الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دانات (عشر دانات عن المرأة).

طارق حجي
(Tarek Heggy)

2011 / 6 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


الدانة الأولي : غريبة (بل وشاذة) هى تلك المجتمعات التى ان أرادت وضع تشريعات او قوانين تنظم امورا تتعلق بالمرأة ، عهدت بتلك المهمة لرجال وليس لنساء ! فقوانين الأحوال الشخصية والتى تنظم الزواج والطلاق وحضانة الأولاد والنفقة وغيرها من المسائل التى تندرج تحت مسمي "الأحوال الشخصية" هى من وضع لجان أعضاؤها "ذكور" !!! والصواب والمنطق أن تكون تلك اللجان مشكلة من أغلبية من النساء المتخصصات ومفكرات وكاتبات وأقلية من الرجال من الرجال المتخصصين ومفكرين وكتاب. وفى أقصي الأحوال، أن يكون نصف الأعضاء ذكورا ونصفهم (+ واحدة) من السيدات. والأمر أخطر وأهم وأجل من أن يترك لمجموعة من الشيوخ ورجال الدين . أما جعل الأمر برمته فى يد لجنة من رجال الدين الذكور فهو من قبيل جعل "الخصم" هو فى ذات الوقت "الحكم" ، وهى مأساة وملهاة فى آن واحد .

الدانة الثانية : كل الثقافات القديمة بوجه عام ( وثقافات الديانات الإبراهيمية من بينها) عامرة بثقافة تجعل المرأة فى مكانة دونية . وكانت الثقافتان اليهودية والإسلامية من "أشرس" هذه الثقافات ظلما للنساء . ولكن بينما فرض التواجد الجغرافي لمعظم اليهود فى قلب "جغرافية عصر النهضة وما بعده" على العقل اليهودي أن يطور الكثير من ثقافته المعادية لحقوق المرأة (كإنسان كامل الإنسانية) ، فإن عاملين حالا بين العقل المسلم وبين ان يتطور (فى هذه الجزئية) كما تطور (نسبيا) العقل اليهودي - الغربي : (أ) التكلس الذى أصاب العقل المسلم منذ (ومع) غلق باب الإجتهاد فى القرن الثاني عشر الميلادي (ب) البعد الجغرافي عن "مصنع التقدم" منذ عصر النهضة . أما العقل المسيحي ، فمن جهة كان للمكانة السامية لأم المسيح الدور الأكبر فى منع العقل المسيحي من الإمعان فى "دونية المرأة" ، كما أن إرتباط المسيحية الجغرافي بالقارة الأوروبية قد جعلها المستفيد الأول من الثمار الثقافية لعصر النهضة وما بعده ، وكلها تصب فى مصلحة الإرتقاء بمكانة وحقوق المرأة لنفس مستوى مكانة وحقوق الرجل
الدانة الثالثة : مدام ماري سكودوفسكا كوري (البولندية الأصل ، والفرنسية الجنسية) والتى عاشت ما بين 1867 و 1934 ، لم تكتف بأن تكون أول إنسان يحصل على جائزة نوبل مرتين فى 1903 و 1911 (فى الفزياء والكيمياء - وليس فى فى فرك أصابع الرجلين كما يفعل الكثير من علماءنا الأجلاء) ... بل وقدمت للبشرية إبنة (إيرين جوليو - كوري) حصلت هى أيضا (سنة 1935) على جائزة نوبل فى الكيمياء ... ومع ذلك ، فأنها لو كانت بيننا اليوم ، وذهبت للشهادة أمام قاض يرتدي الدشداشة والشماغ فى مدينة بصحراء نجد ، فإن هذا القاضي سيصر على أن شهادة مداد كوري بنصف شهادة رجل مثل عوض القرني أو الشيخ السديس أو الدكتور النجيمي !! ولن يكون بوسعه أن يري أن النصوص الدينية يمكن أن تحترم رغم نظرتنا لها كنصوص مرتبطة بظرف تاريخي وثقافي محدد الدانة الرابعة : يقول الشاعر الفرنسي العظيم بول إيلوار ( اسمه الأصلي إيوجين إميل غريندل ، ولد فى 1895 وتوفي فى 1952 ) أن الرجال لو وقفوا لمدة خمسين ألف سنة يعتذرون عما إقترفه الرجال من جرائم وعدوان وظلم وأخطاء فى حق النساء ، لما كان ذلك كافيا الدانة الخامسة : عندما يطالب الرجل النساء بالإلتحاف بالملابس المغطية لهن ، فإنه يكون فى حالة إعتراف بأنه ذئب متوحش يقول : غطوا النساء تماما لأنني وحش لا يمكنه أن يري الفريسة دون أن تراوده نفسه بإلتهامها !! وهي حالة عقلية وثقافية بالغة الإنحطاط والدونية !!! فعوضا عن يكون الرجل "كائنا راقيا" ، فإنه يقر ويعترف بأنه كالكلب الذى يفقد مقاومته على كبح جماح نفسه كلما رأي لحما غير مغطي ... وهذه هى نفس مفردات مفتي أستراليا منذ بضعة سنين الدانة السادسة : من المفهوم (ولكن : من غير المقبول) أن الرجل الذى لا شأن ولا وزن ولا تألق له خارج بيته ، سيحاول أن يعوض فشله هذا عندما يعود للبيت بإعلان سيادته الكلية على تلك السيدة التى إبتلاها الزمان بهذا الفاشل الذى لا يجد سواها لإثبات سيادته الدانة السابعة : المجتمع الذكوري يفرز "أما" ذات طبيعة منسحقة تشبه طبيعة الإماء ... وهذه الأم تفرز إبنا رضع مع لبن أمه طبيعة العبيد التى بعد سنوات سيسوم بها زوجته سوء العذاب . أما الرجل الحر ، فهو من أنشأته أم حرة . والأحرار لا ينشأون على أخلاق العبيد والإستعباد ، ولا يحبون معاشرة الجواري والإماء ... العبد فقط هو من يحب ذلك الدانة الثامنة : فى مؤتمر لحقوق المرأة عقد بالمغرب منذ أسابيع قليلة ، قلت للحاضرات أن عليهن ألا ينتظرن نيل حقوقهن بسبب مواقف رجال يناصرون حقوق المرأة مثلي . فالنساء لن ينلن حقوقهن إلا بكفاحهن ونضالهن (وأحيانا : بثورتهن) ضد العقل الذكوري والثقافة الذكورية والمجتمع الذكوري ... الحقوق لا تمنح بمكرمات من الملوك والرؤوساء ، وانما تنتزع انتزاعا الدانة التاسعة : النظم السياسية فى البلدان الأكثر تقدما تخون حقوق الإنسان وحقوق المرأة فى مجتمعاتنا نحن (شعوب المجتمعات العربية) كل يوم بتغافلها وتجاهلها للوضع المشين والمهين لحقوق الإنسان بوجه عام ولحقوق المرأة بوجه خاص فى مجتمعاتنا . وسيسجل التاريخ أن من أكبر مثالب الحضارة الغربية أن الأكثر تقدما فيها كان يرضي للشعوب الأقل تقدما بما لا يرضاه لشعوبه . وأن هذه الإزدواجية لم تكن بسبب الجهل وإنما بسبب الضعف الأسطوري أمام المال الدانة العاشرة : النساء هن نصف المجتمع عدديا وأمهات ومربيات النصف الآخر ... وعليه ، فإنه مالم تصبح تتقدم وتتحدث (من الحداثة) المرأة ، فستبقي مجتمعاتنا (كما هى اليوم) عالة على البشرية فى سائر مجالات العلوم والإبتكارات . ودليلي على صواب هذا القول هو أنه لا يوجد شعب واحد على سطح الأرض له إسهامات فى مسيرة التقدم العلمي إلا الشعوب التى تساوت فيها المرأة مع الرجل فى الحقوق والمكانة . أما الشعوب الأخري التى بقت مجتمعاتها ذكورية (ككل الشعوب العربية) فهى محض مستورد لتجليات العلم لا صانعة لها ، وهو عار لا يشعر به من جبلوا على "شراء" لا " صنع" الحياة ... وفى مقدمة هؤلاء من جعلتهم الثروة التى هطلت عليهم (بعد قرون من شظف العيش مع النوق والماعز وبيوت الشعر وتلال الرمال) يظنون أنهم قد إرتقوا ، وهم أبعد ما يكونون عن فهم معني الإرتقاء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وصلت مروحيتان وتحطمت مروحية الرئيس الإيراني.. لماذا اتخذت مس


.. برقيات تعزية وحزن وحداد.. ردود الفعل الدولية على مصرع الرئيس




.. الرئيس الإيراني : نظام ينعيه كشهيد الخدمة الوطنية و معارضون


.. المدعي العام للمحكمة الجنائية: نعتقد أن محمد ضيف والسنوار وإ




.. إيران.. التعرف على هوية ضحايا المروحية الرئاسية المنكوبة