الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إبن شربين -الطاهر-.. الشهير ب -محفوظ الأنصارى-

سعد هجرس

2011 / 6 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


ربما لا يعرف الكثيرون أن الكاتب الصحفى الكبير محفوظ الأنصارى كان يناديه أبناء مدينته شربين (دقهلية) باسم "طاهر"، تشبيها له بابن نفس البلدة المناضل المحترم طاهر البدرى صاحب السجل الحافل فى الكفاح من أجل الاستقلال والديموقراطية والعدالة الاجتماعية.
وهو بالفعل "طاهر" اليد واللسان.. فى زمن كانت فيه طهارة اليد وعفة اللسان عملة نادرة.
وقد أسعدنى زمانى بمعرفة كوكبة من نبلاء مصر.. فى مقدمتهم الأستاذ محفوظ الانصارى الذى كانت فترة عملى إلى جانبه، وتحت قيادته، فى جريدة الجمهورية واحدة من أجمل فترات حياتى المهنية.
ورغم أننى كنت من بين المغردين خارج السرب فى الصحافة القومية، الذين اختاروا – بإرادتهم- السباحة ضد التيار, فإن جمال شخصية هذا الرجل جعلنى لا أشعر بالغربة فى هذا المناخ الملبد بالرقابة والممنوعات والمحظورات .. التى تصل إلى حد وضع أقفال من حديد على أفواه السائرين ضد اتجاه الريح.
وعلى عكس الغالبية العظمى من المسئولين عن قيادة دفة الصحافة القومية فى تلك الأيام الخوالى كان محفوظ الأنصارى رجلا من طراز مختلف: ذكى، واسع الأفق، يدرك ان هناك فارقا كبيرا جدا بين "الدولة" و"النظام". ومن واقع إيمانه بأهمية الحفاظ على كيان الدولة كان يرى أن "النظام" ليس "مقدسا" وأن نقد سياساته وممارسات أقطابه ليس من المحرمات بل هو ضرورى لصالح "الدولة" وأمنها القومى.
وكان لى شرف أن أكون واحدا من فريق شكله محفوظ الانصارى ووضع أمامه مهمة كبيرة يمكن تسميتها بـ "مشروع نهضة مصر" فى كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ومن خلال العمل فى هذا المشروع "القومى" – بحق وحقيق – شهدت "الجمهورية" ما يمكن تسميته بـ "حالة صحيان"، ويقظة مهنية، سرعان ما عبرت عن نفسها فى زيادة التوزيع إلى سقف المليون نسخة!
***
وبطبيعة الحال .. أتاح لى هذا المناخ فرصة التعرف أكثر وأكثر على الجانب الشخصى، والانسانى، للأستاذ محفوظ الأنصارى. فلمست ما فى هذه الشخصية الرائعة من تواضع حقيقى، ورقى، وتحضر، وثقافة، وتسامح، وقدرة على الحوار والتواصل مع الأفكار المخالفة والشخصيات "المناكفة" من أمثالى.
والعجيب أن "الحرب" على المشروع المهنى الذى حاول محفوظ الانصارى إرساء دعائمه فى جريدة "الجمهورية" لم تأتى من الخارج بل جاءت أساساً من داخل "دار التحرير", ووصلت هذه الحرب إلى درجة "اختطاف" الجريدة ذات يوم فى واقعة مشهورة وتفاصيلها مروعة.
ولم يفعل الرجل شيئا إزاء ذلك سوى أن يلزم بيته.
ولم تكن هذه الحرب تعبيرا عن خلاف شخصى فقط داخل جدران المؤسسة الصحفية، بل كانت فى عمقها تعبيرا عن صراع "سياسى" داخل نظام مأزوم، وفاسد، ومنحط، يفضل التعامل مع أشباهه ولا يطيق صبرا مع الرجال المحترمين، حتى لو كانوا أقلية، ويمكن ان يكون وجودهم الرمزى على "وش القفص" مفيدا له فى تجميل وجهه القبيح.
