الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوراق الأسد

محمود زعرور

2011 / 6 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


هل بقي لبشار الأسد من أوراق يعتمد عليها لإسناد نظامه الذي أوشك على السقوط ، بعد تعاظم الثورة عليه داخلياً، والعقوبات الأوربية والأمريكية خارجياً؟
على الصعيد الداخلي، وعندما لم يفلح في إخماد ثورة الشعب لجأ إلى محاولة اللعب بالورقة الطائفية ، لكنه قوبل بمظاهرات السوريين وهي تعم كل المدن والقرى، وقد انخرط فيها شباب وشابات يمثلون كل ألوان الطيف الوطني، وتعدده القومي والديني والاجتماعي، وهم يؤكدون على وحدتهم الوطنية، ورافضين لكل ما يطعن في اندماجهم، مقدمين مطلب الحرية كهدف وحيد ومشترك.
ثم حاول رشوة الأكراد بالجنسية، التي حرموا منها ظلماً، أملاً منه في تحييدهم، وبث روح الشقاق في حركة الانتفاضة الشاملة، لكنهم لم يتأخروا في الاحتجاج مؤكدين أن الجنسية لا تعني شيئاً في ظل غياب حريتهم.
كما فشلت كل أساليب جر الانتفاضة إلى اللجوء إلى العنف، وإغرائها بالاقتتال لآن الشباب السوري تمسك بالأسلوب السلمي للتظاهر، كوسيلة وحيدة تعكس قوة الإرادة على بذل كل التضحيات مهما تعاظمت أمام القمع الدموي الممنهج من قتل وحصار واعتقالات لم تتوقف أبداً بالرغم من كل ما صدر من إجراءات تمثلت في صدور ( العفو ) ، أو أحاديث عن ( حوار ) تعد له لجان وهيئات وأهداف مختلفة ومتنوعة.
الورقة الأشهر في حسابات النظام السوري، أعني بها ورقة ( الممانعة )، أو ( مقاومة ) إسرائيل التي تم استخدامها لسنوات وعقود، من أجل تزييف حقيقته، تم فضحها وإسقاطها عبر تصريحات رامي مخلوف، التي حاول فيها إرسال رسالة واضحة تطلب الدعم من أجل تبادل الحماية، وكان لبيانات الكتاب والمثقفين العرب، التي تعددت، وتتابعت، منددة بالقمع الهمجي الذي يطال الشعب السوري تحت ذريعة ( مجابهة المؤامرة ) على دولة ( الصمود )، وبخاصة بيان الكتاب والمثقفين الفلسطينيين ( وهم أصحاب القضية المباشرين ) الذين تضامنوا مع مطالب الشعب السوري، الصفعة الأشد وضوحاً لطروحاته المتهاوية، والتي أكدت انكشاف أقنعته ومساحيقه التي لم تعد قادرة على تجميل حيل المساومة والابتزاز.
إقليمياً، وعلى صعيد حلفائه كان أشد منتقديه هم الأتراك، حيث تنبئ كل الدلائل عن قرب حدوث قطيعة مرتقبة، نظراً لرفض النظام ما يسميه ( تدخلاً ) في شؤونه الداخلية.
أوربياً، وبعد العقوبات المتلاحقة والتي طالت الأسد شخصياً تبين أن الرئيس الفرنسي ساركوزي كان من أكثر المتحمسين في دعم القرارات المتخذة، ربما من أجل أن يكفر عن أخطائه السابقة، التي تجسدت بكون فرنسا في عهده، ومنذ أكثر من ثلاث سنوات، الدولة الأوربية الوحيدة التي بدأت بكسر طوق العزلة الذي فرضه المجتمع الدولي على النظام السوري في ظل سياسة الهيمنة التي مارسها على لبنان، وبعد الحديث عن دوره في الاغتيالات السياسية الشهيرة، والتي لا زالت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان منهمكة في النظر بقضاياها.

هل ما زال نظام الأسد يفكر في الاستمرار بالحل الأمني عبر القمع الدموي واستخدام العنف المفرط وحصار المدن والاعتقالات ، هذا الأسلوب الذي ثبت فشله أمام إصرار الثورة السورية على المضي قدماً، رغم التضحيات الأسطورية التي لا زال الشعب يقدمها قرباناً مقدساً لخلاصه، أم أن خديعة ( الحوار ) لا زالت قيد التجريب؟ رغم أن عهدي الأب والابن، على حد سواء، وفي فترات مختلفة، قد حفلا بهكذا مسرحيات مخادعة، ولم يعد أحد يقبل أن يجرب المجرب!
اللافت في الأمر هنا، أن عروض ما يسمى بالحوار افتقرت إلى الجدية، لآنها لم تنطلق من المشكلات والأزمات المزمنة، بحيث بقيت في إطار ( لقاءات )، وهي في الحقيقة استدعاءات لشخصيات، كان الهدف منها شراء الوقت أولاً، وثانياً إيهام الداخل والخارج بأن النظام السوري يريد ( الحوار )، لكن ( الجماعات المتآمرة ) لا تريد إلا
( التخريب والفوضى ).

وعندما انكشف دور تلك المسرحيات ، تم اللجوء إلى جلب ( وفود ) لتقدم بعض طلباتها المتعلقة بالخدمات وسواها، وهذا يبرهن على تجاهل الأسباب العميقة للمعضلة السورية، وعدم الاقتراب منها، وأعني بها النهج ذاته، نهج نظام الاستبداد والتسلط المتمثل بالمحاولات الدائمة منذ عقود لخنق أي تطلع شعبي نحو الحرية، وإقصاء أي تعبير سياسي معارض، وقد تكفل إعلامه الرسمي على ترديد معزوفة غياب المعارضة، أو غياب برنامج أو انتفاء رؤية بديلة، وقد تناسى هذا الإعلام أن في الساحة السورية أحزاباً سبقت نشوء البعث نفسه، وإذا حصرنا الحديث في عهد الأسد الأب، فيكفي الإشارة إلى التجمع الوطني الديمقراطي، الذي ظهر من تحالف عدة أحزاب وطنية وديمقراطية عام 1979، أما في عهد الأسد الابن ، فإن تجمع إعلان دمشق الذي لاقت رموزه وقياداته من القمع والاعتقال والملاحقة، من أجل اسكات صوتها، وإدامة مملكة الصمت، على حد تعبير المناضل الوطني والديمقراطي الأشهر في سوريا، رياض الترك، ما يبرهن على استمرار نهج النظام، في عهديه، لدى الأب والابن، معاً، في القمع حيناً، وفي التضليل حيناً آخر، أو في الاثنين معاً.
لكن، يمكن القول، هنا، وبوثوق، بأن ما كان يصلح في السابق، قد فقد نجاعته الآن، لآن أوراق الأسد قد ذوت، وقد أطاح بها شباب سوريا الذي يمضي في طريقه نحو الحرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أوراق المعارضة
سامي محمود ( 2011 / 6 / 6 - 16:20 )
ألا تحتاج المعارضة السورية إلى من يكشف عوراتها أيضاً؟ لا تفهم كلامي أنه دفاع عن نظام الأسد الديكتاتوري القمعي، ولكن المعارضة نجحت وبجدارة في حشر الأقليات من مسيحيين وعلويين ودروز وحتى علمانيين في الزاوية ووضعهم في صف النظام. الأكثرية الساحقة من المتظاهرين اليوم هم من المتدينين من الطائفة السنية، يخرجون من المساجد، يكبرون ويطلقون الهتافات الطائفية ولا يتورعون عن العنف واستخدام السلاح. أعرف أنك ستقول لي أن النظام فعل كذا وكذا، ولكني أقول لك أن النظام فقد شرعيته منذ أمد بعيد، ولكن المعارضة حتى الآن لم تنجح في اكتساب الشرعية التي تؤهلها أخلاقياً لتولي الحكم بعد سقوط النظام، لأن آخر ما نريده نحن السوريون هو استبدال النظام بنظام أكثر فاشية.

اخر الافلام

.. داعمو غزة يغيرون ا?سماء شوارع في فرنسا برموز فلسطينية


.. رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب




.. مراسل الجزيرة هشام زقوت يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع


.. القسام تستهدف ثكنة للاحتلال في محور نتساريم




.. واشنطن تطالب قطر بطرد قيادة حماس حال رفضها وقف إطلاق النار