الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بشير الحامدي في حوار مفتوح مع القارئات و القراء حول: ثورة الحرية والكرامة في تونس وآفاقها، دور ومكانة قوي اليسار والطبقة العاملة و النقابات.

بشير الحامدي

2011 / 6 / 12
مقابلات و حوارات


أجرى الحوار: فواز فرحان
من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا – 56 - سيكون مع الاستاذ بشير الحامدي  من قيادات رابطة اليسار العمالي حول: ثورة الحرية والكرامة في تونس وآفاقها، دور ومكانة قوي اليسار والطبقة العاملة و النقابات.


1 ــ بعد القضاء على الدكتاتورية وتحطيم قيودها ، هل تعتقد بأن الشعب التونسي قادر على الوصول لضفة الأمان وتحقيق المنجزات القادرة على بناء تونس علمانية مدنية حديثة ؟ وفي ضوء ذلك كيف ترى دور ومكانة قوى اليسار في تونس؟


أولا لابد من توضيح مسألة مهمة قبل الإجابة على هذا السؤال ألا وهي أن الثورة التونسية والتي إنطلقت في 17 ديسمبر 2010 بانتفاضة جهة سيدي بوزيد التي توسعت في ظرف زمني قصير وشملت كل جهات البلاد ولئن وتمكنت من الإطاحة بالدكتاتور بن علي الذي فرّ يوم 14 جانفي فإنها ما زالت تراوح في القضاء على الدكتاتورية وعلى بقايا نظامه الفاسد. إن منجز الثورة إلى حدّ الآن مازال أقل بقليل مما كانت تطمح إليه الجماهير الشعبية التي ثارت على نظام الإستبداد والفساد نظام بن علي. بالطبع إن لذلك أسبابا تعود بالدرجة الأولى إلى الضعف الذي كانت عليه الحركة الشعبية سياسيا وتنظيميا أثناء إنطلاق أحداث الثورة وهو وضع مستمر إلى اليوم فلا الحركة الشعبية قدرت ومن داخلها وأثناء السيرورة الثورية أو بعدها على تجذير أشكال تنظمها الذاتي التي نشأت مع إنطلاق الأحداث في شكل لجان ومجالس لحماية الثورة والرقي بها إلى مستوى هيئات سلطة شعبية مواطنية قاعدية تطرح على نفسها إنجاز مهمات الثورة واستكمالها حتى القضاء على الدكتاتورية على قاعدة برنامج انتقالي سياسي واقتصادي واجتماعي ولا الحركة السياسية اليسارية الديمقراطية ممثلة في تيارات اليسار الماركسي والتيارات القومية قدرت هي أيضا على طرح مسألة السلطة و راكمت سياسيا وتنظيميا من أجل الوصول إلى هذا الهدف. إن كل ذلك سمح لبقايا نظام بن علي بأن يلتفوا على مطالب الجماهير وأن ينصبوا أنفسهم سلطة مؤقتة للمرحلة الانتقالية المستمرة إلى اليوم والتي وضعوا لها أفقا هو انتخاب مجلس تأسيسي الذي وضعت له قوانين لا يمكن في الأخير أن تفرز غير برلمان برجوازي سيعاد فيه تمثيل التجميعيون الذين وبعد حل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي سمحت لهم الحكومة المؤقته بتكوين أكثر من عشرين حزبا كما الأحزاب الليبرالية وحزب النهضة . لذلك فالحركة الشعبية ولئن تمكنت من فرض بعض المطالب ودفعت السلطة اللاشرعية المؤقتة إلى بعض التنازلات الجزئية خصوصا في المرحلة التي تلت 14 جانفي كحل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي وحل البوليس السياسي فإن أغلب مطالب الجماهير[ التشغيل ـ مصادرة أملاك عائلة الدكتاتورـ مراجعة مسألة الجباية ـ مراجعة قوانين الاستثمار والشراكة ـ عدم خلاص ديون المتجلدة من عهد الدكتاتور بن علي ـ محاسبة المسؤولين في نظام بن علي على الجرائم السياسية والاقتصادية التي ارتكبوها في حق الشعب والوطن ـ تحرير الإعلام ـ ضمان استقلالية القضاء ] لم تنجز لا بل أكثر من ذلك فقد أعادت حكومة الباجي قايد السبسي منذ توليها تنظيم جهاز القمع وضيقت على الحريات وقمعت المظاهرات وواصلت نهج بن علي وآخرها مزيد إغراق البلاد بالديون.
ما يمكن استنتاجه من كل ما تقدم هو أن منجز ثورة الحرية والكرامة وإلى حدّ اليوم هو في الحقيقة وبالملموس لا يمكن أن يؤشر إلى أن تونس ستخرج إلى [ضفة الأمان] لأن المطلوب في الأساس هو أكثر من دولة علمانية مدنية ديمقراطية حديثة. إن المطلوب هو دولة تمثل الشعب تمثل العمال والفلاحين الفقراء وتكرس مصالحهم لأنهم الأغلبية وهي بصورتها هذه ستكون علمانية ومدنية وديمقراطية. إني أعتقد أن ذلك سيبقى مطلبا للتحقيق لأن كل مؤشرات الواقع تبين أن الطبقة البرجوازية التابعة المتنفذة إلى الآن سياسيا واقتصاديا وبمعية داعميها فرنسا وأمريكا والتي تتحكم في المسار الانتقالي اليوم لن تؤسس لمثل هذه الدولة بل إنها ستعمل على إعادة تنظيم جهازها السياسي [الدولة] ليس على قاعدة العلمانية والحداثة والمدنية بل على قاعدة مزيد الارتباط بنظام السوق وبالعولمة الليبرالية وبالاستغلال والقمع.
أما حول دور ومكانة قوى اليسار في تونس وفي ضوء كل ذلك فإني أعتبر أن اليسار التونسي اليوم مطروح عليه أن يلعب الدور الموكول له باعتباره صاحب مشروع ثوري ديمقراطي وتقدمي يعبر عن مصلحة الطبقة العاملة وكل الفئات الشعبية التي تتناقض مصالحها مع مصالح الطبقة البرجوازية وحليفتها الإمبريالية العالمية . قوى اليسار في تونس ة يجب أن تستقل برنامجيا وتنظيميا عن الجبهة اليمينية بكل مكوناتها وأن تستند إلى قوى الثورة الحقيقية الممثلة في المجالس واللجان الشعبية وفي النقابات والقطاعات المناضلة والهيئات والجمعيات الديمقراطية والتقدمية وأن لا تحصر أفق برنامجها فقط في مطالب سياسية لأن للثورة برنامج اقتصادي واجتماعي كذلك فالجماهير في حاجة لمن ينظمها ويرتقي بوعيها على قاعدة برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي شامل هو في وضعنا الراهن مكون من جملة مهام انتقالية إضافة لمهمة المجلس التأسيسي التي يفترض لتحقيقه وجود حكومة انتقالية من هذه القوى وبالتالي فقوى اليسار مدعوة للنضال لمواصلة الثورة وعدم التخلي عن مهمة إسقاط الحكومة الحالية إذا ما كانت فعلا مؤمنة بأن مهمة إنجاز مجلس تأسيسي ليس مهمة من مشمولات بقايا الدكتاتورية والقوى الليبرالية والإصلاحية وأن برنامجها أي قوى اليسار ليس برنامج إصلاحات برجوازية بل برنامج تغيير جذري. إن كل تحقيق لمطلب المجلس التأسيسي خارج هذه الدينامكية ما هو في الأخير إلا منع للأغلبية التي أطاحت ببن علي يوم 14 جانفي 2011 من إرساء سلطتها وتكريس النظام السياسي الذي ترتئيه .

2 ــ دور المرأة التونسية في ثورة الحرية والكرامة كان مُشرّفاً يستحق الاجلال والإحترام في ظل حقوق وقوانين تقدمية نسبيا، هل تعتقد بوجود مخاطر تهدّد هذا الدور البناء للمرأة التونسية وحركتها في المجتمع ؟

نعم كان للمرأة التونسية مشاركة مهمة في ثورة الحرية والكرامة سواء تلك المشاركة التي ساهمت بها منظمة النساء الديمقراطيات أو النساء المتواجدات في لجنة المرأة العاملة وهي هيكل في صلب الإتحاد العام التونسي للشغل أو في الحركة الطلابية والحركة التلمذية أو تلك التي كانت خارج هذين الإطارين. في الحقيقة إن مساهمة النساء في النضال ضد دكتاتورية بن على تمتد إلى ما قبل ثورة الحرية والكرامة لقد كان لهن دور هام خصوصا في إنتفاضة الحوض المنجمي بحضورهن البارز في كل التحركات التي نظمت هناك طيلة أكثر من خمسة أشهر. إن هذا الدور المهم للنساء في تونس مهدد في الوقت الحاضر بخطرين.
الخطر الأول هي الانتكاسة التي يمكن أن يمنى بها المجتمع ككل والنساء أحد مكونات هذا المجتمع بعودة الدكتاتورية عبر بقايا نظام بن علي وهو خطر يهدد منظومة الحريات ككل بما فيها حقوق المرأة عموما. وللتذكير فالمرأة التونسية وحتى أثناء سلطة الدكتاتور بورقيبة أو في عهد نظام بن على وفي إطار مجلة الأحوال الشخصية كن يعانين الكثير من واللامساواة. فمجلة الأحوال الشخصية نفسها وبرغم بعض القوانين التقدمية التي أسست لها فإنها لم تمنع أن تظل المرأة تعاني من تسلط العقلية الذكورية ومن الاستغلال المضاعف الذي تتعرض له في مجال العمل من حيث الأجرة ومن حيث قوانين الشغل. الخطر الثاني هو الحركة الإسلامية بمشروعها السياسي و المجتمعي الرجعي وما يحمله من خطر على حقوق المرأة. إن الإسلاميين وبرغم تأكيداتهم الأخيرة على أنهم مع الإبقاء على مجلة الأحوال الشخصية واعتبارها من المكاسب التي يستوجب المحافظة عليها وعدم معارضتهم للتنصيص على المساواة الكاملة بين الجنسين في الدستور وهي مواقف يرددها زعماؤهم في محاولة للظهور بوجه مدني تقدمي مجاراة للواقع ولكنها في الحقيقة ودون السقوط في منطق التشكيك نقول أنها مواقف ليست مؤسسة على قناعات منسجمة مع مرجعيتهم الدينية باعتبار أن الحركة الإسلامية مازالت نظرتها لحقوق المرأة نظرة تستند للشرع نصا أو اجتهادا أي لما تسمح به المنظومة الدينية ولما لا تسمح به.
لذلك نقول أن الضامن الوحيد أمام هذين الخطرين هو أولا أن يعمل القطب الديمقراطي التقدمي أحزابا وجمعيات وهيئات وشخصيات على التمسك بحقوق المرأة المكتسبة والنضال من أجل تدعيمها لتحقيق مساواة فعلية في الحقوق بين الجنسين بقطع النظر عن الدين أو المذهب وذلك بالتصدي ومنع عودة بقايا نظام بن على من جهة ومن جهة ثانية بكشف وتعرية المواقف الرجعية للحركة الإسلامية المتعلقة بمشروعها المجتمعي ككل و بجزئه الخاص بالمرأة وثانيا أن تنجح الحركة النسائية في الظهور كحركة مستقلة ديمقراطية وجماهيرية متمسكة بالمكاسب المحققة ومناضلة لتوسيعها أكثر ولن يتأتي ذلك إلا إذا تجاوزت هذه الحركة المراوحة في إطار نخبوي وتوسعت لتشمل النساء من مختلف الشرائح الإجتماعية من التلميذة والطالبة إلى العاملة والموظفة إلى ربات البيوت.


3 ــ بماذا يمكن تفسير السير البطئ للحركة اليسارية في تونس؟ هل يكفي التظاهر ضد منظومة الفساد والقوى اليمينية حتى تتحق مطالب الحركة العمالية ؟

عانت الحركة اليسارية في تونس من القمع الذي تعرضت له منذ نشأتها في الستينات كيسار جديد في العهد البورقيبي واستمر هذا القمع في ظل نظام بن علي حيث الانعدام الكلي لأبسط الحريات بحيث بقيت هذه الحركة تعاني من ضعف مستمر منعها من الإنغراس في صفوف العمال وساهم في استمرارها مشتتة منقسمة في حلقات متصارعة على قاعدة فئوية أساسها ليس الاختلاف على تحليل الواقع وعلى المهمات التي يطرحها بقدر ما هو اختلاف على تبني مرجعيات تاريخية [ستالينية ماوية تروتسكية]. لم يمنع ذلك حركة اليسار من أن يكون لها حضور داخل الحركة العمالية وداخل أوساط الشبيبة الطلابية تحديدا كما في بعض الجمعيات [رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان ـ النساء الديمقراطيات ] وفي الأوساط الثقافية. إلا أن هذا الحضور لم يمكنها من التحول إلى حركة لها إمتداد شعبي مؤثر بحيث لم تتمكن الحركة اليسارية مثلا من أن تبني نفسها في الإتحاد العام التونسي للشغل كقطب طبقي على قاعدة مستقلة وديمقراطية ومناضلة معارضة للبيروقراطية بل ظلت مختلف اتجاهات هذه الحركة مربوطة بألف خيط وخيط بهذه البيروقراطية وهو نفس الوضع الذي ينطبق على تدخلها في الحركة الطلابية والتي مازالت إلى حد اليوم تعاني من ضعف كبير ناتج أساسا على التشرذم والانقسام وعلى الصراعات الخطية التي لم تنتج غير المزيد من الانقسامات . أثناء الثورة ونظرا لهذا الضعف بقيت الحركة اليسارية التونسية بعيدة عن التأثير في الأحداث والظهور بمظهر المحرك و القائد للحركة الشعبية وهو ما جعلها تظل عفوية في نشاطها منذ إنطلاق الإحتجاجات إلى ما بعد الإطاحة بالدكتاتور بن علي.
بعد 14 جانفي لم تتمكن الحركة اليسارية التونسية من تجاوز ضعفها و العمل على أرضية طبقية يسارية ديمقراطية مستقلة عن جبهة اليمين ككل على أساس برنامج عمالي شعبي سياسي اجتماعي واقتصادي يستند إلى قوى الثورة الحقيقية ويفعل على مواصلة الثورة حتى تحقيق كل مهماتها بل ظهرت هذه الحركة مترددة ووسطية وغير قادرة على طرح مسألة السلطة. إن هذا التردد والوسطية ليظهران جليا في تشبث هذه الحركة وحصر عملها في أطر أظهرت الأحداث أنها عاجزة على أن تكون الأداة التنظيمية والبرنامجية التي يمكن أن تواصل الثورة وأعني هنا جبهة 14 جانفي وكذالك مجلس حماية الثورة. فجبهة 14 جانفي ومنذ البداية ظهرت عاجزة عن تعبئة الجماهير لمواصلة الثورة والتحقت بعض مكوناتها بالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي التي كونتها السلطة اللاشرعية وانخرطت في الأرضية الالتفافية اليمينية ومجلس حماية الثورة والذي ظهر بمبادرة فوقية دفعت إليها حكومة الغنوشي باتفاق مع البيروقراطية النقابية وكان أشبه بسفينة نوح حيث ضم تقريبا كل الأحزاب والجمعيات الناشطة على أرضية وفاقية أقرب لليمين منها اليسار. كذلك لم تفعل الحركة اليسارية على تفعيل حظورها في النقابات ودفعها إلى الانخراط في المعركة ضد بقايا النظام وقوى الالتفاف وأغمضت العين على دفع الصراع مع البيروقراطية داخل الإتحاد العام التونسي للشغل وإزاحة رمزوها الفاسدة والمورطة مع بن على. كل هذا يفسر ولو بشكل سريع السير البطئ للحركة اليسارية في تونس والمطروح عليها اليوم وكما ذكرنا ذلك سابقا التوحد على قاعدة برنامج عمالي شعبي على أرضية مطالب سياسية واقتصادية اجتماعية وتوسيع قاعدة تحالفها على هذا الأساس من منظور خلق قطب شعبي جذري ديمقراطي تقدمي مستقل عن قوى اليمين بمختلف تلويناتها لا يفصل النضال السياسي عن النضال الإقتصادي مستندا لقوى الثورة شعاره الرئيسي إستكمال مهمات الثورة.


4 ــ لعب الاتحاد العام التونسي للشغل دوراً كبيرا في التغيير، هل سيتمكن هذا الاتحاد من قيادة مطالب الجماهير حتى النهاية؟ وكيف تقيم دور ومكانة الحركة النقابية ما بعد التغيير؟

