الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحراك السياسي بين تغيير مفهوم السلطة ونقل السلطة.

اسماعيل اخشيوش

2011 / 6 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


مما لا شك فيه أن الكل يأمل في التغيير ، وإن ربيع الشعوب العربية لدليل على هذا الأمل. لكن السؤال المطروح ما عمق هذا التغيير الذي نأمله ونناشده ؟ هل هو تغيير في العمق وتغيير جدري يحررنا من أسطورة سيزيف أم مجرد تغيير سطحي، لنجد أنفسنا مرة أخرى نطالب بالتغيير؟
عندما نتحدث عن السياسة أو الحراك السياسي ،فإن مفهوم السلطة يظهر كمفهوم أساسي ومحوري ليختفي من ورائه المفهوم الأول السياسة.إن مفهوم السلطة غالبا ما يعرف على النحو الآتي " قوة مادية أو معنوية يمارسها البعض على البعض الآخر بهدف إجبارهم على القيام بأفعال ليست من اختيار إراداتهم".إن هذا التعريف هو ما يعرف في الأدبيات الفلسفية بالتعريف التقليدي - الكلاسيكي.
يتبين من خلال هذا التعريف أن السلطة في البلدان العربية لا زالت تمارس وفق هذا التعريف، لكن مفهوم السلطة تغير وتطور عبر التاريخ ولم تعد السلطة تعني القوة. فالسؤال المطروح هنا هل الحراك السياسي الذي تعرفه البلدان العربية قادر على نقل السلطة من معناها التقليدي إلى المعنى الجديد؟ هل الحراك السياسي سيساهم في تغيير مفهوم السلطة أم سيساهم فقط في نقل السلطة من حزب إلى حزب آخر ومن شخص إلى شخص آخر ؟ هل نحن في حاجة إلى تغيير في مفهوم السلطة أم نحن في حاجة إلى نقل السلطة؟ ألا يحتاج تغيير مفهوم السلطة إلى تغيير في مصادرها وأدوات ممارستها؟
إن ممارسة السلطة لا تتم إلا من خلال مجموعة من الآليات و الأدوات ، وعند البحث في هذه الوسائل عبر التاريخ نجد أن السلطة ارتبطت في البداية بالعنف ثم بالثروة - المال وأخيرا بالمعرفة . في البداية كان من يمتلك القوة يمتلك السلطة ثم حدث تغيير فأصبحت السلطة مرتبطة بالثروة ، أي من يمتلك الثروة يمتلك السلطة كما كان الأمر في العصر الإقطاعي، وهذا ما نجده اليوم في المجتمعات العربية حيث السلطة مرتبطة بالمال و الثروة - مثال الديكتاتور بن علي -حسني مبارك.....- أما الأداة الثالثة و الأخيرة هي المعرفة ، فالسلطة الآن في الدول المتقدمة أصبحت مرتبطة بالمعرفة - مجتمعات المعرفة - الذي يمتلك المعرفة يمتلك السلطة.
يتبين أن هناك فرق بين التغيير في مفهوم السلطة ونقل السلطة. إن التغيير في مفهوم السلطة ينبغي أن يحدث في تلك العلاقات الخفية بين السلطة وأدوات ممارستها.
إن العنف و الثروة و المعرفة هي أهم أدوات ممارسة السلطة ، وإن كانت ليس هي الأدوات الوحيدة ، فهناك أدوات أخرى تمارس من خلالها السلطة كالأجهزة الإيديولوجية كما عبر عن ذلك الفيلسوف الفرنسي - الماركسي - لوي ألتوسير. فهذا الثالوث هو الذي يشكل مصدر السلطة. إذن فإلى أي حد ما يمكن للحراك السياسي في البلدان العربية أن يحدث تغييرا في علاقة السلطة بأدواتها؟ هل سيكون الحراك السياسي قادرا على زعزعة وخلخلة هذه العلاقة ؟هل بإمكان المجتمعات العربية أن تصبح مجتمعات المعرفة من خلال هذا الحراك؟
أعتقد أن الحراك السياسي على الأقل في الوقت الراهن عاجز عن خلخلة وزعزعة علاقة السلطة بأداتها الثانية وهو الثروة ، وإن كان قد كسر الأداة الأولى وهي العنف المرتبط بالقهر و التخويف.فحتى الثورتين التونسية و المصرية لم تستطيعا إلى حد الآن الانتقال بالسلطة من المعنى التقليدي إلى المعنى الجديد ، فعلا تم إسقاط الأنظمة ، لكن هذا لا يعني تحويل في السلطة.فالحراك السياسي سيساهم في نقل السلطة من حزب إلى حزب آخر و من أشخاص إلى أشخاص آخرين، وهذا التحول لا يعني تحول من سيئ إلى حسن ،بل قد يكون تحولا مصحوبا ومحملا بأورام وألغام. فالبلدان العربية ليست في حاجة إلى نقل السلطة من حزب إلى آخر بل نحن في حاجة إلى تغيير جذري في مفهوم السلطة ، لتصبح السلطة ليست قوة يمتلكها البعض دون البعض الآخر ، ولتصبح السلطة محايثة وليست متعالية كما عبر عن هذا ميشال فوكو.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا