الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رياح التغيير تهب على العراق

وصفي احمد

2011 / 6 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


لقد صدقت الغالبية العظمى من بنات و ابناء الشعب العراقي الوعود التي اطلقتها إدارة بوش الابن – عندما قامت بغزو البلاد في سنة 2003 – من أنها جاءت لاسقاط الدكتاتورية وبناء نظام ديمقراطي يحقق الرفاه الاقتصادي للعراقيات و العراقيين و يكون مصدر اشعاع حضاري على عموم المنطقة .
إلا ان هذه الوعود سرعان ما تبين زيفها منذ أن قامت قوات الاحتلال بحل مؤسسات الدولة , خصوصا الأمنية منها , لتفتح الحدود على مصراعيها أمام كل من يريد تصفية حساباته معها . ثم أصدرت قانون اجتثاث البعث – المسائلة و العدالة فيما بعد – الذي أصبح سيفا مسلطا على رقاب العراقيات و العراقيين لاقصاء كل من يرق للطبقة السياسية الحاكمة حتى أنه شمل بعض الشخصيات التي كانت محسوبة على المعارضة العراقية .
بعدها جاءت الطامة الكبرى عندما تم تشكيل مجلس الحكم المقبور على أساس المحاصصات الطائفية و العرقية بحجة تحقيق العدالة بين مكونات الشعب العراقي مما أدى إلى زيادة حدة الاستقطاب الطائفي و العرقي الذي أدى إلى نشوب أعمال عنف كادت تجر البلاد إلى حرب اهلية معلنة و قد ذهب ضحيته مئات الألاف من بنات و أبناء الشعب العراقي فيما تشرد الملايين داخل و خارج البلد هربا من القتل على الهوية .
و بعد تشكيل الحكومة المؤقتة برئاسة أياد علاوي على ذات الأسس المذكورة و التي هيأت لانتخابات الجمعية التأسيسية , في ظل أوضاع أمنية متردية , و التي كانت مهمتها سن الدستور الدائم في فترة زمنية قصيرة و كانت النتيجة أن تم سن دستور, وفق تصورات و مصالح القوى السياسية المتنفذة , ما جعله مليء بالمطبات و القنابل الموقوتة .
و بعد الانتخابات الثانية التي جرت في ظروف أمنية أحسن من الأولى جاءت حكومة المالكي الأولى و التي جرى خلالها تحسن كبير بالأوضاع الأمنية لأسباب لا مجال لذكرها هنا . غير أن واقع الخدمات لم يحصل عليه أي تحسن ما دفع الجماهير إلى التعبير عن استيائها من خلال الخروج في مظاهرات احتجاجية كانت أبرزها في محافظتي البصرة و الناصرية لما تعاني منه هاتين المحافظتين من ارتفاع شديد في درجات الحرارة مع انقطاع شبه دائم للتيار الكهربائي ما شجع المواطنات و المواطنين في محافظات أخرى للقيام بذات الفعل و بهذا بدأ حاجز الخوف ينكسر.
و عندما أقترب موعد الانتخابات الأخيرة تصاعدت الأصوات للمطالبة بالقائمة المفتوحة في ظل تذمر جماهيري من أحزاب و قوى الاسلام السياسي السني و الشيعي على حد سواء .مما دفع الأول إلى تغيير جلدته عن طريق التحالف مع علاوي الذي يرى فيه العديد من المواطنات و المواطنين علمانيا مما يجعله قادر على اعادة اللحمة للمجتمع العراقي . بينما تصاعدت الخلافات بين أركان الصنف الثاني حتى أدى ذلك الخلاف إلى حدوث انشقاق في صفوفه , لتظهر إلى العلن قائمتين شيعيتين سعت الأولى إلى ايهام الشعب العراقي عن طريق تغيير اسمها في بقى مضمونها نفسه بينما سعت القائمة الثانية إلى تطعيم نفسها بشخصيات سنية و أخرى محسوبة على التيار القومي العروبي لكن هذه الشخصيات كانت هامشية .
و بعد ظهور نتائج الانتخابات الاخير بدون حدوث تغيير يذكر في موازين القوى , و على الرغم من حصول القائمة العراقية – التي تمثل التيار القومي العروبي – على أغلبية بسيطة و رغبتها بتشكيل الحكومة غير الاسلام السياسي الشيعي سرعان ما التف على نتائج الانتخابات عن طريق قيامه بتشكيل تحالف جديد – قديم عرف بالتحالف الوطني بهدف الحصول على أغلبية داخل مجلس النواب ليدخل العراق و عمليته السياسية في دوامة من الجدل السياسي العقيم عن القائمة الأكبر التي من حقها تشكيل الحكومة دام زهاء التسعة أشهر انتهت – بعد سلسلة من الضغوطات الدولية و الاقليمية – بتشكيل حكومة ناقصة برئاسة نوري المالكي في مقابل تشكيل المجلس الوطني للسياسات الستراتيجية برئاسة أياد علاوي وهو مجلس أرادت العراقية منه أن يكون رديفا لمجلس الوزراء إن لم نقل أنه يسحب معظمها خصوصا الصلاحيات الأمنية و هذا طبعا لم يرق للتحالف الوطني الذي اعتبره غير دستوري من جهة و من جهة أخرى إذا تشكل فانه سيكون بلا صلاحيات تذكر و أن قراراته غير ملزمة .
و بهذا تستمر الخلافات داخل العملية السياسية دون أن يكون هناك أمد محدود لانتهائها , في حين يعاني الشعب العراقي من تردي واضح لأوضاعه سياسيا و اجتماعيا و اقتصاديا من حيث نقص الخدمات و خصوصا الكهرباء و تفشي البطالة و ارتفاع حدة التضخم الذي أخذ يأكل الزيادات التي حصلت في رواتب الموظفين و غيرها من المشاكل التي أصبحت مستعصية , لذلك وصل إلى قناعة أن مشاكله لن تحل ما لم يقوم بالدفاع عن مصالحه بنفسه عن طريق الخروج في مظاهرات سلمية يطالب من خلالها باصلاح النظام و محاسبة الفاسدين والمفسدين و القضاء على سياسة المحاصصة الطائفية و العرقية التي هي أساس الداء و تحسين الخدمات و غيرها من المطالب المشروعة .
و بدل أن تتعامل السلطة مع هذه المبادرة بإسلوب ديمقراطي سعت إلى الوقوف بوجهها حتى قبل أن تنطلق من خلال اتهام القائمين عليها بالانتماء إلى حزب البعث المحظور تارة و إلى القاعدة تارة أخرى و لما شعرت أن هذه الدعوات لن تثني الجماهير عن مرادها قررت عرقلة الاحتجاجات عن طريق فرض حضر سير على المركبات حتى تمنع وصول المتظاهرين إلى الساحات العامة و خصوصا في بغداد و تكثيف نقاط السيطرة على الطرقات . غير أن هذه الاجراءات فشلت في تحقيق أهدافها إذ تجمعت الجماهير و اتسعت الجموع مما أغاض السلطة التي لم تتورع عن قمع المتظاهرين بشتى السبل دون جدوى , لذلك أضطر رئيس الوزراء أن يطلب مهلة مئة يوم لمراجعة مواطن الخلل بغية معالجتها .
وهذه المهلة قد انتهت دون أن يظهر في الأفق ما يشير إلى امكانية حدوث أي اصلاح حقيقي . و عليه لابد من احداث تغيير في العملية السياسية عن طريق الدعوة إلى انتخابات مبكرة بعد أن يتم الغاء قانون الانتخابات الحالي , علما أن المحكمة الدستورية قضت ببطلانه , و جعل العراق دائرة انتخابية واحدة مع الابقاء على نظام القائمة المفتوحة و تغيير مفوضية الانتخابات ألا مستقلة و تشريع قانون الأحزاب حتى يتم الاطلاع على مصادر تمويلها . و على القوى السياسية و الاجتماعية التي دعت الجماهير إلى الخروج للمظاهرات أن تعمل على توحيد صفوفها و النزول في قائمة موحدة في حال جرت الانتخابات كي تتمكن من منافسة القوائم الكبيرة و الحصول على أكبر قدر من المقاعد في مجلس النواب لتتحول على الأقل إلى معارضة قوية داخل قبة البرلمان مع عدم نسيانها تعبئة الجماهير للحصول على حقوقها المشروعة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - استفسار
يوسف ابو سبيت ( 2012 / 7 / 28 - 03:17 )
انا من ابو سبيت من فلسطين وابحث عن اي شخص يكون من ابو سبيت من العراق

اخر الافلام

.. الهدنة في غزة: ماذا بعد تعقّد المفاوضات؟ • فرانس 24


.. هل تكمل قطر دور الوساطة بين حماس وإسرائيل؟ • فرانس 24




.. 4 قتلى وعدة إصابات بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة -ميس الجبل-


.. القوات الجوية الأوكرانية تعلن أنها دمرت 23 طائرة روسية موجّه




.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. والضبابية تحيط بمصير محادثا