الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعددية دستورية !..

محمد المراكشي

2011 / 6 / 15
كتابات ساخرة


حين سن أول مشرع دستورا لأمته ،أشك في أنه كان ديمقراطيا ! لا هو و لا دستوره..و لا أظن كذلك أن عامة الشعب كانت تعرف معنى الدستور و معنى الديمقراطية..كان الخيار واضحا بالأكيد ،جعل العالم آنذاك مقولبا حسب رغبة الدستور و المدستر !
بحثت كثيرا عن أول أمة وضعت دستورا ،فلم أجد جوابا شافيا ..مرة أجدها في أوربا و تارة أخرى تنزل علي مسلمات الغيب واضعة الكتب السماوية دساتير ! أنا موقن أن السماوي يبقى سماويا ،و لا رغبة لي بالمطلق أن أناقشه..لكن الأرضي هو الذي يهمني رغم أن الزمن هو زمن الفضائيات !
قد تكون دولنا العربية آخر من اقتدى بسن دساتير ،فأكثرها بعدا في الزمن لم يهبط من قطار التشريع إلا في الخمسينيات على أبعد تقدير..وكلها قيل في حين إنزالها أنها ضربة معلم،و آية في التجذر الديمقراطي ! حققت بالفعل ما يقال عن أن المدستر له الحق في أن يقول ما يشاء عن دستوره ،و للآخرين حق الدفاع عنه و الكلام عن مسلماته الشبيهة كثيرا بمنطق الغيب !
في هذه الأيام كذلك ،استفاقت أمم كثيرة في الشرق الأوسط بشمال افريقيته على ضرورة تغيير أو تعديل أو تبديل دساتيرها،فواقع الهزات المزلزلة لثوراتها الموؤودة فرضت نوعا من المرونة لدى المدستر !
لكن ، اختلفت الأمم و لف كلامها كثير من اللغط حول المدستر من يكون؟ ! هو ذاته أو من ينوب عنه أو أن الشعب المستفيق أخيرا سيتحول إلى مدستر جديد؟ !! انقسمت الناس مللا و نحلا تدعو الشهرستاني من جديد للنظر في أحوالها و توضيح اختلافاتها...
في المغرب مثلا ،يرى البعض أن الدولة الحديثة عليها أن تكون قديمة في نفس الوقت ..لا يجب أن تذهب بعيدا في تناول مهيجات الرغبة الجامحة في تذوق ملذات الواقع الجديد..ولا ينظرون إلى الابل كيف خلقت حين يرون استعمالها اليوم لم يعد منه ماكان من تتبع خطوط الأسفار و عجائب الأمصار ! بينما بعضهم الآخر لا يرى مانعا ،في ما يشبه نفعية سياسية لعينة ، في أن يساير الركب و يأخذ مكانا في القافلة التي تسير..لاغير ! وبعدها لكل حادث حديث بعد حداثي !
في المغرب كذلك ، يريد النفعي اليميني الإداري القديم الجديد أن يجد له مكانا ،لا في قافلة المطالبة بدستور حديث ،و إنما في مكان مريح بين ثنايا مواده و فصوله.. لا بين المنادين بدولة مدنية عصرية حديثة وإنما في دواليب إدارتها و مكامن الأكتاف التي يعرف من أين تؤكل.. ! إنه النوع من الناس الذين يريدونها باردة هادئة من الجنة و الناس...
في المغرب ذاته ،تجد الاثني ،الذي يفضل أن يسير به الركب كله إلى حد اقتلاع ضرس تؤلمه كثيرا..ضرس الاحساس بالتمييز تارة و التهميش تارات أخرى..و لا أظنني في موقع يسمح لي أن أحلل الإثني كثيرا ،لكني أعرف أنه مثل الآخرين يريد أن يجد ذاته في دستوره الجديد..
في المغرب ذاك ، نخب ..يصطلح عليها نخب ..بيمينها و يسارها و حاكميها و محكوميها تريد أن تبلور نقاشا ما حول دستور مفترض..دستور يسع تقدمية الاشتراكي و رجعية اليميني و حداثية الشباب و ديمقراطية العالم و تعددية البلاد الثقافية.. هي نخب تريد أن تصنع دستورا للنخبة ! لكنه و الحال هذه حتما سيطبخ ببنة المخزن !
في المغرب ذاك رغبة جامحة عند الجميع في رؤية دستور -مهما كانت مراميهم- ديمقراطي ينقلنا من كل مانشعر به من ظلم اجتماعي و فقر ديمقراطي إلى نور الحرية في أبهى صورها.. لكن الأمر مستحيل على هذه الشاكلة ! وهو ما يجعل فكرة جنونية رائعة تدور في ذهني:مادمنا من الأمم العريقة في ابتداع ديمقراطيتنا الخاصة بنا ،ألا يمكننا أن نجرب إمكانية وضع دستور فيدرالي يجمع دساتير لكل فئة أو نخبة أو حتى طبقة !!
فنصبح بذلك أول من يسن تعددية دستورية في التاريخ !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي