الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البشرية ومصيرها المحتوم

امال رياض

2011 / 6 / 14
العولمة وتطورات العالم المعاصر


إن الإضطراب الهائل الذي يعصف بمقدرات الإنسانية في وقتنا الحاضر لم يسبق له مثيل، وعواقبه وخيمة، وأخطار فاقت التصور تكالبت على الإنسانية عبر تاريخها وتركتها حائرة مذهولة. إن أعظم خطأ يرتكبه قادة العالم في هذا المنعطف الفاصل من عمر البشرية، أن يَدَعوا الأزمات تلقي بالشكوك على ما يمكن لعملية التطوير أن تهبنا من نتائج باهرة، ولا شك أننا الآن نشاهد عالماً جديداً يناضل من أجل ولادته على أنقاض عالم تتداعى أركانه. فالمفاهيم والتقاليد التي تراكمت، والمؤسسات التي ارتفعت عبر القرون تواجه الآن امتحانات لا شك أنها ضرورية لعملية التطوير هذه ولا مفر منها. وما يطلب من شعوب الأرض قاطبة توخي الإعتدال في الدين والفكر والعقيدة بطهارة القلب ونقاء السريرة، فيتوجهون بعزيمة لا تنثني لاستقبال قوى التأييد الهائلة التي أنعم بها خالق كل شئ على البشرية في هذا الربيع الروحاني من عمرها. ولنتأمل في ما تفضل به حضرة بهاءالله من كلمات شافية:
يتفضل حضرة ولي أمر الله فيصف لنا أحوال العالم بكلماته في كتاب الكشف عن المدنية الألهية :

وقد يتساءل جيل حائر عما عساه يبقى لإصلاح هذا التشقق الذي يتسع باستمرار ويهدده بالإبتلاع يوماً ما. ودلائل الإنحلال المتجمّعة، وعلامات العذاب والإفلاس التي تُرى حيثما اتجه البصر قد جعلت ذوي العقول من الرجال والنساء يرتابون في كل خطوة من خطوات الحياة على وجه التقريب ما إذا كانت الهيئة الإنسانية في نظامها الحالي تستطيع بجهودها المفككة تخليص نفسها من اللّجة التي تغمرها بازدياد. فكل نظام افتقد توحيد البشر قد جُرِّب وجُرِّب ووُجد ناقصاً، واشتعلت الحروب واحدة تلو الأخرى، وانعقدت مؤتمرات لا حصر لها، واستُنفِدت الجهود في صوغ المعاهدات والضمانات وإحكام المواثيق وتنقيحها، وجُرِّبت قواعد الحكم بكل جَلَدٍ وتناولتها أيادي الإصلاح والتعديل، ووضعت مشاريع الإنشاء الإقتصادي بكل عناية ونُفِّذت بغاية الدقة، ومع ذلك والأزمة تعقبها أزمة، بما يضاعف سرعة تدهور عالم غير مستقرٍّ، ويعجِّل الأخطار المحدِقة والهُوَّة السحيقة الفاغرة فاها، الأمر الذي ينذر بحلول نكبة عامة تنزل بالعالم على السواء لا فرق بين شعوب راضية وأخرى متذمرة… فالإنسانية الدامية الضالة قد فقدت بغير شك توازنها، كما يبدو أنها فقدت إيمانها ورجاءها وهي تترنح بغير رادع ولا تبصرة على حافة القضاء الذي يوشك أن يحل بها، يخيّم على حظها أطباق من الظلمات كلما اجتازت المعابر الأمامية في طريقها إلى أظلم منطقة في حياتها المضطربة. ومع ازدياد هذه الأشباح ألا يجدر بنا أن ندعو إلى خيوط الرجاء التي تطلع في فترات متقطعة على الأفق العالمي وتبدو خلال طبقات الظلام المحيط بالإنسانية؟ أليس من الحق أن نقول أن في عالم ٍ هذا حالُه من تقلقل العقيدة وتشويش الفكر، عالم يزداد تسلحه وتشتعل فيه نيران البغضاء والثورات التي لا يُطفَأُ لها لهيب، تشاهد مع ذلك تقدم العوامل التي مهما يكن شأنها فهي تعمل على وفاق مع روح العصر؟ ومع أن نعرة القومية التي ظهرت بعد الحرب تشتد وتزداد يوماً بعد يوم فإن عصبة الأمم التي ما تزال بعد في مقام النواة، والتي تقوى العواصف المحيطة بها على طمس معالمها وقلب أداتها لمدة من الزمن، تدل على أن الاتجاه الذي تعمل في محيطه فكرة تكوينها هو في ذاته هام للغاية. فإن الأصوات التي ارتفعت منذ تكوينها والجهود التي بذلت والعمل الذي قامت به يمكن أن نستشف من ورائه مدى ما قُدِّر في النهاية لهذه المؤسسة الحالية أو لأية هيئة أخرى قد تحل مكانها من الغلبة والنصر. - الكشف عن المدنية الالهية، ص 48-50
هل يبدو أن البشرية ماضية في غيّها، وسائرة نحو مصيرها المحتوم الذي ستتجمع فيه جميع أنواع البلايا والنكبات لصهر بنيته بهذه النار التي ستعمل على تطهيرها مما دخل فيها من شوائب، وسيزداد أوارها إلى أن يرى الحق أن صورته تنعكس على صفحات قلوب مخلوقاته التي يحبها؟ عندها يرفع غضبه ويقوم الإنسان الجديد على تكوين حضارته وحياته كما يحب الله ويرضى، فيجنمع قادة العالم ليضعوا الميثاق الذي تفضل به حضرة بهاءالله ووضحه حضرة عبدالبهاء:
فالسلام العالمي إنما هو في البريق الآتي من نهاية هذا النفق المظلم الذي سنجتازه بفضل طهارة ونقاء نيّات العاملين المخلصين لخير الإنسانية من رؤساء وحكام ومسؤولين وعلماء دين وأفراد غيورين تجللهم وحدة الضمير والوجدان حتى يكون ما نشيده قوى البنيان ثابت الأركان وما نزرعه عالي الأغصان وافر الثمرات يؤتي أُكُلَه في كل حين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انشاء خاوي
altelal t samad ( 2011 / 6 / 14 - 20:03 )
اخي الفاضل

انت في اي عالم
انك لا تشكو من جوع او خوف انك شبعان
انت في وادي والعاطلين عن العمل في وادي
حاول ان تجد لك عمل افضل
وشكرا
صمد

اخر الافلام

.. نتنياهو: اتهامات المدعي العام للجنائية الدولية سخيفة


.. بعد ضغوط أمريكية.. نتنياهو يأمر وزارة الاتصالات بإعادة المعد




.. قراءة في ارتفاع هجمات المقاومة الفلسطينية في عدد من الجبهات


.. مسؤول في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يعترف بالفشل في الحرب




.. مصر تحذر من أن المعاهدات لن تمنعها من الحفاظ على أمنها القوم