الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشهد يا حزيران !

محمد المراكشي

2011 / 6 / 5
كتابات ساخرة


لم أكن أعرف حزيران بهذا الإسم ! كل ما كنت اعرفه هو أن المعلم يكتب لنا في السبورة يونيه ! و تم استبداله في خضم التعريب المتسرع الذي خرب كل شيء بـ:يونيو..كما هو متعارف عليه !
لم أكن احب هذا الـ يونيه و لا ذاك الـ يونيو ! و حتى حينما انغرست كلمة حزيران في ذاكرتي،لم أحبها ! هذ الشهر اللعين لا يجد سبيلا إلى خاطري ! شهر لعين..
فيه افتقدت جائزة طفولية بعد أن اكتشفت حين أخبرني مدير المدرسة بكثير من السخرية أن جوائز المتفوقين حذفت ،ولم يعد لها اثر ! حينها سالني أخي الصغير الذي كان متشوقا أكثر مني ليرى الجائزة:إذن لماذا حصلت على الجائزة ولم يعطوك الجائزة؟ !
بكيت كثيرا يومها ، وبكى إلى جانبي اخي ! و اشترت لنا يومها جدتي جائزة أجمل و أحسن من جوائز وزارة التربية: كرة وحلوى "العب و كول" !..
يحمل معه الحر و القر ، و يحمل كذلك زوابع أحلام الصيف التي تعلو مع صراخك حين تكتشف أن هذا الصيف ستمضيه في بيتك تمني نفسك بإمكانية الإستجمام و السفر في الصيف الموالي ! يغير بشرتك و لون بشرة كل من تعرفه ! يفقدك أصدقاءك الذين دخلوا حتما لمذكرتك اليومية ! يقتلك بفراقهم و الحلم بملاقاة من لم تحمله الحياة بعيدا عنك !
يحمل معه كذلك رنات هاتفك الملعون ، حيث لا يتذكر الانتهازيون من معارفك إلا وقد اقترب الصيف ،أملا في استضافة ثقيلة على خاطرك ! يحملون معهم ذكاءهم الغبي في المصيف الرخيص على عاتقك ! أنت الذي لم يترك لك والدك إلا ذكراه في وفاة أليمة في ذاك الحزيران الخبيث !
ليس حزيران شقيق يونيه وقرين يونيو شهرا يذكرني بمشاكل الحياة البسيطة التي قد تواجه أيا من المساخيط في هذا الزمان ،لكنه ابن الآلام في بلاداتنا المهزومة ! فحزيران هو شهر الهزيمة التي لاتنمحي ،شهر النكسة للذين لا يعترفون بالهزيمة ! فيه تأريخ حقيقي للجيوش التي تنفرد اليوم بشعوبها تنكيلا ، تلك التي لم تطلق رصاصة واحدة في وجه عدو يجثم قريبا من عتبات قصورها ،و قريبا من موانئها التي تستورد المزيد من الفراخ المحشوة بالآلام !
لا أفهم لم هذا الحزيران يحمل كل هذا الكم من القدرة على إلصاق الحزن في دواخلنا! فيه غنينا كثيرا لشهداء حزيران بالبيضاء"إشهد يا حزيران.." وخلاله بكينا و تألمنا و غضبنا كثيرا مما وقع لنا ذات سبت اسود في سيدي إفني !
هو شهر اسود بكل المقاييس،احمل ندوبه في دواخلي ترفض أن تراوح مكانها و لو تغيرت الأزمنة و الناس ! ليس في عتمته الحالكة السواد إلا فسحة نور واحدة هي تلك التي أكلت فيها حلوى جدتي !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر