الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع العربى..ومخاطر التحول الديمقراطى

أحمد أبودوح

2011 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


مع بداية عام 2011، هبت نسائم الربيع لتقود العالم العربى الى التحول من الأتوقراطية القمعية، الى النظام الديمقراطى المنفتح .
ساعد سقوط بعض من أعتى الأنظمة العربية، واكثرها فسادا على توغل الفكر الجديد بين شعوب المنطقة، وأصبحت بمثابة الضوء الذى يخترق الحدود من دولة الى أخرى، لينير الطريق أمام هذه الشعوب فى سبيل التحول الديمقراطى المنشود، بعد أن ساد هذه المناطق ظلام دامس لسنوات طويلة .
أدى ذلك الى سقوط بعض أنظمة الحكم "سقوطا كليا"، وانتقال مقاليد الحكم بالكامل الى أيدى الثوار فى بعض الدول.. كما أدى الى سقوط بعض الأنظمة الأخرى "سقوطا جزئيا" مع تشبث بعض الحكام بالسلطة، الذين مازالوا لا يدركون أنهم بالفعل فقدوا هذه السلطة، عمليا – على أقل تقدير- وأصبح تخليهم عنها كليا ما هو الا مسألة وقت، وأمر لا مفر منه .
بعد نجاح الثورات، تسعى الشعوب عادة الى العبور الى الجانب الأخر، عن طريق هدم النظام القائم، ليس فقط السياسى بل النظام الاقتصادى والاجتماعى والثقافى أيضا.. هنا تأتى أخطر مرحلة يتعين على النظام الجديد عبورها، وهى نقطة التحول المتمثلة فى اعادة هيكلة هذه الأنظمة من جديد.. حيث عادة ما يتخلل هذه المرحلة عدة أخطاء، تنتج عن عدم وضع البعد الثقافى والأيدولوجى للشعوب فى الاعتبار، عند انتقالها من مرحلة الانغلاق، و التقوقع الناتج عن الاستبداد، الى مرحلة الانفتاح الديمقراطى، وتصبح الدولة حينئذ كالطفل الصغير الذى يظل يحبو لفترات طويلة، وعندما يقف ليخطو أول خطوة صحيحة فى حياته، عادة ما يسقط على الأرض مجددا .
هذا يعنى – ببساطة – أنه يجب مراعاة الأغلبية المسلمة التى تعيش فى العالم العربى، والعادات والثقافات الشرقية التى يتمسك بها المسلمون وغيرهم ويحافظون عليها، حتى لا يتم اعطاء الفرصة للقوى الامبريالية فى العالم لتنفيذ مخططاتها فى استدراج الشعوب العربية للوقوع فى خطأ التقليد الأعمى للليبرالية بمفهومها الغربى ، وبالتالى سهولة نقل الأمراض الاجتماعية التى تعانى منها هذه الدول، الى عالمنا العربى .
فمثلا، يؤدى.. التحول المفاجأ الى الانفتاح الاقتصادى المرتبط ارتباطا عضويا بالديمقراطية، والاسراع الغير متزن فى الخصخصة، بهدف انشاء قطاع خاص قادر على قيادة هذا التحول الاقتصادى، اضافة الى عدم انتزاع الفساد من جذوره.. الى تشكل ظاهرة "الرأسمالية الطفيلية" والتى تؤدى، بطبيعة الحال، الى ظهور طبقة طفيلية فى المجتمع تنتج عن جمع بعض رجال الأعمال لثروات هائلة فى وقت قصير، عن طريق اللجوء الى "رؤس الأموال السوداء Black Business".
تسمى هذه الطبقة "بالبرجوازية الكمبرادورية" المتشكلة من رجال الأعمال الاحتكاريين، تسعى هذه الطبقة عادة الى القضاء على التعددية الطبقية فى المجتمع عن طريق سحق الطبقة الوسطى، والعمل على اتساع رقعة الطبقة الفقيرة والغاء أحد أهم مبادىء التحول الديمقراطى، وهو "العدالة الاجتماعية"، لذا يجب علينا الانتباه عند استيراد هذه الأفكار الاقتصادية الى ثقافة الشعوب العربية، وطريقة التفكير المسيطرة عليها، حتى لا يقع المجتمع العربى باثره فى مشكلة "الصراع الطبقى" من جديد .
أما من الناحية السياسية، تؤدى اندلاع الثورات والاطاحة بأنظمة الفساد الى حدوث حالة من "الحراك السياسى" الذى عادة ما يصل الى درجة الاندفاع . ينتج عن ذلك ظاهرة تشكيل الأحزاب وكثرة عددها، وتعدد الائتلافات والروابط السياسية المشكلة .
ولكن فى الواقع، يعتبر هذا "الانفلات السياسى" ظاهرة صحية بعد الثورات، لأنه فى النهاية تتبلور هذه التجمعات السياسية المختلفة فى صورة قوى سياسية رئيسية، تستطيع مع الوقت المنافسة الحقيقية فى احتواء الشارع والحصول على تأييد الأغلبية، وتكون قادرة بعدها على تشكيل حكومة تبدأ فعليا، ليس فقط فى مجرد التحول الى الديمقراطية، وانما السعى أيضا لاحتلال مكانة مرموقة فى مصاف الدول المتقدمة .
ولكن من الطبيعى أيضا، مع سعى الدول العربية الى استنشاق نسائم الحرية، ظهور بعض المقاومة التى تسعى الى افشال جميع هذه المحاولات المنادية بالاصلاح، داخليا مثل : "الاضراب الوضعى" الذى يقوم بتنفيذه جهاز الشرطة المصرى – المتواطىء – بشكل ممنهج، والتمسك بالسلطة وتحريض القبائل الذى تشهده اليمن، واشعال الحروب الأهلية كما هو الحال فى ليبيا وسوريا الشقيقتين . كما أن بعض القوى الدولية – والعربية أيضا - تشكل ضغوطا خارجية على هذه الدول، حتى لا تنتقل عدوى المطالبة بالحرية الى أراضيها .
لذا عند امعان النظر فى الأنظمة العربية والأساليب القمعية التى تتبعها، سوف تلاحظ التشابه الكبير فى الخلفية الثقافية- سواء المالكة منها أو الجمهورية - الناتج عن زوال الهوة بين "الأسرة المالكة" و "الأسرة الحاكمة"، فكلاهما قد أطلق يد أعضاء الأسرة أو العائلة التى تتمتع بصلة قرابة مع الحاكم فى الدولة، لسيعوا فى موارد وأموال الشعب فسادا . و لكن فى الحقيقة – وحتى تتحقق الديمقراطية – يجب على الأولى أن تترك الحكم لحكومة منتخبة، وتتفرغ هى للحفاظ على ترابطها الأسرى..كما يجب على الثانية أن تتخلى عن هذا الترابط – الزائد، حقيقة – وان تتفرغ لشئون حكمها، والا سوف نرى المزيد من الثورات التى قد تندلع فى بعض الدول التى تعتقد أنها بمنأى عن هذا كله .
ولكن مازالت المنطقة فى حاجة الى قائد محورى، قادر على العبور بالمنطقة ككل الى مرحلة ما بعد نجاح هذه الثورات، وقد بحثت الدول العربية بالفعل عن هذا القائد، ولم تجده فى أحد غير مصر، القائد الاعتيادى الذى طالما كان فى المقدمة فى مثل هذه الظروف، وفى جميع ما وجهت المنطقة من محن عبر تاريخها الطويل.. لذا نجد أن الاهتمام بالثورة المصرية – على وجه الخصوص - والتركيز على انجاحها مازالا قائمين، بعد ادراك العالم العربى بأن مصر هى حجر الزاوية، ورمانة الميزان التى سوف يساعد استقرارها على استقرار المنطقة العربية بأكملها، وأن نجاح ثورتها سوف يدفع فى اتجاه نجاح بقية الثورات المتوقع اندلاعها، وخاصة بعد أن أصبح ميدان التحرير أيقونة الثورات لجميع شعوب العالم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