الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنتفاضة أم ثورة ( مقتطف من - أنبذوا الأوهام البرجوازية الصغيرة حول الإنتفاضة الشعبية فى تونس- لناظم الماوي).

ناظم الماوي

2011 / 6 / 18
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


إنتفاضة أم ثورة

( مقتطف من " أنبذوا الأوهام البرجوازية الصغيرة حول الإنتفاضة الشعبية فى تونس" لناظم الماوي).

بداية وجبت ملاحظة أنّ التمرّد إنطلق فى مطالبه إجتماعيا عفويّا ليتحوّل شيئا فشيئا و يوما فيوما إلى رفع واعي مصمّم و منظّم بأشكال مختلفة و متفاوتة القوّة لمطالب سياسية لم تعد منحصرة فى جهة أو جهتين و إنّما عمّت البلاد كافة تقريبا. و رغم الطابع العفوي الطاغي فى البدء خاصة فإن قوى سياسية مختلفة فى النقابات و فى منظّمات شتى و فى الجهات المتنوّعة ( أفرادا و جماعات) نظّمت إلى حدود النضالات و نسقها التصاعديّ و الصمود و الهجوم و إن لم يهيمن حزب معيّن على التحرّكات فإنّ عديد المجموعات سجّلت حضورا ملحوظا منذ البداية أو إلتحقت بالحركة الإحتجاجية بجدّ بعد تردّد أو تلكؤ ووقوف موقف المتفرّج لأيام أو لأسابيع.



ثمّ إنّ تمرّد الشعب حين توسّع صار إنتفاضة جماهيرية طالت و تعمّقت فحقّقت هدفا كان بعيد المنال بالنسبة للكثيرين حتى من الأحزاب و المجموعات السياسية ألا وهو الإطاحة برأس النظام الرئيس الجنرال و قد يحقّق تواصل التمرّد إسقاط حكومة الغنوشي فى الأيام القادمة. و مع ذلك ليس بإمكاننا علميا و من منظور البروليتاريا و منهجها المادي الجدلي أن ننعت ما حصل بالثورة إذ هو لا يتعدّى كونه إنتفاضة و ذلك لأنّه اطاح برئيس الدولة و لم يطح بالدولة ، دولة الإستعمار الجديد ، دولة الإقطاع و الكمبرادور المتحالفة مع الإمبريالية و خادمتها .



ماركسيا، الدولة جهاز قمع طبقة لطبقة/ الطبقات أخرى متكوّن أساسا من الجيش كعمود فقري و آلة بيروقراطية لإدارة دواليب الدولة و مؤسساتها . و تطبيقا على تونس و إن تعرّض الجهاز البيرروقراطي للدولة إلى بعض الضربات فى جهات معينة و مؤسسات معينة و إلى حدود معينة فهو لا يزال قائما و قادرا على إعادة إنتاج هيمنة دولة الإستعمار الجديد. هذا من جهة و من جهة ثانية ،الجيش لم يطله أي ضرر بل بالعكس صار الشعب يعتبره حليفا له يحبّه و يقدّره فى حين أنّه ليس البتّة بالجيش الشعبي و إنّما هو جيش الدولة القائمة و عمودها الفقري و قياداته عملت لدى الجنرال المخلوع و تحت إمرته و فى إتفاق معه لسنوات طوال وهي تأتمر بأوامر الإمبريالية العالمية و تخدم مصالح التحالف الطبقي الرجعي الحاكم و إن إختلفت فى لحظة ما فى التكتيك الذى يجب توخّيه تحت ضغط الشارع.



و لئن قدّمت الطبقات المهيمنة بعض التنازلات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية فإنّها لم تسلّم الدولة جهازا و مؤسسات للشعب الذى عليه ليس تحسين هذا الجهاز و هذه المؤسسات بل تحطيمهما و تعويضهما بدولة جديدة مثلما شرح ذلك ماركس و لينين ( "الدولة و الثورة" ، لينين). و فى إرتباط بالجيش ، من الأكيد أن نذكّر أن ما يسمىّ بأجهزة الأمن – شرطة وحرس و ما شابه و منها " أمن الدولة"- قائمة الذات و بأمر من مسؤوليها قد تغرق البلاد فى أية لحظة فى القمع أو فى حمّام دم من جديد. و حينها لن تستطيع جماهير الشعب العزلاء التي لا تملك جيشا شعبيا صدّ الرصاص و الدبابات و الطائرات و التغلّب عليها و تحطيم كافة أجهزة دولة الإستعمار الجديد دون جيش شعبي و عبر حرب شعبية طويلة الأمد.



و إضافة إلى الإعلام بالتلفزة و الراديو و الصحف و غيرها الذى لا زالت بأيدى دولة الإستعمار الجديد كما لاحظ ذلك حتى أبسط المواطنين و إن سمح بمساحات محدودة للرأي المعارض قد تتتقلّص لاحقا تدريجيا مع خفوت نبرة الإنتفاضة ، فإنّ- إقتصاديا- نمط / أسلوب الإنتاج لم يتغيّر و طبيعة المجتمع كذلك لم تتغيّر. و هذا أمر مركزي بالنسبة للماديين الماركسيين الذين يعتبرون أنّ السياسة تعبير مركّز عن الإقتصاد و الذين يدعون للثورة الوطنية الديمقراطية أو الديمقراطية الوطنية أو الوطنية الديمقراطية /الديمقراطية الجديدة أو الإشتراكية . فإن كان تمرّد الشعب التونسي ثورة فهل هي من الأنواع المذكورة أعلاه؟ لا طبعا فعن أيّة ثورة يتحدّثون إذا؟ إنهم يسبحون فى بحر الخيالات البرجوازية الصغيرة.



إنّ رموز بعض التيارات أو الأحزاب اليسارية الذين طلعوا علينا فى التلفزة يوم 22 جانفي منطلقين فى حديثهم من إعتبار ما حصل إنتفاضة ليختموه بأنّها ثورة –حمّه الهمّامي الناطق بإسم حزب العمّال الشيوعي التونسي- أو الذين يصيحون بأنّها ثورة و يا لها من ثورة متميّزة – شكرى بلعيد الناطق بإسم حركة الوطنيين الديمقراطيين- أو الوطنيين الديمقراطيين الوطد الذين كتبوا فى بيان يوم 14 أنّها إنتفاضة شعبية ليتحدّثوا فى نداء يوم 16 عن ثورة عارمة و مضمون وطني و شعبي و ديمقراطي و أهداف داعية للحرية و العدالة الإجتماعية من وجهة نظر العمال و الكادحين، إنّ هؤلاء جميعا من جهة ينشرون الأوهام حول الإنتفاضة و دولة الإستعمار الجديد عوض نشر الحقيقية التي هي وحدها الثورية كما قال لينين و من جهة ثانية يقدّمون خدمة من حيث يعلمون أو لا يعلمون لأعداء الشعب حيث هؤلاء الأخيرين نفسهم يستعملون كلمة الثورة لمغالطة الجماهير و دعوتها بعد القيام بها إلى الركون و السكون و الكفّ عن خوض النضالات و توسيعها و عدم المسّ من مختلف أجهزة بيروقراطية الدولة و الجيش و العودة إلى الحياة العادية مكتفين بما حصل من تغيير على أنّه ثورة ناجزة.



و فضلا عن هذا الخلط النظري و الضرر السياسي و العملي الذى يلحقه بالصراع الطبقي إستعمال مفاهيم مضلّلة ،ثمّة خطر إعتبار الثورة تمّت و إيهام الجماهير بأنّه لا رجعة عن المكاسب المحقّقة فى حين أنّ واحد من أهمّ دروس الصراع الطبقي فى العالم التي إستخلصتها البروليتاريا العالمية هي أنّ مثل هذه المكاسب أو الإصلاحات قابلة للذوبان و التآكل و الإلتفاف عليها لاحقا حتى و إن سجّلت فى الدستور و فى قوانين و عليه لا بدّ من إبقاء الجماهير متيقّضة و رفع وعيها لتحافظ عليها و توظّفها لمزيد رفع الوعي و التقدّم بالنضال نحو الثورة الوطنية الديمقراطية/ الديمقراطية الجديدة بقيادة البروليتاريا و حزبها الماركسي-اللينيني-الماوي و الكفيلة بحلّ التناقضات الأساسية الوطنية و الديمقراطية و تمهيد الطريق للثورة الإشتراكية كجزء من الثورة البروليتارية العالمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اشتباكات في روما بين الشرطة ومتظاهرين مؤيدين لفلسطين


.. محمد نبيل بنعبد الله يستقبل السيد لي يونزي “Li Yunze”




.. الشيوعيون الروس يحيون ذكرى ضحايا -انقلاب أكتوبر 1993-


.. نشرة إيجاز - حزب الله يطلق صواريخ باتجاه مدينة قيساريا حيث م




.. يديعوت أحرونوت: تحقيق إسرائيلي في الصواريخ التي أطلقت باتجاه