الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا: التعذيب جريمة ضد الإنسانية

نائل جرجس

2011 / 6 / 3
حقوق الانسان


ينصّ الدستور السوري في مادته 28 على أنه "لا يجوز تعذيب أحد جسدياً أو معنوياً أو معاملته معاملة مهينة ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك". وهذا ما أدرجته المادة 391 من قانون العقوبات السوري التي تُحظّر التعذيب وتعاقب مرتكبي هذه الجريمة. كما صادقت الحكومة السورية على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة عام 2004، وبذلك تعهدت باحترام مضمون هذه الاتفاقية وتطبيق بنودها.
ويُقصد بالتعذيب بحسب ما أوردته المادة الأولى من هذه الاتفاقية "أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث - أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية".
ومن أجل تحقيق بنود الاتفاقية، فقد ألزمت المادة الثانية منها اتخاذ جميع التدابير اللازمة من تشريعية أو إدارية أو قضائية لمنع التعذيب وأكدت الفقرتين الثانية والثالثة من نفس المادة بأنه "لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا كانت، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديدا بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى كمبرر للتعذيب. لا يجوز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب".
وعلى الرغم من مرور عدّة سنوات على المصادقة على الاتفاقية المذكورة، فلا تزال الحكومة السورية تنتهك التزاماتها بشكل دوري وهو ما أشارت إليه لجنة مناهضة التعذيب في دورتها الرابعة والأربعون أثناء مراجعتها للتقرير الدوري الأول المقدّم من طرف الحكومة السورية عام 2010. وبناءّ على ذلك، فقد وجّهت لجنة مناهضة التعذيب إلى الحكومة السورية مجموعة من التوصيات، أهمها ضرورة تعديل بعض المراسيم التشريعية التي تضفي حصانة لرجال السلطة على جرائمهم المرتكبة أثناء أداء المهنة. ونذكر على سبيل المثال المادة 16 من القانون رقم 14 لعام 1969 التي تُعطي حصانة لعناصر الأمن في حال ارتكابهم جرائم، حيث لا يجوز ملاحقتهم إلا بموافقة القائد المسؤول عنهم.
هذا وقد شهدت الآونة الأخيرة، منذ بدء الحراك الشعبي في سوريا من أجل استعادة الحقوق المسلوبة، تزايدا كبيرا في عمليات التعذيب وغيره من ضروب المعاملة المهينة التي تعرض لها الكثير من المشاركين في التظاهرات السلمية أو الداعين لها، وذلك في انتهاك واضح لنصوص القانون السوري وأيضا لبنود اتفاقية مناهضة التعذيب. بل وقد تطور الأمر إلى أبعد من ذلك لما يمكن وصفه جريمة ضد الإنسانية بحسب المادة السابعة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. فتُدرج هذه المادة، في فقرتها السادسة، التعذيب بوصفه عنصرا مكونا لهذه الجريمة "متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم"، وهو ما يمكن انطباقه على الوضع الراهن في سوريا.
فقد أكّد العديد من الناشطين الحقوقيين والمحامين بأنّ بالكثير من الموقوفين على خلفية الأحداث الأخيرة قد تعرضوا لعمليات تعذيب جسيمة على يد العديد من أجهزة الأمن السورية، والأغرب من ذلك هو عدم قيام القاضي بتحريك الدعوى بحق الجلادين أثناء عرض بعض هؤلاء الضحايا أمام القضاء السوري، على الرغم من ظهور علامات واضحة لآثار التعذيب على أجسادهم ( في انتهاكا واضحا للمادة 12 من اتفاقية مناهضة التعذيب وللالتزامات المهنية للقضاة). كما نُشرت العديد من مقاطع الفيديو التي تُبين ممارسة التعذيب والمعاملة المهينة بحق الكثير من المواطنين، بالإضافة إلى شهادات تُفيد بوفاة عشرات الضحايا تحت التعذيب، في ظل انتشار شديد لحالات الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي للكثير من الموقوفين وفي جو من الإفلات من العقاب وعدم المحاسبة.
بناءً على ذلك، فلا بدّ من كفّ يد الأجهزة الأمنية فورا عن انتهاك القوانين المحلية والدولية وخاصة التعذيب والاعتقالات التعسفية بدون أمر قضائي، و أيضا السماح مباشرة بإجراء رقابة قضائية وحقوقية على أماكن الاعتقال كافة والكشف عن مصير المفقودين منذ بدء حملات الاعتقالات العشوائية التي طالت الآلاف، هذا بالإضافة إلى محاسبة الجلادين في محاكمات علنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وحشية استثنائية
محمد حبيب ( 2011 / 6 / 3 - 22:46 )
يا ريت لو اكتفوا بالتعذيب والضرب
نحن نشهد حملة قتل لم نعهده في اي دولة في هذا العالم ولا من اي دولة احتلال ولا من اي ديكتاتورية معاصرة .هذاالنظام هو استثناء في الوحشية والفاشية

اخر الافلام

.. حكم تاريخي في إسبانيا.. السجن لـ3 متهمين بالعنصرية ضد فينيسي


.. فياض للحرة: سوريا ترى أن تعاطي اللبنانيين في ملف اللاجئين ال




.. وزير المالية الإسرائيلي: إسرائيل لن تنتحر للإفراج عن الأسرى.


.. مراسل العربية: قصف إسرائيلي يستهدف النازحين في المواصي ونسف




.. السودان.. قوات الدعم السريع تطلق سراح مئات الأسرى بمبادرة أح