الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اقطاع النواب في زمن الفيسبوك!

جمال الخرسان

2011 / 6 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


اقطاع النواب في زمن الفيسبوك!

نتيجة للتفاوت الطبقي المجحف الذي احدثته الحقبه الملكية في العراق وما حصل فيها من سيطرة الاقطاعيين على ثروات البلاد الزراعية واستغلالهم للثروة الاهم في تلك المرحلة نتيجة لذلك كانت تلاقي دعوات التغيير ولو بالقوة ترحيبا منقطع النظير من قبل عامة الناس وهم الاغلبية الساحقة من سكان العراق رغم كلما يتمتع به العهد الملكي في العراق من ميزة التسامح والعمل على بناء بنية تحتية تعليمية من خلال بناء المدارس والمعاهد الدراسية وارسال بعثات دراسية وعقد اتفاقيات تعاون تصب في صالح التعليم وتدريب الخبرات العراقية. عهد لم يكن مثاليا ولكنه كان الى حد ما مقبولا من قبل الناس لولا ممارسات الاقطاع القاسية بحق الطبقات المسحوقة لدرجة يصبح فيها اصحاب الاراضي خصوما وقضاة في ذات الوقت ويعذبوا امام الملأ كل من يتمرد على شريعتهم المجحفة.. ذلك ما اجبر الناس على البحث عن ارزاقهم في غير سكانهم وحصل التعديل الجغرافي الشهير الذي لازال العراق يعاني منه حتى هذه اللحظة!
جاءت الجمهوريات وانهت مرحلة الاقطاعيين وشيوخ العشائر بكل ما يحملون من سطوة المال والسلطة ولكن المراحل اللاحقة انمت اقطاعيين اكثر طمعا من ذي قبل! اقطاعيون في زمن الفيسبوك، ليسوا مجبرين على استقطاع الاراضي وتعذيب الفلاحين بل على مبدأ ( فيك الخصام وانت الخصم والحكم ) يملؤون الدنيا ضجيجا ضد الفساد الاداري ويرفعون معاولهم ضد هذا الوزير او ذاك المسؤول، لكنهم لن يفعلوا ذلك الا على استحياء وذلك لان من بيته من زجاج لايمكن ان يرمي الاخرين بالحجر! فالسلطة التنفيذية على علم بعورات النواب ومن يحيط بهم، وما سرب مؤخرا من وثائق صادرة عن المصرف العراقي للتجارة في اطار سلسلة من الفضائح المالية ( المقننة ) لاعضاء مجلس النواب يؤكد مرة اخرى ان هذا المجلس ايضا لايمكن ان يؤتمن على ثروات العراق، فاعضاء مجلس النواب مثلا يحصلون على سلسلة من القروض: ( القرض الاول المخصص للنواب يصرف لشراء بيت او قطعة ارض وتبلغ قيمته 200 مليون دينار، فيما يصرف القرض الثاني لشراء سيارة مدرعة تضع اشارة الحجز عليها لحين تسديد القرض البالغ قميته 150 مليون دينار، كما يبلغ القرض الثالث 100 مليون دينار دون الى أي ضمان سوى كفالة احد النواب او اصحاب الدرجات الخاصة، ويكون التسديد الى نهاية الدورة الانتخابية. وتخص الفقرة الثانية من الوثيقة الفئة الاولى من موظفي المجلس وهم المستشارون والمدراء العامون، اذ خصص لهم قرض بمبلغ 100 مليون دينار، يتم تسديده على مدى 6 سنوات وبكفالة موظف، اما اذا اراد الموظف ان يجعل تسديده على مدى 10 سنوات فعليه رهن عقار ). هذا طبعا لايشمل المميزات الاخرى مثل الراتب الشهري، المخصصات الاضافية، رواتب تقاعدية مرتفعة جدا. ذلك لايشمل فقط اعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 325 شخصا بل يتعداه ايضا ليشمل 165 شخصا من المستشارين والمدراء العامين في مجلس النواب! ارقام مالية مخيفة ومهمولة للطبقة السياسية التي انتهت صلاحيتها ولم تعد قادرة على تسويق نفسها للجمهور. اذا كانت مخصصات الطبقة السياسية تستحوذ على القدر الاكبر من ميزانية الدولة العراقية فماذا يتبقى اذن للأولويات الملحّة على الصعيد الخدمي؟! ان ما يعتقده الرأي العام بانه اولوية لايعتبر كذلك بالنسبة للاقطاعيين الجدد فالحسابات بالنسبة لهم مختلفة ولذلك لابد من رفع الالتباس!

الحكومة باعتبارها الذراع التنفيذي في الدولة العراقية لابد ان تكون مطلعة على قوانين من هذا القبيل ولذلك سوف تكون تلك القوانين بمثابة دافع ومبرر لمزيد من التجاوزات من قبل كوادر الحكومة التي لن تجد نفسها محرجة فيما لو عملت بالمثل! ولهذا فان مجلسا اقتطاعيا للنواب بتلك الشاكلة كيف يمكن ان يكون جديرا بمحاربة الفساد الاداري؟!

الاقطاعيون سابقا لا تحكمهم الدولة بل يبطشون بالاخرين بكل قسوة وربما ما يدفعهم للتسامح احيانا هو القيمة الاخلاقية التي يتحلى بعض الوجهاء والتي تعتبر سمة من سماة النبل .. فهل يحمل اعضاء مجلس النواب شيئا من ذلك النبل؟! رغم زعيقهم ونعيقهم وتفجّعهم المصطنع حرصا على اموال الشعب كما يدّعون عبر وسائل الاعلام!


جمال الخرسان
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات بحث تحت الأنقاض وسط دمار بمربع سكني بمخيم النصيرات في


.. مظاهرات في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وإعادة المحتجز




.. رغم المضايقات والترهيب.. حراك طلابي متصاعد في الجامعات الأمر


.. 10 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في حي النصر شمال مدينة




.. حزب الله يعلن قصف مستوطنات إسرائيلية بعشرات صواريخ الكاتيوشا