الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة مصر الخارجية

اسلام احمد

2011 / 6 / 8
السياسة والعلاقات الدولية


سعدت للغاية بخبر تعيين الدكتور نبيل العربي وزيرا لخارجية مصر في حكومة الدكتور عصام شرف وان كان القرار قد جاء متأخرا للغاية اذ ظل الوزير السابق احمد أبو الغيط قائما حتى بعد قيام الثورة دون سبب واضح رغم أنه يعد أسوأ وزير خارجية في تاريخ مصر على الإطلاق اذ تسبب في كوارث أضرت بمصالح مصر الوطنية! , الواقع أن دور مصر الخارجي قد شهد تراجعا كبيرا في ظل عصر مبارك , وأزعم انه بدأ في الانحسار منذ أن وقعت مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل في عام 1979م بقرار منفرد من الرئيس السادات لتشهد مصر قطيعة مع محيطها العربي والإقليمي وفي المقابل فقد ارتمت مصر في أحضان الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل! , وفي عصر مبارك كاد دور مصر الخارجي يتلاشي تماما , في ظل غياب الرؤية الاستراتيجية وخاصة في عهد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط خلال السنوات العشر الأخيرة وهي السنوات التى ظهر فيها مشروع توريث الحكم ذلك أن نظام مبارك أراد تمرير مشروع التوريث بأي ثمن وفي سعيه لتمريره ولأن مشروع التوريث يحظى برفض شعبي تام فقد كان بحاجة الى مساندة كل من الولايات المتحدة وإسرائيل , الأمر الذى أدركته كلتا الدولتين بسهولة ومن ثم فلم تترددا في ممارسة كافة أنواع الابتزاز السياسي تجاه مصر! , في سياق كهذا فقد كان من الطبيعي أن يتراجع دور مصر الخارجي تجاه العالم العربي والإسلامي وأن ينحصر دورها في الملف الفلسطيني بالرؤية الإسرائيلية وذلك وفق مخطط غربي سيقت مصر إليه! , ولأن مصر أكبر دولة عربية في المنطقة فقد كان من الطبيعي أن يخلف تراجعها فراغا كبيرا مما أدى الى تمدد كل من تركيا وإيران لملأه على حساب مصر! , ومن هنا فقد كانت هاتان الدولتان فاعلتين في كثير من ملفات المنطقة! , كما أدى تلاشى دور مصر تجاه القارة الأفريقية وخاصة بعد محاولة اغتيال الرئيس مبارك في أديس بابا 1995م إلى ترك الساحة خالية لإسرائيل فقامت بالتآمر مع دول حوض النيل لضرب مصر في شريان حياتها حيث قامت دول منابع النيل السبعة بالتوقيع على اتفاقية إطارية فى 14 مايو/ايار 2010 باوغندا لتقاسم مياه نهر النيل بعيدا عن مصر!

لم يتوقف حجم الكوارث عند هذا الحد بل لقد حدث خلل في رؤية مصر الاستراتيجية الى الحد الذي مس الثوابت الوطنية وفي مقدمتها موقفها من الصراع العربي الإسرائيلي! اذ انحازت مصر الى جانب إسرائيل في صراعها ضد المقاومة الفلسطينية وانضمت بذلك الى معسكر ُأطلق عليه معسكر الاعتدال! , ومن ثم فقد ساهمت مصر مبارك في القضاء على المقاومة الفلسطينية بحصار غزة وتجويع الشعب الفلسطيني! , ومن ناحية أخرى فقد انحازت مصر الى جانب حركة فتح ضد حركة حماس وتعاملت مع ملف المصالحة الفلسطينية بشكل أمنى وليس سياسي فارضة املاءاتها على حماس وبالتالي فقد تعطل ملف المصالحة الفلسطينية! , الأمر الذى انعكس بدوره على القضية الفلسطينية اذ وصلت التسوية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية إلى طريق مسدود!

كما انقطعت علاقة مصر مع إيران بل وجرى الترويج الى أكذوبة أن ايران تمثل الخطر الأكبر في المنطقة ومن ثم التهديد الأخطر لأمن مصر القومي , في مخالفة صارخة لحقائق الجغرافيا والتاريخ , اذ بديهي أن إسرائيل هي التهديد الاستراتيجي لمصر والعالم العربي في المنطقة! , وبالتالي فقد صنفت إيران وحزب الله على أنهما عدوان لمصر بينما في واقع الأمر فلم يكن ثمة أسباب موضوعية للعداوة! , والأدهى من ذلك أن انقطعت العلاقات بين مصر وسوريا التى كانت يوما ما دولة متحدة مع مصر لأسباب شخصية غير موضوعية! , بل لقد صارت العلاقات بين القاهرة وتل أبيب أوثق من نظيرتها بين القاهرة ودمشق!

وبسقوط نظام مبارك فقد انتهت أسباب تراجع الدور المصري وبالتالى فما أن تم تعيين الدكتور نبيل العربي وزيرا للخارجية حتى شهدت سياسة مصر الخارجية تغيرا جذريا اذ تم إنهاء ملف المصالحة الفلسطينية بعد أن وقعت حركتا فتح وحماس على الورقة المصرية كما أعلنت مصر فتح معبر رفح من جانبها بشكل دائم والسماح من ثم للفلسطينيين بالعبور, فضلا عن أن الدكتور نبيل العربي أعلن استعداد مصر لتطبيع علاقتها مع إيران ورفع مستوى التمثيل الدبلوماسي الى المستوى الرسمي بتبادل السفراء , وهو ما تم استقباله بحفاوة لدى ايران وعلى الجانب الاخر فقد أثار حفيظة إسرائيل اذ أعلنت أن مصر بصدد التحلل من التزاماتها الموقعة عليها بموجب معاهدة السلام! , بينما في الحقيقة أن مصر لم تتحلل يوما من التزاماتها تجاه اتفاقيه السلام مع إسرائيل اذ لا ينص الاتفاق على قطع علاقة مصر مع ايران ومعاداة حماس وحزب الله! كما لا ينص على تصدير الغاز المصري لإسرائيل بسعر بخس!

كما تمكنت الدبلوماسية الشعبية من تحقيق ما لم يستطع نظام مبارك أن يحققه اذ قام وفد مصري شعبي بزيارة كل من أثيوبيا وأوغندا وتمكن من الحصول على وعد من الدولتين بعدم الإضرار بحقوق ومصالح مصر بل لقد أكد الرئيس الأوغندى أنه سيسعى جاهدا إلى استصدار قرار جماعي من قادة دول حوض النيل لوقف تنفيذ الاتفاقية الإطارية، مؤكدا أهمية أن تكون مصر شريكة فى أى اتفاق يتعلق بحوض نهر النيل

وكما سعدت بمجئ الدكتور نبيل العربي الى وزارة الخارجية فقد حزنت أشد الحزن لأنه سيترك المنصب بعد أن تم اختياره ليكون أمينا عاما للجامعة العربية خلفا للسيد عمرو موسى! ,وذلك بعد الضجة التى أثيرت على الساحة المصرية والعربية اثر إصرار مصر على ترشيح الدكتور مصطفي الفقي للمنصب رغم أنه محسوب على النظام القديم ولا يحظى بأي قبول مصري أو عربي! فضلا عن رفض بعض الدول العربية وفي مقدمتها قطر أن يكون المنصب حكرا على مصر!, وقد تنوعت اراء المحللين حول قرار تعيين الدكتور نبيل العربي للمنصب خاصة أنه جاء بشكل مفاجئ حتى لنبيل العربي شخصيا! , وقي تقديري أن الولايات المتحدة وإسرائيل لا ترغبان في الدكتور نبيل العربي كوزير لخارجية مصر اذ يعد بمثابة خصم شرس لإسرائيل لاسيما بعد الضربة القاصمة التى وجهها لها اثر انهاء ملف المصالحة الفلسطينية , ومن ثم فقد ضغطتا على مصر لإبعاده من المنصب , ولما جاء اجتماع وزراء الخارجية العرب ومع انعدام البدائل بالنسبة لمصر ومعارضة قطر فقد كان لا مفر من سحب ترشيح الدكتور مصطفي الفقي وفي المقابل سحب قطر لمرشحها ومن ثم اختيار نبيل العربي بالإجماع لتولي المنصب! , وهي لا شك خسارة كبرى للخارجية المصرية , غير أن مصر مليئة بالكفاءات ممن يصلحون لتولى المنصب خلفا للعربي وفي مقدمتهم السفير نبيل فهمي الذى كان سفيرا سابقا لمصر في واشنطون

كنت قد كتبت مقالا بعنوان (هل انتهى الدور المصري لصالح تركيا؟) , وذكرت أن التجربة التركية من الممكن أن تكون ملهمة لمصر وهي تجربة قامت على ثلاث محاور رئيسية , الأول الإصلاح الداخلي (الديمقراطية) , الثاني امتلاك الإرادة السياسية المستقلة , الثالث تبنى رؤية استراتيجية واضحة وذلك مع الانفتاح على الغرب الأوروبي والشرق الإسلامي على السواء فضلا عن تصفية المشكلات مع جيرانها في محيطها الإقليمي , ومن ثم فقد تمكنت تركيا من تعظيم دورها الإقليمي والدولي حتى أصبحت قوة ذات شأن في المنطقة , أتمنى أن تحذو مصر فيما بعد الثورة حذو تركيا , مع التأكيد على أن العلاقات الدولية خاصة بين الدول الكبرى قائمة في الأساس على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل وهو ما يجب أن يحكم علاقة مصر مع القوى المؤثرة في المنطقة (ايران وتركيا) والعالم (الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قذائف إسرائيلية على غزة في أول أيام العيد بالرغم من إعلان -ه


.. جزيرة إيطالية توفر إقامة مجانية لثلاث ليالٍ ولكن بشرط واحد




.. حريق هائل يدمر فندق ماريسفيل التاريخي في ولاية كاليفورنيا


.. جبهة لبنان – إسرائيل.. مخاوف من التصعيد ودخول إيران ومساعٍ ل




.. هل تنضم إيران إلى حزب الله في حرب شاملة مع إسرائيل؟| #الظهير