الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جزار بغداد وجزار التاجي

عباس موسى الكعبي

2011 / 6 / 13
حقوق الانسان



نهضت صباح يوم الجمعة الموافق 10 حزيران، وتوجهت الى ساحة التحرير لغرض التظاهر ضد البطالة ونقص الخدمات والمطالبة بالحريات العامة.
وصلت الى ساحة الطيران حوالي الساعة الثامنة والنصف صباحا وسرت خطوات باتجاه ساحة التحرير حيث الطوق او الاطواق الامنية المكثفة التي تحيط بالساحة. اوقفتني مجموعة من رجال الحرس الوطني لتفتيشي، كان التفتيش هذه المرة شكليا. تذكرت حينها كامرتي الشخصية التي تركتها في البيت خوفا من مصادرتها لان الحرس قد صادرها مني في احدى التظاهرات السابقة. بعد ان تم تفتيشي اسرعت الخطى باتجاه الساحة بفرح غامر للوصول اليها والوقوف بجانب باقي زملائي. وانا اسرع الخطى رأيت من مسافة ليست ببعيدة سرادق ضخمة تتوسط الساحة التي اتظاهر فيها ورأيت مجموعة من الناس ترتدي اللباس العربي الرث العقال والغترة والدشداشة ومظهرهم يوحي بالفقر والحرمان. اقتربت من مجموعة كانت تجلس على كراسي داخل احد السرادق ونظرت اليهم وتأملت الوجوه المتعبة الجالسة، فنظر الي بعض منهم بعيون تملؤها الشرر والحقد وتطلعت الي بريبة وكأنهم يتفحصون هذا القادم الغريب الذي يرتدي قبعة وبنظرون جينز. كنت اظن في البداية انهم انما جاءوا من اطراف بغداد او من باقي المحافظات لنصرتنا بعد انتهاء المئة اليوم التي وعد بها نوري المالكي ولم يحقق شيئا. لكن حينما رأيتهم عن قرب لم يتطلب الامر مني سوى لحظات معدودة لادراك غايتهم الحقيقية من هذا التواجد المريب. وهذه المرة لم أرى الشريط الذي اعتادوا وضعه لتطويقنا كل جمعة والذي يحمل تحذيرا (لاتقترب، مسرح الجريمة)!!
وبعد فترة قصيرة تجمع شباب ساحة التحرير، ورأيت من بينهم الناشطين الاربعة الذين اعتقلوا الاسبوع الماضي من ساحة التحرير وهم كل من مؤيد الطيب وعلي الجاف وجهاد جليل واحمد البغدادي، هرعت نحوهم وتوسطت الجمع المناهض للمفسدين والفاسدين. وبدأ الجمع يردد ما تعودناه من افواه مؤيد الطيب وعلى الجاف من كلمات اصبحت انشودة لطلاب الحرية والحياة الكريمة.
كان الطرف الاخر المؤيدين لنوري المالكي يهتفون بحياته ويصفوه بالبطل والمنقذ و (كل الشعب وياك يانوري .. وعلى الرأس نوري...). كان واضحا ان هؤلاء مدعومين من الحكومة، فلاول مرة نجد قناني المياه متوفرة بعد ان كانت محرمة علينا سابقا، فهناك احدى المركبات العسكرية متوقفة وتحمل مئات الصناديق من المياه والطعام والمرطبات...
وفجأة تحركت مجموعة من الشقاوات والعبيد والمأجورين باتجاهنا وشق صفوفنا وهم يهتفون (بعثية بعثية بعثية)، ففي الحال هتفنا نحن (لا بعثية ولا تكفير احنا انطالب بالتغيير)، لكنهم بدأوا بدفعنا بقوة وبعضهم كان متوترا ومسعورا واخذوا بضربنا بقوة بقبضات الايادي والعصي والمسامير والسكاكين والعقال العربي الرث... وكاتب هذه السطور تلقى عقالا من العيار الثقيل على كتفيه وصدره...
حاولنا قدر الامكان التهدئة وهتفنا (سلمية سلمية سلمية...) لكن لم يردعهم ذلك، فتسلقت مجموعة منهم دوار النفق الذي لايتجاوز متر ونصف باتجاه الشباب الذي يهتفون واضطروهم للتراجع ومن ثم فضلنا الانسحاب لتجنب الفتنة والاشتباك كون الموقف لا يسمح لنا باي اشتباك فالكفة لصالح هؤلاء المسعورين العبيد ذوي الرائحة الكريهة بسبب العدد والدعم الحكومي الواضح فضلا عن ان شباب شباط جلهم من الواعين والمتعلمين على عكس هؤلاء العبيد المأجورين. كان الصراع يتجلى بين كتلة من المتنورين المتعلمين والمثقفين وبين مجموعة من الاميين المرتزقة المسعورين حيث الجهل والفقر والعنف يتجلى بوضوح في سيماهم وملابسهم وتصرفاتهم...
كان هؤلاء العبيد يتصارخون ويهتفون بشدة (بروح المالكي) وهم يحملون لافتات كتب عليها المطالبة باعدام فراس الجبوري جزار التاجي وحث الاخرين للوقوف الى جانب طلبهم. ومع ذلك شرعنا بالهتاف معهم ضد تلك الجريمة البشعة، لكنني رأيت اناسا يتراقصون طربا وفرحا بدلا من ذرف الدموع في مناسبة يفترض ان تكون حزينة ومؤلمة. وسرعان ما تحولت التظاهرة الى هتافات بحياة المالكي وانجازاته.
وبعد صولات وجولات عبيد المالكي المأجورين واحتلالهم لساحة التحرير بالقوة وهتافهم بالموت لشباب العراق ومتنوريه، قاموا برفع بيارق النصر التي تحمل اسماء العشائر ورفعها للسماء وتحريكها على طريقة العشائر. ان الذي ادهشني هو حمل ريات تحمل (يالثارات الحسين)، كانت كثيرة وبعدة الوان، وتسائلت ما دخل هذه الريات بالتظاهر... لابد ان يكون هناك امرا ما...
واذا كان المالكي يتفاخر بان هؤلاء يمثلون حزب الدعوة فهنيئا له بهؤلاء الاوباش. وهنيئا لنا بحلمنا وصبرنا، فالصورة اكتملت لدى العالم المتحضر عن هويتنا واخلاقنا وسلميتنا. والى مشهد اخر قريب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كم عدد المعتقلين في احتجاجات الجامعات الأميركية؟


.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين




.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في


.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال




.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال