الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا مكان لليسار إلا في ساحات الاحتجاج

وصفي احمد

2011 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


منذ أن انفرط عقد الجبهة الوطنية بين حزب البعث و الشيوعي العراقي في نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي و ما أعقبه من هجمة بوليسية شرسة على قيادات و كوادر و عضوات و أعضاء الحزب و التي اشتدت في عقد الثمانينات حيث راح ضحيتها المئات منهم بين مغيب و مضحي تحت التعذيب و متسلق لأعواد المشانق بكل شجاعة . و الحزب الشيوعي العراقي يناضل بلا هوادة ضمن فصائل المعارضة العراقية سواء عن طريق الكفاح المسلح أو عن طريق الاعلام أو من خلال التنسيق مع كل فصائل هذه المعارضة .
و بعد الغزو الانجلو – أمريكي للعراق في ستة 2003 و ما أعقبه من تشكيل لمجلس الحكم قرر الحزب الشيوعي العراقي الدخول فيه و لو من خلال المحاصصة الطائفية و العرقية , بعد أن استفتى قواعده , التي كانت أراء معظمها مع المشاركة لأنها اعتقدت أن هذه المشاركة ستكون واسطة لايصال اصوات المهمشات و المهمشين إلى الحاكم الأمريكي بول بريمر , القائد الفعلي للبلاد في تلك الأيام .
و من يومها و الحزب يشارك في ما يسمى بالعملية السياسية , فقد دخل انتخابات الجمعية التاسيسية على الرغم من الأوضاع الكارثية التي كان يمر بها البلد .
و بعد أن نجح في حصد مقعدين لكل من سكرتير لجنته المركزية حميد مجيد موسى و عضو مكتبه السياسي مفيد الجزائري , عقدت أول جلسة لتلك الجمعية لانتخاب الحكومة , و أذكر كيف وقف الجزائري يعاتب حلفاء الامس على استبعاد حزبه من الوزارة التي بنيت وفق التقسيمات المعروفة على اعتبار أنها تعبير عن المكونات الرئيسية للبلد . و قد جرى ذلك على الرغم من مقاطعة الغالبية العظمى من سكنة المحافظات المصنفة سنية لتلك الانتخابات .
و قد شارك في لجنة كتابة الدستور الذي صمم وفق مصالح الفائزين لذلك جاء مليئا بالمطبات التي أصبحت عقبة أمام تطور العملية السياسية بسلاسة , حتى أن العديد من الذين شاركوا بكتابة الدستور أخذوا يعترضون عليه و يطالبون بتعديله .
و لما جاءت الانتخابات الثانية دخل الحزب في تحالف مع العراقية و قد دفع ثمن هذه المشاركة غاليا من دماء رفاقه و أصدقائه , لكنه نجح هذه المرة من الحصول على احدى الوزارات الهامشية لكنه استطاع تفعيلها قدر الامكان .
و مع صعود نجم العراقية و زعيمها أياد علاوي , كونه يمثل – حسب اعتقاد الملايين من العراقيات و العراقيين بأنه يمثل التيار العلماني القادر على اخراج العراق من محنته – قرر الحزب الانسحاب من القائمة لاسباب لا مجال لذكرها هنا .
و عندما جرت انتخابات مجالس المحافظات و الانتخابات البرلمانية الأخيرة قرر الحزب الدخول في قائمة لوحده أسماها ( اتحاد الشعب ) لكنه هذه المرة خرج خالي الوفاض حيث لم يستطع الحصول ولو على مقعد واحد . و لا يمكن أن نضع الكرة في ملعبه فقط . صحيح أن سياسته المهادنة كان لها أبلغ الاثر في هذه النتيجة , لكننا لا ننسى قانون الانتخابات الجائر الذي فصل حسب أهواء القوائم الكبرى و الظروف التي أحاطت بالعملية الانتخابية من تزوير و غيرها كلها ساهت في ان تكون النتيجة على هذه الشاكلة .
و لما اندلعت الاحتجاجات الجماهيرية في الخامس و العشرين من شباط الماضي كان الحزب و كوادره في الصفوف الأولى للتظاهرات جنبا إلى جنب مع كل قوى اليسار و الديمقراطية . و هذا ما اغاض السلطة التنفيذية و دفعها لمهاجمة مقره في ابي نواس في محاولة منها لغلقه على اعتبار أنه عائد للدولة , إلا أن الحملة الاحتجاجية التي جوبهت بها هذه الممارسة المشينة دوليا و محليا أجبرت السلطة على التراجع عن موقفها . لكنها لم تتراجع عن ممارساتها القمعية فقد قامت باعتقال العديد من الناشطين في هذه المظاهرات بدون أوامر قضائية خارقة بذلك الدستور الذي سنته بنفسها .
غير أن هذه الممارسات الا قانونية لن تثني المواطنات و المواطنين و قياداتها عن المضي قدما حتى تحقيق النصر النهائي المتمثل في تلبية مطالبهم بالاصلاح و محاسبة المفسدين و سارقي المال العام وتقديمهم للعدالة .
ثم جاءت الممارسة الأكثر اثارة للجدل عندما أقدمت قوى سياسية تدعي حرصها على ترسيخ الديمقراطية بجلب مؤيديها إلى ساحة التحرير بحجة التظاهر ضد جريمة الدجيل الشنيعة ليقوموا بالاعتداء على المتظاهرات و المتظاهرين أمام مراى و مسمع بعض أركان النظام .
ان جريمة الدجيل و غيرها من الجرائم لا يمكن القول عنها بانها مدانة ولا بد من تقديم مرتكبيها للقضاء حتى ينالوا جزائهم العادل . إلا أن الاقبح من هذه الجريمة هو استغلالها لأهداف حزبية و طائفية بغيضة دون الاخذ بالحسبان ما قد تسببه من احتقان سياسي و طائفي , فنار الفتنة ما زالت تحت السطح ولم تنطفأ بشكل كامل خصوصا و أن ذوي الضحايا ما زالوا غير مرتاحين لعدم أخذ الثار لهم من الجناة الذين قتلوا و هجروا بناتهم و أبنائهم .
على السلطة أن تعي أن الأوضاع قد تغيرت و أن القمع لم يعد مجديا فقد كسر حاجز الخوف , و عليها أن تعمل منطق العقل و المنطق عن طريق الاستجابة لمطالب الشعب المشروعة و إلا فلن يعلم اي أحد متى يتبدل مزاجه و يطالب بالتغيير عن طريق الطرق الشرعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما مع مواصلة محادثات التهدئة في


.. إيران في أفريقيا.. تدخلات وسط شبه صمت دولي | #الظهيرة




.. قادة حماس.. خلافات بشأن المحادثات


.. سوليفان: واشنطن تشترط تطبيع السعودية مع إسرائيل مقابل توقيع




.. سوليفان: لا اتفاقية مع السعودية إذا لم تتفق الرياض وإسرائيل