الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقبيل الأيادي والانحناءات والاحترام المفروض !

زيد ميشو

2011 / 6 / 9
حقوق الانسان


قبل سنوات وأنا في إحدى المحلات الشرقية في كندا وبينما كنت أتكلم مع ابن صاحب المحل ، وإذا به فجأة يترك مكانه ليستقبل والده ويأخذ بيده ويقبلها حال دخوله ، وكم كانت فرحة الأب ظاهرة وافتخاره بنجله الأكبر وهو يؤدي فروض الطاعة والولاء ، ولا أعرف إن كنت قد أظهرت بدوري إستيائي من هذا المشهد المرفوض أم لا ؟
حدِّثت بعض الأشخاص بذلك ، والقليل منهم فقط من شاركني الرأي وأما الآخرون فيؤكدون بأن مافعله الإبن الاحترام إلا انني أجبتهم بالنفي وكان رأيي بأنه " إذلال "... فلو كان أحترام الوالدين يقاس بتقبيل يدهم فلا يكفيني تقبيل أرجل والديّ لطيبتهم ، ومع ذلك فأنا أجلّهم وأحترمهم لدرجة عالية بالرغم من أنني لم أنحنِ يوماً امامهم .
لم يكن هذا المشهد جديداً بل قد رأيته مرّات عدة ، وأجزم بأنني لم ألحظ التواضع يوماً عند من يقبل على نفسه ان تقبَّل يداه ، بل أرى أن العكس صحيح لمن يربّي أبناءه على الحب والتواضع دون إذلالهم بتلك الممارسات التي يسميها البعض أحتراماً .
لننتقل من مشهد تقبيل الأبناء لأيادي والديهم إلى المؤمنين لأيادي رجال الدين دون تحديد دينهم أو طائفتهم ، وقد خضعت سابقاً لتلك الفروض والتي أقسمت منذ سنوات بأن لا أفعلها مجدداً ولو كان رجل الدين الذي امامي قد أرسل بالبراق من السماء . والآراء تتباين في هذا الموضوع منسباً له كل البلاء والتخلف الذي يعرف به غالبية المتدنيين .
بالعادة يبدأ الرجل بأخذ مكانته الدينية في عمر الشباب ، قد يكون بحكم الوراثة أو القناعة ، أو قد يكون أهله قد نذروه لتلك المهمة وكأنهم يملكونه . ولنقل بأن معدل العمر الذي يؤهل لتلك المهمة هو منتصف العشرينات ، ولنتخيل أنفسنا في مكانه ، تقدير – إحترام – هيبة – عزائم – هداية مادية ومعنوية – يقف الجميع في إستقباله حتى في العزاء – الكل يستشيره وكأنه العالم بكل الأمور ، ينحني أمامه أصحاب الشهادات والموظفون والمهنيون وكل الشرائح من المتدينين ، ويلقى الاحترام حتى من غير المتدينين أو الذين ليسوا على دينه ، هذا بالإضافة إلى أن السواد الأعظم يقبّل يديه ، والسؤال بعد أن نضع أنفسنا في موقعه ، من أين سيأتي التواضع بعد كل ذلك لا سيما إذا علمنا أن هذا سيتكرر طوال حياتنا الدينية ؟
لم اتلقى معارضة عندما طرحت القضية بهذا الشكل وكانت أكثرية الأجوبة تقول " صحيح .... ولكن ! " وأي لكن ؟ كل مابعدها غير مرتبط الأفكار وتذرع بحجج وهمية سببه الخوف من الماورئيات ، إذ يعتقدون بأنهم أساؤوا إلى السماء لمجرد تفكيرهم بنقد جنابهم . ولا أكتفي بأجوبتهم غير الشافية وأقول لهم ، اشتموا السماء واقلبوا الموازين رأساً على عقب أفضل من ان تعتبروا أنفسكم مؤمنين عندما تنساقون لتلك التقاليد المخجلة خصوصاً ونحن في عصر يحتاج إلى حرية في الفكر والاختيار وليس إلى الانقياد الأعمى . نعم مخجلة تلك الموروثات وسطحية وغير عادلة ، ولاأعتبرها سوى سبباً لتخلف عرف به المؤمنين لأن أحترامنا وخضوعنا إلى بشر أهم بكثير من ان نتبع كلمة نصدّق بأنها من الله ، وبالمنطق أطرح سؤالي ، هل يعقل بعد كل هذا أن أواجه وأنتقد وأجابه إن كان على خطأ من أنحني أمامه وأقبل يداه ؟ وأجيب بنفسي وأقول " كذب من يقول نعم تستطيع " .
لذا نرى غالبية رجال الدين متصلبين في رأيهم ، يفضلون جهل المؤمنين على انفتاحهم ، متسلطين ومغرورين ومزينين بثوب التواضع ، وعند وجود انقسامات بسببهم فلا مانع لديهم من تغذية الأحقاد لدى من يمسكون بطرفهم ويدافعون عنهم كي يستغلوهم أبشع أستغلال في مواجهة الطرف الآخر وإن كان معتدلاً وحريصاً على الشعب الذي ينتمي له في مركز عبادته . ساعين إلى مصالحهم مستميلين الأغنياء كي تزداد أرصدتهم ... وكل تلك السلبيات وغيرها أعزيها لتلك القبيحتين الإنحناء لهم وتقبيل أياديهم .
قد اكون فظّاً بهذا الطرح إلا أنها قناعتي أقولها على الملأ دون اكتراث ، فقد زادت الأمور عن حدّها حتى أوصل إلى قناعة بأن التدين قد اوصل الكثير المؤمنين إلى مستنقع من التخلف وبركة من الأحقاد وبحر من العنصرية والتعصب ، لأن التعاليم الدينية في هذا الزمن ليست إلهية كما نتصوّر بل شخصية مسيرة حسب أهواء ومنافع أشخاص علّموا البسطاء ان يتباركوا حتى بالثوب الذي يرتدونه على أنه مقدّس ولا مقدّس غير الله ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صدقت بكل ما ذكرت
اليسا سردار ( 2011 / 6 / 9 - 14:25 )
صديقي الغالي زيد

انا كل انبهار بكل ما ذكرت

لقد كنت على وشك التساؤل بكل ما ورد في مقالتك اليوم والسبب انني في عملي قد توفي المدير وبناء على ذلك ذهبنا كلنا الموظفين لتقديم واجب العزاء لذوي الفقيد وبالنسبة لي كانت هذه هي المرة الاولى التي اذهب الى اماكن للعبادة وارى ما يقومون به هناك

رأيت زميلتي لحظة دخولها تنحني الى الارض وتقبل صورة معلقة على الحائط مخصصة للتقبيل وبعدها جلسنا وفجأة قام الجميع احتراما وتقديرا لحضور رجل الدين الكبير وكنت اراقبه بكل دقة ولاحظت اولا انه انسان عادي ولكنه يرتدي من الملابس ما يجعله يبدوا مهيب وبالتالي تزيد القداسة وكنت اراقب ملابسه فاجدها مطرزة ومعلق عليها شعارات لتزيد من هيبته وكنت اقول في نفسي كل شيء يرتديه هذا الرجل مصنوع من قبل الانسان فلماذا اذن يقبلون يده بهذه القدسية وكأنه الله قد ظهر امامهم فجأة ؟

لقد ابقيت فمي مغلق احتراما للجميع ولحالة الحزن ولكني في داخلي كنت اتساءل كثيرا

لماذا يخلق الانسان مكان مقدس ؟ ولماذا يجب ان نقدس شخص عادي لا هو ملاك ولا هو اله وهو حتى يخطيء لانه ببساطة انسان؟


2 - وفسَرتَ الماءَ بعد الجهدِ بالماءِ
الحكيم البابلي ( 2011 / 6 / 10 - 07:45 )
العزيز زيد
عندما يوجد سيد ، فهناك مسود ، ما معناه أن السيد لا يصبح سيداً إلا بوجود العبد
في المسيحية الناس يخاطبون المطران مثلاً بكلمة : سيدنا
ويقوم الناس بتقبيل أيدي رجال الدين والبابا والذين لا احد منهم يُحاول أن يسحب يدهِ تواضعاً كما كان يفعل الزعيم عبد الكريم قاسم مثلاً
ثم أن علاقة الفرد بما يسموهُ (الخالق) هي علاقة العبد بسيدهِ
و الأديان التوحيدية تنص وتفرض الطاعة العمياء لله ، والتصاغر له وعبادته ، والمتدينين يعشقون ويعبدون خالقهم وسيدهم وديانهم ، ويتنافسون في التذلل له ن ويتباهون في إنتقاء اسماء الذل لأولادهم : عبد الله ، عبد القوي ، عبد المنتقم ، عبد الجبار ، نزولاً لعبد زبالة ، وهذا كان طالباً في المدرسة الإبتدائية
العبد يبقى عبداً لأوهامهِ ، ومن كرس نفسهِ لعبادة الله يسهل عليهِ فيما بعد عبادة قس أو بابا أو إمام أو بقرة أو حاكم ظالم او فكرة او آيدلوجية أو حزب
الدين والمقدس وفكرة الخالق المهيمن على حياة الإنسان وحريته كلها خلقت السخافات الكبيرة والصغيرة ، ومنها التي ذكَرتَها في مقالك
تعجبتُ من إنك وبعد رفضك لطقوس العبيد ، تُنهي مقالك ب : ولا مقدس إلا الله
تحياتي


3 - عزيزي الأستاذ زيد ميشو المحترم
ليندا كبرييل ( 2011 / 6 / 10 - 09:18 )
ابني الأجنبي ، وضعته في روضة عربية خلال زيارة طويلة لبلادنا ، المدرسة للراهبات ، كان أن جاء الخوري يوماً ليبارك الطلاب الصغار، كان عليهم أن يقبلوا يد الأبونا ثم تناول البركة ، لكن ابني غير المعتاد على هذه الحركات وقف أمام الخوري لحظات ثم سأله : أبونا مغسّل إيديك ؟؟ فمسح الخوري على رأسه وأجاب نعم يا بني ، لكن الطفل لم يقتنع وقد رأى أصدقاءه الذين تناولوا الحلويات قبل قليل نازلين طق طق على إيد الأبونا بأفواه مدبقة وملونة بكل الألوان ، فقام ابني وطبع قبلة على باطن يده اليسار ثم لزقها على إيد الأبونا ، ابتسم من ابتسم وانحرجت أم الطفل أي أنا فعاتبته : يا ابني ألا تخجل ؟ فقال إيه بقرف من إيدو ، وبصوت عال وأنا انشوى وجهي من الخجل ، الآن صار شاباً وما زال يذكر هذه الحادثة ونضحك لها . أرفض أنا أيضاً هذه العادة وأرى الحق معك في نظرتك . أطلتُ عليك ، شكراً لك

اخر الافلام

.. بالحبر الجديد | نتنياهو يخشى مذكرة اعتقال بحقه من المحكمة ال


.. فعالية للترفيه عن الأطفال النازحين في رفح




.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - اعتقال عشرات المؤيدين لفلسطين في


.. العربية ترصد معاناة النازحين السودانيين في مخيمات أدرى شرق ت




.. أطفال يتظاهرون في جامعة سيدني بأستراليا ويدعون لانتفاضة شعبي