الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قنوات الواقع الافتراضي العربية

كريم كطافة

2004 / 11 / 9
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


أحياناً بقدر ما أمقت طريقة صحافيي القنوات العربية في إعداد وتقديم برامجهم، بقدر ما أشفق عليهم، هؤلاء ابتلاهم الله بمهنة لا يجدون في الواقع العربي ما يبرر استمرارهم بها. الصحافة هي بنت التنوع والمنافسة، رئتها الحرية، خامتها آراء وأفكار ومشاريع الناس المختلفة والمتخالفة. وهذه الثيم هي بالضبط المفقودة في عالمنا العربي والإسلامي، تدخل تحت بند المحرمات والممنوعات والمكروهات والمفرقات لشمل الأمة (والمقصود شمل القطيع-الرعية). لذلك ليس غريباً أن أكثر برامج القنوات العربية جماهيريةً هي تلك البرامج المترجمة عن الغرب، إن كانت أفلاماً أو برامجاً من نوع تلك التي تتعامل مع البيئة والإثارة وبرامج الفضائح والجرائم أو برامج مآثر رجال الحريق والشرطة (ليس الشرطة العربية أو الإسلامية بالتأكيد).. لذلك كله يلجأ الصحافي الذي يريد مواصلة العمل في مهنته إلى فن الحيلة واللف والدوران والتورية أحياناً لتقديم برامج يمكن أن تدرج تحت يافطة العمل الإعلامي أو الصحفي. ولعل واحدة من تلك الحيل هي استبدال الواقع الواقعي بواقع افتراضي والنسج فيما بعد على منواله. وللتدليل على ادعائي هذا أسوق لكم وقائع البرنامج التالي:
بسبب خلوا منطقتنا من تلك الخرافة التي اسمها انتخابات، لجأ معدي أحد البرامج في قناة فضائية عربية إلى الافتراض.قرروا الخروج من الواقع الواقعي إلى الواقع الافتراضي مفترضين المواطن العربي يحق له التصويت في الانتخابات الأمريكية، واستطلعوا رأيه على هذا الأساس: قل رأيك.. اسمك صوتك. ماذا تفضل بوش أم كيري؟
لعل هذا السؤال يدرج تحت بند التوريات، هو نوع من الأسئلة التي تقال، لكن المقصود بها ليس السؤال بذاته، بل ذلك السؤال المتخفي تحت المعلن، والسؤال المتخفي تحت طيات هذا السؤال في حالتنا هو: قل رأيك.. اسمع صوتك.. ماذا تفضل حاكمك الجاثم على صدرك منذ دهور أو زيد من المعارضين..؟ المهم قُدم السؤال بشكله الافتراضي العلني وليس المتخفي، وقيل، ولا أدري من القائل: من المأساة ما يضحك. كانت الحلقة على مدار ساعة عبارة عن عرض فريد من نوعه لكوميديا تصلح لها خشبات المسارح. لا أعرف كيف استطاع المسكين (حسني..) قضاء تلك الليلة مع المتصلين، ـ يا اخوانا.. احنا بنقول دا افتراض.. افتراض.. والله العظيم افتراض.. والمتصل ما زالت حماسته تقول أنه قد صدق الافتراض على أنه واقع، وأن الذي أمامه ليس المسكين (حسني..) مقدم البرنامج، بل هو بوش الحقيقي أو كيري الحقيقي.. واحد يريد يشرب من دم بوش على غزو العراء والثاني يريد يسحب كيري من شعر رأسه الطويل ويمسح به الأرض لعمالته لإسرائيل.. والأخت المتصلة التالية.. تصرخ بصوت الانفعال أنها لا تريد لا هذا ولا ذاك كلهم خنازير وأولاد ستين كلب.. أحد الشيوخ قدم لترشيحه بـ" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" ثم أردفه بآية من الذكر الحكيم عرج بعدها على موضوع الفلوكة واخوانا المكاهدين، وانتهت مداخلته دون أن يعطي صوته.. والمذيع ما انفك يكرر ويعيد.. يا اخوانا دا افتراض والله العظيم افتراض.. مش حقيقي.. خلونا بالموضوع أركوكم بلاش فضايح.. انتهى البرنامج أخيراً بشق النفس بنتيجة هي 52% لبوش و52 % لكيري..!!!! كيف حصل هذا؟ لا أدري. لكني مثلكم أعرف أن المية تقسيم أثنين تطلع خمسين ولو اتفق وتجمع وتعاهد كل معدي البرامج الافتراضية العربية لا يجعلوها غير هذا.. وما بدلوا تبديلا.. لكن الأغرب من كل هذا، هو ذلك الشاب العراقي الذي ينتمي إلى مدينة الثورة الحبيبة (مدينة المليون أملح).. سأله المذيع في الشارع، لأن البرنامج كانت له تكملة هي استطلاعات الشارع العربي: ماذا تنتخب أخي.. بوش لو كيري..؟ أجابه ذلك الشاب بحماسة تكاد تنفرط من أوداجه.. حبيبي لا بوش ولا كيري.. أحنا عندنا القائمة المهدوية راح تكتسح العراق وأمريكا والعالم كله..!! شنو بوش شنو كيري..!!! بالطبع المذيع لم يعلق. لكني أعتقد أن ذلك الشاب كان يمزح، ربما على عادة العراقيين في إتقان فن الحسجة.. يعني كانت حسجة عراقية..
هامش:
بالنسبة لأخوانا العرب؛ أن المقابل المعروف في اللغة العربية للحسجة العراقية وحسب معلوماتي اللغوية المتواضعة، هو التورية. وأرجوكم لا تسألوني عن أصل وفصل التورية، لأني مثلكم لا أعرف شيئاً..
8/11/2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مساع للتوصل إلى توافق في قمة سويسرا بشأن أوكرانيا للضغط على


.. قائد قوات الدعم السريع: بذلنا كل ما في وسعنا للتوصل إلى حل س




.. الناخب الأميركي على موعد مع مناظرتين جديدتين بين بايدن وترام


.. خلافات في إسرائيل إثر إعلان الجيش -هدنة تكتيكية- في بعض مناط




.. إذاعة الجيش الإسرائيلي: غالانت لم يعرف مسبقا بالهدنة التكتيك