الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لازاريوس بروجكت

حنين عمر

2011 / 6 / 14
الادب والفن


لازاريوس بروجكت
لـ: حنين عمر

كانت ليلة ماطرة جدا، فقررت أن أنام : أطفأت الضوء و أرخيت ستائر الشباك بعد أن تأملت للحظات الشوارع النائمة الغارقة بين حزن الفوانيس ودموع السماء، ثم اتجهت لأطفئ التفاز... إلا أنني دون أن أعرف لماذا –كالعادة- أجلت القرار الإستعجالي قليلا وأقنعت نفسي بمشاهدة دقائق معدودة من الفلم الموالي الذي كان عنوانه " ذي لازريوس بروجكت " رغم كونه مصورا بطريقة الكاميرا المتحركة التي تفقدني حماستي دائما لمتابعة أي فلم، غير أن ما شدني إليه وطرد نعاسي هو ذلك الإحساس الفلسفي العالي الذي لمسته في مشاهده الأولى.

صانع هذا الفلم هو المخرج جون باتريك غلين الذي بالإضافة للإخراج عمل على كتابة السيناريو بنفسه وناضل من أجل إنتاجه ثلاث سنوات ليحقق حلمه أخيرا عام 2008. وتدور الأحداث حول الشاب "بين" الذي يجسد شخصيته الممثل بول والكر، والذي يجر خلفه تاريخا من الانحرافات والجنايات والأخطاء والفشل، لينتهي به الأمر متورطا في جريمة قتل عمدي يحكم عليه بالإعدام فيها، فيساق إلى غرفة التنفيذ حيث يحقن بمادة يفترض أنها قاتلة، لكنه ينام ليستيقظ بعدها في مكان آخر تماما إذ يجد نفسه في مصحة نفسية دينية. ومع أن ذاكرته كان قد تم مسحها، إلا أن فلاشات كثيرة من حياته السابقة ظلت تطارده وظل هناك حنين خفي بداخله إلى عائلته رغم كون المحيطين به أكدوا له أن زوجته وابنته توفيتا في حادث مريع وأنه جن بعدها و أمضى سنوات في المصحة ذاتها، وقدموا له أدلة على ذلك وتفاصيل مختلفة تماما عن حياته السابقة إضافة إلى صور شابة وطفلة لا علاقة لهما بما يراه في كوابيسه.

كان عقل "بين" مبرمجا على التصديق طبعا، إلا أن عواطفه كانت أقوى من عقله، و حبه العظيم لزوجته وتعلقه بعائلته جعلاه يشعر أن ما يراه هو وهم الحقيقة ليركض بحثا عن حقيقة الوهم، ومن خلال محاولات معرفة ما وراء هذا الوهم يكتشف أخيرا أنه "فأر تجارب" في مشروع "لازاريوس"الهادف إلى إعادة تأهيل المجرمين ومنحهم حياة جديدة من خلال إيهامهم بأن حكم الإعدام تم تنفيذه، ومن ثم زرع شريحة إلكترونية في جسدهم هدفها مسح علاقتهم الدماغية بحياتهم السابقة وبكل ما فيها، و إخراجهم فيما بعد بشخصيات جديدة وبأفكار مثالية وبذكريات خيالية إلى المجتمع مرة أخرى. هنا يواجه البطل الطبيب المسئول عن التجربة فيحاول هذا الأخير إقناعه بأهمية المشروع الذي سيمنحه فرصة ثانية لحياة أفضل بعيدا عن حياته السيئة السابقة ، إلا أن "بين" يتمسك بحياته الأصلية ويرفض أن يستبدلها وأن يستبدل حبيبته وابنته وعواطفه بعائلة جديدة وأن يتنصل من ماضيه مقابل مستقبل مريح، لأنه كما قال:" لم يطلب فرصة أخرى" ، وأنا أوافقه الرأي تماما فالموت في نظري لا يختلف كثيرا عن حالة انقطاعنا عن ذاتنا وذكرياتنا وعواطفنا، ومهما كان الآتي جميلا فلا قيمة له إن لم يكن لنا ماضٍ حقيقي يخصنا.

عاد البطل إلى زوجته وابنته، وإلى حياته وذكرياته وأخطائه ليثبت لنا في آخر لحظات الفلم حينما يعانق حبيبته وطفلته أنه لا يمكن لنا أن نكون "نحن" إلا إذا تمسكنا بكل ما صنع هذه الـ "نحن" عبر سنوات عمرنا من عواطفٍ وأخطاء ونجاحات وفشل وابتسامات ودموع. وعدت أنا إلى الشباك لأقنع العتمة بفكرة الضوء: ذلك الضوء الذي في داخلنا واسمه عاطفتنا الصادقة، ولأخبرها عن كون خصوصيتنا كبشر ليست في مثاليتنا إنما هي في أخطائنا ذاتها وفي هذه الذاكرة الشبيهة بـ ميموري آلة تصوير مليئة بتفاصيلنا و التي لن نكون أبدا ما نحن عليه إلا بوجودها مهما كانت الصور التي التقطناها لماضينا حزينة ومعتمة وسيئة، لأن هذه الصور جزء منّا ولن نكتمل دونها، وعلى سيرة الصور أخذت كاميرتي والتقطت للعتمة صورة جميلة...ثم أسدلت الستار ونمت.//
د.حنين عمر
من مقالات صفحة فانيليا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الفلم
حمودي عبد محسن ( 2011 / 6 / 15 - 13:01 )
الدكتورة حنين عمر
لقد شاهدت عدة أفلام تدور حول هذا الوضوع ذاته ، وأنا من متابعي الافلام السنمائية ، إذ أجد في السينما العالمية تعالج مواضيع قيمة حتى السينما الهوليودي أنتجت في الفترة الأخيرة أفلام تتطرق إلى الخوف من مستقبل البشرية الذي يمتل بأسلحة الدمارالفتاكة ،فالالة كما يقول ماركس ستدمر البشر الذين صنعوها بأنفسهم ن، وأساؤا استخدامها خاصة مع الطبيعة ، فالبشر الآن يعجلون في فناء كوكبهم البشري ، ولا أعتقد بازلية هذا الكون ، هذا هو التعامل مع الطبيعة ، فكيف ما بين الشر أنفسهم ..زألمخاوف تجعلهم يتفننون في الصناعة المميتة ، لكنهم من الصعب جدا تغير العاطفة كما أشرتي انت ، وهذا هو الأستنتاج الصحيح...ولك الموفقية ...مع صادق الحترام

اخر الافلام

.. مسرحية -شو يا قشطة- تصور واقع مؤلم لظاهرة التحرش في لبنان |


.. تزوج الممثلة التونسية يسرا الجديدى.. أمير طعيمة ينشر صورًا




.. آسر ياسين يروج لشخصيته في فيلم ولاد رزق


.. -أنا كويسة وربنا معايا-.. المخرجة منال الصيفي عن وفاة أشرف م




.. حوار من المسافة صفر | المخرجة والكاتبة المسرحيّة لينا خوري |