الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيدة الاولى ام سهى عرفات

الياس المدني

2004 / 11 / 10
القضية الفلسطينية


في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الفلسطيني من محنة صعبة يمر بها، خاصة بعد تضارب الانباء عن صحة الرئيس ياسر عرفات، تطالعنا سهى عرفات بنداء غريب كل الغربة عن التقاليد السياسية والدبلوماسية المتعارف عليها في العالم. ففي النداء الذي وجهته عبر قناة الجزيرة الى ابناء الشعب الفلسطيني اعتبرت سهى عرفات ان اعضاء وفد القيادة الفلسطينية الذي ينوي التوجه الى باريس للاطلاع على صحة عرفات "يحيكون مؤامرة ضد زوجها المريض وانهم حفنة من المستورثين يريدون دفن الرئيس ياسر عرفات حيا".
في واقع الامر تبدو هذه المسألة غريبة جدا على ولكن عند التأمل الجاد يمكن ان نفهم سر هذا الهلع الذي الم بسهى عرفات من زيارة المسؤولين الفلسطينيين.
فسهى عرفات وحسب القوانين الفرنسية تعبر الانسانة الاقرب الى ياسر عرفات، لهذا فهي المخولة عن الاعلان عن حالته الصحية. وتقوم فعلا باعطاء المعلومات او حجبها حتى عن اقرب مساعدي عرفات او حتى اقربائه، ولم يستطع أي من المسؤولين المرافقين لعرفات في باريس مثل محمد دحلان او فاروق القدومي ابو اللطف او حتى اقربائه مثل ناصر القدوة ممثل منظمة التحرير في الامم المتحدة (ابن اخته) من الاقتراب من سرير عرفات او معرفة اية تفاصيل عن حالته الصحية.
كما اعتبرت سهى عرفات ان المسألة مسالة عائلية وانها الوحيدة التي يمكنها ان تتحكم بكل المعلومات عن صحة الرئيس الفلسطيني والتزمت سريره لتبدو وكأنها الزوجة الوفية المخلصة التي تقف الى جانب زوجها في السراء والضراء او كما يقال في قسم الزواج الكاثوليكي "لن افارقك حتى الموت". ولكن هل هذه هي الحقيقة؟

السيدة الاولى والسيدة سهى عرفات

من المتعارف عليه ان زوجة رئيس الدولة تحمل لقب السيدة الاولى. ولكن هذا اللقب يطلق عادة على زوجات الرؤساء اللواتي يلتزمن مكانهن الى جانب ازواجهن ليساندوهن وليقدمن كل العون. من هنا جاءت شعبية الملكة اليزابيث الام، التي لم تغادر لندن اثناء القصف النازي للمدينة وبقيت الى جانب زوجها وشعبها تتفقد انقاض لندن وتساند شعبه وتحضه على الصبر والمقاومة. من هنا ايضا جاءت شعبية هيلاري كلينتون التي رغم كل ما اصاب كرامتها اثناء فضيحة ليوينسكي بقيت الى جانب زوجها ورفضت الهرب من المعركة. لهذا استحقتا مكانهما في قلب شعبيهما. وبقيت الملكة الام تتمتع باحترام الجميع حتى بعد ان فقدت الاسرة الملكية في بريطانيا احترام مواطنيها، وتمت مكافئة هيلاري بمساندة طموحها السياسي بالوصول الى الكونغرس. وهناك آلاف الامثلة التي لا مجال لذكرها هنا عن السيدات الاوائل اللواتي قمن بواجبهن اتجاه شعبهن. من هنا كان لا بد من توضيح حقائق محددة من حياة سهى الطويل التي اصبحت فيما بعد سهى عرفات واعطت لنفسها حق الوصاية على الشعب الفلسطيني لتتحكم في مسألة من اهم ما يمكن ان يمر به الشعب الفلسطيني على طريق نضاله الطويل.
سهى عرفات مسؤولة العلاقات العامة في منظمة التحرير في تونس ومن ثم المستشار الاقتصادي لرئيس عرفات هي ابنة الصحفية الفلسطينية المعروفة ريموندا الطويل، التي تربطها علاقات عميقة ومعقدة جدا مع ياسر عرفات. بعد زواج سهى (بظروف غامضة جدا) من رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واقامتها القصيرة معه توجهت مع بداية الانتفاضة الفلسطينية لتعيش في باريس برفقة ابنتها زهوة حيث درست سابقا في جامعة السوربون. غير ان سهى عرفات لم ترضى بهبوط مستوى حياتها الى الدرجة التي يعيشها الشعب الفلسطيني تحت الحصار وامام فوهات الدبابات الاسرائيلية. بل انها لم تتنازل للعيش في المستوى الذي وصل اليه زوجها عرفات، بل اصرت على حياة الترف التي لا تمت بصلة حتى الى اكثر ابناء الشعب الفلسطيني ثراءا. وليس سرا ان السلطات الفرنسية فتحت سابقا تحقيقا للبحث عن مصادر الاموال التي تم تحويلها الى الحسابات الخاصة لسهى عرفات في البنوك الفرنسية. والسلطات الفرنسية لا تحقق في مصادر اموال الا اذا كان هناك شك في حقيقة هذه المصادر، كما ان هذه المصادر لم تكن من اسرة الطويل الثرية، ولا من استثماراتها الخاصة.
سهى عرفات التي قطعت كل علاقاتها بالشعب الفلسطيني ومعركته اليومية وابتعدت عن الساحة التي من المفروض ان تكون مكان اقامتها الى جانب زوجها وشعبها، بل انها في احدى تصريحاتها استهزأت من الهدايا الثورية التي يقدمها لها زوجها، وضعت نفسها في موقع مخالف لموقع الشعب الفلسطيني ولم تستطع ان تفرض نفسها كسيدة فلسطين الاولى، بل انها فقدت بتصريحاتها الاخيرة ما يمكن ان يكنه الانسان لزوجة الرئيس عرفات. فقد اثبت عن جدارة انها احمق من يمكن ان يصبح السيدة الاولى.
لكن السؤال هو عن الدافع الحقيقي الذي يقف وراء رفض سهى عرفات اعطاء اية تفاصيل عن صحة الرئيس عرفات.
اولا ومما لا شك فيه ان سهى عرفات البعيدة كل البعد عن السياسة والديبلوماسية وكذلك عن هموم والام الشعب الفلسطيني ليست قادرة على فهم القيمة الحقيقية لهذه المعلومات ليس فقط بالنسبة للقيادة الفلسطينية ومستقبل النضال الوطني الفلسطيني، بل ايضا للمواطن العادي البسيط الذي يعتبر عرفات تمثيلا حقيقيا لاحلامه الوطنية.
كما انها اعتبرت على الطريقة العرفاتية ان هذه السلطة عبارة عن ادارة لحظيرة يملكها عرفات، وليس من حق احدا الا الوريث الشرعي الوحيد التحكم بكل المسائل المتعلقة بادارة هذه الحظيرة. وان كل من يحاول السؤال عن حقيقة صحة عرفات يريد ان يسرق هذا الميراث المقدر بمئات الملايين من الدولارات التي توجد في البنوك الدولية باسم عرفات. لهذا ترد سهى ان تقاتل حتى اخر لحظة لبقاء عرفات على قيد الحياة، ليس حبا به، ولكن ليوقع لها على تفويض التصرف بالحسابات البنكية الموجودة باسمه.
وقد تزامن "نداء" سهى الطويل الى الشعب الفلسطيني بخبر لم تعره وسائل الاعلام اهمية كبيرة يوم الاحد اذا طالب عضوان من المجلس التشريعي هما صالح عبد الجواد الوزير السابق وحسن خريشة باستجواب محمد رشيد وسهى عرفات لتقصي مصير مبالغ مالية ضخمة ملك للشعب الفلسطيني تم استثمارها في شركات مختلفة وفي عقارات بمعرفة الرئيس عرفات وزوجته سهى. فهل يكون هذا هو السبب الحقيقي وراء نداء سهى عرفات؟
الا ان هذه المرأة الحمقاء حفاظا على مصالحها الشخصية نسيت ان نداءا مثل هذا قد يؤدي الى اقتتال فلسطيني دموي بين من يظنون انها فعلا تدافع عن مصالح عرفات، وبين من يدركون حقيقة كتمها الاخبار عن صحة عرفات.
يقال انه وراء كل رجل عظيم امرأة، واقول انه لو كان للحماقة جناحين لطارت سهى عرفات افضل من كل الطيور. فقد تناست سهى عرفات ان زوجها ليس ملكا لها وتناست ان القرار الفلسطيني لا يمكن ان يكون يتوقف على حياة او موت عرفات، وارادت بهذا العمل الاحمق ان تقلب موازين الوحدة الوطنية التي بدأت تبدو على الساحة منذ انتقال عرفات الى باريس. وهنا لابد من التذكير بالرفض الفلسطيني العام لما ورد في هذا النداء المشؤوم الذي ان دل على شيء فهو يدل على صلابة الوحدة الوطنية الفلسطينية وقدرة الشعب الفلسطيني على الاستمرار سواء بحياة عرفات او حتى بعد غيابه.
لقد فتح التاريخ ابوابه واعطى الفرصة لسهى الطويل كي تكون السيدة الاولى في فلسطين، ولكنها فشلت في الاستفادة من هذه الصفة، وبدل ان تصبح للشعب الفلسطيني بمقام الملكة اليزابيث الام اصبحت بمقام زوجة الدكتاتور الفليبيني السابق ماركوس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا بعد موافقة حماس على -مقترح الهدنة-؟| المسائية


.. دبابات الجيش الإسرائيلي تحتشد على حدود رفح بانتظار أمر اقتحا




.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذه حزب الله بطائرة مسيرة


.. -ولادة بدون حمل-.. إعلان لطبيب نسائي يثير الجدل في مصر! • فر




.. استعدادات أمنية مشددة في مرسيليا -برا وجوا وبحرا- لاستقبال ا