الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلطجية بطعم -العراق الجديد- !

كمال يلدو

2011 / 6 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا يختلف اثنان في التقليل من شأن المخاطر التي تعصف بالعراق ككيان أو دولة او حتى كمجتمع بشري، وتأتي في المقدمة قضية الملف الامني وطرق التعامل معه ، بالإستفادة من المقومات الموجودة على الارض ميدانيا كانت أو بمؤازرة وتعاون المواطن . هذا الملف يتلازم بالضرورة مع الملف الأخطر ، ملف الفساد الاداري وأهدار المال العام الذي حرم ويحرم العراقيين فرص التقدم وبالتالي يزيد من معاناة المواطن والتي تنعكس بشـــكل ازمات تتفجر بأشكال لا يستبعد أن تأخذ منحا عنفيا أو حتى تخريبيا تجاه بعض المسؤولين او ضـد مؤسسات الدولة .

وكحال الشعوب الاخرى ، وبعد ان مل العراقيون من وعود القادة ورؤساء الكتل والبرلمانيين والوزراء وانقضاء ثمان سنوات على التغيير وثلاثة انتخابات، فيما الأحوال تسير من سييء الى اسوء ، فكان لهم موعد مع التظاهر لإيصال صوتهم عاليا الى المسؤولين . وتعاملت الدولة والقوى الأمنية بطريقة دلت عكس ما كانت تروج له من انها تدربت لأحترام وحماية حقوق الانسان وســقط العديد من الشهداء والجرحى وجرى اعتقال وتعذيب قيادات كثيرة ، ثم اكتشف رأس الحكومة السيد نوري المالكي طريقة لإمتصاص نقمة الشارع فكانت فكرة المئة يوم . ورحب بها الشارع رغم توجسه من انها حقن للتخدير او لتدبير امر السراق ليس الا . وبأنقضاء فترة المئة يوم شهدنا مسرحية جلسة مجلس الوزراء ، وشهدنا انجازاتهم ؟ وهكذا يريد المالكي ان يوهم العراقيين بأنه قد انجز مهمته ، والحقيقة انه لم يبدأ بها فكيف ينجزها .
لقد طالب الشارع صراحة بمحاسبة المفسدين وسراق المال العام وتقديمهم للعدالة وهذا لم يتم ، وطالب بعزل الوزراء والمسؤولين المقصرين ، وهذا لم يتم ، وطالب بالتعجيل في توفير الخدمات الاساسية وهذا لم يتم ...اذن ماذا تحقق للشعب العراقي بعد المئة يوم؟
انا اقول لكم .....ما حدث بعد المئة يوم ، كانت اســوأ مسرحية مخزية خرجت لنا بها عقلية استمدت جل خيالاتها من أفكار حزب البعث والانظمة الشمولية المتفسخة التي امتلئت بها البركة الآسنة وصار مصيرها الى مزبلة التأريخ . فلقد شهدت ساحة التحرير ، هذه الساحة المباركة التي كانت منذ شباط ومازالت تقض مضاجع المفسدين والمزورين وسراق المال العام وتطالب بمحاسبتهم ، لقد شهدت معركة الجمل المصرية ، والبلطجية ، والشبيحة والبلاطجة والكتائب ، واصحاب الزي المدني ، واصحاب النظارات السوداء ، وذوو اللباس المدني ...نعم شهدت هجوما منظما من قبل الدولة ، وحزب الدعوة القائد ، وبمباركة المتحدث الرسمي بأسم الحكومة ، وقائد عمليات بغداد ، والسيد وزير حقوق الانسان ، هؤلاء اشتركوا بأخراج اسوء مسرحية فاشية حينما رعوا جمعا من البلطجية والعصابات والمرتزقة المدفوعين ، اتوا بهم من مناطق ومحافظات اخرى ، بباصات مريحة وبلا تفتيش ، ليفتكوا ويضربوا بالعصي والهراوات والقناني الفارغة متظاهرين سلمين كانوا ينادوا بالأصلاح وبمحاربة الفساد الاداري .

سيكون عارا حقا على القضاء العراقي ، ونخبة المثقفين والصحفيين ان يجعلوا من هذه المهزلة ان تمر ودون عقاب او محاسبة ، فهذه الحادثة وجملة تعامل حكومة المالكي والوزارات الامنية والأجهزة التي يشرف عليها شخصيا مع الحركة الاحتجاجية السلمية ووصفهم بالارهابيين والبعثيين وتسخير اجهزة الدولة لضربهم او مضايقتهم انما هو تمهيد لدكتاتورية جديدة لا يجب ان تنمو في هذه الارض التي ارتوت وشبعت بالدماء والارهاب.

ان السؤال الذي يحتاج الى اجابات كبيرة موجه للحكومة الحالية ورئيس وزرائها الذين باركوا صلحا قبل ايام مع التنظيمات المسلحة الارهابية التي انغمست اعمالهم الاجرامية فتكا بالمواطنين وتهديما لبنى الدولة بينما لا تستطيع ان تجد اي مشترك مع حركة احتجاجية سلمية تطالب بأصلاع الاوضاع ومحاسبة المقصرين ؟ والسؤال هذا ينسـحب ايضا على السادة في حزب الدعوة ، قواعدا ورئيسا ، والذين كانوا قد اكتوا بأرهاب الدكتاتورية وقدموا قوافل الشهداء والمنفين والمعتقلين ، ادعوهم ان يدقـقوا النظر في المشهد الذي يتكرر وبذات الاسلوب والادوات في التعامل مع المحتجين الذين لم يطالبوا بأسقاط النظام ولا بأقامة دولة على طراز ما كان ينادي به حزب الدعوة ايام حكم الدكتاتورية ، بل كما قالوا وشهدنا وسمعنا وقرأنا ، بمحاربة الفساد وتقديم السراق للعدالة ؟

ان استعمال الضرب والتشهير والاعتقال والقتل مع المتظاهرين السلميين لن تحل المشاكل المستعصية اولا ، ولن تطيل من عمر النظام ثانيا والأمثلة على ذلك بينة وكثيرة وكنت اتمنى على المالكي وطاقمه الامني وقياداته الحزبية ان يعوا حقيقة ماجرى في العراق قبل التغيير وما يجري في المنطقة فيما اصطلح عليه بالربيع العربي . فلقد بدأت كل الاحتجاجات بالمطالبة بالأصلاح ، وأرتفعت ســـقوف المطالب حينما جوبهت بالعنف والقتل والدماء ، ولم تلتفت الانظمة لهذه المطالب المشروعة وكانت النتيجة ســـقوط مدوي وهروب الزعماء ومحاسبة من تمكنت الشعوب الثائرة منهم !

ما من شك لدي ، او لدى العديد من المراقبين بأن المالكي وحزبه يتحمل الجزء الأكبر في دفع الامور اما بأتجاه تصحيح المسار والإلتفات الى مطالب الجماهير، او الى انهياره بالتمام . وهذا لايعفي القوى الاساسية الاخرى – المنتفعة – من العملية السياسية ان كانت بالتشكيلات المنضوية تحت لواء التحالف الوطني ، والقائمة العراقية، والتحالف الكردستاني من ان يكون لهم موقفا واضحا وأجوبة صريحة لكل من صوت لهم ووضعهم في هذا الموقع، وهي دعوة ايضا وقبل فوات الاوان بأن يحترموا مطالب الشعب ، ان كانت بصيغ مطالب عبر المظاهرات الاحتجاجية ، او بالأعتصمات او بالكتابات في الصحف والحديث في اجهزة الاعلام المختلفة ، وأن يكونوا حقا امناء لشعاراتهم ، وانهم كما يدعون بأنهم يعملون لترسيخ – دولة القانون ، وأن يكونوا مثلا يحتذى به في تطبيق الدستور وتحقيق الديمقراطية وتأكيد مبدأ الانتقال السلمي للسلطة والأكثر من ذلك ان تكون حكومة وبرلمان تلبي مطالب الجماهير وليس حكومة ملء جيوب وزرائها ونوابها والمسؤولين .

يقينا ان صيف العراق لاهب ، والايام القادمة ربما لن ترحم ....لكن الكل يعلم بأن، الظلم لا يدوم ، والظالم ايامه معدودات . وكما قال المفكر الجيكي دوبتشيك : تستطيع ان تدوس على الزهور، لكنك لن تمنع الربيع .
** مرفق هذا الفديو القصير عن شهادات بعض ضحايا البلطجة في مظاهرة يوم الجمعة.
http://www.youtube.com/watch?v=w4CtTw46VoE&feature=related

حزيران /2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اردت ان اعلق ولكنني لم استطع الاستمرار بالقرا
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2011 / 6 / 16 - 23:55 )
سيد كمال منذ وقت لاخر اختار احد الكتاب او الكاتبات لاقراء ماكتبومن ثم اعلق
وبذا اغني مجموعة كتابي وافكاري او اعيد المحاوله حين يخيب ظني بالمقالة
اليوم وهو يوم حار فقد حكم على مجموعة يعجز العقل البشر استيعاب بشاعة
جريمتهم متعددة الجوانب واختصارا جريمة عرس التاجي واعتقد ان العالم الخارجي من كتاب ودارسين وادباء وسينمائيين سيهتمون بالامر لانني اكاد اجزم انه لم تشهد البشرية نظيرا لهذه الجريمة قبل الان
قراءت مايكفي من السي في الذي في موقعك الفرعي وقد افادتني ابيات الشعر الشعبي كثيرا لفهم من انت ولو بشكل بسيط ومستعجل
ليس لي اي مزاج لكتابة تعليق عن نص لم استسغ ولم اطق الاستمرار في قراءته وانا رجل شيخ قضيت في اوربا اكثر من عشر سنوات في الدراسة بالتاءكيد قبل ان تاءتي حضرتك للحياة وصار عندي اعتقاد ان التواجد في بلد مثل الولايات المتحده او بلدان اربا والعمل فيها والاختلاط بالناس والاستماع ومشاهدة محطاتها السمعية والبصريه وشئ من القراءة وللمدة التي انت عشتها تجعل منه حكيما في بلداننا العائشه في قعر التخلف والمهانة بسبب الظلم وبسبب جهلنا ولكن للاسف الشديد انك لازلت لاتعرفنا ولم تتعلم جديد

اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة