الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحت سقف الوطن

عماد دلا

2011 / 6 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تحت سقف الوطن
منذ ابتُلينا في سوريا بهذه العصابة المتسلطة المجرمة وإعلامها لا يكف عن نشر الأكاذيب وتشويه الحقائق مستخدما جهازا كاملا متضخما من الفاسدين السفلة المأجورين في حربه المستمرة ضد شرفاء وأحرار الوطن , وزارة كاملة من المنافقين مدعومة ومرتبطة بالأجهزة الإعلامية لحزب العبث المتسلط و بالأجهزة الأمنية القذرة والأذرع الإعلامية لأباطرة الفساد والنهب , جيش أعلامي كامل يستخدم أموالنا لتبرير قتلنا , ولنشر الشائعات والأكاذيب وإثارة الفتن بين مكونات الشعب السوري , ظنا منه بأن هذه الإمكانيات الضخمة المسخرة لعملية القتل والإجرام الإعلامي كافية لإلغاء حقائق التاريخ و إخفاء أدلة وبراهين الوقائع .
فعدا عن الكذب الصريح الوقح في إنكار الحقائق وتزويرها ,فهم يعتمدون التضليل و الغموض والإبهام كركيزة أساسية في حربهم القذرة , وتاريخ حربهم وحاضرها مليء بالمصطلحات والمفردات والتعابير الغامضة التي يستخدمونها بخبث لعين في لغة التخوين وتوزيع الاتهامات ومنح شهادات البطولة والوطنية حسبما يرتؤون
فكثيرا ما سمعناهم ونسمعهم يتكلمون بمصطلح " معارضي الخارج " وليس معارضة الخارج , للدلالة إلى عدم وجود معارضة أصلا , فالداخل لا توجد فيه معارضة و نسب الاستفتاءات المضحكة التي تبدأ بالرقم 9 لتكرره وتنتهي به تؤكد ذلك , أما من هم في الخارج فهم ليسوا معارضة , هم معارضين - أي أنهم بضعة أشخاص ليس إلا – وغالبا ما تكون صفة " مرتبطين بالخارج " لازمة ضرورية للتخوين , حيث تستخدم مفردة " مرتبطين " بدل مفردة " مقيمين " , علما أن مكان الإقامة لا يعني الارتباط , بل على العكس فغالبا ما يكون الارتباط بأخر بعيد عن مكان الإقامة , وهذا هو الواقع فعلا , من حيث أننا مقيمون في الخارج ومرتبطون بالوطن , في حين أن هذه العصابة المتسلطة مقيمة في الداخل ومرتبطة بأعداء الوطن بالخارج
هذا ما درجوا عليه طويلا , إلا أن ضغط ثورة الحرية والكرامة دفعتهم لاعتراف خجول غير رسمي بوجود معارضة , مع التأكيد على ضرورة التفريق بين المعارضة الوطنية و معارضي الخارج , وهذا التأكيد الدائم والمستمر على مفردة " الخارج " يحمل اتهاما إيحائيا بالخيانة , وهذا الإيحاء الخبيث أكثر شدة وتأثيرا من الاتهام الصريح , كون الإيحاء يحتمل تفسيرات كثيرة قد تتجاوز في سوئها و سمومها الاتهام المباشر , ولهذا وجب علينا تذكير العصابة المتسلطة ببعض خونة الأوطان في العالم والذين أقاموا في الخارج لفترات مختلفة قبل عودتهم لأوطانهم
- شارل ديغول محرر فرنسا من الاحتلال النازي و مؤسس الجمهورية الخامسة والمحكوم غيابيا بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى من قبل حكومة فيشي المرتبطة بالمحتل
- غاريبالدي رئيس الحزب الوطني الايطالي , وموحد ايطاليا
- فلاديمير اليتش لينين قائد ثورة أكتوبر البلشفية وأول رئيس للحزب الشيوعي السوفيتي المصدر الرئيسي لفكرة الحزب الأوحد القائد للدولة وللمجتمع , وهاهم أحفاده يقفون إلى جانبكم في المحافل الدولية ويبررون إجرامكم وتسلطكم
- والد صديقكم الحالي وصديق والدكم الراحل , الزعيم الكوري الشمالي " كيم إل سونغ "
- الرفيق فيدل , وصبيانه في أمريكا الجنوبية الذين يدفعهم عدائهم للولايات المتحدة الأمريكية للوقوف بكل خزي بجانب قوى ظلامية كإيران , وللعبث بوسام المحرر الأول سيمون بوليفار
- الخميني سارق ثورة الشعب الإيراني والمرشد الروحي لأسيادكم ومرشديكم في عمليات القتل والقنص والإجرام
هذه أمثلة للتذكير فقط , وهي ليست دليلا على الوفاء و الوطنية أو على الخيانة , فالوطنية والخيانة والوفاء هي قيم أخلاقية ترتبط بالشخص وقيمه وأخلاقه ومبادئه , وليس لها أي علاقة بمكان تواجده الجغرافي , فكما أن هناك عشرات ألاف السوريين من الوطنيين الأحرار الشرفاء في الخارج , كذلك نجد بالخارج من هم من طينتكم ك عبد الحليم خدام و رفعت الأسد.... الخ , وكما أن هناك ملايين السوريين الأحرار الشرفاء في الداخل , كذلك نجد بالداخل آلاف الفاسدين المجرمين القتلة .
هذا عن الخارج , وماذا عن الداخل ؟ , يبدو أن الوضع في الداخل تغير وأصبح لِزاماً تحت ضغط الثورة الاعتراف بمعارضة في الداخل , أما عن السجون وعن الأحكام اللاشرعية واللاقانونية التي صدرت وطبقت بحق معارضة الداخل تحت عنوان " وهن نفسية الأمة " فيبدو أن تفسيرها تغير . فمن الإشارة الضمنية لارتكاب جريمة الخيانة إلى تفسير أقل إيذاءً , فوهنهم لنفسية الأمة لم يكن خيانة , بل كان نتيجة تواضع معرفي وخطأ سلوكي وتمادي لا يستوجب تفسيره بسوء النية , وهكذا تكرمت العصابة المتسلطة و أسقطت عن معارضة الداخل تهمة " الخيانة " ومنحتها ما يمكننا تسميته ب " الوطنية الجغرافية " , وهذه " الوطنية الجغرافية " وفق رؤية العصابة المتسلطة وأبواقها الإعلامية النابحة هي شرط لازم للوطنية لكنه غير كاف , ولهذا نجدهم لا يملّون من تكرار الحديث عن قبول الحوار لكن مع " المعارضة الوطنية الشريفة " وهي معادل لغوي ل " الحوار تحت سقف الوطن " , فلكي تكون وطنيا شريفا تستحق القبول والاعتراف والحوار , عليك أن تقبل ذلك تحت القصف والقمع والقتل وأزيز الرصاص وعليك أن تقبل وتنفذ كل ما يطلب إليك ليكون الحوار بناءً , وعدم قبولك بذلك يعني أنك معارضا لا وطنيا وغير شريف , وحتى " الوطنية الجغرافية " الممنوحة لك تحت ضغط الثوار لن تحميك من تهمة الوهن حد الخيانة .
" تحت سقف الوطن " تعبير مبهم ضبابي غامض لا يكل أبواق العصابة عن النبح به ليل نهار , ويقولون بالحوار تحت سقف لا نعرف من رسمه ولا من وضع حدوده , ولا من هو هذا العبقري الذي أرسى مفهوم السقف باعتباره أساسا من أسس الحوار , فالحوار سواء كان شخصيا أو وطنيا , يتطلب وضوحا في شروطه ومبادئه ونقاطه وظروفه وأسسه وخطوطه العريضة والضيقة , وليس تعابير مبهمة وغامضة بهدف الخداع والتضليل والالتفاف والتزوير
ثم من قال بأن هناك سقف للوطن؟!! .. نحن نؤمن بوجود فضاءات للوطن , أما فكرة السقوف هذه فلا يمكن أن تصدر إلا عن عقل سجّان , عقل لا يرى في الوطن إلا سقوفا وجدرانا ويرى في كوة زنزانة السجن خطر محدق , عقل تحكم بالوطن خمسة عقود وتسلط عليه وخرّب بنظرته الأحادية الضيقة المنغلقة المتقوقعة كل بنى الوطن وتشكيلاته , وأصبحت نتائج هذا العقل المدمر واضحة في كل صغيرة وكبيرة في هذا الوطن الأسير , ففي سوريا السقوف ,حتى الشوارع ضيقة ومحدودة , ولن تجد بغيرها حدائق بأسوار وبلا أشجار ,في سوريا السقوف ستعجز عن إيجاد مبنى يعطيك أحساسا بالرحابة والانطلاق والحرية , حتى ما يطلقون عليه " صروح " فهي لا تعدو عن كونها كتل معمارية ضخمة لا توحي لناظرها و لا لداخلها إلا بأثر الاستبداد المدمر على الفنون , وهذا واضح أيضا في نمط الغناء المعمم " كعلي الديك و فراخه ... مثلا " حيث الموسيقى الصادحة لا تشغل من السلم الموسيقي العالمي إلا حيزا ضيقا تافها مكرورا .و ...و ... ولن أتابع في سرد هذه الشواهد حيث يتطلب هذا الأمر دراسة بحثية خاصة ل " أثر الاستبداد على الفنون " ..... دراسة ستفيدنا كغيرها من الدراسات والحقائق و الوثائق والأدلة والأحداث والمواقف والبراهين في إدانة هذه العصابة المتسلطة المجرمة بتهمة الخيانة العظمى للوطن .... وعندها سيكون لديهم المُحاور الأبكم الأصم الذي ينشدون والوقت الطويل الذي يطلبون , سيكون لهم سقوف وجدران ليحاورها و فيض من الزمن لا يستوجب سرعةً ولا تسرّع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل نجح الرهان الإسرائيلي في ترسيخ الانقسام الفلسطيني بتسهيل


.. التصعيد مستمر.. حزب الله يعلن إطلاق -عشرات- الصواريخ على موا




.. تركيا تعلن عزمها الانضمام إلى دعوى -الإبادة- ضد إسرائيل أمام


.. حراك الطلاب.. قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجه أميركا بسبب إسرائ




.. لماذا يسعى أردوغان لتغيير الدستور؟ وهل تسمح له المعارضة؟