الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منفيون من جنة الشيطان37

وديع العبيدي

2011 / 6 / 8
الادب والفن


منفيون من جنة الشيطان37

اخلَعْ جَوَارِبَكَ قبلَ النّوْمِ..
تقولُ أمّي
وَتَضَعُ عَلَيَّ غِطَاءً آخَرَ..
أقولُ لَهَا..
كيفَ أخلَعُ جَوارِبي
وَضَابِطُ الصَّفِّ
يَدْعُوني كلَّ مَرَّةٍ
وَعَريفُ السّجْنِ
يَدْعو عَلى حينِ غَرَّةٍ
وَلِلَحْظَةٍ تُفتَحُ البَابُ
وَأناشيدُ الحَرْبِ
كلَّمَا أحَسَّتْ بِالْضَجَرِ
ترفعُ عقيرَتَها
وَتدْعُوني
وَالْوَطَنُ
(ايشّاه يا هَل وَطَنْ
شِمْسَوّي بينا اشَّاهْ
نيرَانَهْ مِثْلِلْ ثّلِجْ
تِجْوي وَكَوُلْ اللهْ)
رُشدي عبد الصاحب
وَصورَةُ الزّعيمِ.
نَشْرَةُ الأخبَارِ هَذِهِ
الوَحيدَةُ الّتي تُؤكّدُ
أهَمِّيَةَ وُجودي عَلى الأرْضِ
"الدفاعُ عن الوَطَنِ وَالْكَرَامَةِ"
وَطنٌ بِلا أبْناءٍ
وَلا كَرَامَةٍ
أبْناءٌ بِلا وَطَنٍ
وَلا كَرَامَةٍ..
هلْ رَأيتِ يَا أمّي
لِمَاذا لا أخلَعُ جَوارِبي.
إذا سَمَعْنا – النِّدَاءَ-
[جريدةٌ يَومِيَّةٌ صَدُرَتْ أثناءَ غَزوِ العِراقِ لِلْكُوَيتِ]
عَلَينا أنْ لا نَتَأخَّرَ
وَأنتِ..
مِن الأفْضَلِ أنْ تذهَبي إلى النّومِ
أو المَطْبَخِ..
وَلا تَتَفَقّديني دَائِماً
أيْنَمَا أذْهَبُ..
هلْ أبْقى دَائِماً طِفلَكِ المُدَلّلَ؟
نَحْنُ الآنَ في زَمَنٍ آخَرَ
وَلقدْ كَبُرْتُ كثيراً
وَالشّيْبُ ظَهَرَ في صَدَغِي
انَّني الآنَ ابنُ الوَطَنِ
وَقُربَانُهُ الأبَدِيُّ..
(كلُّ عِرَاقيٍّ مَشْرُوعُ تَضْحِيَةٍ..)
Um sonst..
لِمَاذا وَلَدْتيني يَا أمّي
إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَطَنِ،
فَلِإمْرأةٍ أخرَى..
إمرَأةٍ لا تَتَفَقَّدُني
وَلا تَنْتَظِرُني..
وَلا تقولُ أيَّ شَيء.
لَقدْ سَهَرْتِ طَويلاً
مِنْ أجْلي
وَتَعَبْتِ كثيرَاً..
وَلا تَعْرِفينَ..
أنَّني لَمْ أُخْلَقْ لَكِ فَقَطْ
كَثيرونَ..
لَهُمْ حِصَّةٌ في دَمِي
وَدَقائِقِ عُمُرِي..
لا أعْني الأصْدِقَاءَ طَبْعَاً
وَلا الّذين يُحبّونَني أيْضاً
وَلَكنْ الأعْدَاءَ..
وَالنّسَاءَ وَالْوَطْنَ
وَأوَامِرَ الضُبَّاطِ
وَالنّظامَ العَالَمِيَّ الجَديدَ.
هَلْ رَأيتِ..
أنّني لا أسْتطيعُ
أنْ أبْقى في البَيتِ دَائِمَاً
هُناكَ كَخَفَرِ الشّرْطَةِ
وَالمَوْضِعِ القِتاليِّ
وَرَدْهَةِ المُسْتَشْفَى المَيْدانيِّ
وَسَريرِ العَشيقَةِ..
وَهُنالِكَ أيْضَاً
شَوارِعُ أوربا طَبْعاً
الّتي تُلْقِمُني البَرْدَ
وَتَقتلُ مَشَاعِريْ
بِأظافِرِهَا المِسْمَارِيَّةِ
اذْهَبي إلى النّوْمِ يَا أمّي..
فأنَّ وُجُودَكِ في هَذِهِ اللّحْظَةِ
يُؤلِمُ خَاصِرَتي
يُذكّرُني بِدِفءِ الطُفولَةِ
وَبَرَاءَةِ الحَيَاةِ
وَجَمَالِ الطّبيعَةِ
الدّفْءُ الّذي بِعْتُهُ
لِأوْلادِ الحَيَّـاتِ
- أولادِ العَاهِرَاتِ-
فَقَطْ
يَقولُونَ
الأمُّ تأكُلُ أبْناءَها
لَيْسَتِ الأمُّ
وَإنَّمَا الْحَرْبُ..
وَدَهَاقِنةُ المَوْتِ
مَسَاكينٌ نَحْنُ يَا أمّي
وَأنَا..
كَانَتْ لي عَينانِ
حَميمَتانِ
وَصَوتٌ دَافِئٌ
وَيَدَانِ..
تَعْزِفانِ عَلى الأكورديون..
وَخُطْوَاتي (نَبَضَاتي)
لمْ تكُنْ أبَدَاً..
مُسْرِعَةً
كَمَا هِيَ اليَومَ
نَحْوَ المَوْتِ..
اذْهَبي يَا أمّي
اذْهَبي يَا أمّي
أرْجُوكِ..
فَعَمَّـا قريبٍ
سَأذْهَبُ أنَا أيْضَاً
لا تنْتظِري عَوْدَتي
إذَا أرَدْتِ..
تَذَكَّريني فَقَطْ
- وَسَوفَ أشْعُرُ بِحَكَّةٍ في بَاطِنِ قَدَمي-
تَذَكّرِي
أنَّ لَكِ ابْناً
يُمْكِنُكِ أنْ تَبْتَسِمي
عِنْدَهَا
أوْ تَبْكي قليلاً
ثمَّ تَنْسينَ كلَّ شيءٍ.
نَحْنُ أبْناءُ اليَومِ
لا نُفَكِّرُ كثيراً بِالأهْلِ..
لأنَّنا مَشغُولونَ بِالْوَطَنِ
وَالْحُرُوبِ وَالْكَرَامَةِ
اذْهَبي يَا أمّي
سَوفَ يَأتي (نِدَاءٌ)
مِنَ الخَارِجِ، أو الدَّاخِلِ..
سَأنتفِضُ كَالمَلْدُوغِ
وَأخرُجُ بِسُرْعَةِ البَرْقِ
كَمَا فَعَلْتُ يَومَ 2/8/2002
في العَاصِمَةِ النّمْسَاوِيَّةِ
ذَاهِباً إلى المَاخورِ
أو الحَرْبِ
أو اسْتِلامِ حِصّةِ الجَريدَةِ
لا يُهِمّ..
قدْ أسْكَرُ حَتّى السُّقُوطِ
وَقدْ أقاتِلُ حَتّى السُّقوطِ
وَقدْ أجُوعُ حَتّى الغَثَيانِ
وَفي كلِّ الأحْوالِ
لَنْ أعودَ
سَأذهَبُ إلى أيِّ مَكانٍ
وَفي كلِّ مَكانٍ
سَيَكونُ لي فِراشٌ
وَبيتٌ
وَلَكنْ لَنْ يَكونَ
لي وَطَنٌ وَلا أمٌّ ثانِيَةٌ.

الثلاثاء 24/9/2002








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وصفت بـ-بحيرة الغناء-.. أصوات غريبة تصدرها بحيرة لاغونا ديل


.. أصوات مخيفة لبحيرة -الغناء- في تشيلي




.. بعلم مصر ماجدة الرومي تغني بحلف بسماها وبترابها بحفل مهرج


.. ماجدة الرومي رجالكم حولوا ارض الالغام الي مدينة عالمية




.. بعد انتهاء حفل الفنانة ماجدة الرومي.. الجمهور استمتع بالحفل