الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسلسل الأطول

احمد مصارع

2004 / 11 / 10
القضية الفلسطينية


إنني لا أكاد أصدق, فهل من معين ؟!
ما هو أطول مسلسل درامي أو كوميدي في هذا العالم ؟
يحق للقدر أن يقف أمامنا ضاحكا بهزأ و سخرية .
إن أعظم مخرجي الأفلام , الذين لهم إمكانات ما فوق ( مالية- مادية ) , و ما فوق تقانة,أي تقانة غزو الفضاء و حرب النجوم و عندما يكون تحت تصرفهم مختلف الدول و المؤسسات , بل الشركات ما فوق العالمية و المعولمة بما يفوق التصور.
مخرجو الأفلام الموضوع تحت تصرفهم إدارات و مكاتب تضعهم في صورة ما سيحدث خلال عقود قادمة , هؤلاء المخرجين ذوي الإمكانات الخارقة للعادة – كما يقال – عاجزون حتما عن إخراج مسلسل ذي الألف حلقة, أو الألفين , أو بعشرات الألوف .
إبان الحرب العالمية الأولى استطاع مخرجين غير دراميين هما( سايكس و بيكو) باتحادهما معا أن يخرجا مسلسلا دمويا دراميا , و لكنهما لم يكونا قد توقعا أبدا , أن يدوم فيلمهما الشهير حتى يصل إلى الألفية الثالثة , مع النجاح بامتياز.
لقد كان هذين المخرجين حقا أعظم ما شاهده التاريخ من قدرة امبريالية على السيطرة على عقول و قلوب مئات الملايين من البشر , و هذا الرقم متواضع للغاية.
لا قرار و لا استقرار في الشرق الأوسط الصغير أو الكبير, بل لا اندماج و لا تكامل.
و التبعية السياسية و الاقتصادية للغرب, كتحصيل حاصل مجرد نتيجة تافهة بالنسبة للقوى العظمى الدولية, فالتبعية المطلوبة كعائد له جدوى اقتصادية, ليس في ابتلاع العالم من حولنا لنفط الشرق الأوسط, و دمج أمواله و عائداته في اقتصادياته من جديد, و ليس في التأمين المخادع لأموال منهوبة لأرستقراطيات الشرق الأوسط ( صغيرة و كبيرة ) و تلك هي الخدعة المباشرة, أما (المونتاج) أو (التروكاج) فيتمثل في المزمزة , و التسلي بقضم أموال الفئات غير(البشرية) الحاكمة لبلدان الشرق الأوسط (صغيرة و كبيرة), و القول بكونها (غير بشرية) لأنها من نوع أكلة لحوم البشر.
باسم الأمة يمهرون مراسيمهم و عقودهم, العاجلة و الآجلة.
باسم الشعب تصدر مراسيمهم المخادعة.
باسم الوطنية يتنعمون بالأعلام الوطنية المصنوعة من الحرير و المطرزة بالذهب.
باسم الإسلام يزودون النوادي و الجمعيات المشبوهة بالعالم بصدقات مالية عملاقة لأنهم لا يستطيعون قضاء السهرة, و تحقيق نوم هانئ و لو ليلة واحة.
إذا لم يرتشفوا و لو جرعة قليلة من دماء الشرق الأوسط(صغيرة ,أو كبيرة) ,أما باسم الإنسانية, فهنا يقع الحرج الكبير, لأن هناك الكثير, و هناك القليل من الرهابنة المخلصين, العاملين باسم الله, و الساعين بإخلاص إلى حماية الجنس البشري, من الصليب الأحمر الدولي, إلى الهلال, إلى كل الجمعيات الدولية المتآنسة فعلا, و المدافعة عن الإنسان أينما كان, و حيثما كان , من أجل الحقوق و الكرامة و من أجل الإنسان, و هم يحملون ممحاة صغيرة, بل مكنسة متواضعة.. و الدمار كبير, و الألم فضيع.
المخرجون العظام اليوم يبحثون عن المسلسل ما فوق الألف يوم, و هم في حالة حيرة, أين سيجدون ظرف زمان و ظرف مكان يسمح لأجيال متعاقبة من المخرجين لإنتاجه, ففي تقديرهم و هم على حق , فسيكون ريعه ضخم ماليا بحيث لا يصدق و سيترفه به ماليا أعداد ضخمة من(الناس).
المخرجون الكبار حاليا يتركزون كوهم المرايا في أمريكا, أو بريطانيا, أو في الغرب التقليدي و غيرهم و لكنهم تخلوا عن أنويتهم العظمى أو الامبريالي, ليس لشيء ذي منفعة خاصة محلية أو إقليمية أو قومية أو دولية , بل ما فوق أممية. إنهم يريدون اليوم النجاح , و النجاح من أجل النجاح.
الربح من أجل الربح, فالعالم اليوم ليس سوى بورصة ضخمة, عملاقة, خارقة للعادة. و الأخلاق الإنسانية و الدولية, الخاسر الوحيد..
كرامة الإنسان؟ تاريخية الإنسان؟ عن أية سلعة أتحدث..؟!
كم ثمنها باليورو ؟.. كم تساوي بالدولار؟!
هل ترتفع أو تنخفض بحسب أسعار الذهب أو المواد الغذائية؟!
أم بارتفاع معدلات الإرهاب العالمي!؟
ادخلوا أيها الخبراء الاقتصاديون مصطلح( معدل الإرهاب العالمي ) لأنه المهدد الأول الذي يؤدي إلى عدم الاستقرار في السوق العالمية .
و إلى مخرجي الكون في عصر ما بعد الفضاء, و ما بعد العولمة, أتساءل مشدودا عن مصدر عجزكم في اكتشاف المسلسل الأطول. المسلسل الدرامي الأطول..
المسلسل ذو الإثارة و التشويق و حمامات الدم اليومية, و الدمار الشامل..و العذاب الأبدي, فقد تعاون القدر و القذر, و القريب و الصديق و حتى الأخ !
آخ, آخ.. آخ.. على ماذا؟؟..
كلكم عليّ ! كلكم أبطال !
و من أجل حفنة دولارات..؟
كل مخرج ينظر من خلال عدسات مكبرة, لا بد أن يسند دور البطولة لشخصيات ذات جبروت و هيبة و ليس من الصعب عليه أن يختار رغم تشابه القدرات (الكاريزما) بين الشخصيات (البطولية) من أعور الدجال (موشي دايان) إلى الصرامة الكاريكاتورية (لمناحم بيغن)
إلى عصبية (ناتان ياهو) الذي هدد حتى بحرق واشنطن, و هو بحق (نيرون واشنطن) إلى العندليب الأسمر (باراق) أو (البراق), الذي أبدع في تقليد عبد الحليم حافظ:
(بحلم بيك أنا بيك .. )
أو(أهواك و أتمنى لو أنساك )
وصولا إلى الميكانيكي شارون, (ليس من قوى الشر العالمي) , شارون المتخفي ذو الأقنعة المتعددة في عينتيبا, و في اغتيال كنفاني و رفاقه في بيروت ..
انه أفضل بكثير بقدراته التمثيلية من شوارزنيغر و من ستالون و من بروس ويلس حتى ..
((انظر الملحق الأكاديمي بامتياز))
كيف لم يستطع مخرجو العالم العباقرة عن اكتشاف الممثلين الأبطال لأطول مسلسل كوني عبر الفضاء..
على الطبيعة ليس إلا.. بل لا يكلف المسلسل العديد من المليارات ..
مسلسل رائع حقا ضحيته فقراء المسلمين, و مساكين المسيح, و مهاجروا الموسى. على الأرض مباشرة..
أين المخرج؟ ..أين الكاميرا.. اخرجوا فورا عفوا صوّروا فورا.. بثوا فورا..
و ما عليكم سوى اختيار الأبطال, و اتخاذ القرار.. و ستنجحون حتما.. بكل تأكيد سيكون بحوزتكم جوائز عالمية للسلام ..للسلام .. لأنه مسلسل مشوق, مثير..
و شلال الدماء الفلسطينية, لا ينقطع, تحول إلى نهر.. بل إلى أنهار..و من يدري فقد يقترح المخرج ما فوق العالمي تسميته بدلا من بحر الدماء إلى أكبر محيط عالمي للدماء ..
وقد احترقت واشنطن أو نيويورك بعد أحداث (11) سبتمبر( العظيم), و يؤسفني أنا الكاتب الفقير, و الذي لا يملك بيتا و لا سيارة و لا عمل حتى..أن أهدي مجانا فكرة المسلسل الطويل للغاية الذي يبحثون عنه و هم عاجزون حتى اليوم عن اكتشافه, فمن يضمن لي حقوقي حين أنشر مقالتي المتواضعة , لأن فكرتي ستصل في هذه الحالة إلى قرائها من عرب أمريكا و هم بدورهم سيضعونها مترجمة إلى مخرجي عصر الفضاء, و حرب النجوم, ولكن العرب بأمريكا لن يعانوا كثيرا بالترجمة لأن كلمة (انتفاضة). صارت معروفة عالميا, و العنوان(Daily Intifada )
واضح و فاضح, أم أن الأمر بخلاف ذلك ؟
كم صعب و قاس استعادة الظروف التاريخية, السياسية و الاجتماعية, الأعراف و التقاليد, الثقافات و اللغة, و الفلكلور للشعوب الهندية, الحضارات القديمة للهنود الحمر في أمريكا الجنوبية و الشمالية و أفلام الكوبوي, لا تستطيع تمضية مئات الليالي, و بصعوبة بالغة يمثل فيها ريغان, أو بوش, أو حتى شوارزينغر, بينما في أفلام (انتفاضة) نستطيع السهر لعشرات الألوف من الليالي, و نحن نتمتع بمنظر الدم الفلسطيني, و القتل جهارا نهارا, بالصوت و الصورة, بدون ديكور, بدون سيناريو, بدون جهد درامي.. بدون سهرات عبثية للمخرجين و كادرهم الطويل و العريض.
دماء بشرية, أشلاء ممزقة, آلام و أحزان, من أول التاريخ إلى يومنا الحاضر.
لقد كان المسيح فدائيا على أرض فلسطين (ليس إرهابيا), بل كان موسى مطاردا و ملاحقا من الرافدين إلى مصر(ليس إرهابيا) .. أليست فلسطين أرض الأنبياء
- ها ؟.. ها؟.. لست أدري.
يا عالم .. يا هو..
في فلسطين بشر و ليس حجر.. في فلسطين تاريخ و ليس ما وراء تاريخ.
تكنولوجيا العصر الحديث كلها في خدمة الإبادة لفلسطين.
فلسطين و قدسها رقم صعب حقا, و لكن لا عدل و لا توازن, لا تكافؤ و لا عدل, لا أخلاق ولا تربية ,كلكم ضد فلسطين قدس البشرية, قدس العالم ..فماذا يريد هذا العالم المجنون حقا من فلسطين و من شعبها المسالم حتى النخاع.
يريدون إبادتهم جماعيا.
كل القوى الغربية(آسيوية و أفريقية), كل الأقاليم, كل الوطنيات كل القوميات .. كل(قوم تبع أنظمة و شعوب..)
كلكم ضد هذا الشعب المخيم الكبير..
مخيمات من أول العالم إلى أخره.. من بداية التاريخ إلى نهايته..
عبروا (العبرانيون) ولم يعبروا.. و العالم ضيق جدا؟
المسلسل طويل للغاية.... المسلسل يبحث عن نهاية..
لقد اطلعتم على أطول مسلسل تاريخي, تآمري كان ضحيته الأنبياء و الشعب الفلسطيني, أينما كان و حيثما كان.
فهل تستطيع قوى الخير العالمي أينما كان و حيثما كان أن تجد و لو نهاية مفتوحة سلمية آمنة لهذا المسلسل؟..
سؤال مفتوح على القدر الهازئ بنا جميعا..

احمد مصارع
الرقة - 2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كريات شمونة في شمال إسرائيل.. مدينة أشباح وآثار صواريخ حزب ا


.. مصر.. رقص داخل مسجد يتسبب بغضب واسع • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الألغام.. -خطر قاتل- يهدد حياة آلاف الأفغان في الحقول والمدا


.. ماذا رشح عن الجلسة الأخيرة لحكومة غابرييل أتال في قصر الإليز




.. النظام الانتخابي في بريطانيا.. خصائص تجعله فريدا من نوعه | #