الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يصدق أن رأس النظام غير مسؤول ؟..

عقاب يحيى

2011 / 6 / 13
مواضيع وابحاث سياسية



كادت الدمعة تسقط من عيني وأنا أقرأ ما تناقلته عديد وسائل الإعلام عن لقاء رئيس النظام بأهالي جوبر، والسبب أنني شعرت أنه مثل الأطرش بالزفّة ( غلبااااان) على طريقة عادل إمام.. فهل هذا صحيح ؟..
هل رئيس النظام مغلوب على أمره؟،
هل هو مختلف عن تصرفات أدواته؟..
هل.. وهلات كثيرة يطرحها هذا اللقاء .. وما يجري منذ الأيام الأولى لعنف الدم ؟؟..

ـ أيام والده وكان الجميع يعرف أن تعيين آذن، واعتقال مواطن والإفراج عنه، ناهيك عن جميع القرارات المهمة والتفصيلية.. لا تتمّ إلا بموافقته.. ومع ذلك ملأوا الدنيا شائعات وروايات ودعايات "مدعّمة" بأدلتهم، وعن فلان من فلان..بأن الأسد لا يعرف ما يجري من فساد وقمع وحطّ للكرامة، وانفلات الأجهزة الأمنية وهي تعرّبد فتكاً بالبشر ودوساً على حقوقهم وشرفهم وحركتهم.. وكانوا يرددون : لو أنه يعرف كان سيضعهم أسفل السافلين، ويهدم الدنيا ويطربقها على رأسهم ... وصدّق بعض الطيّبين، والمنتفعين هذه الحبكات ..

ـ وحين اشتدّت أزمة النظام مع الحركة الدينية تضرّع الأسد كثيراً بالإيمان، والعبادات، وبأنه سني.. وأنه يتحسس ويتفهم مطالب الشعب.. لكن العتب على من حوله.. كان ذلك قبيل اتخاذ قرار الحسم باستخدام منتهى العنف بحق الشعب والمدن(لأن معظم المسلحين المحسوبين على الطليعة المقاتلة كانوا قد خرجوا من حماة).. وكانت المجازر المتنقلة عبرة وعنواناً..وهي للمناسبة تكرر نفسها وبرايات وتلفيقات مشابهة..

ـ الجميع كان يعرف أن تلك الروايات جزء من عملية تلفيق مرتّبة كي يبقى الحاكم بأمره فوق الفوق الذي لا يأتيه الباطل، والخطأ، كخلاصة للعصامية والحاكم العادل، التقي، النقي..... وأن المحيطين هم البلوة...وبقي المحيطون.. وذاب الثلج وبانت الحقيقة ..
*****
سنسكت عن الطريقة التي جاء بها الوريث، وإن كنت أعتبرها تتويجاً فظاً وخارقا لأحادية منفلتة من كل عقال عقلاني، وتعبيراً عن نرجسية سياسية تخشى الخوف حتى بعد الموت من فتح ملفات ثقيلة.. ستصيب الشعب بالانفجار عندما يعلم قليلها.. وحينها لن يبقى صنم وتقديس..
ونقول : هل الطبيب الشاب الذي عاش شبه عامين في بريطانيا كان مقتنعاً بطريقة فرضه بتلك المسرحية الهزلية، وتعديل الدستور من قبل مجلس تهريج يصحّ أن يكون كورساً لخطيب، أو مطرب من الدرجة العاشرة..
ـ هل صدّق نتائج الاستفتاء التافهة المزيّفة حتى يقبل بتلك الأرقام الغريبة وينام عليها أكثر من عشر سنوات؟؟ ..
ـ كيف لرئيس أن يقيس مدى شعبيته، ومدى حب الناس له إذا كان مرشحاً وحيداً ؟، وإذا كان البشر يذهبون يوم الاستفتاء واليأس والخوف من المخابرات وما يحكى عمّن لا يصوّت تملأ الدنيا، وجميعهم يعرف مسبقاً النتيجة، بل وحتى الأرقام التي ستنشر بعد الفرز والعدّ وحساب الأوراق الملغاة،وأوراق اللا النادرة ؟؟!!!..
(مرة في واحدة من السفارات ـ وهي حالة شائعة ـ تجرّأ مغضوب عليه ووضع لا.. فانهزّت أركان السفارة وجهازها الأمني الكثيف أياما ـ يمكن أنهم لم يناموا ـ حتى توصلوا إلى ذلك " الخائن" الذي قال لا)..

ـ إذا كان رأس النظام يقول للوفد : أنه إذا عرف بأن الشعب لا يريده سيستقيل فوراً ويذهب إلى بيته ؟؟..تُرى من يصدّق هذه المزحة الثقيلة، والشعب يقولها.. بالفم الملآن.. ارحل ..؟؟!! ..
وكيف علي الشعب أن يقنعه ؟..
هل يستوجب الآمر عشرات آلاف الشهداء والجرحى ومئات آلاف المعتقلين كي " يقتنع"، ولن يقتنع ؟؟...
****
نعود إلى البداية لنعرف كيف تصرف رأس النظام بعد الأحداث ـ الانفجار ـ الانتفاضة.. لنعرف هل كان مغلوباً على أمره؟..
هل تصرف بمسؤولية مسؤول عن حياة وأمن المواطن والوطن؟..
أم أن جنون القوة الحاقدة كان نهجه وديدنه ؟؟..
في أول ظهور له، وبعد تهيّئات قميئة، مقززة : شكلاً ومضموناً من مستشارته، ووعودها بالاستجابة لكل مطالب الشعب(حزمة كاملة متكاملة) والتي أكّدها نائبه في ظهوره القصير .. كان خطابه الهستيري في مجلس التهريج فاجعة الفواجع، ليس لأنه كان مخيّباً لآمال كل المنتظرين والمراهنين وحسب، بل لما كشفه من حقيقة تركيب وعقل وطريقة تفكير وتصرف من بيده صلاحيات مطلقة، والتي تنمّ عن شخصية مأزومة لا تليق بموقع مسؤول في حالات عادية فكيف به والبلاد تنفجر ثورة مطالبة بالحرية ؟؟..
ـ رأس النظام تبجّح كثيراً بعرض عضلاته اللغوية، الفاشية ليلخّص الذي يجري بعبارتين خطيرتين تنبئ بالقادم، وبنهج نظام أدمن العنف ولا شيء سواه..

لقد ساد وماد في الفذلكة والقهقهة.. مركزاً على وجود فتنة، ومؤامرة بالطبع.. وبالتالي : المواجهة ..
قرار المواجهة هذا لم يأت عبثاً، وابن لحظته، أو نتيجة حادث هنا أو هناك.. بل كان يعد درس وتمحيص من قبل رأس النظام وقادته الأمنية والعسكرية المعنية، دامت زمناً طويلاً، منذ الثورة التونسية، ووضعت الخطط والاحتمالات والسيناريوهات طوال أيام الثورة المصرية..وبالتالي كان رأس النظام يعلن عمّا هو مقرر : الحرب ضد الشعب.. وبعدها.. بعدها .. يعلن إصلاحاته العرمرمية بطريقته، وبالسرعة التي يرتئيها.. ودون تسرّع.. وبالطبع : دون إملاء من أحد، ولو كان صاحب الإملاء هو الشعب .. الذي يتشدقون كثيرا بحبه .. وحمل أمانيه ..
ـ وعلى هذا الأساس فإن كل ما جرى من قتل وتعذيب واعتقال وتلفيق.. إنما تمّ ويتمّ بعلم رأس النظام.. تلك هي الحقيقة التي يعرفها الجميع، والتي لا يغطيها أي برقع، أو كلام معسول .
***
نعم كانت الثورة السورية بانطلاق شرارتها أولاً مفاجأة المفاجآت لنظام صال وجال في إخضاع الشعب وترويعه وضرب واعتقال وامتهان كل صوت معارض فيه.. فلم يتحمل عقله السادي، ونهجه الفوقي هذه الحقيقة، وبدلاً من أن يحاول الالتفاف عليها، أو امتصاصها ببعض الخطوات الإصلاحية(وكان هذا ممكناً نظرياً) استخدم خياره : إنتاجه ونهجه ووسيلته : المزيد من الفتك والترويع وبالذهن أنه سيقضي على(التمرد) في مهده، ويلقن سورية وكل من يفكر بقول حرية درساً لأجيال وأجيال.(ألم يفعلها الوالد.. والأجهزة هي ذاتها، والابن سرّ أبيه ؟؟!!!..) ..
ـ المفاجأة الأكبر التالية جاءت من انفجار الاحتقان في عدد من المدن السورية، وبتعاظم وانتشار يكسر الهيبة، ويحطم جدران مملكة الرعب، وبالتالي : يفتح الطريق لتهديم نظام الاستبداد ..
مرة أخرى لم يفهم النظام غير لغته التي لا يعرف سواها.. وبالذهن أيضاً : اشتلاع بذرة الحرية والتمرد على الخنوع والطاعة باستخدام القمع الرهيب، والتشنيع بالشهداء، والقتل المعمم والاعتقال المشفوع بالتعذيب المذل، ومناظر الفعس والدعس على الكرامة والأجساد، والروح وشرف الإنسان كي لا يتجرأ أحد فيرفع رأسه ...
ـ كل هذه الفظائع الموثقة ورأس النظام يريد أن يُفهم الناس أنه لا يعرف بها، أو أنها بعض مألوف القديم في الأجهزة الأمنية.. تصوروا؟؟...وكأنه يتحدث عن الما ماو..وعن تصرف منفلت هنا وآخر هناك وليس عن سياسة مبرمجة، تماماً كبرمجة الأبواق المعدّة للخروج في وسائل الإعلام المحلية والخارجية للفتك بالحقيقة، وتشويه الصورة، وجوهر الثورة السورية : السلمي ....

ـ النظام ، ورأسه أول المشاركين، كان يحتاج إلى غطاء يبرر جنون الحقد الفاشي فيه، فيمنحه جواز القتل واستخدام الدبابات والمدفعية والشبيحة وغيرهم فتعددت الروايات البائسة عن الآخر : المندس، المتآمر.. وصولاً إلى آخر طبعة في جسر الشغور، وما يزال الحبل على جرار التأليف الساذج ..في حين تشير الوقائع أن عدداً متسعاً من جنود وضباط جيشنا الشرفاء أبوا تلويث سمعة الجيش بدماء الشعب الأعزل فتمردوا بأعداد، وحالات، وطرق مختلفة، وهو ما يهزّ أركان النظام في الصميم..لذلك كانت الطائرات والدبابات..وفرقة الموت والشبيحة بقيادة أخيه والمقربين من العائلة والموثوقين.. وكان الشعب هو الضحية ..
ـ والنظام الذي فشل فشلاً قاتلاً في تدمير ثورة الشباب ـ الشعب، ولأنه توحشي النهج، وشديد التمسك بالبقاء.. يسعى منذ البدء لحرفها عن جوهرها السلمي من جهة، والدفع نحو التجييش والمنزلق الطائفي من جهة ثانية، واستخدام الخارج تحت عنوان : المؤامرة الأبدية من جهة ثالثة ..
ـ النظام وإن فقد أعصابه ورشده الذي يُفترض توفره في نظام بموقع المسؤول عن شعب ومصير وطن، وإن كان مرعوباً في حقيقته من المستقبل الذي يلوح له كابوساً قادماً.. إلا أنه لا يملك سوى خياره الوحيد : القوة والدفع بالبلاد إلى الهاوية ..
ـ هذا هو نهج النظام الثابت الأصيل، الوحيد، وهذا رهانه.. وهو نتاجه.. ورأسه أول المؤمنين به، وأكثرهم مسؤولية فيه..


ـ هكذا نظام ينتج نهجاً دموياً فاجراً لا يمكنه عمل مصالحة وحوار، بل لا يحق له حتى الحديث عنهما، لأنه لا يملك أي قابلية فيهما، ولأن من يسبح بدماء الشعب وعذاباته.. ومن تصهل مليشياته وتزمجر فوق أجساد الضحايا، والمواطنين وشرفهم وإنسانيتهم.. وبصفاقة وتبجح مقصودين.. سيلقى المصير الذي يستحق... بالتأكيد ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صدقت
عماد دلا ( 2011 / 6 / 13 - 22:44 )
صدقت

اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تفض بالقوة اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق بين حماس وإسرائيل




.. جيروزاليم بوست: صحفيون إسرائيليون قرروا فضح نتنياهو ولعبته ا


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. فلسطيني يعيد بناء منزله المدمر في خان يونس