الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب المياه ..الحرب القادمة / الجزء الرابع

رائدة الغرباوي

2011 / 6 / 4
العولمة وتطورات العالم المعاصر



مشاريع المياه التركية
لا تزال تركيا تشهد حتى اليوم استكمال بقية وحدات مشروعها المائي العملاق كاب (G.A.P.) المعروف اصطلاحا باللغة التركية ( Guney Dogu Anadolu Projesi). هذا المشروع الذي تتلخص فكرته الأساسية بإقامة (13) مشروعاً رئيساً، خصص اغلبها لمشاريع الريّ وتوليد الطاقة الكهرومائية. ويتألف كل مشروعٍ من هذه المشاريع من مجموعة أخرى من المشاريع الثانوية والأعمال الصغيرة المتممة لها. وتمثل السدود والخزانات المائية حجر الزاوية لهذه المشاريع، إذ يهدف مشروع الكاب إلى إقامة (22) سداً على نهري الفرات ودجلة وروافدهما، موزعة على النحو التالي: (14) سداً على نهر الفرات و(8) سدود على نهر دجلة، وإنشاء (19) محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية، يصل مجموع إنتاجها الكلي إلى (27) مليار كيلو واط / ساعة من الكهرباء سنوياً وبطاقة استيعابية تبلغ(500,7) ميكا واط ، بالإضافة إلى ارواء حوالي (7,1) مليون هكتار من الأرض؛ حيث يغطي هذا المشروع مساحة مقدارها (75) ألف كم2، تضم (9) محافظات تركية، تقع جميعها في الأجزاء الجنوبية الشرقية من البلاد وهي : (غازي عنتاب ، ديار بكر، شانلي اورفة ، أدي يامان، سييرت، شرناخ، ماردين ، بطمان، كالس) . ويحاذي هذا الإقليم - جنوب شرقي الأناضول- من الجنوب سوريا ومن الجنوب الشرقي العراق.

أما عن تكاليف بنائه فهي لا تزال في ارتفاعٍ مستمر نتيجة لقيام الحكومة التركية في الفترة الأخيرة، بإجراء تعديلٍ كبير على خطته الأساسية، تمثلت بإضافة مشاريع ثانوية أخرى تساهم في تحويله إلى مشروع تنمويٍ إقليمي شاملٍ متكامل القطاعات، يقوم على أساس مفهوم ( التنمية المستمرة ) الهادفة إلى تطوير كافة نواحي البنى التحتية للإقليم ، مثل إنشاء (المستشفيات ، الجامعات، المطارات ، مشاريع السكك الحديدية..الخ ) . وقد تجاوزت تكاليف بنائه حالياً (32) مليار دولار، ويتوقع الانتهاء منه بصورة كلية مع مطلع عام 2029.
بطبيعة الحال فان إنشاء هذه المشاريع المائية في تركيا قد أدت إلى حدوث توترٍ سياسيٍ كبير، وفتور واضح في العلاقات الثنائية بينها وبين كلٍ من العراق وسوريا الدولتان المجاورتان لها، والمشتركتان معها جغرافياً وهايدرولوجياً* في مياه هذين النهرين، مما جعل البلدان الثلاثة تتعثر في التوصل إلى حلٍ عادلٍ منصفٍ حول اقتسام مياههما لسنوات طويلة وبشكل يحقق لكل طرف ماله وما عليه من حقوقٍ مكتسبة ومشروعة بشأنهما.
ثالثا : الأطماع الإسرائيلية في المياه العربية
1ـ أطماع اسرائيل في المياه الفلسطينية: منذ احتلال اسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 عملت على استنزاف المياه الفلسطينية فيها، وخاصة بعد أن تمكنت من الوصول بسهولة إلى أحواض المياه فيها والسيطرة عليها عبر العديد من الأوامر العسكرية والتي هدفت إلى ترسيخ احتلالها والهيمنة على المياه الفلسطينية. وقامت اسرائيل موازاة مع ما سبق بالتضييق على السكان الفلسطينين وطردهم من أراضيهم المجاورة لينابيع المياه، ومنع الفلسطينين من حفر الآبار إلا بعد الحصول على تصريح خاص من الحاكم العسكري الإسرائيلي وضمن قيود مجحفة مثل عدم استخدام الآبار بعد الساعة الرابعة مساءً، وفي المقابل وفرت جميع الإمكانات المادية والسياسية للمسوطنين بإقامة المستوطنات الزراعية على أراضي الفلسطينيين بعد مصادرتها وحفر الآبار فيها بصورة أضرت بالفلسطينيينن، مثل ما قامت به شركة إسرائيل للمياه "ميكروت" بحفر 17 بئراً جديدة في غور الأردن في الفترة من 67- 78 باستخدام الأجهزة المطورة، مما أدى إلى جفاف 50 بئراً مملوكة للفلسطينيين من 1967 – 1980، إضافة لتزايد ملوحة العديد من الآبار الاخرى.
2ـ أطماع اسرائيل في المياه اللبنانية: تعود اطماع اسرائيل في المياه اللبنانية إلى مؤتمر فرساي عام 1919 عندما أعلنت الحركة الصهيونية بكتاب قدم للحكومة البريطانية عن رغبتها في السيطرة على جنوب لبنان وجبل الشيخ حيث ورد في الكتاب الآتي "إن الحقيقة الأساسية فيما يتعلق بحدود فلسطين، أي أنه لا بد من إدخال المياه الضرورية للري والقوة الكهربية ضمن الحدود. وذلك يشمل مجرى نهر الليطاني ومنابع نهر الأردن وثلوج جبل الشيخ".
وقد حققت اسرائيل مطامعها في المياه اللبنانية خلال فترة احتلالها للجنوب اللبناني عبر سرقة مياه الليطاني وغيره من مياه لبنان باستخدام نفق طوله 17 كيلو متر لسحب مياه الليطاني إلى داخل إسرائيل، ومما أدى إلى تعرض 250 قرية لبنانية إلى الموت عطشاً، والقضاء على آلاف الدونومات من مزارع الحمضيات في صور وصيدا، وقامت بحفر نفق آخر بعمق ثلاثة أمتار لربط نهر الوزاني بإسرائيل.
3ـ أطماع إسرائيل في مياه نهر الأردن: منذ قيام إسرائيل انصب اهتمامها على مياه نهر الأردن، فتوالت المشاريع لاستغلال مياهه، ومع بداية الخمسينات من القرن السابق وظهور الأطماع العلنية الإسرائيلية في مياه نهر الأردن ظهرت المشاريع المختلفة حول توزيع مياهه، ومنها مشروع "جنسون" ومن ثم مشروع "كوتن" واللذان شملا أيضاً مياه نهر الليطاني.
وبعد توقيع اتفاق وادي عربة بين اسرائيل والأردن عام 1994 وافقت إسرائيل على تزويد الأردن بـ 50 مليون متر مكعب من مياه نهر الأردن، إلا أن تنفيذ هذا الاتفاق يبقى رهن الرضى الإسرائيلي ومصالحها الخاصة.
4ـ اطماع إسرائيل في مياه نهر النيل: تحاول إسرائيل منذ قيامها الحصول على المياه من نهر النيل تحت شعارات مختلفة كشعار "الاستصلاح والتسوية السياسية" والذي من خلاله حاولت الحصول على وعد شفوي من الرئيس الراحل محمد أنور السادات بمنحها نسبة من مياه نهر النيل. ومازالت اسرائيل حتى اليوم تبذل المحاولات المختلفة لإقناع مصر بفكرة تحويل نسبة 1% من مياه نهر النيل لإرواء صحراء النقب عبر شعار "المياه مقابل السلام".
إلا أن مصر رفضت ومازالت ترفض كل محاولات إسرائيل مبررة رفضها المعلن باستحالة التنفيذ لحاجة مصر المتزايدة من المياه.
ومع استمرار الرفض المصري تستمر اسرائيل بالضغط على مصر عبر تحريض الدول الأفريقية المشتركة معها في مياه نهر النيل على إقامة المشاريع المائية والتي ستؤدي الى تخفيض حصة مصر من المياه.
5ـ أطماع إسرائيل في المياه السورية: جاء في المذكرة الصهيونية المقدمة الى مؤتمر السلام في باريس سنة 1919، أن جبل الشيخ هو أبو المياه الحقيقي بالنسبة لفلسطين ولا يمكن فصله عنها إلا بإنزال ضربة جذرية بحياتها"، ومعنى ذلك أن مستقبل فلسطين المائي باكمله بأيدي الدولة التي تبسط سيطرتها على الليطاني واليرموك ومنابع نهر الأردن، وهو ما يعني إبقاء السيطرة الإسرائيلية على الجولان.
وفي الدراسة المقدمة من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط والمعنونة بـ"الأمن والسلام" وجاء فيها: "إن قيمة الجولان العسكرية عملية فقط، وهي على وجه التحديد حماية الجليل، ولكن الدفاع عن مصادر المياه هي حاجة استراتيجية مطلقة. وفي الحقيقة تعني البقاء. ومادامت الحرب قائمة بين سوريا وإسرائيل، ومادامت منابع نهر الأردن غير آمنة فإن إسرائيل لا يمكنها الانسحاب من مرتفعات الجولان".
أما بالنسبة لمياه نهر الفرات فقد استحوذ على جزء من الأساطير الصهيونية باعتباره امتداداً لحدود إسرائيل الكبرى، ويكتسب النهر بعداً خاصاً بسبب تداخل حوضه ضمن ثلاث دول وهي تركيا والعراق وسوريا،. ومن خلال تركيا تعمل إسرائيل جاهدة على فرض شعار "موارد المياه التركية ملك لتركيا، كما أن النفط ملك دول النفط" عبر إقامة بناء المشاريع العملاقة والتي تلحق الضرر بكل من سوريا والعراق مثل مشاريع الجاب و سد "أورفة"، والذي يستطيع أن يحبس مياه دجلة والفرات مدة 600 يوم، والهدف من ذلك هو وضع سوريا بين فكي كماشة، تمثلها إسرائيل جنوباً، وتركيا شمالاً لدفع سوريا للإقرار بربط مياه الفرات ودجلة بمياه الجولان المحتل وعلى حساب الأمن لكل من سوريا والعراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مرحبا زميلتى الوفية رائدة
وليد حنا بيداويد ( 2011 / 6 / 4 - 07:46 )
اولا اشكرك الشكر الجزيل لما قدمتيه من مساعدة رائعة بعد خروجى من المستشفى وثانيا انا اتابع مواضيعك الجميلة خاصة حرب المياه، فى الواقع انا شاهدت السد التركى الذى يمتد عبر عدة محافظات وله طاقة تخزينية كبيره وهائلة مما ادى الى حرمان دول الجوار وخاسة العراق من حقوقها المائية وحصة العراق المقررة وهذا اجحاف بحقنا نحن العراقيين، انا اول ما شاهدت هذا السد فقلت يا ويلتاه هل ان العراق سيعطش وتتعمد تركيا الى تعطيش دول الجوار وحرمانهم من مادة الحياة؟؟ نعم ان تركيا تتعمد الى تعطيش دول الجوار والضغط عليها من هذا الباب وبلا شك ان الحال ليش مؤاتيا لحرب جديده من يقوم بها العراق لنيل حقوقه فى المياه ولكن لو استمرت تركيا فى حرمان كل من العراق وسوريا سوف تقوم حرب اقليمية بسبب المياه ولذلك على العراق ان يدرك ان الخطر قائم وان القادم هو الاسوآ وعلى الدولتيين العراق وسوريا القيام فورا بانشاء مشاريع لبناء سدود جديده وعدم اهدار المياه التى تذهب سدى الى البحار وهذا ما تفعله ايران ايضا التى تقوم هى الاخرى بتخريب جارتها العراق عبر رمى مياه البزل فى مياه شط العرب وان الحرب القادمة قريبة

اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تبدع في تجهيز أكلة مقلقل اللحم السعودي


.. حفل زفاف لمؤثرة عراقية في القصر العباسي يثير الجدل بين العرا




.. نتنياهو و-الفخ الأميركي- في صفقة الهدنة..


.. نووي إيران إلى الواجهة.. فهل اقتربت من امتلاك القنبلة النووي




.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب نتنياهو أركان حكومته المتطرف