لابد من الإشارة إلى أنه من الضروري التمييز عندما نتحدث عن الدور الذي لعبه الإتحاد العام التونسي للشغل أثناء الثورة بين موقفين موقف قيادته الذي كان مساندا لبن على حتى لحظات حكمه الأخيرة وبين موقف تيار نقابي مناضل واسع مشكل من نقابيين قاعديين وفي الهياكل الوسطى وفي المكاتب التنفيذية لبعض القطاعات والذي انخرط في الثورة وساهم مساهمة فعالة فيها. لقد كان لموقف وممارسة هذا التيار النقابي المناضل تأثير كبير على إكساب جزء من منتسبي هذه المنظمة الثقة ودفعهم للالتحاق والانخراط في مقاومة دكتاتورية بن على مما أكسب التحركات والاحتجاجات التي نظمت خصوصا في الأسبوع الثاني من شهر جانفي 2011 جماهيرية واسعة زعزعت السلطة وسرعت بإسقاط الدكتاتور كما كان له أيضا تأثير كبير على البيروقراطية ودفعها إلى التسليم بالأمر الواقع وعدم معارضة التجذر الحاصل خوفا على موقعها فقد تمكنت القوى المناضلة وفي الأيام التي سبقت 14 جانفي من الضغط داخل الهيئة الإدارية للإتحاد لإعلان الإضراب العام الذي عارضته الكتلة البيروقراطية معارضة شديدة لينتهي الموقف في الأخير إلى قرار ترك المبادرة للجهات لخوض إضرابات جهوية وهو ما حدث بالفعل حيث تواترت الإضرابات الجهوية ليبلغ المسار أشده يوم 14 جانفي يوم الإضراب الجهوي بتونس والذي تزامن مع إضرابات جهوية أخرى في عدة جهات ومظاهرات ومسيرات عارمة في كل البلاد انتهت بالإطاحة ببن على عشية نفس اليوم. بعد 14 جانفي ساندت البيروقراطية النقابية حكومتي الغنوشي الأولى والثانية ولعبت دورا كبيرا في ترويض الهياكل النقابية ودفعها لتبني موقف انتظاري من الملفات النقابية المطروحة ومن مطالب العمال بتعلة أنه لابد من تمكين الحكومة والرأسماليين والمستثمرين من فترة من الوقت لإعادة ترتيب أوضاع مؤسسات الإنتاج وعدم الزج بالإتحاد في صراع مباشر مع بقايا الدكتاتورية حفاظا عليه مما يمكن أن يؤدي إليه هذا المسار. واصلت البيروقراطية نفس السياسة مع حكومة الباجي قايد السبسي والتي تساندها اليوم عبر وجود الإتحاد في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي و عبر عدم الضغط عليها برفع مطالب العمال والمطالبة بتحقيقها. لقد لعبت البيروقراطية النقابية بعد 14 جانفي دورا ساهم في دعم قوى الالتفاف على الثورة وضيق من مساحة الفراغ التي مرت بها الحكومة الحالية في بعض الفترات ولعب دور الحارس على الأجراء لصالح الرأسمال وباختصار يمكن القول أن البيروقراطية النقابية مازالت إلى اليوم تلعب نفس الدور الذي لعبته قبل 14 جانفي. لم يكن كل هذا ليدفع بتيارات المعارضة النقابية والتي كانت ترفع شعارات النضال ضد البيروقراطية من أجل حركة نقابية مستقلة ديمقراطية ومناضلة من تجسيم توجهها هذا وخوض معركة تصحيح للمسار النقابي على قاعدة هذه الأرضية نظرا لتشبثها بالمحافظة على مواقعها الراهنة للنظرة القاصرة التي تتبناها والتي مازالت تعتبر أن الصراع مع البيروقراطية هو صراع على الموقع بالأساس وهي ليست مستعدة للتفريط في المواقع التي تحوزها.


5 ــ كيف تقيّم تأثير الثورة التونسية على مجمل العالم العربي ؟ وداخليا كيف ترى موازين القوى السياسية في تونس وخاصة قوى الثورة المضادة والإسلام السياسي ؟ وهل تعتقد بوجود دور مستقبلي مؤثر لها تلعبه على الساحة السياسية ؟


عرفت الأربع سنوات الأخيرة التي سبقت اندلاع الثورة التونسية في مصر وفي المغرب وفي تونس حراكا سياسيا واجتماعيا و تطورا في مستوى الصراع الطبقي ولئن لم يبلغ درجات تطور كبيرة فإنه كان يؤشر في هذه البلدان الثلاثة إلى أن تصاعد وتيرة الغضب الشعبي والاحتجاجات على الأنظمة الدكتاتورية يمكن أن ينطلق ويتوسع في كل لحظة نظرا للظروف التي كان عليها العمال و سائر الفئات الشعبية التي تدهورت أوضاعها تدهورا كبيرا في ظل قمع معمم وغياب كلي للحريات الديمقراطية طبعا مع مراعات الاختلافات النسبية في الأوضاع في هذه البلدان. لم يكن مثل هذا الرأي خاطئا فقد جاءت الثورة التونسية وبعدها الثورة المصرية لتبرهن على صحته. لقد ساهمت الثورة التونسية في إيقاظ وعي الجماهير العربية في مصر واليمن وسوريا وليبيا وقدمت تجربة كبيرة على قدرة الجماهير على مقاومة الدكتاتوريات الفاسدة لما تنزع عامل الخوف المستبطن من القمع ولما تعي مصالحها المباشرة.
لقد مهدت الثورة التونسية وبعدها الثورة المصرية وهما الثورتان اللتان أطاحتا بأحط دكتاتوريين الطريق لبقية شعوب المنطقة للسير في نفس الاتجاه ولعل الإحتجاجات المستمرة في اليمن وسوريا كما الحراك الموجود اليوم في المغرب والنضالات المستمرة في تونس وفي مصر ضد بقايا الدكتاتورية وقوى الالتفاف على الثورة لخير دليل على أن هذه الموجة الثورية مازالت متواصلة ولن تتوقف إلا بعد الإطاحة بالكثير من عروش الدكتاتورية.
في تونس ويعد الإطاحة بالدكتاتور ونظرا لضعف الحركة السياسية المعارضة لنظام بن علي ولعدم جماهيريتها فقد تمكنت بقايا النظام من تنصيب نفسها على قاعدة دستور 1959 الذي عرف تحويرات كثيرة جعلت منه وثيقة حارسة على مؤسسة الرئاسة واستمرار نظام الحزب الواحد. على هذه القاعدة والتي لم تجد معارضة كبيرة من الأحزاب والجمعيات تمكنت بقايا النظام من طرح نفسها حارسا على الثورة ومشرفة على الفترة الانتقالية التي ستسبق انتخاب مجلس تأسيسي وتمكنت من جرّ أغلبية الأحزاب على قاعدة أرضيتها هذه الأحزاب التي أصبحت بالعشرات منها أكثر من 20 حزبا مكونا من بقايا التجمع الدستوري المنحل.
بكل هذا الكم الهائل من الأحزاب تبدو موازين القوى لصالح الأحزاب اليمينية المكونة من الأحزاب الليبرالية ومن الأحزاب البرجوازية الوسطية ومن الأحزاب التي فرخها التجمع الدستوري المنحل ومن حركة النهضة.
القطب السياسي الآخر والمكون من الأحزاب البرجوازية الصغيرة الإصلاحية ومن الأحزاب اليسارية بشقيها الماركسي والقومي تبدو ضعيفة في مواجهة القطب اليميني وحركة النهضة المدعومين من الحكومة المؤقته ومن القوى الإمبريالية وفي العموم يمكن القول أن الأوضاع في ظل هكذا توازنات يمكن أن تؤدي إلى انتكاسة وإلى تبخر حتى الحلم بدستور ديمقراطي ودولة مدنية.
 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من انتم
نادية حميد ( 2011 / 6 / 12 - 20:21 )
لااعلم عن تياركم
هل هو جزء من حزب العمال الشيوعي
ام ماذا ؟؟؟؟
شكرا


2 - رد الى: نادية حميد
بشير الحامدي ( 2011 / 6 / 12 - 21:14 )
رابطة اليسار العمالي ليست جزء من حزب العمال الشيوعي التونسي
يمثل أعضاء رابطة اليسار العمالي تجمعا سياسيا من مناضلي الحركة العمالية والديمقراطية والنسوية والشبابية ذوي النزعة التضامنية الأممية والتوجه الديمقراطي القاعدي، والذين عرفوا بمعاداتهم للرأسمالية والاستبداد ولكل أشكال الاستغلال والاضطهاد والتمييز، ينخرطون في نضال الجماهير مساهمين في بناء المشروع الثوري لعموم المنطقة العربية، لا يطرحون أنفسهم بديلا جاهزا بل يطرحون تصوراتهم البرنامجية على كل اليساريين الثوريين والطلائع المناضلة في مختلف القطاعات وعلى الفئات والطبقات التي لها مصالح مباشرة وتاريخية في تغيير المجتمع تغيرا جذريا في اتجاه اشتراكي جديد يقطع مع تجارب الانحطاط البيرقراطي والاستبداد الدكتاتوري.


3 - انفتاح عصر جديد
عمران محمد ( 2011 / 6 / 13 - 00:43 )
تحية
لن تكون السيرورات الثورية الجارية بالمنطقة مكتملة في وقت وجيز، لأنه لم تتوفر لها عوامل سرعة أكبر أساسية، أهمها على الإطلاق يسار ثوري متعدد ومنغرس ويحوز قيادة الجماهير المنتفضة عن جدارة. في تونس كما في عموم المنطقة تظل تلك مهمة آنية للانجاز، وعلى ما أعتقد فحيت السيرورة قطعت أشواطا مهمة مثل تونس بالخصوص ومصر ستبزغ قوى يسارية جديدة كليا تتخلص من إرث الماضي العصبوي ومنفتحة أكثر.
الذي يبقى غامضا هو لما لا تسعى القوى اليسارية الجدرية والثورية التي كافحت في ظروف غير مواتية إجمالا إلى تحقيق وحدة أو تنسيق أو حتى حزب يقبل بالتكتل وبالاتجاهات للنضال من أجل مطالب انتقالية ترسي الثورة على مسارها من جديد.؟
الامبريالية والانظمة الرجعية التي لا تزال قائمة وبقايا الأنظمة المنزوعة الرأس تعمل جاهدة لاستعادة ما انتزعه الشعب المنتفض غصبا، ومسؤولية اليسارالثوري الثوري جسيمة للغاية في النهوض بالمهام التي يطرحها العصر الجديد المنفتح أمامنا.
في المغرب نقاش حاد حول تجاور الإسلاميين واليساريين في الحراك الحالي الذي يشهده، هل جرى نفس الأمر بتونس، وما حال العلاقة بين اليسار الثوري والقوى الدينية الرجعية هناك؟ وكيف تطورت الأمور بعد سقوط الطاغية؟


4 - رد الى: عمران محمد
بشير الحامدي ( 2011 / 6 / 13 - 02:50 )
نعم عمران كما ذكرت السيرورات الثورية الجارية بالمنطقة ما كانت لتكتمل في وقت وجيز نظرا لغياب يسار ثوري منغرس في الحركة العمالية بوصفها الطبقة الموكول لها تاريخيا إنجاز مهمات الثورة .كذلك محمد لابد من التأكيد على أن الجماهير بدورها وأثناء المسار الثوري لم تقدر على تجاوز عفويتها ولم تفرز وفي إطار الصراع أدواتها التنظيمية التي تستطيع أن تمركز نضالها ومطالبها وتحول هذه الأدوات إلى أجهزة إدارة ذاتية شعبية ومواطنية. هذا المسار ولأن ظهر في مسيرة الثورة فإنه ظل جنينا ولم يتطور وسرعان ما تلاشى.
تجربة مجالس ولجان حماية الثورة التي ظهرت لم يكتمل تطورها بوصفها أدواة مقاومة وإدارة ذاتية وهيئات إزدواجية سلطة لسببين الأول أن الوعي بأهمية هذه الأدوات عند الجماهير كان ضبابيا والثاني توظيف الأطراف السياسية في فترة لاحقة لهذه الهيئات لخدمة الموقف السياسي الذي كانت تتبناه هذه الأطراف والذي لم يكن على أرضية مستقلة عن أرضية الحكومة اللاشرعية وبالتالي ووقع تحييد هذه الهيئات عن هدفها المفروض أن تلعبه بشكل مستقل عن الأحزاب التي إكتفي أغلبها بالمنجز : إسقاط الدكتاتور.
القوى اليسارية في تونس لم تع أثناء الوضع الثوري وحتى لما تراجع الحراك أن المطروح عليها التكتل في قوة طبقية مستقلة وبرنامج قاعدته إنجاز مهمات الثورة . القوى اليسارية ولئن شكلت جبهة 14 جانفي فإنها عجزت عن تفعيلها وتحويلها إلى أداة للنضال ومواصلة الثورة نفس المآل إنتهى إليه مجلس حماية الثورة فكلا الهيئتان وبمرور الوقت لم يتمكنا من تفعيل أرضيتيهما ولم يتمكنا من الفعل على قاعدة مستقلة عن جبهة اليمين وانتهى بهما الأمر إلى التحاق أغلب مكواناتيهما بهيئة الإصلاح السياسي التي كونتها الحكومة اللاشرعية .
قبول أغلب القوى السياسية بالأمر الواقع الذي فرضته الحكومة المؤقتة اللاشرعية بوصفها سلطة للفترة الانتقالية وظهور حركة النهضة بوجه معتدل مدني تقدمي مجاراة للواقع جعلا من العلاقة بين قوى اليسار والقوى الدينية الرجعية لا يأخذ إلى حد الآن طابع الصراع على أساس برنامجي لأن كلا الطرفين منشغل بصفة أساسية بالحشد للانتخابات المجلس التأسيسي. ونظرا لطبيعة موازين القوى بين جبهة اليمين واليسار عموما وبين الإسلاميين واليسار تحديدا والتي ليست في صالح قوى اليسار يمكن القول أن المجتمع ككل مهدد بعودة الهيمنة السياسية على الدولة ومؤسساتها لأحزاب بقايا الدكتاتورية أو لحركة النهضة أو لكليهما معا.


5 - تحياتي
Mina Farah ( 2011 / 6 / 13 - 07:02 )
تحياتي لك رفيق بشير على الوضوح في الافكار....تحياتي لكل مناضلي رابطة اليسار العمالي بتونس....الى الامام


6 - رد الى: Mina Farah
بشير الحامدي ( 2011 / 6 / 13 - 08:11 )
شكرا رفيقة


7 - الثورة المزدوجة
نزيه كوثراني ( 2011 / 6 / 13 - 08:47 )
اعتقد ان نجاح الثورة متعلق ايضا بفهم عمق الاسباب والعوامل التي ساهمت في إنضاج الثورة ليس فقط على الأنظمة الاستبدادية المتحالفة مع الهيمنة الغربية بل أي أيضا على طبيعة القوى السياسية من اليسار والاسلاميين فجميع الادوات السياسية الحزبية والنقابية والثقافية صارت متجاوزة وعليها ان تقوم بمراجعات نقدية جذرية أشبه بالثورة الداخلية في المرجعيات الفكرية والسياسية والايديولوجية والتنظيمية وإلا فإنها لن تفهم المرحلة ومتطلباتها وتحدياتها وهذا القصور في النقد والنقد الذاتي هو ما يفسر عسر ولادة قوى سياسية ديمقراطية لإنجاح الثورة في سوريا واليمن او لاستكمال الثورة في تونس ومصر . واستغرب استمرار خوض معارك الثورة بالعقلية القديمة في ممارسة الصراع السياسي . ان مسارات الثورة العربية هي مسارات القبول بالتغيير في الفكر والممارسة وأشكال العمل النضالي انه التغيير الذي لايستهدف فقط طبيعة السلطة الديكتاتورية القروسطية بل أيضا جميع المستويات البنيوية والفاعلين الاجتماعيين .ما تزال مهمة رئيسية ينبغي ان تتكثف حولها جهود التونسيين لضمان نجاح الثورة وهي العمل على حل الأجهزة الأمنية القمعية والعمل على تأهيلها لإدماجها في الحياة المجتمعية .وبناء أجهزة مواطنة تناسب التحول الديمقراطي


8 - رد الى: نزيه كوثراني
بشير الحامدي ( 2011 / 6 / 13 - 17:09 )
نجاح الثورات عموما يتطلب نضج جملة من الشروط الموضوعية والذاتية وغياب شرط من هذه الشروط يمكن أن يكون حاسما في إجهاض هذه الثورات أو توقيف مساراتها. ما يحدث تحديدا في تونس وفي مصر هو دليل على أن ليست الظروف الموضوعية وحدها هي التي تصنع انتصار الثورات إن العامل الذاتي محدد أيضا. لما نتحدث عن العامل الذاتي فإننا نعني مستوى وعي وتنظم الجماهير. غياب هذا العامل كان حاسما سواء في تونس أو في مصر في جعل الثورة تتوقف دون استكمال مهماتها وسمحا لقوى الثورة المضادة من بقايا النظام في تونس أو في مصر بالالتفاف على الثورة. عجز الجماهير عن تحقيق التغيير الجذري يتطلب وبالتحديد من قوى اليسار الجذري مراجعات نقدية ونقد ذاتي لكثير من المسلمات في السياسية وفي التنظيم لتجاوز حالة الضعف والعجز التي هي عليها. لقد أظهرت التجربة التونسية كما المصرية أهمية التنظم الذاتي للجماهير أثناء الحراك إن تجاوز الجماهير لعفويتها لا يمكن أن يحصل إلا أثناء الصراع على مصالحها ضد عدوها الطبقي ففي إطار هذا الصراع تستطيع الجماهير أن تطور تجربتها في التنظم وفي الإدارة المستقلة وفي ممارسة أرقى أشكال الديمقراطية في أخذ القرار. إن تصليب عود هذه الأنماط من التنظم الذاتي الجماهيرية لهو الخطوة الأولى في إتجاه انتصار الجماهير الشعبية على أنظمة الاستبداد. يجب على قوى اليسار الجذري الثورية أن تعي أنها يجب أن تعمل مع الجماهير ومن داخلها على بناء هذه الأدوات ولن يكون ذلك ممكنا إلا إذا وعت أنه لابد لها أن تقوم بثورة على المرجعيات الفكرية والسياسية والتنظيمية التي أظهرت أنها لا تستجيب لما تتطلبه عملية التغيير الثوري.
إستكمال الثورة أعتقد أنه يتطلب اليوم من القوى الثورية سواء في مصر أو في تونس التكتل في جبهة يسارية ديمقراطية مستقلة عن الأحزاب البرجوازية والليبرالية على قاعدة برنامج سياسي وإقتصادي وإجتماعي يكثف مطالب الجماهير في جملة مهمات إنتقالية ولا تكتفي هذه القوى بصياغة هذه المطالب ورفعها بل تعمل على تنظيم الجماهير وتعبئتها من أجل تحقيقها .


9 - تروتسكية
Ahmad Ali ( 2011 / 6 / 13 - 09:34 )
من طروحتكم ارى انكم تروتسكين
هل هذا صحيح


10 - تيار ام تنظيم تروتسكي ؟
عبد الرحمان بن ملجم ( 2011 / 6 / 14 - 09:33 )
كتروسكي اممي هل تعتبر ما جرى في تونس ثورة ام انتفاضة شعبية اطاحت براس النظام في حين لا يزال هذا يواصل من خلال المؤسسة العسكرية ومن خلال المؤسسات ورموز ليس النظام الذي لا زال يواصل بل من خلال اعوان ومساعدي بنعلي الذي يتحكمون في رسم خطوط المرحلة الحالية والقادمة . ثم زمل الحالة المغربية ماهي قوة التروتسكيين التونسيين في المعادلة الصعبة التي هي تجميع اليسار الثوري لمواجهة اليسار التقليدي والحركة الاسلامية التي تسيطر على العقل والوجدان الشعبي المرتبط بالتقليدانية والعشائرية التي ابانت عن وجهها بشكا مفضوح مؤخرا في الحالة التونسية واليمنية والسورية والليبيبة. شكرا الاستاذ وتحية طيبة .


11 - رد الى: عبد الرحمان بن ملجم
بشير الحامدي ( 2011 / 6 / 14 - 17:12 )
ما حدث ويتواصل في تونس هو ثورة أطاحت بالدكتاتور بن علي ولكنها فيما بعد ظلت تراوح إلى الآن في حركة صراع مع بقايا نظامه المدعومين إمبرياليا نظر لغياب بعض الشروط المتعلقة بالعامل الذاتي للحركة الجماهيرية وعلى رأسها مستوى تنظيم القوى الثورية وفي طليعتها الطبقة العاملة. فالثورة انطلقت عفوية وبقيت إلى اليوم عفوية .
لماذا هي ثورة ؟
أعتقد أنها كذلك لأن العامل المحدد في كل عملية تغيير اجتماعي وتحول ثوري هو الشروط الموضوعية وهذه الشروط كانت ناضجة بما فيه الكفاية في تونس زمن إنطلاق الثورة . فما من أحد يمكن أن يقول أن الأوضاع الإقتصادية والسياسية والإجتماعية التي كانت تعيشها الطبقة العاملة وفئات متعددة من البرجوازية الصغيرة لم تكن تأهلها للثورة . لا يمكن الحديث عن حركة شعبية ومقاومة مثل التي أطاحت بالدكتاتور بن علي لو لم تكن الأسباب الإقتصادية والسياسية هي التي حركت الجماهير وهي التي مكنت من خلق تلك حركة الشعبية وتلك المقاومة الباسلة والجماهيرية لنظام الإستبداد والفساد وأطاحت برأسه. لكن وبقدر ما أن العامل الموضوعي أساسي فإن العامل الذاتي أيضا محدد في إنتصار الثورات واستمرارها وفي الصراع مع الطبقة البرجوازية التي تمتلك أجهزة الدولة وتتحكم في الاقتصاد.
إن للعامل الذاتي استقلاله النسبي فهو قد يتخلف عن الشروط الموضوعية وقد يتقدم عليها ولكن في حالة تونس فهو متخلف عليها كثيرا وهو ما قد يساهم في ضياع مثل هذه الفرصة التاريخية وتتوقف الثورة دون إنجاز مهماتها.
اليسار الثوري مطالب في تونس بأن يتجاوز الفئوية وعلى قوى هذا اليسار أن تظهر لا على أساس فئوي ستاليني ـ ماوي ـ تروتسكي ـ بل عليها الظهور كقوى عمالية ثورية ببرنامج يستجيب لطبيعة المهام المطروحة للإنجاز. المهام التي طرحتها الجماهير والمتمثلة في حق هذه الجماهير والتي هي أغلبية في الثروة والسلطة. ولعل ظهور تنظيم رابطة اليسار العمالي كتجمع سياسي من مناضلي الحركة العمالية والديمقراطية والنسوية والشبابية ذوي النزعة التضامنية الأممية والتوجه الديمقراطي القاعدي وتوجههم إلى كل اليساريين الثوريين والطلائع المناضلة في مختلف القطاعات للتفاعل مع أرضيتهم التي نشروها سيكون خطوة كبيرة في إتجاه بناء الأداة التنظيمية الثورية التي لابد منها لاستكمال مهمات الثورة.


12 - الحركة النسائية
جنين مصطفى ( 2011 / 6 / 15 - 15:13 )
مرحبا رفيق
تتكلم عن الحركة النسائية ك ككل متجانس وتغيب البعد الطبقي.... ان الحديث عن خصوصية وضع المراة بمعزل عن ازمة المجتمع العامة ليس الا نوع من الترقيع ل ثوب مهترء.. هو نوع من العمل الاصلاحي لا يحل القضايا الاساسية.. ان الخصم الاساسي ل المراة هو المجتمع بقيوده وتخلفة وفقره وتبعيته.
بعيدا عن هذا فان المنظمات النسائية لن تعدو اكثر من كونها مجموعات نخبوية ضيقة.
ان حل قضايا المرأة الأساسية : الفقر والتخلف والاضطهاد المجتمعي لن يتم إلا في إطار الالتزام والانتماء السياسي الديمقراطي الكفيل بتأطير الحركات النسوية من اجل تحويل المجتمع و نظامه السياسي و إزالة كافة مظاهر التخلف و الاضطهاد و الفقر و التبعية ، فهذا العمل المنظم وحده ، الكفيل ب بلورة دور الحركة النسائية كحركة اجتماعية فاعلة في صفوف الحركة السياسية ل تحقيق مجتمع العدالة الاجتماعية والمساواة ل المراة كما غيرها من المواطنين


13 - رد الى: جنين مصطفى
بشير الحامدي ( 2011 / 6 / 16 - 01:48 )
الرفيقة جنين مصطفى تحياتي.
نعم إن الحديث عن وضع المرأة كعنصر مضطهد في ظل المجتمع البرجوازي بمعزل عن وضع الإضطهاد الذي يتعرض له العمال وفئات إجتماعية عديدة أخرى يطحنها الرأسمال كما قلت لا يحل القضايا الأساسية المتعلقة بالنضال من أجل تحرير المجتمع ككل وبالتالي تحرير الطبقة العاملة والإنسانية جمعاء بما في ذلك النساء من عبودية النظام الرأسمالي. الحركة النسائية ليست كلا متجانسا لأن االإنقسام في المجتمع واقع على قاعدة طبقية وليس على قاعدة جنسية. منظمات النساء في العالم منظمات إما برجوازية تهدف لتوطيد عبودية النساء لرأس المال أو منظمات مستقلة عن البرجوازية ديمقراطية ومناضلة ضد كل أنواع الإضطهاد الذي تتعرض له النساء في إطار المجتمع البرجوازي وهو إضطهاد متعدد الأوجه. من هذا المنظور كان وجود ونمو منظمات نسائية تناضل على هذه الأهداف جنبا إلى جنب مع الإحزاب الثورية والنقابات والجمعيات عاملا مهما في المعركة ضد الطبقة البرجوازية. إن دور مثل هذه المنظمات مهم في تعميق الصراع الطبقي ضد رأس المال وسياساته لذلك يعتبر اليوم النضال من أجل تحرير النساء إحدى المهمات المطروحة في النضال ضد الطبقة البرجوازية وبعد من الأبعاد المساعدة على تحرر الطبقة العاملة والمجتمع ككل من سيطرة رأس المال على الدولة والمجتمع. إن حملات تقودها منظمات نسائية مقاومة وتشارك فيها النساء من كل الفئات والقطاعات مثلا ضد القوانين الرجعية المتعلقة بقوانين الزواج الجائرة وضد كل تقييد لقانون المساواة والتنديد بالتمييز في مجال العمل والسياسة والتربية على أساس جنسي إلخ ... لاشك سيكون دعامة للنضال الذي تقوده الطبقة العاملة وكل الفئات المستغلة ضد الدولة البرجوازية والنظام الرأسمالي. بقي أن نقول أنه لابد لمنظمات نسائية فاعلة من أن لا تكون نخبوية بل يجب عليها أن تتوسع لتشمل إلى جانب الطبيبة والجامعية الطالبة والتلميذة والمعطلة عن العمل والعاملة والفلاحة وربة البيت. بهكذا إتساع أفقي يمكن أن تساهم هذه المنظمات بفعالية أكثر في الصراع الدي يخوضه العمال وكل المستغلين والمضطهدين من أجل تحررهم ضد الطبقة البرجوازية والنظام الرأسمالي.





14 - فالثورة انطلقت عفوية وبقيت إلى اليوم عفوية
عمران محمد ( 2011 / 6 / 15 - 20:04 )
عموما يمكن الاتفاق حول انطلاقها عفوية، لكن أن تظل للآن عفوية فيه نظر، لأن الذي يجري حاليا هو صراع مفتوح بين منظورات صريحة وواضحة لما ينبغي فعله. يمكن فهم ضعف القوى الدافعة للأمام، لكن تقاعسها عن جمع الشتات والانغراس وبناء ما يلزم من منظمات كفاح هو غير المفهوم. ربما يحتاج الوضع لزلزال آخر
الشرط الذاتي تجلى نقصانه بكل جلاء والمهمة العاجلة هي النهوض به، والمسار سيكون مديدا دون شك
قوى الشعب التونسي لم تستسلم كليا بعد، والاستحقاقات القادمة منعطفات في سياق الثورة، فإما نهوض جبار مرة أخرى للدفاع عن أهداف الثورة، وإما عودة للحياة العادية مجددا بكل ما يعنيه ذلك من تحضير سيزيفي لنهوض قادم
تحياتي


15 - رد الى: عمران محمد
بشير الحامدي ( 2011 / 6 / 16 - 09:33 )
عمران أهلا وتحياتي
لا أعتقد أن الصراع الدائر الآن والمفتوح في تونس هو بين منظورات صريحة وواضحة لما ينبغي فعله. صحيح هو واضح وصريح لما ينبغي فعله من وجهة نظر بقايا الدكتاتورية وليس من وجهة نظر الحركة الشعبية. الجماهير التي فجرت الثورة يوم 17 ديسمبر 2011 وقع الإلتفاف على مطالبها و الثورة لم تحقق مهامها التي تفجرت من أجل تحقيقها. كل الأحزاب من يمينها إلى يسارها تعمل الآن على قاعدة الأرضية السياسية التي فرضتها الحكومة اللاشرعية التي نصبت نفسها. الكل الآن يعمل من أجل التحشيد لإنتخابات المجلس التأسيسي التي ستقع في أكتوبر و الجميع أداروا ظهرورهم للجماهير التي ثارت من أجل الحق في السلطة وفي الثروة والديمقراطية. نسي الجميع أن للجماهير مطالب إقتصادية وإجتماعية إلى جانب المطالب السياسية ونسي الجميع أن تحقيق ذلك لا يمكن إلا بمواصلة الثورة وتحقيق مهمة إسقاط النظام . نسوا كل ذلك وسلموا ببقاء بقايا الدكتاتورية لا بل أكثر حصل الوفاق بين الجميع على العمل على قاعدة الأرضية التي فرضتها. حكومة الباجي قايد السبسي وفؤاد المبزع هي التي وضعت القوانين التي على أساسها ستجرى إنتخابات المجلس وهي قوانين لا يمكن أن تؤدي إلا لإنتخاب مجلس تشريعي ستتمثل فيه الأحزاب المفرخة من التجمع الدستوري المنحل والأحزاب الليبرالية و حزب حركة النهضة لأن مهمة إنجاز المجلس التأسيسي فقدت دينامية إنجازها على قاعدة شعبية ثورية مستدنة إلى تمثيل الجماهير تمثيلا قاعديا مباشرا فمنذ البداية وقع قطع هذا المسار. لقد وقع الإلتفاف على الثورة وتوقيف المسار الثوري. ليس هناك من وهم عمران في أن القوى المسيطرة الآن لا يمكن أن توجد إلا مؤسسات على قياسها وشاكلتها . لكن برغم كل ذلك وبرغم توقف المسار الثوري فالثابت أن الأزمة وعلى كل المستوويات السياسية والإقتصادية والإجتماعية ستتواصل وستضغط بثقلها على الجماهير التي ستكتشف أن عليها أن تنهض من جديد لتحقيق مطالبها إن المهم اليوم هو مواصلة القوى الثورية العمل مع الجماهير ومن داخلها على فضح مسار الإلتفاف والمساهمة في دفعها إلى التنظم بشكل مستقل ومواصلة رفع المطالب السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي ثارت من أجل تحقيقها .منذ 17 ديسمبر 2011.

اخر الافلام

.. غالانت: لدينا مزيد من المفاجآت لحزب الله.. ماذا تجهز إسرائيل


.. مظاهرات عالمية ضد الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان




.. مروحية إسرائيلية تستهدف بصواريخ مواقع على الحدود مع لبنان


.. سعيد زياد: الحرب لن تنتهي عند حدود غزة أولبنان بل ستمتد إلى




.. قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية على شقة في بطرابلس شمال لبنان