الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جزء من ذاكرة الثورة

رضا كارم
باحث

2011 / 6 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


جزء من ذاكرة الثورة
بات الحديث عن أي تحرك نضالي ضد سلطة الامر الواقع الباجي -المبزع،مثيرا للامبالاة و مضجرا و ربما مقدمة لانفعال غاضب و لردة فعل عنيفة او شتيمة مقضعة. العمل النضالي الذي كان خروجنا اليه ،مناسبة للفرح و إعلانا جديدا للتحرر من قبضة الاستبداد و الاغتراب ،فقد في هذه المرحلة ،مناضليه و ثواره ،بعد أن تقرر الانخراط في المسرح السياسي المحلي،و الاحتكام الى ما يسمى ب"القرار الشعبي"الموصوف بالديمقراطي ،لإنتاج مجلس تأسيسي لمرحلة انتقالية جديدة و نهائية و شرعية خاصة.و عمد الجسم السياسي التونسي الى تبرير هذا الخيار ،باعتباره إفرازا ثوريا لحالة اعتصام القصبة الثاني،و بوصفه مطلبا توافقيا "شعبيا"و ضامنا لتحول ضروري الى مستوى جديد تسوده الشرعية ،و ننتهي بالضرورة من امتداد الفراغ و شيوعه الى بناء مؤسسات تحقق للدولة توازنها و استمرارها. و تشكل راي عام أنضج فكرة الترتيب لدستور جديد ،يؤسس للبديل الجمهوري الديمقراطي ،الوطني و الحر،منفلتا من قيود دستور 1959،و متحررا من التركيبة الاستبدادية و الثقافة الاحتكارية التي أعلنها بورقيبة و واصل الطاغية بن علي تمريرها بقوة الحديد و النار.غير أن مكونات القصبة 2،فاتها أن أية عملية انتخابية ستقودها حكومة يشرف عليها دستوري عريق،ستظل محل تجاذب مستمر ،يضعف الوفاق السياسي بالضرورة و يجْهز على تلك التضامنات الافقية التي تأسست بين المعتصمين. فالباجي قايد السبسي رجل من المرحلة الاستبدادية ،و قد جاء تعيينه في شروط تاريخية محددة ،اتسمت بزيارة الأمريكي فيلتمان،و ما تبعها من استقالة الغنوشي -الشابي-ابراهيم.و الباجي قايد السبسي ايضا لم يكن مطلب الجماهير المعتصمة و لا عموم الشعب التونسي ،ما يجعل توزيره و تحمله للمسؤولية خطرا بالضرورة. و قد برزت منذ الأيام الأولى خطوات غير مطمئنة من الرجل أهمها على الإطلاق فكرة المرسوم القاضي بالمزاوجة القسرية بين المجلس الثوري و الهيئة الالتفافية .المجلس الوطني لحماية الثورة الذي كان نصير الثورة و الثوار ،تم دمجه مع جهة بورجوازية يشرف عليها الليببرالي الفكر و الهوى عياض بن عاشور و رجل فرنسا و عضدها "فينا".و هو الذي تحدث للجزيرة القطرية في 12جانفي ليبارك بطريقة أو بأخرى "الانفراج السياسي الذي سمح به بن علي"منضما الى حفلة الشابي -ابراهيم (الغنوشي لاحقا).و خلافا لكل المعقول ،فقد تاسست الهيئة الجديدة المناط ب"حكمتها"تحقيق آمال تونس في "حماية الثورة".و حصل أن تهافت على الانضمام إليها أغلب مكونات المجلس الوطني لحماية الثورة،زائدا الشابي-إبراهيم. نسي الرفيق شكري بلعيد و الرفيق عبد الرزاق الهمامي و الرفيق محمد الكيلاني أن الهيئة تضم حركة النهضة،لم يشكل ذلك صدمة لوعيهم النضالي و الثوري،لم يدلّ مثلا على أن السبسي بضمه للنهضة و اليسار معا،يقضي عليهما في الآن نفسه. تركوا خلفهم كل مقولاتهم السابقة،و أعلنوا جميعا أن النهضة في النهاية حزب تونسي،و أنها تقع في الحقل الموضوعي المشترك و أنها ضرورة .و برروا و تناقضوا مع كل ماضيهم و مع كل أطروحاتهم و مع كل كتبهم و كل تعاملهم مع الشيطان ضد الاسلام السياسي. و ذلك ليس لأنهم غيورون على تونس،و ليس لكونهم انتقلوا من حالة التنظير الى حالة البراكسيس،و ليس لرغبة منهم في التوافق مع الجمع،بل لأنهم بحّاثون عن المواقع ،مجرد حفنة من الراكبين على ضجرهم و السابحين في بحر دموعنا ،متجهين الى المواقع لملئها و الى الكراسي لممارسة الامتطاء عليها و علينا ضمنا. سقطت كل عناوينهم ،و تمايلت حتى الانهيار عباراتهم الثورية المغلفة بالخداع و المتأسسة على الكراهية لا على المشروع الوطني .و عنى ذلك أن الباجي -المبزع ،و بعدقضائه على الشابي-ابراهيم -الغنوشي،و من وراءهم مثل مرجان و جغام ،انتقل الى مكونات الدومينو ليسقطها حجرا حجرا. المؤتمر أولا ،فتعرى المرزوقي حتى من ورقة توته ، و فر الى حضن النهضة ليقاسمها قميص عثمان و يغطي عورته و سوءه.ثم بن جعفر،الذي فقد تشخيص الطبيب الماهر ،و سال لعاب الانتهازية فيه ،فولى دون تفكير منخرطا في الهوس بالكرسي،و أجلس على مساميره خليل الزاوية.ثم جاء دور الرفاق ،الكيلاني الذي أرسل موفده :شيخنا نوفل الزيادي،"وفقه الله"ليمثله هناك،و بايع شكري بلعيد نفسه و أوفدها ،و نادى الرفيق عبد الرزاق محمد جمور و عزاه...و قالوا سنقاومهم في عقر دار خلافتهم.ثم قتلوا الحرف الثوري و ركبوا صمتهم و قصفوا صوتهم. و بقي الرفيق حمة الهمامي يوهمنا بأنه وحيد خارج السرب ،حتى و إن كان كمال الجندوبي و مختار الطريفي و العياشي الهمامي هناك.و غيرهم كثيرون يا حمة.جميعهم مضى الى هيئة بن عاشور الفرنسي،و الامبريالي ،و هذا هو بيت النص.و تركوا الميدان ،و فروا الى مؤتمرات يعقدونها و حملة انتخابات يخوضونها قبل موعدها و ربما لن تكون الانتخابات و لا حملتها أصلا. انطلقوا فرادى في عقد اجتماعات عامة ، صرخوا خلالها بأنهم حماة الثورة ،أنتجوا أصواتا عالية ،صاحوا في وجوهنا ،ملؤوها بصاقا و عربدة،و سافروا الى مركب ثقافي جديد ليكرروا بصاقهم و يجتروا عباراتهم ،و ليس من راع للبقر.و يوم 6 ماي ،نال الجمهور المتظاهر من الركل و اللكم ما يشفي غليل الباجي-المبزع-البوليس-رشيد عمار،و نقلت التلفزات مشاهد الحرب ضد الجمهور،فيما تولت امبراطورية التبرير و التدجيل إرهاقنا بببيانات نتنة و متعفنة ،أردت ما تبقى من كرامة كاتبيها قتيلة.يوم 6 ماي أعلن معسكر الكومبرادور التابع و الخائن،أن عصا الاستبداد استغلت الفراغ الثوري و تمكنت من ترميم دمارها لتعود الغازات المسيلة للدموع ،و عصا البوليس المتوثبة لجسد ريم العروسي،و عودة الباجي الى مرحلة الستينات لاستحضار خطاب استعلائي قديم :خطاب ميتة،تفوح منه نتونة الضمير،و موت الشرف.فتصدى لجمهور الثورة مستعينا بشتم أحد أركان نظامه،ليستبيح دمائنا. و لم يكن ليفعل أيا من ذاك لولا أن أحزابنا الثورية و قادتها الثوريين ،تناسوا اشتراطات استكمال المهام الثورية ،و تنادوا بعقلية يمينية فاجرة الى اللعبة السياسية ،و تبولوا جميعا على النضال ،و خصوا أنفسهم و اعتقلوا عباراتهم و صاحوا فينا،هذا الاولي و ذاك الرئيسي،و هذا تكيتيك و ذاك استراتيجي،عادوا ليقذفونا بحجارة من تبرير ،و تواصوا على الثورة بالتملص من المسؤولية . ثم انهاروا تحت تخويف الباجي -رشيد عمار،و قتلوا فيهم الثورة.و انكشف نهائيا ،أن الانتخابات كما يفهمها الجاكم التونسي الباجي-المبزع مجرد سراب يغري المرء بقرب موعد إشباع عطشه ،و يخفي عنه موتا حتميا بعد حين.و أرى أننا إن واصلنا عبادة هذه الرموز السياسية ،سنموت بعد قليل .و الموت هنا،يدل على عودة العقلية الاستبدادية لتحكم ما تبقى فينا من وجود.أكاد في هذا النص أخاطب رفاقا معينين ،ممن ينهمكون في الكتابة أو الانتروبولوجيا أو ملاحقة درس لا ينفك يفر،في مدارس مجاز الباب،او ذاك المؤتمِر هنا قريبا مني. أخاطبهم لنخرج الى التاريخ ،نصيح وحدنا بأن الشعب قد غدر مجددا ،و أن حفنة التبرير و
...حفلة الاستبداد أمضتا على القرار.و أن لا خلاص غير الثورة من جديد
ــــــــــ
تونس ـ قلعة سنان
الأحد ـ 05 ـ جوان ـ 2011
رضـــا كــــــارم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا خلاص غير الثورة من جديد.
بشير الحامدي ( 2011 / 6 / 8 - 00:26 )
نعم رضا وأقولها بالصوت العالي الذي سيسمعه المشاة والراكبون .
أقولها ولي من الحجج ما أدافع به عن شرف هذه الكلمة.
كسروا أقلامكم أيها الكتاب .
مزقوا مسوداتكم أيها المحبرون على ورق اللف والدوران.
افعلوا كل هذا وإحفظوا هذا النص عن ظهر قلب واكتبوه في ألواحكم.
وسموا في سرّكم اسما واحدا ونصا واحدا وجملة واحدة .
الاسم هو رضا كارم
والنص هو جزء من ذاكرة الثورة
والجملة هي لا خلاص غير الثورة من جديد.
شكرا رضا وتحية . نحن معا في نفس الخندق

اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف