الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخامس من حزيران والفجر العربي

جورج حزبون

2011 / 6 / 8
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني



منذ انعقاد مؤتمر الصلح بعد الحرب العالمية الثانية ( سان ريمو ) وتشكل البلدان العربية ، والحراك السياسي الشعبي مستمر من اجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية الوحدة ، وان اخدت مسميات مختلفة حسب ترتيبات حزب البعث او أحزاب قومية أخرى كثيرة حول الديمقراطية والوحدة والحرية ، إلا إن هاجس كافة القوى الوطنية كان دائماً إلغاء نتائج تقسيمات الاستعمار للوطن العربي ، والنهوض بالمجتمع وتحصينه ليكون قادراً ومستعداً لمواجهة قوى العدوان وفي مقدمتها إسرائيل ، تلك القاعدة التي إقامتها دول الاستعمار رأس حربة لضرب حركة التحرر العربي ، تحت ذريعة حل المسألة اليهودية ، وفي الواقع لمنع نهوض قومي وديمقراطي عربي .
ظلت المعتقلات تتوسع في استقبال مثقفي وثوار الأمة العربية ، من قبل الأنظمة التي تم تنصيبها بالتوافق مع المستعمر وليس بشكل ديمقراطي ليتكرس التقسيم ، وكل على طريقته لكن جميعها تحت مسمى ، الاستعداد لمعركة المصير ، وكان المطالبين بالديمقراطية والحرية معادين للوطن ومتأخرين عليه ، ولعل أكثر المناضلين الذين تعرضوا لويلات الأنظمة كان الشيوعيون في مقدمتهم ،مصر عبد الناصر ، والعراق البعثي ولبنان وسوريا والأردن مذابح الشيوعيون مشهودة ، وفي الأردن وصلت حد الاستعانة بخبراء حلف الأطلسي ، ورغم كل ذلك لم تستعد الأنظمة العربية لما سمته معركة المصير او حسب تعبير البعض التوازن الاستراتيجي مع العدو ، وبقيت أنظمة تابعة ، ذات اقتصاديات مهزوزة ، وأجهزة قمع غير مسبوقة في اساليب القهر والتعذيب ، وقد اهتمت بتعبئة الجماهير عبر محطاتها الإذاعية وأشهرها إذاعة ( صوت العرب ) من القاهرة حسب ديماغوغيا احمد سعيد ، وإظهار إسرائيل دولة لا تستطيع الصمود ، وفي ساعات يستم تصويب الخطاء التاريخي .
وفي ساعات هزمت الانطمة العربية ، ودعت هزيمتها ( نكسة ) ، وهي هزيمة تورثنها أجيال ، دفعت فيها دماء شهداء ومعاناة ، ولعل من أطرف ما يستحق الذكر هنا، ما قامت به الحكومة الأردنية يوم 9-6-1967 بان أطلقت سراح الشيوعيين وجمعتهم لإبلاغهم ان الله عفا عما سلف ، وأننا جميعاً ألان في معركة واحدة ، وهذه إسرائيل تعمل على تهويد القدس وتهجير أهلها ، وعليكم مواجهة ذلك !!
ولكن من الأهمية الانتباه إلى إن الحرب استمرت ستة أيام ، لكنها في مصر كانت انتهت في ساعات بعد ضرب الطيران ، وعمليات الإبادة للجيش المصري في سيناء ، وقد كتب الكثير عن الأسباب والعوامل ، ونتيجتها الإهمال والذاتية وغياب المحاسبة ، وفي الأردن وحسب مذكرات عبد المنعم رياض القائد لتلك الحرب فان شهداء الجيش الأردني ستة عشر فقط ، وان الأوامر صدرت في الساعات الأولى للانسحاب الى خط الدفاع الثاني ؟! وفي سوريا صدر بيان سقوط الجولان قبل سقوطها الفعلي بيوم كامل ، حين كان حافظ الأسد وزير الدفاع و عبد الحليم خدام محافظ للجولان .
لقد هزمت الانطمة العربية ، ونهضت حركة المقاومة الفلسطينية ودعمتها الشعوب باعتبارها رأس حربة النضال الوطني ، واستطاعت الأنظمة فيما بعد احتوائها سواء بالمال او بالحصار فأصبحت جزء من منظومة المؤسسة الرسمية العربية ، وتحركت القوى الدينية بكل أطيافها ، واستفادة من حروب أفغانستان واتخذتها الأنظمة أداة لضرب اليسار وخداع الجماهير باستخدام الدين وتأويلاتهم له .
وفي الخامس من حزيران هذا العام وبمناسبة السنة الرابعة والأربعون للهزيمة ، نشعر للمرة الأولى ان طريق إنهاء هزيمتنا المعنوية والثقافية والسياسية أخذت تظهر ، بفعل تلك الثورات التي أطلقها جيل لم ينظر الى الخلف ، ولم يقبل بالقمع كوسيلة للدفاع ، ولا بالشعوذة الدينية والإعلامية مادة ثقافية له ، وبالتحرر ذاتيا انطلق يحرر وطن من الأصنام ويعيد صياغة التاريخ العربي .
لا زال كثيرون يكتبون حول تلك الثورات ، بل وتتحرك عناصر الثورة المضاد بتعبيراتها الدينية والديماغوجية ، أوساط كمبرادوريه ، وفئات تتجهز لأخذ دور في المرحلة المقبلة ، وهنا اذكر ( لماوتسي تونج ) تشخصيا مبسطاً لحركة الثورة يقول : تعمل البرجوازية الصغيرة على امتطاء الطبقة العاملة لترتفع قامتها وتصل الى مواقع البرجوازية العليا ، لتعود لضرب من رفعها حيث انتقلت هي الى حالة جديدة لم تعد تحتاج فيها التحالف مع الثورة ، في هذا السياق لا يمكن استثناء ( اليسار ) او للدقة الجهات التي تعنون نفسها باليسار ، فإنها أيضا مأزومة ولم تستطع الفعل ، رغم كل المبررات التي تساق، فقد بينت مجرد نخب ، وألان تستنهض ذاتها للحاق بالثورة .
لا يمكن لليمين الرجعي الديني صاحب الخطاب ألترهيبي ، من التمكن لاحتواء الثورة ، والا أصبحت مجرد حركة غير واعية تم اختطافها بسذاجة / سعيكم مشكور / ، ما حركات السلفيين والإخوان في مصر والأردن وسوريا وغيرها سوى محاولات عابثة ، وحراك ناجم عن شعور بالخذلان بعد ان فاجئهم ذلك الحراك الثوري الخالص تماما من ايه عوائق او التزامات تعيق حركته نحو المقرطة والحرية ، وعلى هؤلاء المتنطعين من وعاظ السلاطين الانتباه بأنهم يملكون خطاباً مهترء منذ عشرات السنين ، وكذلك فان قوى اليسار مطالبة بإعادة مراجعة تجربتهم وأسلوب عملهم الذي مارسوه بلا تغير طيلة القرن العشرين ، وإما الثورة فدعوها تنطلق بلا قيود وبلا وصاية فكما قال : ألكسي دي توفيل عام ( 1834 ) وكان احد سجناء الباستيل، حول الديمقراطية / انها مثل أولاد الأزقة تربي نفسها بنفسها / وبالفعل فان للثورة أصبح تجارب يومية حين تأخذ بها تكون قد شقت طريقها بنجاح ، وإمامها الكثير لتنجزه ليس اقلها إسقاط النظام ، حيث يعده سيكون إمامها مهام تعود بالضرورة الى الفاء احتكار الفكر الديني التأويلي للحياة وتقيد حرية الفكر والعمل ، ومواجهة الوصاية والاحتكار السياسي والهيمنة والاستعمارية للبلدان العربية وإنهاء هزيمة حزيران .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البريك العنابي.. طبق شعبي من رموز مدينة عنَّابة الجزائرية |


.. بايدن يعلن عن خطة إسرائيلية في إطار المساعي الأميركية لوقف ا




.. ارتفاع حصيلة الضحايا الفلسطينيين إثر العمليات الإسرائيلية في


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات بالمحافظة الوسطى بقطاع غزة




.. توسيع عمليات القصف الإسرائيلي على مناطق مختلفة برفح