الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة... الحلم المشروع

رشا أرنست
(Rasha Ernest)

2011 / 6 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


كان طويلاً، عميقاً لكنه مخادع، ظنناً لعقودٍ من الزمن انه وهم حتى كاد أن يُنسى بعد سبات عميق مع التأقلم والألفة بيننا وبين النظام السابق انه حلمنا إلى الحرية. وكان كلما ظهر شعاع أمل في سماء الديكتاتورية المقننة، يُعلن عن الرفض والمقاومة تظهر القوة الباطنة لتقتله وتقول انه إخلال بأمن الدولة. وهكذا عشنا أكثر من نصف قرن في نصف حلم لا يتحقق إلا في المخيلات، ونصف حرية لا تنجو من امن الدولة. وفجأة وبألف مقدمة ومقدمة من الظلم والقهر والاستبداد ذو الأوجه المتعددة سنوات وسنوات نصحو على الثورة. وأقول فجأة رغم المقدمات الكثيرة لأننا تفاجئنا حقاً بما نستطيع أن نفعل ولم نصدقه إلى أن فعلناه. ورغم أن الحلم كان مشروعاً إلا أن المتربصين به والغير مصدقين حتى الآن بأننا استطعنا تحقيقه يحاولون الالتفاف عليه لجعله إما حلماً غير مشروع أو حلماً مسروق.
البعض يرى أن الثورة حُلم تحوّل إلى كابوس لأنها أغرقتنا في ديمقراطية لها أنياب على رأي الرئيس السادات بدأت تنهش في قلب الوطن وهذا بالنسبة لهم كان واضحاً مع الانفلات الأمني والفتن الطائفية وظهر جلياً مع الانشقاق الذي حدث حول الخروج في جمعة الغضب الثانية 27 مايو. والبعض يرى الثورة تُسرق على مرأى ومسمع الجميع ولا حياة لمن تُنادي على اعتبار أن كل ما يحدث ضد قيام دولة مدنية لان المستعدون لخوض الانتخابات القادمة هم الإخوان المسلمون الأقوى تنظيماً. ولكن يبقى رأي الثوار هو الفيصل في كل هذا... لماذا؟ ..لأنهم مَن قاموا، وتجمعوا، وغضبوا، وتمردوا، وثاروا، ونجحوا. والكل كان على قائمة الانتظار حين ضُربوا، وقتلوا، واستشهدوا، وذاقوا الذل في ميدان الثائرين "ميدان التحرير".
نعم هم مَن لهم الكلمة الحقيقية، ولا تقولوا أننا شباب لا يعرف كيف تُدار شئون البلاد يحتاجون لخبرتنا، لأن هؤلاء هم من اسقطوا النظام وليس انتم. وعلى رأي الشاعر الشاب عمرو قطامش "وبصرخة شاب سيس سقط نظام ورئيس".. نعم اعترفوا أيها الكبار أن هذا الشاب الذي تجاهلتموه في كل شيء وهو عماد المستقبل هو من صنع الثورة. اعترفوا أن الشاب الذي ضاعت منه فرصة تعليم فعّال، وتدريب على فنون الحياة والقتال بها. الشاب الذي أجهضتم أحلامه في حياة كريمة على شواطئ ايطاليا واليونان. الشاب الذي سقط من حسابات كل الحكومات البائدة في الأنظمة السابقة وجعلوا منه أضحوكة في العالم يعمل ما لا يقبله غيره من الجنسيات الأخرى في غربة لا تقل وحشة عن الغربة في الوطن هو من أعطى صوتاً الآن لأقزام يصنعوا بطولات على حسابه. لم يُسمع لهم صوت من قبل إلا خلف الأبواب المغلقة.
استغرب حقاً أن اسمع رئيس حزب أو مفكر أو شيخ أو قس أو إعلامي يقول "أنا كنت في التحرير" متى؟... بعد أن صمدوا، واعتصموا؟ أم بعد أن ضربوا وهاجمتهم الخيول والجمال؟ إن كنتم نسيتم مشهد شوارع الإسكندرية والسويس والقاهرة وهي تحتضن دماء هؤلاء الشباب فلتفتحوا صفحات الانترنت وتشاهدوها من جديد... فنحن نُقدر تعبكم خلال 18 يوم تتنقلون فيها بين القنوات وانتم تشتمون الثوار وتلعنوهم على الملأ ثم تنتقلون مرة أخرى بنبرة جديدة للاستيلاء على الميدان.
صعب الاعتراف؟...... أذن لنعترف نحن... نعترف أنكم تملكون من الذكاء ما يكفي للوصول إلى كرسي الرئاسة. ونعترف أنكم تنظمون صفوفكم أكثر دقة وحنكة منا. ونعترف أننا نحتاج لخبراتكم العظيمة لتمّنوا علينا كمساعدين في مكاتب الوزراء القادمين. ولكن أيضاً نعترف بأننا نملك من الإرادة ما هو كافي ويغلب ذكائكم لنحمل الكرسي الرئاسي ونُلقي به في ميدان التحرير ليكون مقراً جديدا لرئيس ثائراً ومجلساً ثائراً مثلنا...إذا لم تصدقوني أسئلوا الميدان.......

يزداد كل يوم عدد مَن يجهلون المعنى الحقيقي للثورة فأغلبهم يكتفي بالفتات الساقط من مائدة الأسياد. يكتفوا بتعديل دستور انتهت شرعيته، بتعديل وزاري، بإيجاد أنبوبة البوتاجاز أو السولار، بانتهاء فتنة طائفية أو رفع الأجر حتى يكفي إلى نصف الشهر بدل من ربعه........الخ، هؤلاء ليسوا همّ الثوار، ليسوا مَن حلموا وبذلوا حياتهم في تحقيق هذا الحلم الثائر نحو الحرية، نحو العدالة والمساواة. فالأحلام ليست لها سقف أو شروط، ولكن من رحم كل حلم يولد آخر أهم.

لا تظنوا أن الشباب الثائر سيقف عند حدّ الأحلام الآن، فموعد تحقيقها قد حان. وما يحدث اليوم من تخبط في قيم الحرية والديمقراطية بواسطة بلطجة الشارع أو بلطجة الأفكار بفرضها علينا عن طريق الإعلام الخائب ليس إلا نتاج ما يحدث بداخل القلة التي لا تعي حقاً معنى أن يكون المصريون أحراراً. لقد هدم الثوار إمبراطورية استعمارية في 18 يوم. الهدم دائما يكون سريعاً. واليوم نحتاج إلى وقت طويل لبناء مجتمع مدني مبني على الحرية والعدالة الاجتماعية لا تنازل عنه. وقت لا يكون فيه الصوت للانتهازيين أو الفوضويين بل للمعلمين. لنتعلم كيف نبني أنفسنا ونبني الوطن من جديد على أساس سليم يضع الإنسانية على قمة الهوية المصرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة