الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آخر الدواء الكي يا شعب العراق !

هادي الخزاعي

2011 / 6 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



المثل العربي الخالد ( آخر الدواء الكي ) يصلح كعلاج ، حتى في احسن ظروف التقدم العلمي والتكنولوجي ، خصوصا في بلد كالعراق ، الذي هجرته التكنولوجيا والخبرات العلمية ، ولم يعد هناك سوى غابة من خرافة ، لا يحكمها قانون او بروتكول ، بل الذي يحكمها ، شريعة شبيهة بالتي كان يحكم بها صدام حسين وأجهزة أمنه ومخابراته .
وحتى تتاح الفرصة للعطار لأصلاح ما افسدته مارثونات الكتل السياسية اللاهثة وراء المصالح والمنافع الخاصة بها ، فليس امامه غير الكي كآخر وسيلة للعلاج .

وعلاج الكي الذي يمكن أن يصلح للعراق بعد الفلتان الأمني والخلافات والأختلافات بين الكتل النيابية الفائزة بالأنتخابات ، وعنايتها فقط بمصالحها الحزبية والفئوية الضيقة ، وكذلك الفشل في تشكيل حكومة عراقية كاملة بعد مرور اكثر من سنة على الأنتخابات البرلمانية ، ولأنه لم يتحقق اي نجاح ملموس في مهلة المئة يوم التي اعطاها فخامة رئيس الوزراء لنفسه ليخرج بتصور عن امكانات حكومته برسم خارطة طريق لتنفيذ ما وُعِدَ به الشعب العراقي منذ الخامس والعشرين من شباط الماضي ، هو الذي ربما سيبعث الحياة من جديد في الحياة السياسية العراقية التي غابت عنها شمس الثقة المتبادلة بين الكتل الكبيرة ( دولة القانون والعراقية ) التي بيدهما مقدرات البلاد والعباد .
الكي هو آخر الدواء الذي يمكن ان يصنع ويصحح مسار البناء الديمقراطي في العراق الذي كان متوقعا نجاحه في سيرورة العملية السياسية المتفق عليها من الجميع .

هذا الأتفاق الجمعي المفقود الذي اصبح كلام صحف يصرحون به بالمجان ، وبمناسبة وبلا مناسبة أصحاب الكتل الكبيرة ، دون ان يمس صروح الأرادوية التي تحبسها في دواخلها تلك الكتل الحالمة بالأنفراد والتسلط . ولعل السيد حميد مجيد موسى سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي قد اصاب الحقيقة كلها في حديثه لوكالة اصوات العراق حين قال ان " الخلافات بين العراقية ودولة القانون متوقعة ، وهي نتيجة طبيعية لنظام المحاصصة السائد في تشكيل الحكومة وحصيلة الأنتخابات المشوهة التي جرت خلال العام الماضي ، وهذه الخلافات ليست صراعا بين قوى دينية وعلمانية ، بل هو صراع على السلطة في ظل محاولة كل من الطرفين الهيمنة على مراكز صنع القرار " .

والكي كعلاج ، يراد به هنا أصلاح العملية السياسية شكلا ومضمونا ، حيث باتت هذه العملية قاصرة عن أنتاج اي فعل سياسي وطني جمعي ، بعد وصول لغة التخاطب بين الكتلتين الى مستوى لا يليق بمستوى حجمهما الأنتخابي ، خصوصا لغة التخوين وعدم الثقة التي يتناطح بها الطرفان ، والغرق في تفاصيل يراد منها التيئييس ، لغرض الأنفراد بالسلطة من قبل طرف على حساب الطرف الآخر ، حيث لم يعد الأمر خافيا على أحد .

والكي هو عبارة عن اجراء انتخابات برلمانية مبكرة ، انتخابات عابرة للطوائف والتقسيم المجتمعي الذي يكرس للطائفية التي تلغي كل ما يمت للوطنية العراقية التي تمترست في تأريخ العراقيين السياسي والأجتماعي بأي صلة .
لا اقول ذلك بموجب ما ردده علاوي رئيس القائمة العراقية الذي سمح بمواقفه المتقلبة بهذا الأنفلات السياسي ، كما أني لا اتناغم مع أسباب مقولته الداعية الى انتخابات مبكرة بعد فشل اللقاء الثنائي بين العراقية ودولة القانون حيث صرح " اصبح ضرورة ملحة ( يقصد أجراء انتخابات مبكرة ) لتعديل مسارات العملية السياسية ووضعها في الأطار الصحيح الذي يفضي الى نهايات مشرقة وواضحة المعالم والمتاهات السائرة بها اليوم " .

الأنتخابات المبكرة بلا اعادة نظر في الضوابط التي تضمن سلامة الأنتخابات وخلوها مما ساد في انتخابات آذار 2010 ، هي عملية أعادة انتخاب نفس الكتل كما اشار بخبرته ممثل الكتلة الكوردستانية النائب المخضرم محمود عثمان حين تحدث الى وكالة الأنباء الكوردستانية " اجراء انتخابات مبكرة من دون تغيير قانون الأنتخابات ، لن يغير أي شيء ، إلا في حالة تغيير القانون الأنتخابي بحيث تكون الأنتخابات دائرية والترشيح فرديا والناخب يكون له الحق في اختيار الشخص الكفوء من بين المرشحين " مضيفا " لن يحدث أي تغيير ، لأن الكتل نفسها والقوائم نفسها ستفوز ، وعلية لا اؤؤيد اجراء انتخابات مبكرة بدون تغيير القانون الأنتخابي بحيث اما أن يصبح العراق دائرة واحدة ، او أقامة انتخابات دائرية " .

وللخروج من الأزمة السياسية المستفحلة التي يؤجج فتيلها كل من كتلتي دولة القانون والعراقية ، لابد من خطوات تتزامن مع فكرة أجراء انتخابات مبكرة تضمن عدم حدوث ما اشار اليه النائب محمود عثمان .
وهذه الخطوات كما حددها النائب السابق حميد مجيد موسى سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ، والتي تتعلق ب :
" ثمة امورعلينا اجراؤها قبل الشروع في انتخابات برلمانية ، لضمان نجاح الأنتخابات المقبلة بشكل افضل من سابقاتها " مؤكدا على وعي الناخب حين قال " الشعب العراقي ليس كتلة صماء ، وهو يعيش معاناة جميع مناحي الحياة ، وقد تكونت لديه خبرة وتجربة اضافية ومعرفة اعمق مما كان عليه سابقا ، فقد بات هذا الشعب قادرا اليوم على الأدلاء بصوته لمن يستحق ثقته ، واحداث الفرق من خلال صناديق الأقتراع وأعادة التوازن الى العملية السياسية بعد ان تحرر من خوفه " . و جملة هذه الأمور التي أشرها السيد موسى هي : -
1 - قانون جديد للأنتخابات . " على مجلس النواب مراجعة قانون الأنتخابات الجائر ، خاصة بعد أن حكمت المحكمة الأتحادية بعدم شرعية ودستورية التعديلات التي أدخلها مجلس النواب السابق على قانون الأنتخابات ، وهناك أجماع من قبل الكتل السياسية على ضرورة سن قانون جديد " .
2 - انتخاب لجنة وطنية حقيقية للأنتخابات . " انهاء عمل مفوضية الأنتخابات ، لأنها غير قادرة على ادارة انتخابات نزيهة في البلاد ، أذ ان مدة عملها الشرعية قد انتهت بجميع الأحوال ، ولابد من تأسيس مفوضية جديدة تتمتع بالمهنية والحيادية ، وتمنع التجاوزات ، بالأعتماد على قانون جديد للأنتخابات ، يمنع المال السياسي من التدخل في نتائجها ويحد من قدرة الدول الأقليمة على التلاعب بمصائر الناس " . وأضيف أنا لما تفضل به السيد موسى بأن هذه المفوضية لايكون تشكيل هيكلها قائم على المحاصصة السياسية كما هو جار .
3 - اقرار قانون الأحزاب . " اقرار قانون للأحزاب . وقد قدمت الحكومة مشروع قانون ، وعلى مجلس النواب مناقشته وأنجازه خلال فترة قصيرة ، وهو لا يحتاج الى أكثر من شهر لأنجازه " .
4 - اجراء التعداد السكاني . " أجراء التعداد العام للسكان ، بعد أن انجزت وزارة التخطيط كافة التحضيرات اللوجستية والأمور اللازمة لأجرائه والتحرر من العرقلات السياسية اللامشروعة والتي ينبغي تسويتها بقرار جماعي من البرلمان " .

هذه الأجراءات الأربعة وغيرها ، هي الكفيلة بعملية انتخابية مبكرة أو دورة انتخابية أعتيادية ، تحقق للناخب والمنتخب سواء بسواء انتخابات افضل بنتائجها من سابقاتها ، وتؤسس لأجواء صحية ضمن السياقات السليمة للمسار الديمقراطي الذي يرنوا اليه العراقيين .

وقد فصل السيد حميد مجيد موسى بتلك المحاور تفصيلا وافيا حين أكد على قدرة الشعب العراقي على الأختيار الصحيح حين قال " نحن نجد انفسنا أمام حاجة ملحة الى البحث عن حل ديمقراطي ودستوري وسلمي ومخرج لهذه الأزمة من خلال العودة للشعب وأجراء أنتخابات برلمانية مبكرة ، ليقول الشعب كلمته ويختار الأجدر لقيادة البلاد ، وانهاء مأساة السنة والنصف الماضية ومأساة السنوات السبع التي سبقتها "

أن جملة ما قيل يشكل في نهاية المطاف محصلة للمثل الماثور ( آخر الدواء الكي ) فلربما يتم اصلاح ما افسدته المصالح الضيقة الأفق ليعود العراق يمشي على اقدامه بدل رأسه من جديد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العزيز ابو اروى / مع الود
مارسيل فيليب / ابو فادي ( 2011 / 6 / 4 - 09:24 )
نهرو يقول .. عندما نفكر بالغايات ، علينا أن لا نتجاهل الوسائل ..!
لنناقش الأجراءات الأربعة التي أشرت اليها :
1 - على مجلس النواب مراجعة قانون الأنتخابات الجائر .. الخ .
لا احداً من الأحزاب الذين سُرِقتْ اصوات ناخبيها ممثل حالياً في البرلمان الحالي .. إذاً كيف نتوقع من برلمانيين حصلوا على كرسي وامتيازات بالشكل الحالي وبـ ( اقل من 100 صوت ) - وبضمنهم سياسيين ورؤساء كتل مِن مَن كانوا متحمسين للتعديلات الجائرة والغير دستورية ( مع انهم من المفروض ان يكونوا حماة الدستور ) ، أسهموا بحميّة في تمرير نصوصه المجحفة والمتعارضة مع دستور العتيد .. كيف نتوقع من كل هؤلاء أن يوافقوا على تعديل قانون الأنتخابات الحالي الجائر، ليكون .. قانوناً عادل لأنتخابات ديمقراطية نزيهة ؟


2 - تكملة لما سبق
مارسيل فيليب / ابو فادي ( 2011 / 6 / 4 - 09:25 )
2 - انتخاب لجنة ( جديدة ) وطنية حقيقية للأنتخابات المفترضة.. الخ .
إنشاء المفوضية اساساً جاء بأمر من سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 92 في 31ايار/مايو 2004 لتكون حصراً، السلطة الانتخابية الوحيدة في العراق ، كهيئة مهنية غير حزبية ، مستقلة عن السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، هيئة تملك سلطة إعلان وتطبيق وتنفيذ القواعد والإجراءات المتعلقة بالانتخابات خلال المرحلة الانتقالية .. لكن أعضاء المفوضية الحاليين تم اختيارهم على اساس المحاصصة ويأتمرون بأوامر رؤساء احزابهم وكتلهم وحتى قادة ميلشياتهم .
وهنا اتسائل ... من سيختار اعضاء المفوضية الجديدة ، اليست نفس الكتل والأحزاب ورؤسائها ( الحكام الحاليين ) والذين اتفقوا على تقسيم البلد والثروة والسلطة عبر محاصصة طائفية وقومية ، ومؤخراً اكدها ( السيد الرئيس ورئيس حزب الدعوة ) قبل اسابيع في تصريح صحفي متلفز امام حشد من الصحفيين نقلته عدسات الفضائيات المختلفة ، حين قال ... ان وزارة الدفاع هي للمكون السني بينما وزارة الداخلية للمكون الشيعي ، وللعلم كرر السيد المالكي الجملة مرتين .


3 - تكملة اخرى
مارسيل فيليب / ابو فادي ( 2011 / 6 / 4 - 09:26 )
3 – اقرار قانون للأحزاب .
لا تعليق لدي سوى .. اذا جاء القانون طبقاً لما نص عليه الدستور ، فنص الأحزاب الموجودة حالياً يجب أن تحل نفسها .
4 – اجراء التعداد العام للسكان .
اول إحصاء للعراقيين جرى عام 1934، وبلغ عددهم آنذاك ( 3 ) ملايين نسمة وفي إحصاء 1957 ( 7 ) ملايين ، هذا الأحصاء الذي اعتبر في ما بعد أساساً في تحديد طبيعة التركيبة السكانية للعراق وبينما أجل الإحصاء المقرر عام 1987 بسبب ظروف الحرب مع إيران، آخر كما قيل ، كان احصاء 1997 والذي استثنيت منه محافظات إقليم كردستان العراق وأظهر أن عدد سكان العراق 25 مليوناً، فيما قدر مسؤولون آنذاك أن هناك ثلاثة ملايين آخرين يعيشون في الإقليم .. اجراء احصاء عملية مستبعدة حالياً ولن يكون في صالح ( نظام المحاصصة القائم ) ..لأنه سيتم الطعن بالنتائج خمسين مرة ، ويطالب بأعادة الأحصاء 75 مرة .. وهنا اتسائل مرة اخرى .. هل تتذكر كم مرة رحّل موعد إجراء الإحصاء السكاني العام منذ التغيير ، وكم من الملايين من ثروة العراق ضاعت كمصاريف بعد كل تأجيل .


4 - اخيراً ايها العزيز
مارسيل فيليب / ابو فادي ( 2011 / 6 / 4 - 09:27 )
كل الأطراف والكتل المتحاصصة الحالية في ، (عُراقنا الديمقراطي الجديد ) تعلق في مكاتب مقراتها الرئيسية الحكمة القائلة :
( من يقتسم العسل مع الدب سيفقد من حصته الكثير ) .


5 - تسلم ايدك
سالم حيدر ( 2011 / 6 / 4 - 11:13 )
تحية لاستاذ هادي
لقد اصبت فيما قلت كبد الحقيقة وهذا هو الحل الواقعي والعملي لما يعيشه الوطن ارضا وشعبا ان وجد بين اولي الامر من يقرا او يسمع واني اشك في ذلك
شكرا والى المزيد

اخر الافلام

.. هل انتقل -جحيم غزة- إلى جنين؟ | الأخبار


.. الجزائر.. احتجاجات وإضرابات لتلاميذ المدارس • فرانس 24




.. جهود رجال الإطفاء متواصلة لاحتواء حرائق لوس أنجلس المتأججة


.. مهلا يا ترامب.. هل الذهاب إلى كوكب المريخ وعد كاذب؟




.. بعد لبنان.. وزير الخارجية السعودي في سوريا للقاء السلطات الج