الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا أحد يحب أن يموت !

محمد المراكشي

2011 / 6 / 3
كتابات ساخرة


حين كادت أن تصدمني سيارة صدفة في الأسبوع الماضي و أنا أعبر الطريق عبر ممر الراجلين(!) ،إكتشفت أمرين مهمين في حياتي الجديدة:أولهما أني لازلت أتوفر على امكانات هائلة في القفز الطولي حين قفزت للأمام بسرعة إلى أن عانقت نخلة شامخة على الرصيف ! و ثانيهما أني أحب الحياة و أخاف الموت !
طبعا سيراودك التفكير ذاك المليء بالاستهزاء من شخص يخاف الموت مع أنها أمر حتمي ! لكنك تهرب يوميا بل وفي كل دقيقة من التفكير في نهايتك ! و اكاد أجزم أنك الآن تطلب شيئا واحدا هو أن تموت في هدوء و دون أن تنتهي تحت عجلات سيارة أو شاحنة !
فعلا صدق الذي قال يوما : من لم يمت بالسيف مات بغيره // تعددت الأسباب و الموت واحد !
حين نفكر أو نرى يوميا مشاهد الموت و القتل و الدمار في العالم و في بلداننا السعيدة ،نعتقد جازمين أن الذي يجري يحدث للآخرين فقط ! اما نحن ففي منآى عن ذلك..كل منا يتخيل تلك الصورة الارستقراطية التي تسكن وعينا حيث يحتضر الواحد منا و حوله بناته و أبنائه و أقرباؤه فيما هو يوصيهم خيرا بأنفسهم قبل ان يخرج لسانه ويعقده بابتسامة تحيل على ذهابه للجنة ! فيتحول فجأة إلى ما يشبه الولي الصالح !
مهما تكن الصورة ،فالنتيجة واحدة ! تؤخذ إلى مكان تدفن فيه ! لكنك تود في خاطرك أن تجد نفسك في غير مقابرنا المليئة بالحشائش المهملة و القبور التي ذهب الزمان بشواهدها.. و المبعثرة سنوات رحيل سكانها حتى أنك قد تجد قبرا توفي صاحبه في الستينات بجانب قبر حديث لازال للتو نحيب و عوي ذويه لم ينته !
لا أحد يود أن يكون رقما مهملا ،و لا أن يكون مجرد ذكرى يحج إليها ذووه كل عيد ليعودوا بسرعة إلى البيت ليتناولوا الكبد و الطحال و ما لذ من دسم الحياة ! و لا يود عاقل أن تبقى قبورنا بدون شواهد و لا ابنية و بترتيب اشبه بتمرين خاطئ لتلميذ فاشل !
مجتمعاتنا رغم نفاقها الكبير ،و تظاهرها بعدم خوفها من الموت ،تخبئ في دواخلها رعبا جعلها تهرب ما أمكن من واجبها تجاه أناس مروا من هنا ! إذ لا يعقل أن يتركوا لحال سبيلهم في نومتهم الأبدية أمام الزواحف التي تحتل ما تبقى من عظامهم ، او المخلوقات التي ما وجدت أمنا لها إلا في أحضان موتانا !
أنانيتنا في التعامل مع هذا الأمر ليس لها إلا تفسير واحد ،هو أننا نحب الحياة و لانتوانى ولو للحظة في الاعتقاد أننا خالدون..
لا أحد خالد إلا الشهداء ،وحدهم لا يخافون الموت ،ولم يخافوا أن يتحولوا إلى ذكرى تؤرق جلاديهم..أما البقية فمجرد "عابرين في كلام عابر"..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الـمـوت و الـروبـوتـات
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 6 / 4 - 16:41 )
يا سيدي الكريم
عدم الخوف من الموت, هو سلاح الدمار الشامل الحديث الذي اكتشفه (الجهاديون) عندما يفجرون أنفسهم في مناطق عامة مأهولة, ويقتلون عشوائيا أكبر عدد من غير المؤمنين أو أنصاف المؤمنين, وكل من لا يفكر مثل الأسياد والمشايخ والأمراء (الجهاديين) الذين يصنعون لهم الفتاوي المفبركة على القياس, كالصواريخ التي تنقلهم مباشرة إلى الجنة, حيث تنتظرهم الحور والأنهر العذبة والخلود.. هؤلاء فقط هم الذين لا يخشون الموت. لأن الدين وهلوساته الغيبية حولتهم ـ مع مزيد الحزن والأسى والأسف ـ إلى روبوتات ميكانيكية, بلا مشاعر ولا أحاسيس وخاصة ولا إنسانية!!!... وهنا عقدة العقد التي لا يفهمها الغرب.
ولك مني أطيب تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحرية الواسعة.

اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر