الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في مصر، النظام لم يسقط بعد

سلامة كيلة

2011 / 6 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


مظاهرة 27 ماي كانت تقول بأن النظام لم يسقط بعد، ولهذا جاءت الدعوة لتجديد الثورة. لقد جرى ترحيل مبارك عن السلطة من قبل المجلس العسكري، وظهر ذلك بالنسبة لشباب الثورة كانحياز الجيش الى الشعب، بعد أن كان الشعار الذي رُفع منذ تدخل الجيش "السلمي" هو: الجيش والشعب يد واحدة. ومع بطء المجلس في تحقيق المطالب التي طرحت، ومن ثم لفلفة التعديلات الدستورية، واصدار قانوني منع التظاهر والأحزاب السيئين، والدفع السريع لاجراء انتخابات لمجلسي الشعب والشورى في إطار ما بدا أنه صفقة مع جماعة الإخوان المسلمين، ثم التصدي للمتظاهرين في ميدان التحرير، أصبح واضحاً بأنه لم ينحز الى الشعب، وأنه يمتلك "رؤية" أخرى لا تحقق المطالب التي طرحتها ثورة 25 يناير.
لهذا أصبحت مصر بحاجة الى ثورة جديدة. فما يبدو هو أن المجلس العسكري يرتب إعادة بناء السلطة القديمة، متمسكاً بالنمط الاقتصادي الذي حكمته المافيا منذ عقود، والمرتبط بالمركز الإمبريالي، ومتمسكاً بشكل السلطة "الرئاسية" الذي صيغ خلال العقود الماضية، وكذلك متمسكاً بالاتفاقات والمعاهدات التي جرى توقيعها زمن أنور السادات وحسني مبارك. وبالتالي فإن مسك عملية "التغيير" من قبله تهدف الى إعادة إنتاج سلطة تقوم على ذلك، وإذا "تنازلات" في ما يخص الديمقراطية كان ذلك في القدر الأقل، والذي لا يسمح بهزّ الأسس سالفة الذكر. مع توسيع "قاعدة السلطة" لكي تستوعب "قوى جديدة" يجري الاعتقاد بأن إشراكها في السلطة سوف ينقذ الرأسمالية المسيطرة ويكرّس سلطتها.
في هذا السياق أصبح واضحاً الدور الذي يقوم به الإخوان المسلمون، والذي يتسق مع دور المجلس العسكري (منذ تشكيل لجنة التعديلات الدستورية على الأقل). فهم القوة التي بدت أنها تمثل المعارضة زمن حسني مبارك، وكانت في صراع معه، أو كان في صراع معها، بدا وكأنه نتاج خوف النظام من أن تكون معدّة كبديل له في إطار التنافس بين فئات رأسمالية بعضها قديم وبعضها مستحدث، لكنها كلها كانت تتشكل ككومبرادور، أو حتى كمافيا. وخوف النظام السابق كان نتاج الأثر الأميركي في تشكيل السلطة في مصر بعد التصورات الأميركية عن ضرورة إشراك الإسلاميين في النظم التابعة.
ولقد تضخم دورها في السنوات السابقة نتيجة عجز القوى الأخرى، والأوهام التي إنبنت على صراعها مع النظام السابق، وبالتالي بات يبدو أن ضمها الى السلطة هو امتصاص لقوة "شعبية"، كتمويه على الصراع بين الطبقات الشعبية والسلطة.
لهذا يعود شباب ثورة 25 يناير الى الشارع من أجل قطع الطريق على هذا السيناريو، بهدف إكمال الثورة بتحقيق الأهداف التي بدأت من أجلها. فالمطلوب دولة مدنية وفرص عمل وحد أدنى للأجور وإصلاح عميق لقطاعي التعليم والصحة، ودور مختلف لمصر عربياً وفي العالم. مطلوب دستور جديد يؤسس لدولة جديدة وليس ترقيعاً في دولة حسني مبارك والمافيات التي عششت فيها. ولقد تبيّن أن المجلس العسكري ليس في هذا الوارد، لهذا مطلوب العودة الى المطلب الذي طرح منذ البدء، والمتعلق بتشكيل مجلس رئاسي أو حكومة انتقالية تشرف على مرحلة انتقالية تهيء لحياة سياسية سليمة، يمكن أن ينتخب خلالها مجلس تاسيس يصيغ دستوراً مدنياً يكون أساس الانتقال الى دولة حديثة. بالتالي لا بد من إسقاط كل ما جرى خلال الأشهر الماضية من قبل المجلس العسكري في سياق سيناريو ترقيع السلطة القديمة، ومن ثم البدء من النقطة الأساس، تلك المتعلقة بمن يشرف على المرحلة الانتقالية.
إن التسريع في إجراء الانتخابات كان يصب في خدمة القوى الموجودة أصلاً، اي بقايا الحزب الوطني والإخوان. وبالتالي يعيد إنتاج السلطة ذاتها، ويصيغ دستوراً ربما أسوأ من دستور حسني مبارك وأنور السادات (دستور 1971). وهو في كل الأحوال يضمن استمرار النمط الاقتصادي الريعي القائم، ويؤكد على الاتفاقات والمعاهدات السابقة التي يرفضها الشعب المصري (كامب ديفيد والاتفاقات العسكرية والاقتصادية والسياسية مع الولايات المتحدة خصوصاً). ومن ثم يبقي مصر ضمن السيطرة الإمبريالية.
الصراع في مصر الآن هو حول إعادة إنتاج النظام القديم أو إسقاطه. إسقاطه حقيقة. والآن في صراع مع الإخوان المسلمين، الذين بدأ الصراع داخلهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هو انقلاب عسكري لا أكثر
عذري مازغ ( 2011 / 6 / 15 - 01:32 )
كان انقلابا عسكريا لا أكثر، الشيء المنجز حتى الآن هو تكسير الخوف، النظام الآن يعيد لملمت مايزكي شرعيته، مؤسسات دستورية على النمط الغربي بخصوصية محلية


2 - من نحى مبارك
عادل الليثى ( 2011 / 6 / 15 - 08:41 )
الجيش هو من نحى مبارك
والجيش هو الحاكم وهو من سيأتى بخليفة مبارك
والجيش هو من سيبقى على النظام القديم وإضافة الإخوان للصورة
إذاً أين الثورة ؟

الحديث عن ثورة تغييب للشعب
ليكن حديثنا من وراء كل هذا ؟ وماالهدف ؟ ومن سيجنى الأرباح ؟


3 - المهم اليوم في مصر الثورة
سعاد خيري ( 2011 / 6 / 15 - 10:10 )
بناء الجديد دون تردد فالجماهير ستدعمه وتدافع عنه وتطوره وتعدل مساره


4 - معلش تحملني يا أستاذ
محمود ( 2011 / 6 / 16 - 20:25 )
إلى متى تلوكون عبارات الأيدلوجيا حتى بعد موتها ؟ الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية ؟ لولا الرأسمالية من أين لك نظارات طبية وهاتف نقال وإنترنت جعلنا نحظى برؤيتكم ؟ يبقي مصر تحت السيطرة الإمبريالية ؟ اليابان تحت السيطرة الإمبريالية ولو قررت أمريكا إغلاق أسواقها أمام الصادرات الصينية فسوف تنهار الصين فوراً ..مصر ستبقى مكرهة تحت السيطرة الإمبريالية لأن الإمبريالية تملك المعرفة والمعرفة كما تعلم قوة وسلطة. أما سوريا التي تجلس بها فليست ضمن السيطرة الإمبريالية ؟ دولة ما شاء الله عليها مصدرة ومنتجة وديمقراطية هههههه يا راجل ؟؟

اخر الافلام

.. إسرائيل سقطت في فخ حماس..فكيف تترجم -الانتصار- على الأرض؟ |


.. تمرّد أم انقلاب؟ إسرائيل في صدمة!| #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد مسار عملية رمي جمرة العقبة في أول أيام عي


.. مراسل الجزيرة يرصد تطورات الخلاف في إسرائيل بشأن -هدنة تكتيك




.. مظاهرات في ألمانيا والنرويج نصرة لغزة