الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدور الاقليمي التركي

محمد سيد رصاص

2011 / 6 / 15
السياسة والعلاقات الدولية


استشاط رئيس الوزراء التركي العلماني مسعود يلماظ غضباً لماأعلن المستشار الألماني هلموت كول ،في أيلولسبتمبر1997،بأن "الجماعة الأوروبية هي نادي مسيحي":كان اغلاق الأوروبيين أبوابهم أمام الأتراك متزامناً مع صعود الاسلاميين في بلاد الأناضول وتراجع العلمانيين الأتاتوركيين،حتى وصل ذلك إلى ذروة مع فوز(حزب العدالة والتنمية)بانتخابات تشرين ثانينوفمبر2002.
ترافق صعود حزب رجب طيب أردوغان مع اكتمال استدارة الأتراك جنوباً(وشرقاً نحو القفقاس وآسية الوسطى السوفياتية السابقة وهو ماعبر عنه الرئيس التركي السابق توركوت أوزال لماأعلن عام1993قبيل وفاته بقليل عن السعي إلى "بناء عالم تركي يمتد من بحر ايجة إلى تركستان الصينية")باتجاه"العالم العثماني القديم"بعد أن مارست الأتاتوركية القطيعة معه،وقد كانت دمشق ،منذ زيارة الرئيس السوري إلى أنقرة في الشهر الأول من عام2004،هي البوابة التي نفذ منها الأتراك و"نزعتهم العثمانية الجديدة" إلى العالم العربي،تماماً كماكان فقدان الأتراك ل"شام شريف"في خريف1918بداية للعصر الأتاتوركي ونهاية للعثماني.
في تلك الفترة،كانت الولايات المتحدة في خضم حقبة(مابعد11أيلول)تخوض حرباً عالمية ضد "الإرهاب الاسلامي"،وقد أتت إلى المنطقة بجيوشها من "أجل تجفيف ينابيع اللهب"الذي وصل في ذلك اليوم إلى برجي نيويورك ومبنى البنتاغون،ولم يكن الأتراك(بخلاف رغبة أردوغان الذي تمرد عليه يومها نصف نواب حزبه لينضموا في تصويت البرلمان للنواب الأتاتوركيين) متعاونين مع واشنطن لما رفض البرلمان التركي فتح جبهة شمالية قبيل ثلاثة أسابيع من يوم 19آذارمارس2003الذي شهد بدء الغزو الأميركي للعراق.
شكَل هذا سحابة صيف بين واشنطن وأنقرة،لم يكن بإمكانها تعكير علاقة متينة،ليست هي فقط مبنية على روابط(الناتو)،وإنما على رؤية استراتيجية أميركية ترى في أنقرة حاجزاً أمام الروس والايرانيين لملء الفراغ الجديد في القفقاس وآسية الوسطى السوفياتية السابقة،ثم لتتطور هذه الرؤية الأميركية مع فشل واشنطن في أفغانستان والعراق أمام(تنظيمي طالبان و القاعدة)،مادفعها للبحث عن تلمس "نموذج اسلامي اعتدالي" كان السيد أردوغان هو مثاله المتبلور في نقطة هي متجاوزة للنموذج الاخواني القديم(كمايمكن رؤيته منذ حسن البنا وحتى المعلم القديم لأردوغان ممثلاً في السيد نجم الدين أرباكان قبيل انشقاق الأول عن حزب الثاني في عام2001وبحثه عن نموذج اسلامي يقترب من نموذج الأحزاب الديمقراطية المسيحية)وفي الوقت نفسه تشكل بديلاً اسلامياً(وحليفاً لواشنطن أيضاً) عن ابن لادن والظواهري.
زاد هذا وتعزز عند واشنطن مع بروز القوة الايرانية،إثر سقوط العراق وماولده من فراغ اقليمي،لماتمددت طهران ليس فقط في بلاد الرافدين في مرحلة مابعد صدام حسين وإنما أيضاً لماأتاح لها سقوط "البوابة الشرقية"امكانية لمد نفوذها في المنطقة الممتدة من كابول وحتى الشاطىء الشرقي للبحر المتوسط:منذ عام2007وضحت الاعتمادية الأميركية على أنقرة ليس فقط لتشكيل كابح اقليمي لطهران،وإنما أيضاً باتجاه تشكيل "مخفر أمامي أميركي"في المنطقة بعد تناقص وزن اسرائيل عند واشنطن في مرحلة مابعد الحرب الباردة(ازداد هذا مع تجربة حرب تموز2006)وكذلك بعد فشل أميركا في تجربتها العسكرية المباشرة بعراق2003ومحاولتها عبر بلاد الرافدين"إعادة صياغة المنطقة"وفقاً لتعبير وزير الخارجية الأميركية كولن باول عشية غزو العراق.
لم يترجم هذا عسكرياً على الصعيد الاقليمي خلال السنوات الأربع الماضية،وإنما سياسياً عبر دور اقليمي لعبته أنقرة في (الملف العراقي)و(المفاوضات السورية-الاسرائيلية غير المباشرة :أيار-كانون أول2008)وفي (القضية الفلسطينية)،لم تتجاوز فيها أنقرة الخطوط الحمر الأميركية،وعندما فعلت ذلك في يوم 17أيارمايو2010،عندما رعت مع البرزيل اتفاقاً في طهران حول الملف النووي الايراني،استغلت اسرائيل هذا"الفاول "لكي تضرب غريمتها التركية عبر حادثة سفن المساعدات لغزة،وهو مالم يزحزح مكانة أنقرة عند واشنطن،وخاصة عندما فهم أردوغان الرسالة وعاد للتناغم مع واشنطن.
هنا،وعند نشوب تحركات الشارع العربي خلال عام2011،ظهر مقدار التناغم الأميركي- التركي،وخاصة بعد مؤشرات ،ظهرت في العشرة أيام الأخيرة من عهد الرئيس حسني مبارك، حول حصول مصالحة بين واشنطن والتنظيم العالمي لجماعة الاخوان المسلمين بعد خصام وقطيعة ومجابهة منذ انتهاء الحرب الباردة،ظهرت ترجماته أولاً لماكان أردوغان هو الزعيم الأجنبي الأول الذي طالب تلفزيونياً الرئيس المصري بالتنحي قبل أن يقوم أوباما بذلك،ثم ظهرت ترجمته مصرياً عبر اتجاه القاهرة إلى نموذج أنقرة بين العسكر والاسلاميين تحت الخيمة الأميركية.في ليبيا،ولو بعد تردد قصير،لعبت أنقرة دوراً محورياً في التحركات العسكرية- السياسية ل(الناتو)،قبل أن يظهر تلزيم(الملف السوري)من قبل واشنطن إلى أنقرة(ولو مع محاولة فرنسية لمنافسة الأتراك)،وهو مابانت ملامحه لما استضافت احدى المنظمات القريبة من حزب أردوغان في استانبول المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمبن في سوريا يوم 2نيسانإبريل2011،ثم رعت أوساط قريبة من هذا الحزب مؤتمرين في استانبول(24نيسان)وأنطاليا(1-2حزيران)كان واضحاً الحضور القوي للاسلاميين السوريين فيهما،بالتزامن مع تصريحات لأردوغان اعتبر فيها أن"الشأن السوري هو شيء قريب من أن يكون شأناً تركياً داخلياً"،مع مؤشرات على سعي أنقرة إلى معادلة في دمشق بين النظام السوري والاسلاميين كالتي هي في مرحلة(مابعد11فبراير2011) بالقاهرة مابين (المجلس العسكري)و(الاخوان المسلمين).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلم الدولة الكردية.. بين واقعٍ معقّد ووعود لم تتحقق


.. ا?لعاب ا?ولمبية باريس 2024: سباح فلسطيني يمثل ب?ده ويأمل في




.. منيرة الصلح تمثل لبنان في بينالي البندقية مع -رقصة من حكايته


.. البحث عن الجذور بأي ثمن.. برازيليون يبحثون عن أصولهم الأفريق




.. إجلاء اثنين من الحيتان البيضاء من منطقة حرب في أوكرانيا إلى