الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر وايران يد واحدة

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)

2011 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


سعدنا جدآ بزيارة وفد الدبلوماسية الشعبية المصرية الى ايران وما تمخضت عنها هذه الزيارة واللقاءات من نداءات كريمة ومتواصلة من الحكومة الايرانية لشقيقتها المصرية بضرورة اعادة فتح العلاقات مع مصر على كافة المستويات واقرار المسؤولين الايرانيين بضرورة تغيرر اسم الشارع الشهير في طهران الذي يحمل اسم قاتل الرئيس الأسبق السادات الى شارع شهداء 25 يناير وغير ذلك من لقاءات ودية وعظيمة جمعت الأشقاءالمصريين والايرانيين بعد سنين طويلة من القطيعة والغياب بفعل النظام السابق وحلفاءه من حكام الخليج والغربيين .

لن أشعر كمصري وكغيري من المصريين الذين شاركوا في الثورة بأن ثورتنا نجحت في المجال الخارجي وأن مصر أضحت مستقلة عن الضغوط الأمريكية والخليجية ، وأنها أصبحت قادرة على أن تكون مستقلة وتلعب دورآ فاعلآ في السياستين الاقليمية والدولية الا بعد أن تعود علاقاتنا مع ايران الى أفضل ما يكون وأن نؤسس مع كل من ايران وتركيا وماليزيا وأندونيسيا وباكستان محورآ قويآ ترتكز عليه نهضة الأمة الاسلامية ، ومواجهة تيارات الوهابية والتطرف الديني التي أضحت تنتشر في أوساط الشعوب الاسلامية مدفوعة بأموال الخليج الوهابي الذي يكرس عبادة الحاكم وعدم الخروج على الملك العضوض مهما بلغ ظلمه وفجوره .

ان كانت القيادة المصرية جادة في سعيها الى استعادة دور مصر الاقليمي بل وبناء دور جديد بمعايير دولية متميزة وقوية فانها بحاجة الى أن تستقل عن الضغوط الخليجية والأمريكية والاسرائيلية ، وتعمل على تأسيس مصالح مصرية أساسية وقوية قائمة على أن مصر دولة مؤثرة وفاعلة لا ضعيفة وتابعة ، وتنتظر الاملاءات من هنا وهناك ، فهذه هي مواصفات الدول القوية والمؤثرة على الصعيدين الاقليمي والعالمي ، والتي ينتظر الجميع قراراتها ويتابعون مواقفها ويترقبون سياساتها ، وليس كما هو الحال اليوم مجرد دولة تتبع هذا وتسير وراء ذاك .

ان مصر الثورة اليوم يجب أن تكون متحررة من اعتبارات الخنوع والهوان التي فرضها نظام مبارك عليها ، والتي لجأ اليها وفرضها على مصر وقزمها من أجل امرار سيناريو التوريث واخفاء الاموال المنهوبة أو الحصول على المزيد من الهدايا والمعونات والمساعدات التي كان كثيرآ منها يذهب الى الحسابات الخاصة بمبارك وأسرته ، واطلاق يديه في مواجهة معارضيه الحقيقيين ومتجاوزي الخطوط الحمر وما أكثرها لدرجة أن كان يخيل لنا أن اللون الأحمر قد شارف على النفاذ من كثرة استخدامه .

ان مصر قوية ومستقلة وتحت حكم ديموقراطي رشيد وذكي والأهم شريف ومحترم لا تحكمه عقلية اللصوص والأفاقين ومحتكري الثروات والسلطات ، هي مصر التي سيعمل الجميع لها كل حساب وسيلهث الجميع الى التعاون معها والتفاهم لا المعاداة ولا قطع للعلاقات لأنهم ساعتها سيكونوا هم الخاسرون ، فنظام للحكم ديموقراطي حر ينتخب من شعبه بكل نزاهة وشفافية ليس بحاجة الى امريكا ولا أية قوى غربية لتحميه وهي حتى لم تستطع أن تحمي مبارك عميلها وخادمها الأكبر ، وان نظامآ للحكم لا يتولاه حفنة من اللصوص وناهبي المال العام كما كان الحال في عصر مبارك يعني أن مصر ستتوافر على أموال هائلة (يمكن معرفة حجمها بالنظر الى حسابات وممتلكات اللصوص الكبار في عهد النظام البائد) ، وبالتالي فان مصر ساعتها ستكون مستقلة عن أية ضغوط خليجية تمارس عليها في سبيل تقديم المعونات والمساعدات .

بل ان الاستثمارات الخليجية في مصر لا يحكمها الا اعتبارات الربح والخسارة وما كانوا ليأتوا الى مصر الا بتيقنهم ومشاهدتهم لكم الأرباح الهائلة التي يحققها نظرائهم الخليجيون الذي يستثمرون في مصر في عالم المقاولات والمراكز التجارية والفنادق بالأساس ، وهي استغلال لمقومات طبيعية تملتكها مصر في الناحيتين الديموغرافية والسياحية وقناة السويس والقرب الجغرافي من الخليج ولا تمتلكها دول الخليج نفسها ولا كثير من الدول الأخرى ، اذآ فالمسألة ليست منة ولا اعتبارت الاخوة وما الى ذلم من شعارات براقة فلو لم يكونوا ليحققوا أرباح مهولة في مصر لما جاءوا اليها ، وان لم يجيئوا هم لجاء غيرهم .

خاصة وأن مصر الثورة من المفترض أن تتجه بعلاقاتها صوب عالم أرحب وأكبر مما كانت تصبوا اليه الى عالم يتجاوز النظروة الجغرافية الضيقة المتمثلة في العالم العربي الى العالم الاسلامي والأفريقي واللاتيني في مد جسور التعاون والتنسيق الدولي ، الى عالم يتجاوز النظرة الاستراتيجية المحدودة في القاء كرات اللعب كلها في يد أوروبا وامريكا الى عالم يسوده التعاون لا الاملاء وعلاقات الندية لا التبعية مع القوى البازغة الجديدة في كل مكان في العالم وتغيير قواعد اللعبة السياسية والاستراتيجية في العلاقات مع القوى القديمة التقليدية .

ان بناء علاقات تعاون استراتيجي مع كل من تركيا وايران بغية تأسيس بنية صناعية وتكنولوجية وسوقية مشتركة سيؤدي لا بضرورة بل بطبيعة الحال الى بزوغ قوى عالمية جديدة تكون مصر جزءً منها ، واحداث تطرو قوي وملموس في مجالات العلم والتكنولوجيا والبحوث والمشاريع الاقتصادية الكبرى المشتركة ، وهو بالطبع ما يدفع مصر وهذه الدول الى تبني مواقف دولية جديدة تكرس مصالحها وتعظم طموحاتها بعيدآ عن مجال رد الفعل والقصور السياسي والفشل الاستراتيجي والذي ظهر جليآ في ملف مياه النيل المورد المائي وشريان الحياة الوحيد لمصر .

وبالتالي فان مصر الثورة يجب أن تتجه لبناء أطر قيمية وسياسية جديدة حاكمة لتحركاتها الاقليمية والدولية قائمة على الاستقلال الحقيقي لا الشعاري أو المجاملي التجميلي ، وقائمة على الفعل لا رد الفعل ، قائمة على بناء مصر قوية ومتينة اقتصاديآ ومعرفيآ وعلميآ ، وبالتالي مصر مطمحة للاستثمارات لا فقط طامحة فيها ، وهو بالتالي ما ينعكس على رفاهية وتقدم الشعب المصري بعد سنين العذاب والحرمان ، وبالطبع فان ذلك لا يتحقق الا في ظل نظام اقتصادي قائم على تشريعات وقوانين جديدة تعمل على وضع حد أدنى مناسب و حقيقي للأجر ، وبناء نظام سليم للدفاع عن حقوق العمال ، ووضع نظام فاعل وباتر وقوي للضرائب التصاعدية وذلك بترآ للجشع والاستغلال المتواجدون عند أغلب التجار ورجال الأعمال ، والقضاء التام على الاحتكار والممارسات الاحتكارية وغير ذلك من القوانين والتشريعات والأنظمة التي تحتاجها أية دولة تحترم شعبها وتريد أن تكون دول ناجحة .

وكفى ترديدآ متخلفآ لمقولات ان العلاقات مع ايران تعني مد شيعي في مصر ، وهي تلك المقولات والحجج التي يسوقها الخليجيون واتباعهم الوهابيون في مصر ، منذ متى ومصر في انتظار من يحدد لها هويتها ، منذ متى والشعب المصري (أحد أعرق شعوب العالم) بحاجة الى وصاية وهابية عليه تعلمه وتفهمه ما هو الصالح له وما هو الطالح عليه ، واذا كانت هذه هي الحجة المساقة فلابد اذآ من اثارة التساؤل التالي ولو كان الأمر كذلك ... فكيف ولما اذآ تلك العلاقات التي تقيمها مصر ودول الخليج مع الغربيين والاسرائيليين والصينيين والروس واليابانيين وغيرهم من أتباع الديانات والمذاهب المختلفة .

لا يجب أبدآ الوقوف أو ايلاء أدنى اهتمام للمقولات الخليجية فيما يتعلق بالخطر الايراني والمد الشيعي ، فهؤلاء الحكام الخليجيون لا يهمهم في كل هذه الدنيا الا الحفاظ على عروشهم وينحصر تفكيرهم في تكنيز مزيد من الثروات بعد أن احتكروا السلطات في بلادهم ، واستطاعوا من خلال منهجهم الوهابي او ما يعرف بالمنهج السلفي من خداع الناس منذ القرون الأولى للاسلام وافهامهم أن الخروج على الحاكم مهما كان ظالمآ لهو الكفر عينه .

واخترعوا منذ مئات السنين وبالتعاون مع رجال دينهم في سبيل ذلك عشرات الاحاديث ونسبوها الى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم التي تحمل نفس المعنى أو اتجهوا الى اخراج بعضها من سياقها أو اقرار التفسيرات الدينية لكتاب الله التي تقرهم على ما يفعلون ، مثل تلك العقليات التي تعيش في الماضوية ويعتبرونها السلف الصالح أو حتى يقصرون الصلاح على السلف ووجوبية استنساخه ، وكأن الصلاح والفلاح عصي على الابداع والتجديد والتطور ، مثل تلك الأنظمة يكون التماهي والتجاوب معها وانتظارها لفيه من مضيعة الوقت والفكر والجهد والعمل ما يؤدي بنا الى مزيد من الانحدار والتخلف ، بل والمفارقة أن دول الخليج استطاعت تحقيق تطور ملموس في حياة ورغد شعوبها مدفوعة طبعآ بأموال النفط لا أموال العلم والتكنولوجيا في حين لم نستورد منهم الا النقاب والجلابيب والدين البدوي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات بحث وسط الضباب.. إليكم ما نعرفه حتى الآن عن تحطم مروح


.. استنفار في إيران بحثا عن رئيسي.. حياة الرئيس ووزير الخارجية




.. جهود أميركية لاتمام تطبيع السعودية وإسرائيل في إطار اتفاق اس


.. التلفزيون الإيراني: سقوط طائرة الرئيس الإيراني ناجم عن سوء ا




.. الباحث في مركز الإمارات للسياسات محمد زغول: إيران تواجه أزمة