المهم.. أن محفوظ الانصارى خسر معركته داخل أسوار "دار التحرير" وتم "إبعاده" إلى وكالة أنباء الشرق الأوسط، وكان مترددا فى قبول المنصب الجديد. وسألنا عن رأينا متمنيا أن نقول له: لا تقبل.
لكننا نصحناه وقتها بالقبول.. لان وجود شخص محترم فى أى موقع فى هذا النظام الفاسد والفاشل.. كان فى رأينا "مكسبا" لا ينبغى أن نفرط فيه بإرادتنا.
ووافق على رأينا متململا فماذا كانت النتيجة؟
أترك الإجابة للزميل، والصديق الدكتور عمار على حسن الباحث السياسى والكاتب الصحفى وأحد أبناء الوكالة الذى قال "سبع سنوات ظل فيها الانصارى رئيسا لمجلس الإدارة ورئيسا لتحرير الوكالة، لم نعرف أنه قد زاد مرتبه الاساسى أضعافا مضاعفة بغير سند من القانون كما فعل غيره، أو أثقل المؤسسة بأعباء جعلتها تئن من إعياء مالى جسيم.. ولم يكن الانصارى مزهوا بنفسه بل كان بسيطا، يخرج من المؤسسة متأبطا صحفا وكتبا كثيرة، ويقود سيارته بنفسه، ويرفض ما استمرأه غيره من إيقاف موظفى الأمن تشريفة له، أو قيام بعضهم بتوقيف المرور فى الشارع المؤدى الى المؤسسة وكأنهم ينظمون موكب وزير الداخلية".
وأختتم عمار مقاله الجميل باعتراف نبيل إذ قال "يا أستاذ محفوظ لقد كتبت يوما مقالا هجوتك فيه وكان فى يدك عقابى. وها أنا غير مكابر ولا معاند وبرغبة جارفة من زملائى الذين يتذكرونك الآن بكل خير وامتنان، أبدى لك اعتذار فى مقالى أفضل منه وليس فى يدك إثابتى"..
***
تذكرت هذا الموقف المحترم لزميلنا عمار على حسن وأنا ذاهب برفقة الزميل العزيز محمود نافع رئيس تحرير الجمهورية والزميلة العزيزة سمية أحمد زهرة بنفسج الجمهورية لزيارة محفوظ الانصارى بعد إجرائه جراحة قلب مفتوح.
ولعله ان يلبى نداءنا له بفتح غرفة تذكاراته وخزائن أسراره ويستأنف الكتابة مقدما شهادته على عصر بالغ العجب.. فهذا حق قراء "الجمهورية" وكل المصريين على "الطاهر".. محفوظ الانصارى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا للكاتب المتميز سعد هجرس وللموقع ايضا
جاك عطالله ( 2011 / 6 / 10 - 03:15 )
اشكرك استاذ سعد على وفائك لاستاذك فى زمن عز فيه الوفاء واشاركك التمنيات الطيبة للاستاذ الصحفى محفوظ الانصارى بالشفاء العاجل وتجاوز محنة المرض كما اشيد بحضرتك شخصيا ككاتب حر ومتفرد و عادل غير مصاب بفيروس الدروشة ولا التلفنة (من التلفيين) حاد كالسيف فى الحق ولديك رؤية مستقبلية و مصرى اصيل مخلص ومحارب من اجل مصر - رغم انى لا اعرفك شخصيا ولا اعرف الاستاذ الانصارى ولكن اتابع مقالاتك وكما نقول للمخطىء انت مخطىء نشيد ايضا بالتميز والاجادة التى تتميز بها مساهماتك الغزيرة بهذا الموقع الحر - اشكرك واشكر الموقع المتميز ايضا

اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعات عراقية للمطالبة بوقف الحرب في غزة


.. مشاهد من لحظة وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى قصر الإليزيه




.. فيضانات وسيول مدمّرة تضرب البرازيل • فرانس 24 / FRANCE 24


.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من




.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط