الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوحدة الوطنية أكثر إلحاحاً من أي وقت آخر

قاسيون

2004 / 11 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


كلمة د. قاسم عزاوي (ناشط مجتمع مدني)
النص الكامل لكلمة د. قاسم عزاوي في ندوة الوطن الثانية التي أقيمت في دمشق فندق «البلازا» بتاريخ 30/10/2004، تحت عنوان: «الوحدة الوطنية كأداة أساسية في مواجهة المخاطر»:
يتحدد مفهوم السلطة للوحدة الوطنية بالالتفاف حولها وتأييد سياستها بحجة المخاطر التي تحيق بالوطن إذ تماهي بينها وبين الوطن، وتتجلى الوحدة الوطنية لديها بالدعوة لبعض الولائم التي يحضرها رجال دين موالون للسلطة في المناسبات الدينية وكذلك بقيام الجبهة الوطنية التقدمية هذه الجبهة التي تآكلت وفقدت مصداقيتها إذ أنها شكل من أشكال حكم الحزب الواحد.
ولكن المعارضة الوطنية الديمقراطية ترى أن غياب السياسة من المجتمع بفعل النظام الشمولي القائم على الأحكام العرفية وقانون الطوارئ منذ أكثر من أربعين عاماً لايفسح المجال إلا للرأي الواحد والحزب الواحد مما يحول دون تحقيق الوحدة الوطنية إلا إذا اعتبرنا أن قمع جميع الآراء المخالفة بحيث تنزوي في الظل أو تهاجر أو تودع في السجون شكلاً أمثل للاستقرار والهدوء.
وفي ظل التهديدات الجدية التي تستهدف سورية وطنا ًوشعباً وتطمح إلى تغيير المنطقة عبر مشروع الشرق الأوسط الكبير يصبح طرح موضوع الوحدة الوطنية أكثر إلحاحاً من أي وقت آخر، ويذكرنا بما حصل مع عنترة بن شداد عندما قيل له: يا عنترة كر، فأجاب، العبد لايكر، فقيل له: كر، فأنت حر.
وهذا يقودنا إلى البحث في مفهوم المواطنة لدى مناقشة قضية الوحدة الوطنية، فالوحدة الوطنية يصنعها مواطنون أحرار متساوون أمام القانون بغض النظر عن الدين والمذهب والجنس والعرق، ولكن الممارسة العملية لمفهوم الحزب القائد للدولة والمجتمع التي تتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليه في الدستور جعلت كل من هو خارج الحزب ليس مواطناً إلا من حيث الواجبات وليس له شيء من الحقوق، فالمناصب والإدارات والبعثات والكليات الحربية وحتى مدراء المدارس كلهم من حزب السلطة والعلامات الإضافية تعطى للشبيبة الحزبية للدخول في الجامعات والمعاهد وكل ذلك أدى إلى تقريب كثير من الانتهازيين واستبعاد المواطنين الشرفاء من العمل في الشأن العام، وعدم منحهم فرصاً متساوية مع الحزبيين وكذلك فقد تآكلت الوحدة الوطنية كثيراً بعد تزايد حدة النهب الوحشي الطفيلي البيروقراطي للدولة والمجتمع وتزايد حدة الاستقطاب الطبقي بين الفاسدين الذين استولوا على السلطة والثروة وبين الشرائح الفقيرة والمهمشة التي تجاوزت 70% من أبناء الشعب، وبعد ظهور دلائل على بيع القطاع العام والخصخصة صراحة أو مداورة والتوجه نحو اقتصاد السوق مما يطرح تساؤلاً: هل سيدافع هؤلاء النهابون عن الوطن في حال العدوان عليه، أم سيهربون للحاق بالودائع التي وضعوها في بنوك الغرب ويتركون الوطن وأبناءه المهمشين لمصيرهم الأسود؟ ومانلاحظه من تراجع للدولة عن دورها في الرعاية والتعليم والصحة وإيجاد فرص العمل لمواطنيها وتنفيذ لشروط صندوق النقد والبنك الدوليين يزيد في إحباط الفقراء ويفقدهم ارتباطهم بالوطن وهم الذين يلقى على كاهلهم عبء الإنتاج والدفاع عن الوطن.
إن مانراه من تجاوب للسلطة مع الضغوط الأمريكية في الملف العراقي بسبب تداعيات قانون محاسبة سورية وقرار مجلس الأمن 1559 وقناعتنا بأن التنازلات المطلوبة من سورية ليس لها حدود ولابد من وصول الأمور إلى منطقة حرجة فنتمنى ألا يكون الوقت قد فات لتصليب الجبهة الداخلية وعلى السلطة أن تدرس التجربة العراقية جيداً وهاهو العراق يدمر بشكل منهجي بعد سقوط النظام العراقي بالرغم من كل التنازلات التي قدمها لأن شعبها المقموع لم يقف إلى جانبه.
إننا عندما نعلن بأننا ضد الاحتلال وضد الاستبداد في آن واحد لانقبل بأن تكتفي السلطة بالقبول بالشق الأول من موقفنا الذي هو ضد الاحتلال وتمنع عنا حقنا في الوجود القانوني والعلني وفي الاستفادة من منابر التعبير عن الرأي التي تحتكرها السلطة كما تمنع عنا حقنا في المطالبة بالإصلاح والديمقراطية لأن المجتمعات الديمقراطية هي التي تستطيع الوقوف في وجه التحديات التي تواجهها.
إن تحقيق الوحدة الوطنية يستدعي قبل كل شيء إنجاز المصالحة الوطنية بين النظام والفئات التي تضررت من ممارسته عبر عقود طويلة، والقيام بالإصلاح السياسي الذي يقود إلى الإصلاحات في المجالات الأخرى وخاصة بعد تراجع الحديث عن الإصلاح واستبداله بالحديث عن التطوير والتحديث بعد فشل الإصلاح الاقتصادي والإداري.
إن انفتاح النظام على المجتمع لتحقيق المصالحة الوطنية يقتضي القيام بالإجراءات التي تحسن أجواء الثقة وتعطي مؤشرات حسن نية على الإصلاح ومن ذلك رفع الأحكام العرفية وإلغاء حالة الطوارئ المفروضة منذ واحد وأربعين عاماً والإفراج عن معتقلي الرأي والضمير وإلغاء المحاكم الاستثنائية وخاصة محكمة أمن الدولة العليا المخالفة للدستور والسماح بعودة المنفيين والمبعدين وإنهاء ملف المفقودين وإعادة الاعتبار للمعتقلين السياسيين السابقين والحاليين المحرومين من حقوقهم السياسية والمدنية والتعويض عليهم وكذلك إبعاد الأجهزة الأمنية عن التدخل في شؤون المواطنين وجعل القانون هو الحكم بين الدولة والمواطنين وإصدار قانون عصري وديمقراطي للأحزاب وسن قانون انتخاب جديد يمثل تطلعات الشعب بشكل صادق وتعديل قانون المطبوعات الأخير والسماح بحرية الصحافة، وعند تحقيق هذا الانفتاح يتم الدعوة لمؤتمر حوار وطني شامل يصل لتصورات تخرج الوطن من أزمته وتحضر الأمور لمجابهة الاستحقاقات الخطيرة القادمة والتصدي للعدوان الأمريكي الصهيوني المحتمل.
وآمل أن تكون ندوتنا هذه فاتحة لمؤتمر الحوار الوطني الشامل المأمول وشكراً لإصغائكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الثقة بين شيرين بيوتي و جلال عمارة ???? | Trust Me


.. حملة بايدن تعلن جمع 264 مليون دولار من المانحين في الربع الث




.. إسرائيل ترسل مدير الموساد فقط للدوحة بعد أن كانت أعلنت عزمها


.. بريطانيا.. كير ستارمر: التغيير يتطلب وقتا لكن عملية التغيير




.. تفاؤل حذر بشأن إحراز تقدم في المفاوضات بين إسرائيل وحماس للت