الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احذروا من 5 حزيران جديد

عماد دلا

2011 / 6 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


احذروا من 5 حزيران جديد
في صباح يوم الاثنين الخامس من حزيران عام 1967 , قام سلاح الجو الإسرائيلي بغارات مكثفة على المطارات والقواعد الجوية المصرية معلنا بذلك الحرب , وخلال ستة أيام أستطاع الجيش الإسرائيلي إلحاق هزيمة نكراء بالجيوش العربية على كل الجبهات , ولم يُفد كل ذاك الصخب الشعاراتي الناصري والبعثي في منع تقدم جيوش العدو التي احتلت في ستة أيام أكثر من ثلاثة أضعاف المساحة التي كانت إسرائيل قائمة عليها قبل الحرب , أي بسرعة تقدم وانتشار تتجاوز السرعة الممكنة في رحلات الصيد .
و رغم حجم الهزيمة الكارثي وفداحتها وعارها , بقيت أنظمة الهزيمة قائمة , لا بل أن البعض حمد الله على هذا النصر الذي حققه العرب حيث فشلت إسرائيل في إسقاط !! هذه الأنظمة التقدمية .... ولم يبقى للعرب - وليس لهم – غير هذه اللغة العربية الثرية والغنية بالمفردات والمترادفات التي تصنع في البلاغة العجائب , فأصبحت هزيمة حزيران " نكسة " وهزيمة عام 1948 " نكبة " , وبالتأكيد نفهم سبب ابتعاد منظروا أنظمة الهزائم ولغويوها عن مصطلح " كبوة " رغم جاذبيته اللغوية وقدرته التزويرية .... ربما لأن الكبوة مرتبطة بأذهان الجماهير بالفارس ...... ومن أين لنا أن نأتي بفارس ؟ .
بعد الهزيمة انشغلت إسرائيل ببناء الدولة وتقوية مؤسساتها ,والأرقام الإحصائية والأبحاث والدراسات تفيد كم نجحت إسرائيل بذلك , ولعدم أطالة المقال وحشوه ,لن أذكر أرقاما وتصنيفات , لكن يمكن لأي مهتم العودة إليها و رؤية النجاح المذهل الذي حققته , , بينما انشغلت الأنظمة المهزومة بتحطيم دولها الناشئة و مؤسساتها , وبالعودة للدراسات والأبحاث وللواقع نجد كما كان نجاح هذه الأنظمة مذهلا في ذلك .
لن أتحدث بالتاريخ كثيرا , فالكل يعرفه , ولن أتحدث عما حدث في كل جبهة , فقد اختلفت المسارات وأصبح لكل نظام من أنظمة الهزيمة توجهه وأداؤه ودوره , لكنني سأتحدث عن سوريا فقط , لكوني سوري ولكون الشعب السوري هو المعني بالتحذير وهو المهدد بهزيمة حزيرانية جديدة .
الكل يعرف أن النظام السوري الحالي هو امتداد لنظام الهزيمة الحزيرانية ,وهو امتداد كلي لا جزئي , امتداد بنيوي وشكلي وشامل سياسيا وفكريا وأيديولوجيا وعسكريا وعائليا وحتى شخصيا ,فوالد الرئيس الحالي هو من أعلن في صباح العاشر من حزيران البلاغ العسكري الشهير رقم 66 , فماذا فعل النظام على امتداد هذه الفترة التي تقارب خمسة عقود ؟
المسار الأول كان تحطيم الدولة الناشئة ومؤسساتها - كما اشرنا سابقا – بحيث تحولت مؤسسات الدولة بحكم هذا التخريب المستمر الممنهج إلى شكل من أشكال التنظيمات والإدارات الملحقة بالنظام العسكري الأمني المسيطر الذي تحول أخيرا ليصبح شكل من أشكال المافيا والعصابات المنظمة متعددة الأذرع
المسار الثاني كان تحطيم المجتمع من خلال العبث بمنظومته القيمية والأخلاقية وتخريبها, وتحطيم البنى الاجتماعية وتشكيلاتها وصولا لتدمير المكون الأساسي للتشكيل الاجتماعي " الفرد "
هذا ما حصل وأنجز بالفعل على أرض الواقع , أما على الجانب الإعلامي والشعاراتي فالموضوع مختلف , وبالرغم من تناقضه مع معطيات الواقع وحقائقه , إلا أنه أيضا سلك خطا بيانيا هابطا , ولهذا الخط البياني الشعاراتي الهابط دوره وأسبابه (( حيث يصعب طلب التطبيع من شعب مناضل مقتنع بضرورة التحرير وحتمية النصر ... لا بد من التدرج بالخطاب قبل هكذا طلب , ولا بد من تحضير نفسي لهذا الشعب ليتقبل الفكرة , وإلا فالتمرد والثورة أقل ما يمكن أن يحصل )) .... في البداية كان المطروح - ونحن نتكلم عن الشعارات الآن – تحرير كامل فلسطين المحتلة من النهر إلى البحر ولن يكون الصهاينة أكثر من وسيلة لدعم الاقتصاد القومي باعتبارهم مادة علفية جيدة للثروة السمكية بالمنطقة , بعدها أصبح الشعار تحرير الأراضي المحتلة في هزيمة حزيران ومحاصرة إسرائيل ببقعة ضيقة لا تتعدً الحدود التي حددها قرار التقسيم الأممي رقم 242 , بعدها هبطت الشعارات من مستوى التحرير إلى مستوى أدنى لكن بصيغة رنانة " الصمود والتصدي " وما رافق هذا الشعار من شعارات أخرى ربما فرضتها ضرورات مالية كشعار " التضامن العربي " – من يملك المال عليه أن يدفع فنحن نحارب عنكم جميعا - ,,,,,,,,,, ومن الصمود والتصدي إلى الصمود بلا تصدي وصولا إلى الممانعة بلا خجل ,,,,,,,,,,, مع الاحتفاظ بشعار قديم جديد " التمسك بالثوابت الوطنية " , فالاحتفاظ بهذا الشعار القديم لا يتناقض مع تحديث الشعارات ومنحاها البياني الهابط لكونه مبهما معانيا متحول رياضيا , فلا أحد يعرف هذه الثوابت غير صاحب الوطن وسيده , أنا كمواطن لا أعرف ما هو هذا الثابت شكلا المتحول موضوعا .... هل الثابت تحرير فلسطين ؟ هل هو تحرير الجولان ؟ هل هو مزارع شبعا ؟هل هو حصتنا من مياه الجولان ؟ هل هو حصة رامي مخلوف بالاستثمارات السياحية في المنتزه الاسدائيلي المخطط لإنشائه في الجولان ؟ ,,,,,,,,,, لا أحد يعرف , لا أحد يعرف غير أولئك الراسخون بالوطنية
شعار آخر من الشعارات العابرة للازمنه والأجيال " التوازن الاستراتيجي " , هذا الشعار الذي صادر حتى حقنا بالزمن , حقنا بالمستقبل , حقا بالحلم وحقنا بالحياة ,,,, فبموجب هذا التوازن الإستراتيجي الملعون كان علينا الصمت والانتظار , أي دعوة للحياة للحرية للكرامة للعيش للعمل للتنمية للرفاه للتطوير للبحث للعلم للعدالة ,,,,,,, أي شيء من هذا هو خيانة عظمى للوطن و وهن لنفسية الأمة وتقديم لرجس الحياة على مقدس التحرير
طيب وبعدين , متى سيتحقق هذا التوازن الاستراتيجي مع العدو , إذا كان هذا العدو يتقدم بقفزات مذهلة بكافة المجالات بدء بصحن الحمَص وانتهاء بالقبة الصاروخية , وأنتم تتراجعون بقفزات مرعبة وبكافة المجالات بدء بزراعة الحمَص وانتهاء بقبة كان اسمها قبة البرلمان
يبدو أن التوازن قد تحقق اليوم , من حيث أن الأفكار العبقرية قد تتجاوز – أحيانا - في قيمتها وتأثيرها , قيمة وانجازات عقود من العمل المؤسساتي التراكمي التقليدي ,,,, فكرة عبقرية خارقة أبدعتها عقول عسكرية مذهلة أخلّت بميزان التوازن الإستراتيجي لصالحنا , وجعلت حتى رماد عظام نابليون بونابرت بقبره تنكمش غيرتا وحسدا ,,,, إنها فكرة الزحف
ولكن قبل هذا الزحف العظيم دعونا يا أسياد أبواقكم وصانعو شعاراتكم , نسألكم ؟ ,,,, عن ؟ مليارات الدولارات التي دفعناها من دمنا وعرقنا في صفقات الخردة العسكرية التي قبضتم عمولتها نقدا ومواقفا سياسية
عن 85 % من الاقتصاد الوطني المصادر والمنهوب بحجة التحرير , عن هدر أبسط حقوقنا كبشر بحجة التحضير للمعركة , عن تبديد 13 % من الطاقة البشرية تحت عنوان الخدمة الإلزامية , عن المعسكرات والتدريب والشبيبة والطلائع , عن الطوارئ وخطابات الحرب وشعارات التحرير , عن عقود من شد الأحزمة حتى لم يبقى لنا من شدة الشد بطون , ولا من ثقل حِملنا ظهور ,,,,,, عن هذا الخطأ الإستراتيجي الفادح الذي جعلكم تشترون بأموالنا السلاح , بدل أن تقيموا أعراسا جماعية وتزوجوا كل بالغ في الوطن وكل من استطاع للنكاح سبيلا , كان عليكم أن تشجعوا تعدد الزوجات وكافة وسائل وسبل إنتاج البشر طبيعيا وصناعيا , طالما إن إستراتيجية التحرير قائمة على مقارعة أحدث آلة عسكرية بالعالم بأجساد المواطنين العارية وبأرواحهم البريئة
عليكم الإجابة عن خمسة عقود منهوبة من تاريخنا وأرضنا وحياتنا واقتصادنا وأعمارنا وأجيالنا
وعلى السوريون بمن فيهم أبناء الجولان المحتل , والفلسطينيون المقيمون في سوريا حيث احتضنكم الشعب السوري منذ عقود وكان لكم ما له وعليكم ما عليه , في حين كان النظام يتاجر بقضيتكم ويقبض ثمن أقامتكم , على الجميع الاستماع لصوت العقل الذي يقول :
إن الدعوة للزحف في الخامس من حزيران هي دعوة لمجزرة جديدة بغض النظر عن من سينفذها , فكل ما ذكرناه سابقا وغيره الكثير الكثير مما يثبت أن هذه الدعوة ليس الغاية منها تحرير الأراضي المحتلة ولا حتى الضغط على إسرائيل بقدر ما هي محاولة من النظام لإجهاض ثورة الحرية والكرامة
إن هذه الدعوة وهذا التحشيد لا ينم عن حد أدنى من المسؤولية , بل إن الأمر يتجاوز موضوع المسؤولية التي تستوجب حماية المواطنين واللاجئين وضمان سلامتهم , فهذا الأمر يعبر عن عقل إجرامي وبنية نفسية مريضة و وضاعة أخلاقية تدفع بأبناء الوطن العامرة قلوبهم بحب الوطن وقيم التضحية والفداء إلى التهلكة
فعدا عن مخاطر الحواجز وحقول الألغام التي ستمزق أجساد المواطنين وتزهق أرواحهم البريئة , فمن المتوقع أن ترد قوات الاحتلال الإسرائيلي على هذا الزحف الأعزل بمجزرة ربما تقود لمناوشات مخططة ومرسومة ومتفق عليها بين قوات الاحتلال والنظام السوري , أي معركة محدودة ومحددة ببعدها العسكري والجغرافي ومفتوحة وشاملة ببعدها الزمني والإعلامي الإقليمي والدولي , و بهكذا مسرحية حربية على جبهة خارجية يظن النظام أنه سيجهض ثورة الحرية والكرامة من خلال استغلال حالة الحرب المعلنة لقمع الثورة وارتكاب مزيدا من العنف والجرائم بحق الشعب المسالم المطالب بالحرية والكرامة ,,,,,,, فحذروا من المشاركة في هزيمة حزيرانية جديدة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الخامس من حزيران الابدي
سيلوس العراقي ( 2011 / 6 / 2 - 21:00 )
السيد الكاتب
انها من طيبة قلبك ونظرتك الى استخدام الناس للزحف كواجهة لعمل دعائي
أو فاصل اعلاني ـ لصالح الحكام بالقيام بالزحف.
واي خامس من حزيران يريدون ان يتذكروا او يذكَروا؟ فهل خرج العرب وحكوماتهم من ذلك التاريخ، ان هذه الامة هي الامة التي ابت ان تعيش يوما آخر، فكل ايامها وانظمتها ومنجزاتها هي خمسة من حزيران فاننا امة الهزائم والنكسات، حتى انتفاضات شباب العرب تحولت او في طريقهم الى تحويلها الى حزيرانيات ، مع التقدير


2 - مع الاحتفاظ بشعار قديم جديد - التمسك بالثوابت
نبيل كوردي من العراق ( 2011 / 6 / 3 - 04:25 )
عزيزي الكاتب، يقصدون بالثوابت الوطنيه أن كنت لا تـــدري الأمور التاليه: وحده (يا عيني) حريه (يا حلاوتها) اشتراكيه (رامي مخلوفيه) ، و امه عربيه مشرذمه ذات رساله خالده من الأسفاف والهمجيه


3 - نسيت مأثرة أسدية أخرى
نبيل السوري ( 2011 / 6 / 3 - 06:40 )
وهذه اسمها قراءة المستجدات، وكانت من اختصاص الأب أكثر من الإبن، رغم أن هذا يقول أنه طبيب عيون
قراءة المستجدات تعني أن يشلح الأب سرواله الداخلي أمام جنرالات تركيا إثر صيحتهم الشهيرة عام 98، وبعد كثير من لعب البازار للأب، فقرأ المستجدات وشلح الاسكندرون مع سرواله الداخلي، ويا روح ما بعدك روح. طبعأ قراءته الأولى كانت في حرب 67 حين شلح الجولان مقابل الوعد بالترئيس، ثم بالتوريث، وصار له ما خطط. لكن السفلة لايقرؤون المستجدات أبعد من ذلك ولم يقرؤوا أن التمادي بالعهر ثمنه طيران الكرسي والثروة والمال والولد

مهما كانت نتيجة الثورة والقمع فإن الأمور لن تعود على ماكانت، والعد التنازلي قد بدأ ولن يتوقف، وسيطير هؤلاء إلى مزبلة التاريخ عاجلاً أم آجلاً، وآجلاً هنا لاتعني عقود بل أشهر
فعلى من لم يتعظ أن يحاول أن يكون قارئاً أفضل لمستجدات الشعب، وأن يستحي من ينظر للنظام الفاشل ويغلق فمه عن هذا التشبيح الإعلامي أستر لآخرته

تحية للشرفاء


4 - ردود سريعة
عماد دلا ( 2011 / 6 / 3 - 12:47 )
الأخ سليوس العراقي معك حق لقد كثرت الهزائم وطالت وتعددت ,لكنني لا أوافق بتحول الثورات العربية الى حزيرانات جديدة .... فالثورات ما زالت في بدايتها وعقود من التخريب الممنهج لا يمكن تجاوزها باشهر .. أنا متفائل كوني مقتنع بأن معالجة كل هذا الخراب وبناء الدولة يحتاج وقت ... مع مودتي
السيد نبيل العراقي , لا أعتقد بأنك أصبت في تحديد الثوابت ,كما أعتقد بانك أخطأت عندما لم تفرق بين حديثنا عن الأنظمة وحديثنا عن الأمم .... ولك التحية
الأخ نبيل السوري معك حق باضافتك , فأنا لم أتطرق لإداء النظام خارجيا وتحدثت فقط عن الداخل ... أنا متفائل بأن الأجل الآجل لن يتعدَ أشهر , وسنصل بالنهاية مهما كانت الكلفة الى بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة ... مع المودة
شكرا لمروركم جميعا



5 - عزيزي عماد دلا
نبيل كوردي من العراق ( 2011 / 6 / 3 - 17:47 )
مع شكري الجزيل عزيزي عماد لردك الكريم، أود أن أنبه سيادتك ألى ان الثوابت التي ذكرتها كانت من باب التهكم فقط على ما جرهُ البعثيون الفاشست على بلادينا المنكوبتين بالجمهوريات الوراثيه وشعاراتهم المكروه والباليه، ولستُ أدري كيف فاتك ذلك عزيزي!، لأن ما بدأتُ به من عباره لم يكن لتحديد الثوابت التي نعرفها ويعرفها القراء الأكارم، ولكن تلك التي بين قوسين، هي ثوابتهم التدميريه التي أوصلت سوريا الى هذا اليوم وأوصلت العراق الى ما ترى، لأن ما ورد في متن مقالتك واضح ولا يحتاج منا الى تحديد. لذلك أرجو أن تفهم أن قصدي كان للتهكم على شعارات هذه العصابه وليس لتثبيت الثوابت. مع التقدير

اخر الافلام

.. هل نجح الرهان الإسرائيلي في ترسيخ الانقسام الفلسطيني بتسهيل


.. التصعيد مستمر.. حزب الله يعلن إطلاق -عشرات- الصواريخ على موا




.. تركيا تعلن عزمها الانضمام إلى دعوى -الإبادة- ضد إسرائيل أمام


.. حراك الطلاب.. قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجه أميركا بسبب إسرائ




.. لماذا يسعى أردوغان لتغيير الدستور؟ وهل تسمح له المعارضة؟