الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع المالكي وعلاوي على السلطة هل يقود العراق نحو الحرب الأهلية؟

حامد الحمداني

2011 / 6 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يجتاز العراق اليوم مرحلة خطيرة جداً تتميز بتصاعد الأزمة السياسية والأمنية، والفشل الذريع للعملية السياسية التي أسس لها الحاكم الأمريكي بول بريمر على أثر الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، تلك العملية السياسية التي قامت على أساس المحاصصة الطائفية والعرقية، والتي تعمّدَ فيها بريمر تجاهل الطائفة السنية متهماً إياها بالتبعية لنظام الدكتاتور صدام حسين الفاشي!!.متجاهلاً أن نظام صدام كان قد نكل بكل الطوائف والقوميات من أجل إدامة حكمه البغيض، وتفرده بكل القرارات المصيرية للعراق وشعبه .

وكان لذلك الخطأ الفادح الذي ارتكبته الإدارة الأمريكية في تمييزها العرقي والطائفي للمجتمع العراق هو الذي أوصل العراق إلى هذا الانقسام والانفصال الذي استغله البعثيون الذين فقدوا السلطة بعد اندحار نظام صدام في الحرب بادعاء تمثيل الطائفة السنية التي تم استبعادها من المشاركة في السلطة، وجاء حل الجيش العراقي، وجهاز الشرطة والأجهزة الأمنية، والذي ألقى بمئات الألوف من منتسبي تلك الأجهزة في سوق العاطلين لتتلقفهم العناصر البعثية، وهم المدربين على استعمال السلاح، ولديهم الخبرات الواسعة في استخدامه، وحتى تصنيع العبوات والأحزمة الناسفة، والمتفجرات، ليشنوا تلك الحملة الشعواء من السيارات المفخخة والتفجيرات المتنوعة التي أدخلت البلاد في دوامة العنف والعنف المضاد بين طرفي الصراع الطائفي.

وعلى الطرف الثاني المتمثل بالطائفة الشيعية التي استلمت السلطة بعد سقوط نظام صدام، فقد سعت جهدها لتوسيع قاعدتها الحزبية الطائفية فاتحة الباب على مصراعيه لضم تلك العناصر التي كانت بالأمس بعثية لتتحول على حين غرة بتأثير الانتماء الطائفي من جهة، فأطالت لحاها، ولبست المحابس، وتنقلت من حزب البعث إلى حزب الدعوة والمجلس الأعلى وحزب الفضيلة، لتأخذ لها مكاناً في أجهزة الدولة رغبة في الحصول على المكاسب والمغانم التي لم تكن تحلم بها يوماً من الأيام، على الرغم من أن أغلبها لم يكن مؤهلاً لتولي المناصب العليا في الدولة، وما فضائح آلاف الشهادات المزورة التي كشفتها هيئة النزاهة لتلك الشخصيات التي شغلت مناصب وزارية، وعضوية البرلمان، والمدراء العامين سوى قيض من فيض.

أن تجاهل العناصر التي تمتلك الكفاءة والشهادات العليا والأمانة والنزاهة، وحرمانها من التنافس على هذه المراكز هو الذي قاد جهاز الدولة إلى هذه الحالة المزرية من الفساد المالي والإداري، وضياع ثروات البلاد الهائلة منذ سقوط النظام وحتى اليوم والتي تجاوز دخل النفط منها ما يزيد على 80 مليار دولار سنويا، دون أن تقدم الحكومات التي تعاقبت على السلطة الخدمات الأساسية للمواطن العراقي المغلوب على أمره، فلا كهرباء ، ولا ماء صالح للشرب، ولا خدمات صحية، ولا صرف صحي، ولا طرق معبدة، وتدهور الأوضاع التعليمية في المدارس والجامعات، وباتت الشهادة الجامعية العراقية غير معترف بها، وهذا أمر طبيعي عندما يكون وزير التربية أحد الملالي الجهلاء من مَنْ مارس أعمال القتل الطائفي بين عامي 2006 ، 2007 كما هو معروف.

