الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام الجزائري وموقفه من الثورة الليبية

سعيد هادف
(Said Hadef)

2011 / 6 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


منذ أن اندلعت ثورة الشباب الليبي ضد استبداد القذافي، بدأت تروج أخبار عن مساعي النظام الجزائري في إفشالها. كان أول خبر تناهى إلى مسامعي، تورط عناصر من جبهة بوليساريو. الخبر بثته إذاعة ميدي 1، نقلا عن منبر إعلامي إيطالي. وهو الخبر الذي أكدته بعد مدة، أهم المنابر الإعلامية الأمريكية والفرنسية والبريطانية.
لقد تأكد للرأي العام العالمي اعتماد القذافي على المرتزقة في حربه على الشعب الليبي، كما بدأت التصريحات حول ضلوع النظام الجزائري تتوارد دون انقطاع، ومن جهات مختلفة.
لم يكن الخبر مفاجئا للعارفين بخبايا النظام الجزائري، غير أن الصدمة كانت كبيرة بالنسبة للشعب الجزائري خاصة والشعوب العربية عامة.
بخصوص رد فعل النظام الجزائري، كانت بطيئة، وقد شابها الضعف والارتباك، ولم تكن تصريحات المسؤولين الجزائريين كفيلة بتفنيد "الإشاعات"؛ وبدل الرد الموضوعي والهادئ اتسمت تصريحاتهم بالانفعال والتعالي، وكانت أقرب إلى التأكيد منها إلى النفي.
لقد كشفت الثورة الليبية مستور النظام الجزائري، وأضاءت تناقضاته وتفاصيل مخططه المعادي للشعوب.
موقف النظام الجزائري من ثورة الشباب الليبي لم يكن شاذا، ولم يكن سوى تجل من تجليات أجندته السرية التي لم يعد يقوى على إخفائها ولم تسعفه وتيرة التغيرات التي بدأت تدفعه دفعا إلى التعري من أقنعته الزاهية التي ظل يخفي بها وجهه المقيت، وأهدافه الانفصالية والإرهابية والفوضوية.
في ندوة تاريخية بمتحف المجاهد بدعوة من إتحاد المؤرخين الجزائريين أطرها أحد أبناء المالغ سنة 2008، دحو ولد قابلية رئيس جمعية قدماء مجاهدي وزارة التسليح والاتصالات العامة "المالغ" ووزير الداخلية حاليا، صرح أن المغرب وتونس ومصر لم يقدموا للثورة الجزائرية يد المساعدة المرجوة منهم، وأشاد بدور ليبيا في عهد الملك إدريس السنوسي والعراق. لم يكن الهدف من هذه الندوة سوى بث مشاعر العداء بين الجزائر ومحيطها العربي؛ وبصرف النظر عن هدفها المضمر، فقد أكدت الندوة دعم ليبيا الإدريسية للشعب الجزائري في حربه ضد المحتل الفرنسي؛ والسؤال المطروح: كيف تنكر النظام الجزائري، الذي أقر بهذا الدعم، إلى ليبيا الثائرة اليوم؟ ليس في الأمر ما يثير الاستغراب، فهذا النظام الأعمى لم ينتصر لليبيا الإدريسية حين أجهزت عليها عصابة القذافي سنة 1969، فمن منطقه إذن أن يقف ضد الشباب الليبي وهو يرفع عاليا راية أسلافه الذين ظلوا يحملون كل الحب للملك إدريس السنوسي.
تبدو محاولات النظام الجزائري يائسة، فلا هو قادر على دعم حليفه القذافي، ولا هو قادر على تبرئة ذمته من تهمة حربه على الشعب الليبي.
كل المعطيات تؤكد تورط النظام الجزائري، وكلها تؤكد تخبطه في مأزق لم يعد بمقدوره الخروج منه؛ حيث ظل يلقي باللائمة على المغرب وفرنسا باعتبارهما يقفان وراء مؤامرة تشويه سمعته، غير أن محاولات النظام لتبرئة نفسه لاتصمد أمام الوقائع والحيثيات؛ وفي محاولة يائسة أوعز النظام إلى إعلامه لنسج قصة رديئة، مفادها، أن الاستخبارت المغربية هي من يقف وراء تجنيد المرتزقة وتمكينهم من العبور إلى طرابلس عبر الأراضي الجزائرية.
ولنفترض جدلا أن جهة مغربية أو أجنبية تهيء الظروف لعبور المرتزقة عبر الأراضي الجزائرية، فمن هي الجهة التي كانت وراء حضور بوقطاية لملتقى طرابلس؟ ألم يكن عبد العزيز بلخادم هو من كلفه بتمثيل الأفلان في طرابلس؟ لقد صرح بوقطاية بعظمة لسانه أن بلخادم هو الذي كلفه بتمثيل الأفلان أحد أحزاب الاتلاف الرئاسي، ليضيف قائلا :لست بائع خضر. وهو لم يكذب هذه المرة، لأن بائع الخضر أشرف منه، وما هو سوى نصاب ومحتال وانتهازي، اختار أن يبيع نفسه بأرخص الأثمان لنظام لم يدخر جهدا في ضرب المنطقة المغاربية. لقد قال دون حياء: "وجدت طرابلس صامدة في وجه التحالف الدولي ولا أثر للثوار".
لنطرح السؤال على من يدعي أن المغرب هو الجهة التي تعمل على تجنيد المرتزقة انطلاقا من الأراضي الجزائرية:
من هي الجهة التي أملت على الحكومة الجزائرية أن تشجب قرار الجامعة العربية الذي أدان جرائم القذافي؟ ومن الجهة التي أفتت لها كي تدافع عن القذافي؟ ومن أوعز لها أن ترفض قرار مجلس الأمن الداعي إلى فرض حظر جوي على ليبيا؟ ومن وسوس لها كي تكثف من مساعيها الإفريقية دعما للقذافي السفاح؟ ومن منعها من الاعتراف بالمجلس الانتقالي؟
لنفترض، جدلا، مرة أخرى، أن كل ما صدر من النظام الجزائري إزاء الثورة الليبية، هو بإيحاء من "جهة أخرى" فهذا يعني أن الدولة الجزائرية تفتقد إلى السيادة، بل هي ليست دولة أصلا، وبالتالي هي مجرد مؤسسات وأجهزة تحتلها "جهة أخرى" مقابل استمرارية النظام الذي تنحصر مهمته في نتفيذ إملاءاتها، طوعا أو كرها.
إن هذا النظام، لم يتورع عن الحط من قيمة الثوار الليبيين، وهذا دليل كاف على أن أنه لم يكن سوى قرصان سطا على "ثورة الشعب الجزائري"، لا لشيئ سوى ليسطو على "منابع النفط والغاز" ويضعها بين يدي كبار المفسدين في العالم، هؤلاء المفسدون الذين يتربصون اليوم بدماء الشعب الليبي، وإن كانوا يدركون أن أيام القذافي باتت معدودة، فهم يراهنون على تمزيق ليبيا حتى تكون لقمتهم السائغة، وذلك حلم دونه خرط القتاد.
عن جريدة "17 فبراير" الليبية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بدائل الخراب خراب
احمد الكوني ( 2011 / 6 / 9 - 13:28 )
يعني بعد كل الدمار الذي الحق بليبيا ولازلت تردد ثورة ليبيا اولا الحراك الذي جرى ضد القذافي كان معزولا ودوافعه معروفه سلفيين اختلفوا معه على تفسير معاني القران -ثانيا سعيهم للسيطرة على موارد النفط التي تقع في اراضيهم تحت شعار نسرق السارق معمر القذافي -الاعلام الغربي تكتم على جرائم الثوار عندما قتلوا بالسكاكين ذبحا ليبيين مواليين للقذافي وعمال نيجر 83 عامل فقير يعملون في شركة تركيا.وما ان وجد السلفيين ان القذافي اقوى منهم اسعفهم بعض الطامحين للسلطو ونهب عوائد النفط وبالتنسيق مع المستشرق اليهودي برنارد ليقود حملة قوية ويقنع صديقة للتدخل العسكري في ليبيا - عن اي ثورة تتكلم وعن اي ديمقراطية تتكلم في مجتمع قبائلي ان ليبيا القادمة في اسوى خياراتها اذ لم تقسسم ستقع فريسة القادمين من المنفى الذي عرفوا قيمة الدولار كااحمد الجلبي وربعة في العراق الذين نهبوا الثروة العراقية - ثم ان نفط ليبيا لن يكفي حتى اعمال خرائبها المستمر ثم اي ديمقراطية هذه التي تاتي بالقوة العسكرية واذا كان الشعب رافضا للقذافي ماذا ينتظر لما لايثور الان -من ياتي لايقل سوى عن القذافي هذه هي خيارات شعوبنا وتاريخنا


2 - وماذا تقترح يا سيد احمد الكوني
مصطفى ازراد ( 2011 / 6 / 9 - 19:17 )
غريب والله غريب امر بعض المثقفين العروبيين لا شغل لهم الا التشكيك في ثورات شعوبهم المقهورة وما ان يشموا رائحة تدخل امريكي او غربي ختى ينزعوا عن انتفاضات الشعوب اسم (الثورة) ..
سؤال واحد لا غير للسيد احمد الكوني ومن والاه :
ماهو اقتراحك هل كان على الليبيين وباقي الشعوب التي ثارت ان ترضى بما كانت عليه وتكتب بذلك نهاية التاريخ ؟
شكرا للكاتب


3 - الخراب كان وراءه القذافي وأشباهه
سعيد هادف ( 2011 / 6 / 16 - 02:13 )
السيد الكوني، الحرب منذ كانت كانت حربا بين القيم وليس بين الأمم، القذافي يستمد قوته من مافيا العالم وعلى رأسها مافيا الغرب، وهذا القذافي ماكان له أن يصبح زعيما لولا المافيا المدججة بالمال والذكاء، والحراك الذي يشهده الاعالم العربي في تقديري هو صراع غربي غربي؛ بين غرب القيم الديمقراطية والمافيا الغربية؛ لقد نجحت المافيا الغربية في البلدان العربية والإسلامية وانتصرت على الغرب الديمقراطي لعوامل لايتسع المقال لذكرها، وأصبحت سند أنظمة الاستبداد، إذا وعى الشعب العربي مصالحه، ومدت نخبته الجسور مع الغرب الديمقراطي، فستنتصر هذه الشعوب وستنعم بحياة كريمة، وإذا بقيت أسيرة جهلها فستكون فريسة المحتالين باسم الدين وباسم الوطنية وماشابه، حيث ستعيد المافيا هيكلة شبكتها مع هؤلاء المحتالين، وسيبقى الفساد والاستبداد؛ ومن موقعي لا أطالبك بشيء سوى بقراءة التاريخ قراءة عقلانية، وأن تقرأ مقالاتي بعقلك، ولك واسع النظر

اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو