الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اوسلو والسلطة والمصير

جورج حزبون

2011 / 6 / 10
القضية الفلسطينية


كل النتائج لها مقدمات ، فعندما تم الاتفاق في أوسلو ، كان واضحاً إن هناك استعجال ، اذ كان يمكن الوصول الى اتفاق أوضح وأفضل تماما، وكما جاء اتفاق باريس الاقتصادي مكملا لمنهج أوسلو في التفاوض والاتفاق وأصبح ملحا إعادة النظر فيه ، موضوع الاستعجال لاشك يقف خلفه اعتبارات سياسية فلسطينية داخلية ، فقد كان هناك وفد معترف به رسمياً متواجداً في أروقة وزارة الخارجية الأميركية ، وهو احد نتائج مؤتمر مدريد ، وكان إمامه مجالا ليعلن ان فشل المحادثات يستدعي العودة للمؤتمر ، خاصة وان إسرائيل كانت مأزومة سياسياً ، بفعل الانتفاضة الأولى والمستمرة ، سواء بالفعاليات الشعبية والإضرابات اليومية وشبه العصيان المدني الذي كانت الانتفاضة قد حققته ، ليس اقلها استقالات الشرطة ، وتعطل المحاكم ، ومقاطعة الإدارة الإسرائيلية المدنية، والكثير من الفعاليات التي جعلت إمكانية استمرار إسرائيل تدير الاحتلال بالأساليب السابقة مستحيلة ، وإنها تبحث عن حل بدء قادته بعرض تصورات له على قيادات فلسطينية بالداخل ، وليس وحدها زيارة ( رابين ) لمعتقل النقب الصحراوي ولقائه ممثلين للتنظيمات ومحاورتهم حول سبيل الحل .
لقد حاول الإسرائيليون تشجيع قيادة محلية ، فعرضوا عبر اللقاءات المتعددة مع معتقلين ورؤساء بلديات ونقابات مفهومهم في ان شعار ( م.ت.ف ) موافقين عليه لكن ان يكون الشعار الممثل الشرعي وليس الوحيد ؟! وهذه اللقاءات كانت تصل الى قيادة المنظمة في تونس ، وقد أحدثت قلقاً محسوباً ، وتصرف الوفد في أميركا ،ا ثار هواجس ، وقد سبق وذكرت في مقال سابق كيف ان المرحوم ياسر عرفات حينها كنت جالساً معه في مقره بتونس ، كيف اهتم عبر الهاتف وهو يخاطب نبيل شعث إثناء انعقاد مدريد ، ان يقول ، إنني إنا الذي يعين الوفد ، وانا المرجعية ، وليس لكم حق تجاوز تعليماتي ، وكان يتحدث يصوت غاضب ومرتفع ليقول انا اعرف ان هناك من يتنصت على الهاتف وأريده ان يفهم ؟!خاصة انه يومها كان الاصرار من قبل حكومة شامي ران يكون الوفد الفلسطيني ضمن الوفد الأردني .
هذا الجو السياسي كان له إرهاصاته في تونس ، وحسب ما كتب ابو مازن الرئيس الفلسطيني الحالي في كتابه ( طريق أوسلو ) ان السرية والعدد المحدد للمتفاوضين كان هاجسنا الأول وهذا احد أسباب نجاح الاتفاق حتى أميركا تفاجئت به ، وكان إعلان للمبادئ ، كما يغترف ان هناك غموضاً فيما يتعلق بالقدس وافق عليه ابو عمار .
في حديقة البيت الأبيض تم توقيع اتفاق أوسلو ، وفيما بعد قامت السلطة الوطنية الفلسطينية ، وألان مضى ثمانية عشر عاماً ، لم يتم تنفيذ بنود الاتفاق المفترض أنها خمس سنوات ، جرت خلالها هذه المدة انتفاضة ثانية وصلت الى استخدام السلاح ، ثم عاد الطرفان للمفاوضات برعاية أميركا طبعا ، ولم ينتج أي تقدم ، ومثال على صيغة هذه المفاوضات يذكر / ( رون ديفيد ميللر ) في كتابه الوعد الرابع ما يلي : في منزل مارتن انديك عام 1996 كانت جلسة تفاوض حول / الخليل / عن الفلسطينيين محمود عباس ومحمد دحلان والاسرئيلين إسحاق مردخاي ووفد معه قاموا للصلاة تدعى ( كادش ) عن روح أم ميللر وهي صلاة تحتاج اقله الى عشرة أشخاص فلم يبقى الا الفلسطينيين فقد كان الجميع يهودا .!!
إذن كان الفلسطينيون في عجلة من أمرهم ، واعتقد أنهم كانوا تحت وهم ان موطئ قدم في ارض الوطن سيكون مقدمة للتوسع والوصول الى غايتنا ، وهو أفضل من البقاء في الشتات ، كما ان الوضع العربي بعد حرب الخليج الثانية اخذ يضيق على الفلسطينيين ، إضافة الى ان الداخل قد يرتب وضعا سياسيا بفعل عدة مؤثرات لا تعيد المغتربين الى تونس قيادة وحيدة ، ومن جانبهم كان الإسرائيليون بحاجة الى الخروج من أزمتهم السياسية الدولية وحتى الداخلية ، بما احدثتهم لهم الانتفاضة من حرج ، وتعاطف شعبي عالمي أصبح ضاغطا عليهم وعلى السياسة الأمريكية المتضامنة معهم .
فخرجت الإطراف باتفاق أوسلو والذي حمل من المطبات أكثر مما حمل من الحلول ، وابقي الاحتلال ، بل أكثر من ذلك خرقت إسرائيل الاتفاق وقامت باجتياحات عسكرية عديدة ، وهدمت منازل واعتقلت ما شاء لها ذلك ، لكن رغم هذا جميعه فقد ترسخت على الأرض سلطة وطنية فلسطينية ، خلال هذه السنوات ، وضعت قوانين وأنظمة ، وأجهزة دولة ، وأقيمت العديد من المدارس والمشافي والطرق وجرى تنظيم الحياة العامة وعموما تحقق الكثير والذي لم يكن ليتحقق في ظل الاحتلال المباشر ، ورغم وجود فساد وتسلط وأخطاء ، وهذه جميعها تحت لواء السلطة والعلم الفلسطيني تحقق للمرة الأولى منذ العهد العثماني ، حضور كيان وطني فلسطيني على ارض فلسطين ، وهنا اشدد على هذا الجانب ، لان القول بأخطاء او خطايا السلطة والتنظيمات المختلفة ودور حماس وانتعاش حركة سلفية ارتدادية عن حضارة البشر والعصر ، ليس هو موضوع البحث ، فالأمر الأهم هو التحرك السياسي الجاري ، و الحدث المنتظر في شهر أيلول القادم ، بإعلان اعتراف دول العالم بالدولة الفلسطينية ، والذي بدأت تعارضه أميركا بصورة علنية من الرئيس الى وزيرة الخارجية ، بحيث يؤشر ذلك على انزعاجهم مما ينتظر حليفتهم دولة الاحتلال من عزلة دولية متفاقمة ، والغريب في هذا السياق ما بدء يصرح به بعض المفاوضون الفلسطينيون ، وأعضاء من القيادة ، بأنه في حال فشل الجهود السياسية ، / سيتم التخلي عن السلطة / بمعنى حل السلطة ، ولا ادري من كلفهم بهذا القول ، فالسلطة كما سلف هي نتاج نضال تضحوي طويل للشعب الفلسطيني الذي حقق مكاناً رسميا له على جزء من ارض وطنه ، رغم كل الخطايا كما أوردنا ، لكن التخلي عن هذا المنجز يعتبر تخلي عن الدور الكفاحي الطويل والشاق للوصول الى إنهاء الاحتلال وبناء دولة فلسطينية ديمقراطية ، فكيف يمكن التخلي عن حقوق اكتسبت وقوانين وضعت وترك الشعب مرة أخرى لإدارة الاحتلال المباشر ، والتي قد تعود لتطبق ما ورد في اتفاقات كامب ديفيد مع السادات بإقامة حكم ذاتي تحت سلطتها ، وتتحكم بالأرض بصورة أسرع، وبالمواطنين باضطهاد أعسر ، ويظل المعتقلين والأيتام والأرامل تحت رحمتهم وبلا رعاية ، مع ضرورة عدم نسيان ان الاحتلال بعد كامب ديفيد أقام ما سماه / روابط اخرى / سيئة السمعة ، التي كان يهرب المواطن من بطشهم للاحتماء بالاسرائيلين ، فعلى القابضين على القرار الوطني إدراك حقائق التاريخ ان لا يضيع حق وراه مطالب حسب القول الشعبي الفلسطيني ، واننا متمسكون باي حد ننتزعه من حقوقنا على طريق مواصلة النضال حتى تحقيق إقامة الدولة وعاصمتها القدس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البريك العنابي.. طبق شعبي من رموز مدينة عنَّابة الجزائرية |


.. بايدن يعلن عن خطة إسرائيلية في إطار المساعي الأميركية لوقف ا




.. ارتفاع حصيلة الضحايا الفلسطينيين إثر العمليات الإسرائيلية في


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات بالمحافظة الوسطى بقطاع غزة




.. توسيع عمليات القصف الإسرائيلي على مناطق مختلفة برفح