أبدا بمعزل عن نيران الآخرين.
يبدو أن الشعب الأمريكي والمتضرر الأول من الهجوم كان أكثر واقعية من حكومته ؟وهذا مؤشر على أن الشعب الأمريكي يعرف الحقيقة, رغم أنه الضحية المزدوجة, لحرب النجوم وغزو الفضاء ونشوى الصواريخ البالستية,
واستعراضات CNN الكوميدية وفخامة CIA الخلبية, وهو الفخ الذي وقع فيه الرئيس بوش الابن.
في 11 سبتمبر كان الشعب الأمريكي حزينا ولكنه كان متسامحا ولم يدعو قط للانتقام العشوائي, فالقارة الأمريكية ملك للأمريكيين شعبا وحكومة ودولة, ولكن العالم الآخر ليس أمريكيا, إي أن الكون ليس أمريكيا.
لقد أدت الصرامة المفتعلة للحكومة الأمريكية في اتخاذها لقرارات دراماتيكية متهورة, إلى إشاعة ضرب من الفوضى الدولية, وروح القلق والتوتر, واعتمادها مبدأ ( الصدمة والترويع ), حتى أن بعض الأطراف السياسية والثورية منها
راحت تؤرخ لعالم جديد يبدأ من تاريخ 11سبتمبر, والبعض منها معروف بعدائه التقليدي للسياسة الأمريكية تقليديا
وكأننا أمام قيامة جديدة, وسيظهر فيها المسيح الدجال, في حين أن انقلابا كونيا لم يحدث ولم تخرج الأرض من مسارها بعد, بل لقد اهتز الجبل وتمخض ليلد فأرا.
الزعم بحداثة الضربات الوقائية والإستباقية, وهم لا يستقيم مع منطق الأحداث, ولقد لجأت إليه الإدارات الأمريكية المتعاقبة, وذلك في أنحاء العالم كله, وليس أدل على ذلك الدمار الهائل الذي أحدثته, في الشرق الأوسط الكبير, ليبيا والهجوم الصاعق عليها والحصار, لبنان وتحطيم القدرة العسكرية لمنظمة التحرير الفلسطينية وتهجيرها, تهديم دولة الصومال, وإشعال الحروب في القرن الأفريقي, حرب الخليج الأولى وقيادتها لأكبر أسطول (أرمادا ) وذلك منذ فجر التاريخ, وما خفي من أعمالها كان أعظم.
أمريكا التي طاولها الهجوم الذي يأتي متوافقا مع منطق السياسة التي اتبعتها, ومتوافقا مع منطق تكوينها التاريخي, وبعد أن ظلت لفترة عقود, القارة الرحبة لكل مهجري القارات الأخرى, ولا ننسى أبدا هتافات طالبي الهجرة إليها:
America is my only dream, only hoop
أمريكا المتحدة تبعا لأسلوب نشوئها لم تنهل من نتائج فلسفتها المعلنة في العالم الديمقراطي الحر, بل لجأت إلى منطق القوة لإخضاع العالم بأسره, وكأنها تريد إنشائه وفقا لأسلوب تجربتها التاريخية, ليس بهدف الاستنساخ العادي, بل بهدف إنتاج (ميتا مورفو) يلبي رغبتها في فرض الوصاية الدولية, وعلى العالم بأسره.
ترى هل سيكون هذا العالم مشاهد من عالم (ولت ديزني ) الرائع !! أم سيكون مجرد صور معلقة على الخرائب والكتابة تقول ( مطلوب حيا أو ميتا ).؟!
سوريا- الرقة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كريات شمونة في شمال إسرائيل.. مدينة أشباح وآثار صواريخ حزب ا


.. مصر.. رقص داخل مسجد يتسبب بغضب واسع • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الألغام.. -خطر قاتل- يهدد حياة آلاف الأفغان في الحقول والمدا


.. ماذا رشح عن الجلسة الأخيرة لحكومة غابرييل أتال في قصر الإليز




.. النظام الانتخابي في بريطانيا.. خصائص تجعله فريدا من نوعه | #