الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانفصام الشخصي للخطاب السياسي في العراق

وسام محمد شاكر

2011 / 6 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


يجد المتتبع للشأن السياسي العراقي مفاجآت كبيرة ، ودوامة عريضة للخطابات السياسية ، التي تصل حد التناقض التام بين ليلة وضحاها لشخص أو لحزب ما ، فخطاب السلطة غير خطاب المعارضة وخطاب التصعيد والتوتير غير خطاب التهدئة ولعل هذه من بديهيات علم السياسية في كل مكان ، لكن في العراق فأن للموضوعة هذه منحى أخر غريباً منسجماً مع ظاهرة التغير المستمر والسريع للمناصب والمسؤوليات ، الذي أدى بدوره إلى ظهور ( الازدواجية ) بأكثر من شكل ، مما انعكس سلباً على عدة مفاهيم كالـ ( الوطنية ، حقوق الإنسان ، الديمقراطية ، الخ .... ) ، فلقد امسى جلياً للعيان إن خطاب السلطة يشمل مفردات هي (الوطنية ، العملية السياسية ، القوات الأمنية ، الأعمار ، ) ولنأخذ على سبيل المثال الوطنية التي تعني في مفهوم الخطاب السياسي هي التأييد النسبي والمطلق لعملية إدارة الدولة والنسق العام لهذه الإدارة ، وان رجل السلطة أو حزب السلطة هو النموذج الوطني الواجب الإقتداء به على أقل تقدير من خلال تبني ثقافة هذا الحزب المفروضة ضمنياً عبر وسائل الإعلام الحكومية المسموعة والمقروءة والمرئية ، ومن يقف خارج هذا الإطار هو ضمن الفريق الذي يعرقل العملية السياسية ويحاول ان يعود بالجميع إلى المربع الأول ( لغة المربعات ) هذه البلورة المستمرة والمختلفة الأشكال لخطاب السلطة قد تم استشعارها خلال ثلاث حكومات بعد التغيير .
إما الجانب الأخر هو خطاب المعارضة الذي يجد ان كل ما يسوقه هو مطاليب مجتمعية ملحة فنجد إن مفهوم الوطنية على سبيل المثال يشتمل على معنىً آخر يشمل مفردات ( البطالة ، الفساد ، الحصة التموينية ، الخدمات ، الخ .....) ليصب زيت كلماته وأرقامه على وجه الحكومة من خلال تبني سياسة ( التركيز على الجزء الفاضي من القدح ) ، ومما يذكر في هذا المجال هي الشرعية المجتمعية التي يلتحف بها خطاب المعارضة والذي يحاول استجداء مواقف الجمهور من خلال استفزاز لبعض المشاعر لطبقات معينة من المجتمع ، إما النوع الآخر من الخطاب السياسي فهو الخطاب التصعيدي الذي يبحث عن إثارة الشارع وتدوير دفة التناحر السياسي نحو ملعب المجتمع ، وهو انفعالي تحريضي يوزع التهم السياسية ويندد بالآخرين علناً ، ويسوق التهم حسب مزاجية سياسية مقيتة إما النوع الرابع من الخطاب السياسي فهو خطاب التهدئة الذي يعتمد على مبدأ ( تخديري ) فهو خطاب أليف يبشر بالخير ويوعد بمستقبل زاهر غاضاً نظره عن بعض المشكلات السياسية ويرى جميع الرفقاء السياسيين على صواب محاولاً قذف المشاكل خارج حدود البلد وتعليقها بشماعة التدخل الخارجي معتبراً إن الحراك السياسي ماضٍ إلى الغيات المنشودة للشعب العراقي .
إن هذا الاستعراض للخطابات السياسية هو واقع وبديهي جداً وفق اي منظومة سياسية ديمقراطية في اي بلد ، لكن الغريب ان يتغير الخطاب بظرف أيام فهذا هو المعيب وقد يزخر واقعنا السياسي بعشرات الأمثلة التي ينم أصحابها عن سطحية وتخلف سياسي فقد يكون شخص ما مسؤول بمستوى رفيع في الدولة وقد يخرج من منصبه بسبب طبيعي ( إنتهاء مدته القانونية ) أو غير طبيعي ( سحب الثقة ) نجد إن خطابه السياسي انقلب مائة وثمانون درجة وقد حصل هذا بالفعل وعلى مستوى وزراء سابقين مما اثاروا سخرية الشعب بهم وكأنهم يحاولون شخصنه الموضوع من خلال التصريحات والمكاشفات الإعلامية التي ما كانوا يبيحوا بحقيقة ما وهم داخل إطار السلطة فبين رسم لوحة لمستقبل مشرق وبين رسم لوحة لبؤس قاتم نجد المسؤول هذا يجلس بين الاثنتين والعكس صحيح فمن معارض و مطالب بحقوق الشعب إلى مسؤول يتكلم وفق دبلوماسية وردية ، فالمواقف الكبيرة والخطوط الحمراء هي ليست وليدة لحظتها كما يريدها ساستنا وهي أيضا ليست مزاجية سياسية ترتبط بشخص السياسي ليستخدمها متى مايشاء وهذا أن دل بشكل أو بأخر فأنما يدل على السطحية الفكرية لأغلب الوجوه السياسية وضيق آفاق البعض منهم مما ظهر في البعض منهم ظاهرة الإفتقار للحوار والجدل بطريقة علمية ، فغالباً ما نجد الانفعال والتوتر سيد الموقف والتبادل المستمر بالتهم وأحياناً بالشتائم للأسف الشديد ، فمن سخرية القدر أن يتصدر الوصولويون والانتهازيون شرفة السياسة فيكون خطابهم تارة وطني وتارة أخرى فئوي ويوماً تحريضي تصعيدي ويوم آخر تهدئي إن صح التعبير صامت وبين هذه التقلبات تقبع أحلام المواطن البسيط في أسفل الدرك هذه الأحلام التي بدأت مطالب وأصبحت وعود وانتهت في درج النسيان الذي يحكم السياسيون عملية غلقه بإحكام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح