الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية بين الهدف والوسيلة

ابراهيم المشهداني

2011 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


عندما ظهرت الديمقراطية في اليونان كمفهوم لنظام الحكم باعتبارها حكم الشعب حينها اضطرم الجدل بين الفلاسفة والكتاب فبعضهم ذهب الى انها تعني العدالة الاجتماعية وقد حصر هؤلاء في الزاوية الضيقة ازاء رؤية البعض الاخر التي اقتصرت عند حدود البرلمان الذي يهيمن عليه النبلاء والارستقراطيون وعذرهم انذاك انها كانت مجرد فكرة ظهرت في علوم الفلسفة والادب ولم تكن شائعة كنظام للحكم كما هو حالها اليوم فلم تبنى على تراكم الخبرة التاريخية ومن هنا كانت سلاحا بيد الطبقات الارستقراطية العليا في المجتمع التي تمتلك مقاليد الاقتصاد والسلطة حيث الصراع في تلك الفترة كان بين العبيد وملاكيهم .
بيد اننا اليوم عندما نتحد ث عن الديمقراطية فاننا لانتظر إليها كمفهوم عائم كما كان في الماضي البعيد وإنما وقائع وتجارب حقيقية متراكمة كنظام للحكم في كثير من دول العالم التي ابحرت في عالمها كان العنوان في كل تلك الدول الانسان اثمن راسمال تتسع حقوقه لتحتل العشرات بل المئات من دساتير تلك الدول وفي المقدمة منها حقه في الحياة والتمتع بالحرية بكل ابعادها من حرية التعبيروادواتها وتجلياتها صعودا الى حرية انتقاد النظام القائم عندما يظهر في عالمه اي شكل من اشكال القهر وتقييد حركته الطبيعية من اجل تلبية رغباته في عيش مرفه وامن وسلام واي شكل من اشكال التهديد بتعريض حياته للخطر في الاكل والشرب والعمل والبيئة واي اخلال في الضمانات الاجتماعية التي توفرت كمكاسب ثابتة في ظل النظم الديمقراطية .
ولم يفهم من هذه التطبيقات ان الديمقراطية هي مجرد وسيلة للقفز الى مراكز القرار والفرق كبير بين الديمقراطية كنظام للحكم تسندها مؤسسات دستورية راسخة وبين الديمقراطية كهرم مقلوب ففي الحالة الاولى ظهرت الديمقراطية عبر تقدم مضطرد في حركة التنوير على مختلف مدارسها الفكرية والسياسية عبر قرون من الصراع إما بالمفهوم التجريدي كوسيلة للحكم فانها نشات في اجواء الظلم والاستبداد وغياب الوعي وانتشار الجهل واحتكار الحقيقة واقصاء الاخر . كما ان في حالتها الاولى كطائر يحلق في السماء أنها ثمرة بناء ساهمت في تشييده كذلك أجهزة تنفيذية على درجة من الوعي والتدريب والتهذيب لا تفرق بين الاسود والابيض او الاحمر والاخضر اجهزة نات بنفسها عن اللصوصية والخداع وفهمت من الديمقراطية جوهرها وليس شكلها طائعة عن وعي لكل القرارات التي تصب لخير الانسان ليس للعاطفة مكان في ممارستها اليومية مؤمنة بمباديء الديمقراطية وليس الياتها فحسب كما يريدها بعض حكام البلدان المتخلفة المدفوعة بمصلحها الخاصة وشهوتها العارمة للحكم كهدف وليس وسيلة .
وفي بلادنا وردت ألينا الديمقراطية وللأسف في علب مغلفة ومسلفنة لم تخضع لاجراءات التقييس والسيطرة النوعية لانها لم تاتي عبر قنواتها الطبيعية عبرة ثورة جماهيرية مما حملها ألينا تاريخ الإنسانية وإنما من خلال آليات مسرفة وحين تم تم تفكيك رموزها ، وجدت مرسومة على خارطة ثلاثية الإبعاد طائفية واثنيه وجهوية لا تتلاءم مع تضحيات شعبنا على مذبح مقاومة النظم الديكتاتورية واجزتها القمعية بل تتغذى على مغذيات من دول خارجية من اجل ان تبقى ميتة سريريا وبدلا من ان تكون علاجا لامراضنا تحولنا نحن الى دواء لمعالجتها وهذا يذكرنا بقول لوزير الاعلام الصدامي ان الديمقراطية في نظامه هي افضل ديمقراطية في العالم وكان صادق القول فيما زعم لان اساليب القمع ليس لها مثيل في اية دولة من دول العالم شرقها وغربها .ولعل حالتنا اليوم تذكرنا برواية طريق الحرية لهوارد فاست هذا الزنجي الامريكي الذي عندما كتب روايته اراد ان يذكرنا بماساة سبارتاكوس التي تمثل تراجيديا الالم عندما تنتهي البطولة والاقدام وشغف الحرية الى ماساة في اول دولة تشهد حياة برلمانية . لقد كان برلمانا ولكنه في ذات الوقت كان منبرا للعبودية والظلم وحفارا لقبر روما القديمة عندما كان الصراع في داخله يدور حول قضية محورية مضمونها هل الملائكة ذكور ام اناث وفيما كان الجدل يدور واذا بجيش الاعداء يداهم البرلمان وينهي اخر واهم مؤسسات روما القديمة . يبدو إن التاريخ يعيد نفسه في عالمنا ولو باشكال مختلفة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -