الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القمع الهمجي تعبير عن العقيدة الأمنية للجهاز الأمني المخزني ( حوار صحفي) .

حميد هيمة

2011 / 6 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


حاوره حميد المهداوي / أسبوعية الرهان ، العدد 52 بتاريخ 2-8/06/2011 .

يعتبر " حميد هيمة" ، الناشط في حركة 20 فبراير ، أن انتصار السلطات للخيار الأمني هو ، أولا ، تعبير عن استنفاذها لباقي الخيارات السلمية ، و ثانيا هو إعادة بعث العقيدة القمعية لكسر عقيدة مجتمعية تنشد التغيير الديمقراطي .كما يؤكد "حميد هيمة " أن حركة" 20 فبراير " أنعشت الفعل السياسي في المغرب ، و أخرجته من الإنعاش ، بعد أن اجترحت نقاشا سياسيا عميقا حول مغرب الديمقراطية الحقيقية . بل ، و هذا هو المهم ، جذبت الشباب المغربي للفعل السياسي المنظم عوض انفلاته في اتجاه التطرف الديني و الانحراف الاجتماعي . فيما يلي نص الحوار :


الرهان : كيف تقرؤون وتحللون الأسلوب الجديد الذي اتخذته الدولة اتجاه الحركات السلمية في الشارع؟

(حميد هيمة ) بداية ، أشكر أسبوعية "الرهان " على المواكبة القوية للنضالات التي يخوضها الشعب المغربي من أجل الديمقراطية . الملاحظ ، حسب التطورات الأخيرة ، أن الدولة المغربية وزعت بشكل عادل "الهراوة " و القمع على كافة الحركات الاحتجاجية السلمية ، سواء ذات المطالب السياسية أو الاجتماعية أو الفئوية بشكل يتعارض مع خطابات الدولة نفسها ، و يتنافى ، أيضا ، مع التزاماتها الحقوقية المعلنة. إن هذا الأسلوب الجديد / القديم يستدعي طرح أربعة ملاحظات أساسية :

1- أن القمع الهمجي و الممنهج طال ، بشكل أفقي ، كل الحركات الاحتجاجية ذات المطالب السياسية و الاجتماعية (نشطاء حقوقيون ، أساتذة ، أطباء ، معطلون ...الخ ) . و شن حملات اعتقال ، غير مبررة ، في حق أعضاء حركة "20 فبراير" و نشطاء حقوقيون و نقابيون ، و أذكر هنا بمعتقلي بوعرفة (الصديق كبوري و رفاقه ) ؛
2- حملات إعلامية لتبخيس المطالب الإصلاحية ، و للإساءة للتيارات السياسية المرتبطة بهذه الدينامية ، و العمل على تبرير أشكال القمع التي تطال المحتجين ؛
3- إصرار المحتجين على مطالبهم ، و اتساع قاعدة المتعاطفين معهم عدديا و مجاليا ، و بلورة صيغ نضالية ، خصوصا حركة 20 فبراير ، ترمي إلى اقتحام الطابوهات الأمنية (بيكنيك لمحيط معتقل تمارة ) ، مع إثبات ميداني لقدرات تعبوية مبدعة و نفس نضالي طويل ؛
4- تسمية رموز "ثقيلة" في هرم الدولة و اتهامها بالفساد ، فرض على السلطة ، أو "المخزن" بمحموله السياسي و التاريخي ، "تعديل" سيناريوهات المستقبل السياسي .
إن ما تتخوف منه الدولة ، هو بداية تشكل اصطفافات / جبهة جديدة ، في صلب نضالات "حركة 20 فبراير " ، وفق برنامج حد أدنى ، رغم تبايناتها السياسية و الفكرية ، معارض لخيارات الدولة ؛ في سياق زمني ينكمش في اتجاه لحظة "الاستفتاء" .

غير أن المؤسف هو أن صمت بعض المنظمات النقابية و الهيآت الحزبية ، المحسوبة على الصف الديمقراطي ، سيشجع الدولة المغربية على إعادة بعث الروح البصروية عند أجهزة القمع للتنكيل بالمحتجين المسالمين . كما أن حركة "20 فبراير " ، و القوى الداعمة لها ، ساءلت بقوة ما يسمى "الحكامة الأمنية". و من المفيد أن لا نغفل صعوبات التحول الديمقراطي في محيطنا الإقليمي و انتقال الاحتجاجات إلى جنوب أوربا ، مع ما جبهت به من قمع ، قد يجعل "العقل الأمني " المغربي يعتقد أن الفرصة مناسبة لتصفية الحساب مع الحركات الاحتجاجية " غير المنضبطة " .

و الحال أن حملات القمع ، الأخيرة ، ما هي إلا تعبير عن "العقيدة " القمعية للقوات الأمنية في حق الحركات الاحتجاجية المختلفة ، و التيارات السياسية الراديكالية ؛ خصوصا بعد الأحداث الإجرامية ل 16ماي . لكن هل استحضرت السلطات انعكاسات القمع ؟


(الرهان) هل هذا القمع موجه ضد العدل والإحسان وراديكاليو اليسار حسب الرواية الرسمية؟

- (حميد هيمة ) إن " المبرر " ، الذي تريد الدولة تسويقه إعلاميا ، لتصفية حركات الاحتجاج مردود عليه ، على الأقل ، من زاويتين : أولا ، دور الأحزاب ، حسب نص الدستور ، هو تأطير المواطنين . و ثانيا ، أن هذه التيارات لها عمق اجتماعي و تعبر عن تطلعات سياسية لقطاع واسع من الشعب المغربي ، رغم الإقصاء و حملات التحريض الرسمي الذي يستهدفها .كما أن تجريب اختيار "التطرف " ، من لدن الدولة المغربية ، يجعلها غير مدركة لحقيقة تلاشي هذه الصيغة في التجارب النضالية الإقليمية .
إن المبرر الحقيقي للقمع ، حسب ما يتداوله الشارع ، هو عجز الدولة عن الانخراط الجدي في إصلاحات سياسية و حقوقية و اجتماعية حقيقية تلامس المطالب المطروحة . فاستنادا إلى تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة ، فإن التيارات "المتطرفة" (اليسارية و الإسلامية ) اختطفت "حركة 20 فبراير " ، و هو ما يؤكد – حسب نفس المنطق - قوة هذه التنظيمات في الشارع المغربي .
إن "مبرر" الدولة سيتساقط بعد أن تشكل "الائتلاف الوطني من أجل ملكية برلمانية الآن" ، يلف أكثر من 30 هيئة وطنية نقابية و حقوقية و سياسية و نسائية وحمعوية ، الذي أعلن دعمه الواضح لحركة "20 فبراير" وفق سقفها السياسي .

(الرهان) هل هو ضد الاحتجاجات بشكل عام بصرف النظر عن محركيها ما دام أفقها محاكمة رموز الفساد؟

(حميد هيمة ) إن الدولة لا تهمها القنوات المؤطرة للاحتجاج ، بقدر ما تتخوف من مضمون و عمق هذا الاحتجاج . فالدولة كانت في حاجة ، في تقديري ، لأشكال من الاحتجاج المتحكم فيه و بمطالب لا تغضبها لاعتبارين أساسيين و هو : أولا ، لتنفيس الاحتقان الاجتماعي الناجم عن تراكم إفلاس سياسة الدولة في كل المجالات . و ثانيا ، تصدير نموذج "ديمقراطي مغربي " مستوعب للحركات الاحتجاجية لكن ، في الوقت نفسه ، غير منفلت عن تأطيرها .
بيد أن طرح الحركة الاحتجاجية ، بصرف النظر عن لونها السياسي و طبيعتها المرجعية المركبة ، لقائمة الفساد و الاستبداد ، و رفع شعارات و مطالب الديمقراطية الحقيقية أرعب رموز الفساد ، كما أرعب الرموز المتورطة في الانتهاكات الجسيمة سياسيا و اقتصاديا و حقوقيا .

هل تتوقعون استمرار هذا الوضع ؟ أم أن الأمر مجرد تكتيك مرحلي يسعى لبعث رسائل معينة منها أن الدولة لازالت سيدة الميدان؟

(حميد هيمة ) إن التأمل في تعاطي الدولة المغربية مع الحركة الاحتجاجية قام ، إلى حدود اللحظة ، على تجريب عدة "تكتيكات" / خيارات متدرجة : ففي بداية الإعلان عن الحركة في الفضاء الرقمي ، سارع "البلطجية " / الأعوان الرقميون بتشويه صورة "قيادات" حركة "20 فبراير " ( الارتباط بالبوليزاريو و الجزائر ، الإلحاد ...الخ) . لكن بعد الانتباه إلى التعاطف الجماهيري مع الشباب و الالتفاف السياسي و الحقوقي مع مطالبهم الإصلاحية ، الواردة في النقط 20 الملحة ، أبدت الدولة "تفهما" للمطالب و " تساهلا" إزاء الأشكال النضالية الاحتجاجية . غير أن صدرها – الدولة – سيضيق بعد إصرار الحركة على مطالبها ، بعد خطاب 9 مارس ، و إبداعها أشكال نضالية متقدمة ، و انتشارها الجغرافي الواسع – لذلك لجأت لخيارها الأصلي بانتهاج أشكال القمع الهمجي بمبرر "اختطاف " الحركة من طرف التنظيمات اليسارية و الإسلامية "المتطرفة " . لكن عنف الدولة لم يثن الحركة الاحتجاجية عامة عن مواصلة كفاحها الجدي من اجل تحقيق مطالبها . و الملفت هو تأليب الرأي العام و تحريضه على الحركة الاحتجاجية دون أن تدرك انعكاسات هذا الاستقطاب المفتعل . لذلك ستنتصر الدولة للخيار الأمني ، بعد اتهام ، مثلا ، حركة "20 فبراير " بخدمة أجندة التنظيمات اليسارية و الإسلامية "المتطرفة " ، لتبرير قمعها الهمجي . كما أن السلطات الآن بصدد تجريب خيار مواز يقوم على اعتقال مناضلين في الهيآت السياسية و النقابية و الحقيقية الحاضنة للفعل الاحتجاجي ( بوعرفة نموذجا) .
إن الخيار الأصوب للدولة المغربية ، في تقديري ، هو الاستجابة للمطالب السياسية ،بعد تصفية المناخ السياسي ، و تحقيق المطالب الاجتماعية .

"الرهان" ما قراءتكم لبعض المشاهد التي ظهرت مؤخرا كنزول بعض التجار للشارع احتجاجا على موصفوه بالأزمة التي سببتها احتجاجات 20 فبراير ؟

(حميد هيمة) قبل ذلك ، أستسمحك للإشارة إلى مشاهد الاعتداءات الهمجية ، الموثقة بالصوت و الصورة ، على مواطنات و مواطنين عزل . صور لمشاهد مؤلمة فقدت فيها العناصر " الأمنية " كل مشاعر الانتماء للبشر : أستحضر ، هنا ، الاعتداء على امرأة أمام صغيرها ، و التنكيل بالشباب و عموم المواطنين ، بشكل ينتهك أدنى حقوق الإنسان .
و علاوة على ذلك ، ألمتنا فيديوهات التهديد ، في إطار سياسة الترهيب ، التي تتوعد حركة "20 فبراير " بالتصفية . بالمقابل ، فإن مسرحيات خروج "أولاد" الشعب للاحتجاج على " حركة 20 فبراير " – و هي كلها تكتيكات فاشلة للضغط على الحركة الاحتجاجية . و من المهم التنبيه ، في هذا المقام ، أن فعاليات سياسية وازنة كانت قد حذرت من مغبة "خلق" ، بفعل فاعل ، اصطفاف و استقطاب داخل الشارع المغربي . و هنا يطرح السؤال / الإشكال التالي : كيف لهذا الشعب أن "يحتج" على حركة " 20 فبراير " و هو نفسه انخرط بقوة في حركتها النضالية ؟
و الواقع إن حركة "20 فبراير " أنعشت الفعل السياسي في المغرب ، و أخرجته من غرفة الإنعاش ؛ بعد أن اجترحت نقاشا سياسيا عميقا حول مغرب الديمقراطية الحقيقية . بل ، و هذا عنصر مهم ، جذبت الشباب المغربي للفعل السياسي المنظم عوض انفلاته في اتجاه التطرف الديني و الانحراف الاجتماعي .

(الرهان )... وطريقة تغطية بعض وسائل الإعلام ، مؤخرا، محاولة اعتبار كل 20 فبراير عدل وإحسان لتبرير القمع ؟

(حميد هيمة) إذا كان طبيعيا أن تسخر الدولة قنواتها الإعلامية الرسمية في الهجوم على الحركات المعارضة ، رغم أن هذه القنوات تمول بضرائب الشعب ، فإن غير المستساغ أن تنخرط بعض الجرائد " المستقلة " ، في حملة منظمة ، لتأليب الرأي العام ضد الحركة الاحتجاجية بالبلاد تحت غطاء المبررات المشار إليها أعلاه .
إن ما لا تدركه قنواتـ(نا) الإعلامية ، التي تغيب ، عن سبق إصرار و ترصد ، الأصوات المعارضة ، هو امتلاك هذه الأخيرة لبدائل إعلامية أكثر شعبية و نفوذا في زمن الثورة الرقمية .بل عن الحركات الاحتجاجية المعانقة للتغيير ولدت في قلب الإعلام المواطن / البديل / الشعبي . و هو إعلام حر ، ديمقراطي و يسهل تدفق المعلومة و الخبر دون رقابة . و هو ما خلق " توازنا" إعلاميا بين إعلام الدولة ، إعلام "الشطيح و الرديح " ، و إعلام إلكتروني محتضن لنقاشات حقيقية و مستوعب لتطلعات الشبيبة المتعلمة بالمغرب .
في الختام ، إن المغرب ، دولة و شعبا ، لن يخسر من تبني الإصلاحات الحقيقية غير تحقيق الانتقال الفعلي إلى الديمقراطية . و هو رهان مربح للجميع و بأقل كلفة . فهل نكسب هذا الرهان ؟

(*) عضو حركة 20 فبراير ، ناشط حقوقي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إسقاط مسيرة إسرائيلية بعد استهدافها في أجواء جنوبي لبنا


.. كيف ستتعامل أمريكا مع إسرائيل حال رفضها مقترح وقف إطلاق النا




.. الشرطة تجر داعمات فلسطين من شعرهن وملابسهن باحتجاجات في ا?مر


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا