الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مَواسِمُ الْحَصَادْ

علم الدين بدرية

2011 / 6 / 6
الادب والفن


مَواسِمُ الْحَصَادْ

علم الدين بدرية

الصَّيْفُ مَاتَ وَالْخَرِيْفُ فَصْلٌ لِكُلِّ الأَوْقَاتِ ، نُقِلَت إليِّهِ مَوَاسِمُ الْحَصَادِ ...
مَوَاسِمُ الْحَصَادِ .. حَزِيْنَةٌ هَذَا الْمَسَاءْ ، تَحِنُّ لِقَطْرَةِ مَطَرٍ تُعِيْدُ إليهَا حُدُودَ الارْتِوَاءِ ، بَعْدَمَا جَفَّتْ يَنَابِيْعُها وَتَلَوَّثَتِ الْغُيُومُ والسَّمَاءُ !! كَيْفَ سَأَعْبُرُ هَذَا الْمَدَى وَنَبْضُ الأَرْضِ تَحْتَ قَدَمِيَّ يُعِيْدُ لِدَمِي شَوْقًا وأَصْدَاءَ ، كَيْفَ أَمُرُّ عَلَى غَابَاتِ الصَّنَوْبَرِ فِي كَرْمِلِي وَقَدْ سَلَبَتْهَا أَكُفُّ الْغُرَبَاءِ نُوُرَ الشَّمْسِ وَلَوْنَ التُّرَابِ ، تَفَحَّمَت أَوْصَالُهَا وَأَضْحَتْ رَمَادًا تَذْرُوُهُ الرِّيَاحُ !! كَيْفَ يُوقِظُ النَّبْضُ الدَّافِئُ فِي الْحَنَايَا حَنِيْنًا وَكِبْرِيَاءَ لِلْمَوَاسِمِ الْحَزِيْنَةِ ، لِخَرْخَرَةِ الْمِيَاهِ ، للَّحْنِ يُدَاعِبُ الذَّاكِرَةَ ، لِلْجُرْحِ الْذِي لاَ يَسْتَكِيْن فِي الْفُؤَادْ ..!!
لِرَائِحَةِ التُّرَابِ عِبْقٌ وَعِطْرٌ وَانْتِمَاءْ ، وَلِهُطُولِ الْمَطَرِ رَعْشَةُ بَقَاءٍ وَلِلْصَّهِيْلِ وَقْعٌ فَوْقَ الْمُرْتَفَعَاتِ .. يَتَهَادَىَ بِعُمْقِ الاحْتِجَاجِ ، يَرْسُمُ خَرَائِطَ وَطَنٍ لِمَاضٍ تَمَرَّغَتْ أَفْرَاحُهُ بَيْنَ مَوْتٍ تَحْتَ الْحَوَافِرِ وَبَيْنَ صِرَاعٍ عَلَىَ الْبَقَاءْ !!
مَوَاسِمُ الْحَصَادِ فِي الْكَرْمِلِ حَزِيْنَةٌ هَذَا الْمَسَاءُ ، الْمَطَرُ لاَ يَسْقُطُ وَالنَّارُ تَحْرِقُ الْفَضَاءَ.. مَوَاسِمُ الْحَصَادِ.. قَاتِلةٌ .. عَوَاصِفُ تَحْمِلُ سَائِلاً مِنَ الْمَوْتِ تَدَفَّقَتْ تَقْتَنِصُ أَرْوَاحًا وَشُهَدَاءَ ، تَمْحُو إحْسَاسًا عِشْنَاهُ .. بِالسَّعَادَةِ وَالْوَهْمِ وَالشَّقَاءْ ، مَوْاسِمُ الْحَصَادِ بِلاَ حَصَادٍ .. نَتَرَقَّبُ أَلْفَ دُعَاءْ .. فِي انْتِظَارِ الْحُلُمِ .. الأَلَمِ والانْتِمَاءْ ، يَأْتِي أَوْ لاَ يَأْتِي .. انْتِظَارٌ وَقَلَقٌ ، غُرْبَةٌ وَخِوَاءْ !!
كَيْفَ سَأَعْبُرُ هَذَا الْمَدَىَ .. أَرْكُضُ تَائِهًا عَلَىَ غَيْرِ هُدَىَ .. مِنَ الأَرْضِ تَخْرُجُ نَارٌ وَمِنَ الصَّخْرِ لاَ يَنْبَجِسُ مَاءْ.. مَا هَذَا الصَّدَىَ .. صَمْتٌ فِي الصُّوَرِ وَرَحِيْلٌ فِي الْمُقَلْ ، كَيْفَ سَأَحْمِلُ هَذَا الطَّنِيْنَ وَعَلَى كَاهِلي يُطْحَنُ التَّارِيْخُ .. وَحَجَرُ الرُّحَى لَمْ يُبْقِ لِلْغَدِ قَمْحًا وَثَرَى !! مَنْ سَيُحَاسِبُنِي عَلَى ذَاكِرَةٍ مَقْمُوعَةٍ وَأَفْكَارٍ أَحْمِلُهَا بِمُفْرَدِي تَعَقَّمَتْ بِكُلِّ الْمُفْرَدَاتْ ؟؟!!
أَرْحَلُ دَائِمًا إِلىَ وَطَنٍ .. أَيّ وَطَنْ ، أَجْتَرُّ الذِّكْرَىَ وَالْوعُوُدَ وَأَمُوُتُ فِي الانْتِظَارِ .. لَنْ أُعَاتِبَكُم يَا مَنْ مَرَرْتُم عَلَى طَرِيْقٍ بِلاَ عَوْدَةٍ ، يَا مَنْ صَنَعَتْ نِعَالِكُم دَرْبَ الْخُنُوعِ وَالاغْتِرَابْ .. وَصَمْتُكم أَضْحَىَ فِي صُوُرَةِ الْحَقِّ خَدِيْعَةً وَسَرَابْ ، أَنَا الآنَ فِي قِمَّةِ تَعَبِي مِنْ مَعَارِكَ خَسِرْنَاهَا مَعًا ، هِيَ مُعَاهَدَاتُ اِسْتِسْلاَمٍ وَانْكِسَارٍ وَهَزَائِمٍ وَنَكَسَاتٍ بَعْثَرَتْ مَوَاقِعنَا ، رَسَمَتْ مَعَالِمَ وجُوُدِنَا خَارِجَ حُدُودِ الزَّمَنْ ... أَبْعَادِيَ تَكَحَّلَتْ بِشَوْكِ السُّؤَالِ .. طُرُقَاتِيَ مَرَايَا خَافِتَةُ الضُّوءِ .. مُشْرِقَةٌ بِخُطُوَاتٍ مُقْتَضَبةٍ .. عَارِيَةٌ عَنْ رُؤْيَّةِ مَنْ يَجْثُو تَحْتَ نِعَالِ الرَّبِ الْقَابِعِ فِي مَشَارِفَ حَجَريَّةٍ ، يَسْتَجْدي شَفَاعَةً صَنَمِيَّةً مُخَضَّبَةً بِدِمَاءِ الأَبْرِيَاءِ ، مُحَاصَرَةً بِحَضَارَةٍ مُفْتَعَلَةٍ وَخُيُوطِ لِلْرِيَاءِ ، حَيْثُ الْعُيُونُ الْمُقَذَّاةُ رِمَالٌ غَارِقَةٌ فِي زَخْمِ السَّرَابْ ، تَعْبُرُ صَحْرَاءَ الْقَوَافِي .. تَقْتَرِنُ وَاحَاتُهَا بِمِلْحِ الْكَلِمَاتْ .. طُقُوسٌ وَقَرَابِيْنُ مُتَجَهِّمَةٌ بِالْغَبَاءْ .... بَعْدَ ذَاكَ الْوَهْمِ الْمُسَيْطِرِ فِي الْخَفَاءِ بَعْدَمَا تَغَيَّرَتْ مَعَالِمُ وجُوهِنَا وَانْتَهَتْ رِحْلَةُ الْبَحْثِ عَنْ الذَّاتِ لَنْ أَعِيْشَ آلاَمِي وَأَوْجَاعِي أَكْثَرْ !! دِمَائِي الْخَضْرَاءُ تَغَرَّبَتْ وَدُمُوعِي أَصْبَحَتْ ضَبَابًا ... كُلُّ رَايَاتِي الْبَيْضَاء رَفَعْتُهَا .. وَأَلْقَيْتُ بِكُلِّ دَمَارِي وَأَحْزَانِي وَضَيَاعِي فِي مَقَابِرِ التَّارِيْخِ الْمُشَرَّدِ وَهَزَائِمِ الزَّمَنِ الأَصْفَرِ وَدَفَنْتُهم بِصَمْتِ رِثَائِي وَعُمْقِ اِرْتِدَادِي .. لأَعُودَ أَشْتَاقُكَ يَا وَطَنْ !! مَنْ سَيُحَاسِبُنِي الآنَ عَنْ سُقُوطٍ خَائِبٍ لِنُقْطَةِ مَاءٍ .. عَنْ اِرْتِدَادٍ لِقَطْرَةِ مَطَرٍ .. عَنْ مَوْجٍ يَتَكَسَّرُ شَوْقًا عَلَىَ شَوَاطِئِ حَيْفَا ؟؟!! سَأَعْتَذِرُ لِجِيْلٍ قَادِمٍ عَنْ وَطَنْ دَنَّسَتْهُ أَقْدَامٌ غَجَرِيَّةٌ وَهَدْهَدَتْ بُكَاءَهُ عُيُونٌ يَنْبَجِسُ دَمْعُهَا فِي الْمَآقِي ؟! لأَجْلِهِ يَخْرَسُ الصَّدَىَ وَيَهْرُبُ النَّدَىَ.. وَتَمُوتُ فَرْحَةٌ مُغَادِرَةٌ لاَ تُبْصِرُ فِي الدُّنْيَا سِوَاهُ ، سَأَعْتَذِرُ لأَرْضٍ مَسْلُوبَةِ الْهَويَّةِ عَنِ اِنْتِمَاءٍ ... سَاقَنِي إلَيْهَا قَدَرٌ بَيْنَمَا كُنْتُ شَارِدًا أَبْحَثُ عَنْ قَطْرَةِ مَطَرٍ تُسَمَّى وَصْلَةَ اِرْتِبَاطْ ، لَنْ تَضُمَّهَا بَعْدَ لَيْلِ الأَوْجَاعِ غُيُومُ الشِّتَاءِ ؟! هَلْ أَنْتُم مِثْلِي .. تَحْلُمُونَ بِـوَطَنٍ ؟؟
فَقَطْ أَنَا .. وَحْدِي أَنَا .. يَرْبُطُنِي بِكِ يَا أَرْضُ بَعْضُ الْوَفاءِ .. شَيْءٌ مِنْ حَنِيْنٍ لِرَائِحَةِ الأَشْجَارِ ، لِلْصَّنَوْبَرِ وَالتِّيْنِ ، لِلْسِّنْدِيَانِ ، لِلْكَرْمِلِ الْحَزِيْنِ .. أَوْجَاعٌ تَمُرُّ مِنْ هُنَا فِي كُلِّ الْمَوَاسِمِ فِي كُلِّ الْفُصُولِ ، تَخْتَلِطُ فِيْهَا الأَعْيَادُ وَالطُّقٌوسُ وَالذِّكْرَى الْمُخْتَبِئِةُ فِي أَعْمَاقِ النِّفُوسِ ... حُلُمٌ مَا يَزَالَ يَنْبُضُ فِي وَطَنٍ صَغِيْرٍ ، وَدَدْنَا لَوْ نَجِدُ فِيْهِ مَكَانًا لِلأُرْجُوحَةِ لِلْسَّرِيْرِ ..!! لَكنَّ الآنَ لَمْ يَعُدْ هُنَاكَ رَصِيْفٌ لِلْزَّمَنِ الْجَائِعِ وَأُمْنِيَاتِ السِّنِيْنِ وَأَصْبَحْنَا عَلَى حَافَةِ الْوَقْتِ الضَّائِعِ فِي مَنْفَى يُسَمَّى وَطَنًا ..!! لاَ يَحْمِلُ وجُودَنَا لاَ يَحْمِلُ مَلامِحنَا وَلاَ دَمَنَا وَلاَ حَتَى .. هَمْسَنَا هَذَا الِمَسَاءْ .. هَلْ سَأَبْكِيْكَ يَا وَطَنِي .. وَأَنَا الْغَائِبُ الْحَاضِرُ ، الْعَازِفُ عَلَى أَوْتَارِ التُّعَسَاءْ ؟!!
أَضَمِّدُ جِرَاحِيَ مِنْ تُرَابِكَ الْفَائِرِ وَأَقْرَأُ دُمُوُعَكَ عَلَى أَكْمَامِ الْورُوُدِ كُلَّ صَبَاحٍ ، صَلاَةَ اِنْعِتَاقٍ لِقَطَرَاتِ النَّدَىَ لِلْمَوَاكِب الرَّاحِلَةِ لِلْمَرَاكِب الْمُسَافِرَةِ دُونَ شِرَاعٍ لِحُلُمِ الطُّفُولَةِ الْغَارِقُ فِي الأَعْمَاقِ ... لَوْ ضَمَمْتُ حَفْنَةً مِنْ تُرَابِكَ ذَاتَ مَسَاءٍ سَأَعْرِفُ طَريْقَ الْعَوْدَةِ إلَيْكَ ذَاتَ لِقَاءْ!!
وَاقِعُنَا سِفْرٌ مُحَمَّلٌ بِالأَحْزَانِ وَالْوَطَنُ صَارَ مَهْزَلَةً وَخِوَاءْ ، مُنْذُ وِلاَدَتِي وَأَنَا عَاشِقٌ لِلْغُرُوبِ أَحُبُّ الْبَحْرَ وَالْلَّيْلَ وَالْمَطَرْ ، يَرْتَادَنِي الرَّحِيْلُ مَسَاءً وَتَفْرُدُنِي أَشْرَعَةُ الْفُرَاقِ وَلاَ تَتَوَقَّفُ سَفِيْنَتِي إلاَّ عَلَىَ مَرَافِئِ الْخَيْبَةِ وَالرَّجَاءْ !! لِمَاذَا ؟ لأَنَّ الْهَويَّةَ مُسْتَبَاحَةً وَالْوَطَنَ نَسِيْجَ عَنْكَبُوت عَلَىَ نَوَافِذِي الْقَدِيْمَةِ ، يَسْتَوْطِنُ الذَّاكِرَةَ كَرَائِحَةِ الْبَحْرِ فِي عَكَّا كَأَسْوَارِهَا كَأَسْوَاقِهَا الْقَدِيْمَةِ لَكِنَّهَا مَسْلُوبَةَ الْعَزِيْمَةِ فِي الأَسْرِ حَزِيْنَة .. فَرْحَتِي تَمُوتُ عَلَىَ أَرْصِفَةِ الْوُعُودِ وَمَوَانِئِ الْغُرْبَةِ لاَ تَزِيْدُنِي سُوَىَ شِحُوبٍ وَصَمْتٍ كَئِيْبٍ !! الْمُحِيْطُ يَسْكُنُنِي وَكُلُّ الْبِحَارِ تَقُودُ ضَيَاعِي ... وَيَبْقَىَ النَّوْرَسُ الْقَابِعُ خَلْفَ الرُّؤَى يَنْتَظِرُ الرَّحِيْلَ ، يَحْلُمُ بِالْبُعْدِ وَالْوحْدةِ وَحُلْمُهُ بِالرَّفْرَفَةِ يُعَانِقُ الْخَيَالَ يَخْفُقُ ‏وَلاَ يَتَحَقَّقُ فَيَذْوي عَلَىَ شَوَاطِئِ الْعَذَابْ !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب


.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في