الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وحدة الحركة الشيوعية السورية .... نعمة أم نقمة *

فراس سعد

2004 / 11 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لا شك أن ضم الأحزاب و الفصائل الشيوعية السورية في كيان واحد له فوائد عديدة لكنه في نفس الوقت له مضار و مضاره قد تكون أكثر من فوائده , مع ذلك يتجاهل البعض الأضرار في سبيل تحقيق الوحدة فالرغبة في الوحدة كانت دوماً متأججة عند السوريين .
نعرض هنا بعض الأضرار و المخاطر :

1- يمكن السيطرة على الحزب كلياً و بسهولة من قبل الأجهزة الأمنية المحلية و الأجنبية .
2- ينحصر العمل السياسي بإطار عام واحد قسري دون أفساح المجال للأختلاف في الآراء , و اختلاف أساليب العمل تحت جناح الديمقراطية أفضل من الأتفاق العاطفي في جو غير ديمقراطي لأنه يؤدي إلى شل الحزب و يدفع كوادره و مناضليه الحقيقيين لترك الحزب أو سقوطهم في الأحباط و الأنسحاب من العمل السياسي انسحاباً فعلياً أو مقنّعاً و الأمثلة أكثر من أن تعدّ و تحصى و بينها أحزاب الجبهة التي لم يبق فيها إلاّ كل طويل عمر من المخلصين الطيبين و السذّج ..
3- من تجربة توحيد الحزب السوري القومي الأجتماعي برعاية من القيادة السورية نجد تراجعاً في مستوى النشاط الأعلامي الثقافي المعلن مثلاً - بغض ّ النظر عن بقية النشاطات السياسية و الأجتماعية في سورية الشام على الأقل – فتوحيد الحزب القومي لم يؤدّ بالضرورة إلى زيادة قوته , هكذا يبدو على الأقل من موقع من هو خارج الحزب .
4- السلطة تجزّئ و تشرذم الأحزاب عندما تقتضي مصلحتها ذلك , كما أنها تعيد لملمتها و دمجها عندما تقتضي مصلحتها ذلك , و كلا الأمرين تقوم بهما السلطة بحجة واحدة و تحت ستار واحد هو الأدّعاء بمصلحة الوطن و مقتضيات المرحلة و مواجهة المؤامرات و التحديات الصهيونية و الأمبريالية .
5- ربما يكون من مصلحة المخابرات الأمريكية و سواها توحيد الأحزاب السورية و العربية لأنها – المخابرات الأمريكية – صار لديها كمية و نوعية عمل ضخمة في سورية و المنطقة بعدما نشأت أحزاب و تيارات سياسية سورية جديدة و هي مرشحة للتكاثر , و من ناحية أخرى بعدما صارت المخابرات الأمريكية سيدة شبه مطلقة في شرق المتوسط حيث أصبحت مسؤولة عن الأمن الداخلي للأقطار العربية و أجهزة الأمن العربية تعمل بالتنسيق معها و أحياناً تحت أشرافها في بعض الملفات و القضايا باسم مكافحة الأرهاب أو مكافحة أي شيء آخر ؟! , فالسيطرة على مجريات الأمور في سورية يقتضي من تلك الأجهزة تجميع الفصائل الشيوعية في حزب واحد ليسهل التعامل مع الحزب ( مراقبته , متابعة نشاطاته , دراسة توجهاته , أساليبه , التنبؤ بردود الأفعال و الخطط المستقبلية ... ) .
- التعامل مع حزب واحد في كتلة واحدة متجانسة أسهل بما لا يقارن من التعامل مع أربع أو عشر أحزاب و فصائل مختلفة في أساليب العمل و متمايزة في طروحاتها و أولوياتها و تفكيرها السياسي حتى لو كانت كلها شيوعية أو كلها أسلامية ..

من هنا , مما سبق نتساءل و نتمنى أن يشاركنا الأصدقاء في الأحزاب الشيوعية السورية التساؤل : هل الوحدة الشيوعية قوة حقيقية للشيوعيين و الشيوعية في سورية على الرغم من الشعور النفسي بالأنفراج و الفخر و العنفوان الشيوعي الشهير و على الرغم من الثقل الأنتخابي الناجم عن الوحدة أو الدمج و على الرغم من أثر الكتلة العددية ؟؟
أم هي نقمة لأنها- الوحدة - سرعان ما تصيب الحزب بالترهّل و البطء و التكلس و هي أمراض تنتج عن التضخم العددي و الشعور أن العدد الكبير يعوّض عن كل النواقص الأخرى التي يمكن أن تعتور الحزب الكبير , فاللجوء إلى الحشد العددي الكمي غالباً ما يكون على حساب النوعي و النوعية .

مع ذلك يمكن لقيادة واعية لمشاكل الأندماج و الوحدة و مخلصة للحزب , قادمة من أجله , تتعهد بألاّ تمتلك شيء من أموال أو أملاك الحزب أو أي من المكتسبات المعنوية أو العينية - باستثناء الراتب الشهري الذي يمنحها أياه الحزب - و مؤمنة بالديمقراطية داخل الحزب , يمكن لهكذا قيادة أن تحقق الوحدة بأقل الخسائر الممكنة بل و تزيد من قوة و فاعلية الحزب و قدرته على المناورة و فرض إرادته على الواقع السياسي العام الذي يعمل ضمنه بل على الواقع الأقليمي أيضاً , فالمسألة كل المسألة في القيادة الواعية المخلصة المتقشفة و هي قيادة غير مستحيلة لكنه من الصعب وصولها إلى قيادة حزب سوري في مثل ظروف سورية الحالية حيث الفساد و الأفساد و التربص بالشرفاء المثقفين هو الشغل الشاغل لأجهزة المخابرات المحلية و الأجنبية و طوابير عملاءها و المستوظفين و المسؤولين أي كل النظام السوري الحاكم – و النظام العربي الحاكم في أغلب الأقطار العربية –
هنا تلعب الظروف الأستثنائية إضافة لقدرة و شخصية القادة الذين يأخذون على عاتقهم مسألة الوحدة الدور الحاسم في أنجاز الوحدة و النهوض بالحزب من الداخل و فرض وجوده على النظام و المعارضة معاً ., بهذا المعنى و الشكل تكون وحدة الأحزاب الشيوعية السورية – مثلما تكون وحدة أحزاب و فصائل أي تيار سياسي –
نعمة لا نقمة .


* نشر الكاتب جزءاً من هذا المقال في صحيفة قاسيون باسم مستعار و قد تم هنا تبديل عنوان المقال و إضافة بعض الأفكار إليه و حزف سواها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا