الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصبحون على وطن!.. النط.. والنطوطة!!

كمال مراد

2004 / 11 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


جاء في الحكايات الهندية القديمة:
كان نهر الغانج يفيض سنوياً.. ويأخذ معه في فيضانه القرى المحيطة به.. ولا يستثني السكان والماشية...
ولهذا السبب، يجتمع سنوياً بعد الفيضان (فلاسفة نهر الغانج) ليتعرفوا على سبب هذا الفيضان الكارثي...
ويدور النقاش: هل النهر هو الذي يفيض.. أم أننا نتصور أنه يفيض؟!.. هل الفيضان واقع ملموس... أم أنه مجرد تخيل ذهني؟؟!!..
ويطول النقاش ويطول.. دون الوصول إلى نتيجة متفق عليها...
وهكذا،.. سنة بعد أخرى: النهر يفيض.. والفلاسفة يتناقشون... دون الوصول إلى رأي مشترك لمواجهة هذا الفيضان...
وفي ليلة ليلاء (ما فيها ضو قمر).. فاض النهر.. وأخذ معه فلاسفة نهر الغانج والعديد من القرى والمواشي...
وجاء في التاريخ القريب:
كانت الجيوش العثمانية على أبواب مدينة القسطنطينية (العاصمة الشرقية للإمبراطورية الرومانية) تهدد باجتياحها... بينما كان جهابذة اللاهوت يتناقشون فيما بينهم نقاشات بيزنطية عن طبيعة السيد المسيح: هل هي لاهوتية أم ناسوتية؟!..
اجتاحت جحافل الجيوش العثمانية المدينة واحتلوها.. فنقل رجال اللاهوت مواقعهم إلى روما لاستكمال النقاش!!...
كان لفلاسفة ومفكري نهر الغانج باع طويل في الدراسات التاريخية والفلسفية.. ومع ذلك لم تشفع لهم هذه المعرفة عند النهر.. ورجالات الكهنوت لم تنفعهم مواعظهم.. ومازالوا منقسمين.. يطلقون المواعظ.. وجحافل الموت الشامل ترسم بالدماء خارطة العالم الجديد...
تحضرني هذه الحكايا عند كل اجتماع موسع أحضره... وبالأخص عند حضور الندوات التي يشارك فيها جهابذة الفكر والسياسة في بلدنا...
في ندوتي الوطن الأولى والثانية، أكد الجميع ضرورة الحوار الديمقراطي بين مختلف الطيف السياسي والثقافي السوري.. وأكدت اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين أنها لا تريد أن تحتكر الدعوة للندوة... وأكد ممثلو البعث أن لغة الحوار كما استخدمت هي لغة تستحق الاحترام والتقدير وتنم عن رغبة حقيقية بالحوار.. وأكد رئيس اتحاد الصحفيين على ضرورة الشفافية بين جميع القوى.. مضيفاً: هناك تساؤل في الشارع ما الجديد الذي يمكن أن يقال في هذه الملتقيات؟؟!!..
وأسال: عن أي شارع يتحدث طالما لم تصل أخبار تلك الملتقيات للشارع؟!.. ومن يملك مفتاح النشر ؟؟!!..
فرغم حضور بعض رؤساء تحرير الصحف المحلية ورئيس اتحاد الصحفيين، انفردت صحيفة الثورة بإيراد خبر مبستر عن الندوة دون أي إشارة للجهة الداعية وللنقاشات الهامة التي دارت بها.. وكأنها ندوة أشباح خارج قوانين الزمن..
وفي الحديث عن قوانين الزمن:
طالعتنا الصحف المحلية بخبر تحت عنوان: «إقرار المادة 137 بأغلبية الأصوات»، وهي المادة التعسفية نفسها التي كان رقمها (138)، ونفسها حرفياً التي كان رقمها (85) عندما وضعها حسني الزعيم.. والتي تجيز صرف العامل من الخدمة بقرار من رئيس مجلس الوزراء دون ذكر سبب هذا الصرف... (وهي المادة نفسها التي أول ما سُرّح عليها كاتب هذه الكلمات عندما أخذت الرقم (138) دون أن يكون فاسداً أو مفسداً.. بل كان يوزع صحيفة أحد أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية...
والمؤسف أن هذا الإقرار جاء من أعلى سلطة تشريعية في البلاد وهي مجلس الشعب!!.. وجاء هذا الإقرار على الرغم من رفضها جملة وتفصيلاً من القوى والأحزاب والنقابات في سورية... وجاء ذلك (كما أوردت الصحف) بذريعة: «دعم ومؤازرة محاولة السلطة التنفيذية إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح ومكافحة الفساد.. ولأنها تدخل في إطار الممارسة المسؤولة لقيادة العمل الإداري في الدولة»!!!.. فأين القوانين العادية وقانون العقوبات الإقتصادي من ذلك.. وهل جريمة الفساد دون عقاب في القوانين النافذة، كي يضعها (المشرع) تحت اسم (تسريح دون ذكر سبب).. وأي ممارسة مسؤولة هذه التي يتحدثون عنها؟؟!!..
الجميع يتحدث عن التطوير والتحديث وعن الديمقراطية.. وعلى أرض الواقع نرى ما يخالف هذا الطرح..
إذا كانت جميع القوى والأحزاب والنقابات مع دمقرطة المجتمع وشفافية الحوار.. ألا يحق السؤال عن الجهة الخفية التي تمنع هذه الدمقرطة والشفافية.. وهل هي مجهولة؟؟!!..
في المثل العامي:
«قالوا الجندي نَط الحيط... هذا الجندي وهذا الحيط»!!..
والفرق كبير بين النط والنطوطة!!..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح