الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لا نختلف؟

بيتر جميل

2011 / 6 / 17
حقوق الانسان


لقد سبق و تعلمنا من نظام ما قبل 25 يناير(و هى صفه لصيقه بكل الديكتاتوريات) خطوره الحكم الفردى الاوتوقراطى على المستوى السياسى و تبعات هذا الشكل من الحكم على جميع مناحى الحياه الاخرى.
تصدر لنا هذه الديكتاتوريات فكره خطيره و هى مدى سوء الاختلاف,سواء فى الحقبه الناصريه و الغاء جميع الاحزاب و فى ذلك كفر بالتعدديه او فى الحقبه الساداتيه و ما يتعلق بها من صبغ للسياسات بالصبغه الايمانيه المقدسه فأصبح الاختلاف على سياسات الرئيس يمثل ضعف ايمان و فى هذا خرق للتعدديه فهو يجبرك على الانصياع لأوامره انصياع مقدس لا يقبل الاختلاف ابدا.


ما سبق كان نموذج تمهيدى لما اود ان اشير اليه و هو اهميه الاختلاف و خطوره وحده الرأى او توحيد جميع الاراء فى رأى واحد فى سبيل عدم الانقسام.هل رأيت يوما مجتمع يدين جميع افراده بنفس الديانه؟ و ان وجدت هل اتفق جميع افراد نفس المجتمع بلا استثناء على مذهب دينى واحد او فهم معين لذلك الدين و نبذوا و استبعدوا الباقى من المذاهب؟
اشك فى هذا!
اى عقل يقبل ان يتم اجبار جميع البشر على ارتداء نوع واحد من الملابس او الايمان بفكره واحده وحيده دون غيرها ؟ هناك اعتراض يلوح فى الافق هو ان يتم تغليف بعض الافكار بغلاف دينى يصبغها بصبغه مقدسه,الاعتراض ليس على الدين فى حد ذاته بقدر ما هو متعلق بأستخدام الدين(او اى مقدس) المجحف فى توافه الامور و ابسطها,النتيجه الاخطر التى نود ان نتجنبها هو ان الصبغه المقدسه فى هذه الحاله ستجعل الاختلاف على الفكره مجال للأيمان و الكفر وليس مجال للبحث و الاجتهاد.


اقتناعا منى بأن الاديان (او بعضها) او فهم بعض الملل للدين يترك للفرد هذه المساحه من الاختلاف فى الامور الدنيويه و من ثم تدفعه دفعا نحو اعمال العقل يتوجب علينا الاعلاء من قيم التعدديه و حريه الرأى و اهميه الحوار.


لا تصدق ابدا من يحاول ايهامك ان تعدد الاحزاب مثلا فرقه او اهدار طاقات او ابتعاد عن الدين,لا تصدق من يقل لك ان الاجماع الكامل على رأى ما فى شأن ما هو شىء صحى تماما بل على العكس فالاجماع على رأى واحد يخلق ايمانا معينا بالتوصل الى قناعه ما و عند التوقف عن اعمال العقل تتحول تلك القناعه الى حقيقه مطلقه لا تقبل الجدل او الشك و لا الاختلاف و يتم صبغها بصبغه مقدسه مما يؤدى بهذه القناعه الى الجمود.
لماذا اذن لا اقبل بأمكانيه تصنيع و تداول و وجود حقائق مطلقه؟ ببساطه لأننا نعيش فى عالم متغير لذلك فأن قناعاتنا و افكارنا و فلسفاتنا و فهمنا لعقائدنا و طريقتنا فى المأكل و المشرب و اختيار نوع الملابس وكل ما يتعلق بحياتنا بالضروره متغير.
اذن الخطر الاكبر الذى يواجهنا فى اشكاليه الاتفاق على رأى واحد هو احتماليه ان يكون هذا الرأى خطأ اصلا او او ان يحمل بعض الاجزاء الخاطئه و من ثم تصبح مهمه اصلاح الخطأ او استبداله بصواب امرا عسيرا مستحيلا و بذلك نضيع او نؤجل فرصه ان نصل الى الفكره الاصح او الاقرب الى الصحه.


اذا كانت مسأله توحد المجتمع على قتاعه معينه او عقيده معينه او ايديولوجيا معينه و بالتبعيه فساد باقى القتاعات و العقائد و الايديولوجيات فكره فاسده و مغلوطه و تؤدى للأحاديه التى تقودنا بالتبعيه للأستبداد لأنها تلغى التعدديه التى هى فى الاساس قيمه ديمقراطيه فما الحل اذن؟! الحل فى الوصول الى فكره ان لا احد يمتلك الحقيقه المطلقه او الصواب المطلق فكل قناعاتنا قابله للخطأ او بمعنى ادق تحمل فى طياتها بعض اجزاء من الصواب و بعض اجزاء من الخطأ و حريه الرأى التى ستنتج التعدديه ستؤدى الى ان يطرح الجميع افكاره و قناعاته الغث منها و الثمين و افراد هذا المجتمع بدورهم سيختارون ما سيناسبهم منها و بشكل تلقائى ستجد فى فتره معينه من الزمن بعض الافكار مستلمه كانت ام عصريه تندثر او تضمحل او تفقد بريقها و على الناحيه الاخرى بعض الافكار تطور نفسها و تصحح من اخطائها و تزيل تشوهاتها لتجارى الواقع و تندمج مع متطلبات افراد هذا المجتمع .


من كل ذلك نفهم ان الخطوره تكمن فى الرأى الواحد الوحيد السديد الرشيد المقدس و و الاشكاليه التى سيخلقها ذلك الخطر هى منظومه فكريه احاديه مستبده تنتج فكره واحده و قناعه واحده و تكره الفرد على اتباعها حتى لو كانت مخالفه له او خاطئه تماما و ان علاج هذه الاشكاليه هى فى ترسيخ او الاعلاء من قيمه حريه التعبير و الرأى التى ستخلق بالضروره قيمه التعدديه بكل اشكالها و تطبيقاتها التى سينعم تحت اجنحتها جميع الافراد سالمين من النبذ او الاقصاء على اختلاف انتمائاتهم و العقائديه و القبليه و الاجتماعيه و الفكريه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اربعة اعيين ترى اكثر واحسن من عينين اثنين
اسماعيل ميرشم ( 2011 / 6 / 18 - 13:37 )
لو افترضنا لجميع الالوان ان تفقد الوانها وان تتحول على سبيل المثال الى اللون الازرق فهل تبقى للازرق معنى في الوجود وبكلمة اخرى هل تبقى للازرق لون تسمى بالازرق في هذه الحالة يا اخي هل توجد في الكون وبين بلايين البشر كفان يتشابهان في ما يسمى بطبع الاصابع فالبطبيعة خلق البشرية وافكارهم بخصوصيات تختلف عن الاخر وهذه هي احدى اهم بديهيات الكون واهم جماليات الانسانية لو تفهمت و احسنت التعامل معها واستخدمت لما فيه خير البشرية في حياة حرة كريمة رغم اختلافات الدين والعقيدة الفكرية والاثنية ووو
اشد على يديك الكريمتين وتقبل احتراماتي

اخر الافلام

.. أخبار الساعة | تدفق المهاجرين غير النظاميين ينتقل إلى المغرب


.. طوعية أم قسرية...لبنان يعلن عن عملية إعادة لاجئين سوريين لبل




.. هل عدلت الأمم المتحدة حصيلة قتلى الحرب في غزة؟ • فرانس 24 /


.. ليبيا: الجنائية الدولية تقترب من إنهاء تحقيقاتها في جرائم حر




.. العالم الليلة | إسرائيل توسع عملياتها في رفح.. و-الأونروا- ت