الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمريكا اللئيمة

رامي الغف

2011 / 6 / 12
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني



في الوقت الذي تنفس فيه شعبنا الفلسطيني الصعداء، عادوا مرة أخرى إلى حالة اليأس والإحباط بعد ما إعتبروه تراجعا كبيرا لموقف الإدارة الأمريكية بقيادة "باراك أوباما" إزاء أملهم في إعلان دولتهم الفلسطينية المستقلة التي طال إنتظارها، ودفعوا أغلى ما يملكون من أجل تحقيق هذه المناسبة.
فبعد أن طالب الرئيس الأمريكي الكيان الصهيوني بالإنسحاب إلى حدود 67، والعمل جديا لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، عاد في كلمة أخرى ليخفف من غضب إسرائيل واللوبي الصهيوني والكونغرس في أمريكا ويتراجع بسرعة البرق وبشكل غير مباشر عن تصريحاته السابقة، في موقف يدل على حجم الضغوط السياسية التي تعرض لها مؤخرا من اللوبي الصهيوني ومن على شاكلتهم وزبانيتهم في الكونغرس الأمريكي بسبب موقفه شبه المحايد.
خيبة الأمل والصدمة هذه حلت محل الأمل في نفوس شعبنا الفلسطيني في كلمة ثانية ألقاها "أوباما الأمريكي المتصهين" وإعتبرها شعبنا الفلسطيني مؤيدة وداعمة ومساندة للكيان الصهيوني بشدة.
إن الأمر الذي يثير للسخرية حقا أن الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" يحاول أن يلائم خططة وسياساتة الخاطئة في منطقة الشرق الأوسط عامة وعلى منطقتنا الفلسطينية على وجه الخصوص على معايير فهم القيادات الإسرائيلية وتصوراتها لحسم الصراع، ولهذا يمكننا القول أن " باراك أوباما " لن يجبر أو سيؤثر على القيادة الإسرائيلية مطلقا أيا كان لونها الحزبي على دفع إستحقاقات السلام العادل والشامل في المنطقة، متلهيا بأرجوحة ما يسمية "مكافحة الإرهاب" وذلك بصورة مقصودة للقفز عن المحرك الأساسي لكل أعمال العنف في منطقة الشرق الأوسط وهو "الكيان الإسرائيلي بالتحديد".
هذا التجاهل الأمريكي قد يسعر ويلهب المنطقة بأكملها في المستقبل القريب، ويبدو أن الرئيس الأمريكي لا يرى الواقع إلا بعين واحدة بعد أن دك الشعب الفلسطيني مرارا وتكرارا ومزقت جرافات الإحتلال خارطة الطريق التي وضعها سلفة "بوش" وسقط آلاف الشهداء والجرحى من شعبنا الفلسطيني، وهذه بحد ذاتها كافية لرفع وتيرة الكراهية والحقد مما يذخر الأجيال القادمة بالطاقة اللازمة لإستمرار الصراع الدموي بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي.
فإن ما يجري داخل "الكيان الاسرائيلي" حاليا مثير للقلق حول مستقبل المنطقة برمتها لأن "الكيان الصهيوني" يعيش في هذه الأيام حالة طوارئ أمنية قصوى على إمتداد ستون عاما مضت وهو حتى الآن بلا حدود معلنة ولا هوية ولا مبادئ ثابتة، وهذا يدلل على عدم وصول الزعامات الإسرائيلية إلى مرحلة الإدراك والفهم السياسي الحقيقى.
هذه النتيجة ليست إلا المقدمة التي أعدها "نتنياهو" ليجهز على ما تبقى من قيمة معنوية لعملية السلام، وهنا يبدو مخططة العدواني اكثر وضوحا يستهدف"قلب الطاولة" وإستبدال شعار "الأرض مقابل السلام"، "بالأمن مقابل السلام".
إذا فالخطر يتصاعد في ظل إغلاق "الجنرالات الإسرائيليين والقادة الأمريكان " بوابة الأمل بتنكرهم الواضح لكل ما توصل إليه الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي عبر تاريخ المفاوضات هنا وهناك.
إن مرحلة تحقيق الإستحقاقات المقدسة لدى شعبنا الفلسطيني، تعتبر من أدق وأخطر المراحل فمن الواجب في مثل هذه الحالة التحلى بالصبر وسبرغور ما يجري من حولنا، خاصة وأن العالم أصبح الآن في مهب الرياح الأمريكية والتي تتغير فيه الأشياء تغير الرمال في الصحراء، فلا ثوابت إلا المتغير، الامر الذي يستدعي منا المرونة وسرعة الحركة، ليس على الصعيد التفاوضي فحسب بل على صعيد ترتيب أولوياتنا ومواصلة المواجهة الدبلوماسية علىى كافة الساحات والميادين، مع الأخذ بنفس الوقت بعين الإعتبار متطلبات واقع شعبنا المعيشي والإقتصادي.
لذلك إن طبيعة الصراع العربي الإسرائيلي سوف يتخذ منحى جديد بعد رياح التغير التي اجتاحت المنطقة، وسقوط ما يسمى الحرس القديم وارتقاء الديمقراطيات الى المشهد السياسي في مصر وبعض الدول المؤثرة الاخرى.
فالخطب والبيانات التي يلقاها الرئيس الامريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو تضع عملية السلام في مأزق اكثر من قبل ولا يرون بديلا لأن تسعى القيادة الفلسطينية من جانب واحد للحصول على إعتراف بالدولة. وهو ما يشجع تبني إستراتيجية جديدة تنطوي على ممارسة ضغوط دبلوماسية على مستوى العالم الحر والديمقراطي على إسرائيل وممارسة النشاط السياسي غير العنيف او "المقاومة الشعبية" على الارض.
فلقد أثبت شعبنا الفلسطيني طيلة تاريخ نضالهم الطويل والمرير إنه شعب يستحق بجدارة دولة فتية مستقلة بعاصمتها القدس الشريف، فهو بذل جهد متواصل وشاق وأثبت للقاصي والداني إنه الرقم الصعب في المعادلة واليد التي تمتلك كافة الإمكانيات المؤثرة، خاصة وأنه وقف بجانب قيادتة الفلسطينية ومساعدتها في تحقيق أهدافها ورسم توجهاتها.
إن محاولة الإستفادة من هذه الجهود من أجل مزيد من المناورة والمراوغة، وإعتياد الأطراف على جمود حقائق الإحتلال، هو اهم سبب لإحداث تراكمات الإنفجار.
فإذا كان " نتنياهو وأوباما " يدركون انهم يجازفون بهذا الإحتمال ويستعدون له، فإنهم بذلك يكررون عمى الألوان لكل الذين راهنوا على ركود اللحظة أو صبر الإنتظار. فإن أي إنفجار قادم سيكون أكثر قسوة وصعوبة من كل ما سبقة، وسوف يترك أثارة بأطول أمد من كل ما سبقة، لذلك فإن الرهان من منطلق ومنظور تفوق القوة العسكرية البربرية هو"كعب أخيل" لكل الغزاة والمحتلين.

كاتب وصحفي فلسطيني
باحث في الشأن الإسرائيلي
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية #سوشال_سكاي


.. بايدن: إسرائيل قدمت مقترحا من 3 مراحل للتوصل لوقف إطلاق النا




.. سعيد زياد: لولا صمود المقاومة لما خرج بايدن ليعلن المقترح ال


.. آثار دمار وحرق الجيش الإسرائيلي مسجد الصحابة في رفح




.. استطلاع داخلي في الجيش الإسرائيلي يظهر رفض نصف ضباطه العودة