لقد قاد ذلك الوضع المأساوي الذي صنعته الإدارة الأمريكية بسياستها الرعناء إلى الاستقطاب الطائفي في المجتمع العراقي والذي أخذ بالتصاعد يوماً بعد يوم حتى أوصلنا إلى الحرب الأهلية الطائفية خلال عامي 2006 و2007 والتي خلفت بالمجتمع العراقي جروحاً عميقة لا يمحوها الزمن لعقود عديدة، نظراً لتلك القسوة والوحشية التي مارسها طرفي الصراع حيث القتل على الأسم والهوية، وحيث التهجير الذي طال ما يناهز الأربعة ملايين مواطن هربا من الموت الذي كان يلاحقهم لا لجريمة ارتكبها بل فقط لكونهم من الطائفة السنية أو الشيعية. وما يزال الملايين من العراقيين في بلدان اللجوء، ولم يستطيعوا العودة إلى ديارهم.

واليوم يعود الحال بالعراق كما كان قبل تلك الكارثة، حيث يشتد الصراع بين جبهة شيعية يقودها المالكي، وجبهة سنية يقودها علاوي في الصراع على السلطة، غير عابئين بمصالح الشعب والوطن، مما ينذر بمخاطر جسيمة قد تقود البلاد إلى تجدد الحرب الأهلية التي لو وقعت ـ لا سمح الله فقد تكون أقسى وافضع من سابقتها، وخصوصاً وأن معظم الجيش الأمريكي قد انسحب من العراق، وهذا الوضع يتيح المجال لانقسام الجيش في حالة أي صراع طائفي، ولاسيما وأن تركيبة هذا الجيش قائم على أسس طائفية، وملغم بعناصر الميلشيات المسلحة، والتي كان لها الدور الأساس في الحرب الأهلية الطائفية التي اندلعت على أثر تفجير مرقد الإمام العسكري في سامراء عام 2006 .

لقد أثبتت العملية السياسية فشلها الذريع، وبات نظام المحاصصة الطائفية والعرقية، وما يسمى بحكومة الوحدة الوطنية، هذه الحكومة التي تتصارع أركانها داخل البرلمان والحكومة سياسياً، وتتصاعد لهجة التهديدات فيما بينها، وتمارس في الشارع العراقي العنف في أقسى أشكاله فيما بينها، فما تزال موجة الاغتيالات السياسية بالأسلحة الكاتمة للصوت، والعبوات اللاصقة، والسيارات المفخخة، والأحزمة والعبوات الناسفة، تتصاعد يوماً بعد يوم، وتحصد أرواح العشرات، وأحياناً المئات يومياً.

في الختام أود أن أقول للسادة الممسكين بزمام الأمور في الحكومة والبرلمان، وفي المقدمة المالكي وعلاوي أن مصير ومستقبل العراق وشعبه معلق بخيط رفيع، ومهدد بالانقطاع إذا ما استمر هذا الصراع بالتصاعد، بدلا من تركيز جهودكم لتضميد جراح الشعب، والعمل على إعادة اللحمة بين الطوائف والقوميات العراقية المختلفة، والعمل على تقديم الخدمات الأساسية التي حُرم منها، ومعالجة مسألة الفقر والبطالة، وحل أزمة السكن، وإعادة المهجرين، ورفع مستوى معيشة الشعب.
إنكم ستتحملون مسؤولية تاريخية كبرى إذا ما اندلعت الحرب الأهلية ونتائجها الكارثية من جديد، وسيكون الشعب العراقي الخاسر الأعظم، وسوف لن يسامحكم وكل أعوانكم ومريديكم إذا ما استمريتم في سلوك هذا الطريق الخطر الذي لا يقود إلا نحو الكارثة.

للإطلاع على المزيد من المقالات والبحوث، وكافة كتبي يمكن الرجوع إلى موقعي على الانترنيت التالي:
www.Hamid-Alhamdany.blogspot.com








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أزمة سياسية شاملة
طلال ألربيعي ( 2011 / 6 / 18 - 00:26 )
شكرا أستاذي ألعزيز على هذا ألمقال ألممتاز وأود أن أضيف أن ألصراع ألحالي على ألسلطة بين ألماكي و علاوي هو صراع بين وحوس كاسرة من أجل ألسلطة و هما لا يمثلان لا من قريب أو بعيد مصالح ألشعب بسنته أو شيعته أو خلافه. كما أن هذا ألصراع يثبت لنا من جديد وجود أزمة سياسية شاملة في ألنظام ألسياسي ويبرز أيضا للعيان أن نظام ألدولة لايعتمد على وجود مؤسسات مستقلة عن ألحكومة. ومهما كانت نتائج ألصراع ألحالي على ألسلطة, فأن ألصراع بين هذين ألشخصين لهو تعبير صارخ آخر عن بؤس وفشل ألعملية ألسياسة في ألعراق.
مع وافر تحياتي


2 - الصراع بين علاوي و المالكي لا يحل الا من خلال
وصفي احمد ( 2011 / 6 / 18 - 14:28 )
شكرا على هذا التحليل , لكني أعتقد أن الصراع بين علاوي و المالكي هو في الحقيقة صراع بين التيار القومي العوبي و إن نسسن و الاسلام السياسي الشيعي و الدليل على ذلك أن علاوي كان يكثر من السفر إلى دول ما يسمى بمحور الاعتدال العربي طالبا دعمهم .و لذلك اختلفت رؤية الطرفين حول المجلس الستراتيجي للسياسات و الذي كان من المقرر أن يترأسه علاوي الذي يرى فيه منصبا يكون موازيا لمنصب رئيس الوزرار و هذا ما لا يقبل به لا المالكي و لا حزبه إذ يريد هؤلاء منه مجلسا استشاريا شكليا تكون قراراته غير ملزمة . إن حلحلة الاوضاع لا تتم الا من خلال الشعب العراقي عن طريق الضغط على الفراقاء في العملية السياسية عن طريق ادامة زخم الاحتجاجات حتى يرضخ هؤلاء و يعدلوا من سياساتهم .


3 - حاجة العراق
رعد الحافظ ( 2011 / 6 / 18 - 16:09 )
الأستاذ الكبير / حامد الحمداني
شكراً لمقالكَ الحريص على مستقبل بلدنا البائس العراق
هناك حقيقة تأريخية لايجدر بمثلي التركيز عليها , لكن لاتنفع سياسة النعامة ودفن الرؤوس بالرمال
كنتُ في حوار هاتفي اليوم مع صديقي / سعد جميل وهو مهندس عراقي يسكن السويد
تذكرنا كيف انّ تاريخ العراق يُشير على الدوام الى ظُلم كل الطوائف , لكن بصورة أقلّ لطائفة الحاكم بأمرهِ
لاحظنا لعدم وصول حاكم صابئي أو مسيحي ( وهذه طوائف أصيلة عراقية ) انّ تلك الطوائف حيّدت بل أجتثت تقريباً من البلد وما نراه ونسمعه اليوم حول تلك الطوائف أكبر دليل
المشكلة في ساستنا أنّهم لايتعضون ويكررون نفس أخطاء الماضي
بل اليوم المشكلة اشدّ وأعظم بتناحر المالكي وعلاوي على حساب الشعب العراقي ولصالح كرسيهم وفسادهم
ومع أنّهم من نفس الطائفة لكن أحدهم يتكلم بإسم السنّة والبعثيين والآخر بإسم الشيعة المظلومين طيلة العهود الماضية , وطبعاً الساسة الأكراد هم العرّاب أو (الكودفاذر) الذي لايمسّهُ السوء والنقد
العراق بمآسيه التي ورثها من عهد الطاغية صدّام ومن سبقه لايحتاج لكل هؤلاء الفاسدين
بل يحتاج شرفاء مخلصين تقدمين ليبراليين تنويريين


4 - ليسة سياسه رعناء
كاظم الأسدي ( 2011 / 6 / 18 - 18:14 )
إستاذي العزيز مع إحترامي لكل ماتفضلت به ولكني أرى أن السياسه الأمريكيه لا يمكن لها أن تكون رعناء كما جاء في المقال ؟ بقدر ما هي وفق سياسه بعيدة المدى تتماشى مع مصالحها للمسك بخيوط الوضع العراقي بعد سقوط الصنم وعدم وجود قوى ديمقراطيه مؤثره على الساحه العراقيه مما جعل راسم السياسه الأمريكيه يعول على الفوضى الخلاقه لحين ماتتمكن من إعادة ترتيب الأوراق على الساحه العراقيه ؟وهذا ما تتحمله القوى أو التيار الديمقراطي العراقي الذي لم يتمكن وبعد عشرة سنوات من سقوط الديكتاتوريه من تنظيم صفوفه والإصطفاف خلف شعارات وأهداف وطنيه مشتركه !! وعندها لانأسف على صراع علاوي المالكي بل نغذيه وندعمه من أجل الوطن والناس ؟


5 - رد على تعليق السيد طلال الربيعي
حامد الحمداني ( 2011 / 6 / 18 - 20:23 )
عزيزي الاخ طلال : اتفق معكم فيما ذهبت إليه ولا اعتقد أن القوى السياسية الممسكة بزمام السلطة تعمل لخدمة الشعب والوطن فالكل يسعى لتحقيق مصالحه الشخصية فقط، والصراع بينهم يدور حول السلطة والثروة.وليس حول المبادئ. مع وافر احترامي وتقدجيري.


6 - رد على تعليق السيد وصفي احمد
حامد الحمداني ( 2011 / 6 / 18 - 20:33 )
عزيزي الاخ وصفي لا اعتقد الصراع بين المالكي وعلاوي يتعلق بالتوجهات القومية ، بل يجري استغلال الشعارات القومية لتحقيق اهداف سياسية تتعلق بامتلاك السلطة والتصر ف بثروة البلاد غير عابئين بمصالح الشعب والوطن، ولا حل لأزمة العراق المستعصية من خلال حكومة الشراكة الطائفية والعرقية التي يسود التناقض بين اطرافها ، وبالتالي فهي ليست .حكومة وفاق بل حكومة صراع بين اجنحتها، مع احترامي لرأيكم


7 - تعقيب على تعليق الأخ الاستاذ رعد الحافظ
حامد الحمداني ( 2011 / 6 / 18 - 20:41 )
أخي العزيز الاستاذ رعد الحافظ : اتفق معكم في كل ما ذكرتم في تعليقكم القيم، الشعب العراقي المنكوب يعيش محنة قاسية، واطراف السلطة في وادي والشعب في وادي آخر ولا اتوقع خيراً من حكومة هذه اطرافها التي تتصارع فيما بينها ليل نهار من أجل تقاسم الكعكة ، وكان الله في عون الشعب العراقي المهضوم الحقوق.مع وافر احترامي وتقديري واعتزازي


8 - رد على تعليق الأخ كاظم الأسدي
حامد الحمداني ( 2011 / 6 / 18 - 20:53 )
أخي الاستاذ كاظم الأسدي بودي أن اشير إلى ان الولايات المتحدة صحيح تخطط لسنوات وعقود طويلة ، لكن هذا التخطيط لا يعني أنه دائماً على صواب كلاً أو جزءاً وأن هناك الكثير من الأخطاء التي ارتكبتها الادارة الأمريكية ، سواء في العراق أو أي بلد آخر وسأضرب لكم مثلاً عن غزوها للعراق فقد اسقطت نظام صدام في فترة قياسية ولم تتجاوز الخسائر بين قواتها جندي 500، لكنها دفعت ثمناً باهظاً من ارواح جنودها جاوز 5000 من جنودها، دعك عن كلفة بقاء قواتها بعد سقوط نظام صدام التي تجاوزت مئات المليارات من الدولارات، وهذا ناتج عن الاخطاء التي ارتكبتها ،مع احترامي لرأيكم


9 - الخسائر الأمريكيه ضمن المتوقع
كاظم الأسدي ( 2011 / 6 / 21 - 13:46 )
استاذي المحترم شكرا- لاهتمامك بملاحظتي .... مع كامل احترامي لما جاء بملاحظتك ولكن برأيي المتواضع أن ما قدمته الولايات المتحده من خسائر بشريه او ماديه لهو قليل نسبتا للتحدي الذي أقدمت عليه في اسقاط نظام يمتلك تلك الترسانه من السلاح وذلك الحشد من البشر المجيشه ولاننسى ما لأيران من دور خبيث في ديمومة الصراع وإفشال المخطط الأمريكي هذا ناهيك عن القواعد اامشتركه المتداخله بين القاعدة والمخابرات العراقيه !! ولولا تواجد القوات الأمريكيه وخسائرها تلك {{ليس حبا- بالشعب العراقي طبعا - }} لغدى العراق اليوم بلدا- ليس أحسن حال من الصومال !! إن لم يكن أسوأ

اخر الافلام

.. ا?غرب وا?طرف الخناقات بين ا?شهر الكوبلز على السوشيال ميديا


.. عاجل | غارات إسرائيلية جديدة بالقرب من مطار رفيق الحريري الد




.. نقل جريحتين من موقع الهجوم على المحطة المركزية في بئر السبع


.. سياق | الانقسام السياسي الإسرائيلي بعد حرب 7 أكتوبر




.. تونس.. بدء التصويت لاختيار رئيس الدولة